النظام يكثف حملته على وادي بردى ويعزز مواقعه استعدادًا لهجوم واسع

الأمراض بدأت تتفشى بين سكان البلدات نتيجة فقدان الماء والغذاء

سكان من دمشق يحملون عبوات فارغة لملئها بالماء من نبع الربوة في ضواحي العاصمة السورية التي تعاني شحًا في المياه (رويترز)
سكان من دمشق يحملون عبوات فارغة لملئها بالماء من نبع الربوة في ضواحي العاصمة السورية التي تعاني شحًا في المياه (رويترز)
TT

النظام يكثف حملته على وادي بردى ويعزز مواقعه استعدادًا لهجوم واسع

سكان من دمشق يحملون عبوات فارغة لملئها بالماء من نبع الربوة في ضواحي العاصمة السورية التي تعاني شحًا في المياه (رويترز)
سكان من دمشق يحملون عبوات فارغة لملئها بالماء من نبع الربوة في ضواحي العاصمة السورية التي تعاني شحًا في المياه (رويترز)

تدخل الحملة العسكرية التي يقودها النظام السوري والميليشيات الموالية له، على منطقة وادي بردى المحاصرة أسبوعها الثالث اليوم، على وقع الاشتباكات العنيفة بين القوات المهاجمة وبين فصائل المعارضة المسلّحة، على محاور عدّة، أعنفها في محوري بسيمة والحسينية، تزامنت مع غارات جوية مكثفة وقصف مدفعي وصاروخي عنيف جدًا على بلدتي عين الفيجة وبسيمة ومحور دير مقرن وكفير الزيت، وتعزيزات دفع بها النظام إلى مواقعه المحيطة بالمنطقة استعدادًا لهجوم محتمل، فيما بدأت النتائج السلبية لهذا الحصار تظهر، عبر تفشي الأمراض بين المدنيين، جراء انقطاع المياه، وفقدان مقومات الحياة داخل القرى المحاصرة.
ويأتي التصعيد العسكري غداة فشل المرحلة الأولى من المفاوضات التي كانت تقضي بدخول ورشات الإصلاح إلى محطات الضخ في نبع عين الفيجة، والشروع بإصلاح الأعطال، من أجل إعادة ضخ المياه إلى العاصمة دمشق. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن المحادثات «تركزت في مرحلتها الأولى على انسحاب المقاتلين من النبع ومحطات الضخ ومحيطها، ورفع أعلام النظام فوقها، حتى لو لم تسيطر عليها قوات النظام عسكريًا، وأن تبقى بيد جهة محايدة مقربة من النظام ومسؤولة عن عمليات ضخ المياه ومراقبتها».
وأشار المرصد إلى أن «الاتفاق المبدئي كان توصل إليه الجانبان عبر الوسطاء والوجهاء، على الرغم من تأكيد قادة ميدانيين في الفصائل أنهم لا يستخدمون قطع المياه عن العاصمة دمشق كورقة ضغط في العمليات العسكرية الجارية في وادي بردى». وأوضح أن «قادة من النظام و(حزب الله) أبلغوا الوسطاء، أنه في حال لم يتم التوصل لاتفاق جدي وكامل، فلتعطش دمشق شهرًا حتى نرتاح سنوات طويلة من قضية انقطاع المياه». وتتخذ المواجهات في هذه المنطقة نحو مزيد من التصعيد، حيث أكد مصدر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام «دفع بتعزيزات جديدة إلى مواقعه المنتشرة في الجبال المحيطة بوادي بردى، واستقدام دبابات ومدرعات ربما استعدادًا لهجوم واسع على المنطقة». وأشار إلى أن «ما يعزز هذا الاحتمال، عمليات تجريف المنحدرات لفتح طرق عسكرية تسهّل الهجوم على قرى الوادي». وقال: «النظام يستعجل حسم معركة وادي بردى، قبل تحديد موعد محادثات آستانة التي تسعى موسكو إلى عقدها في أسرع وقت».
وتحدث ناشطون إعلاميون معارضون على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، عن «بدء تفشي بعض الأمراض بين الأهالي وخصوصا النازحين إلى القرى التي تعد آمنة في الوادي». وأرجع الناشطون السبب إلى «انعدام مقومات الحياة الأساسية وعدم صلاحية المياه للشرب وعدم خضوعها للتعقيم، والازدحام الشديد في المساكن المؤقتة ومنها المساجد». وقالوا إن «حواجز النظام، مستمرة في منع الأهالي من الدخول أو الخروج من وإلى المنطقة، ومنهم المرضى والجرحى».
بدوره، أفاد مكتب «أخبار سوريا» المعارض، أن النظام «قصف بقذائف المدفعية الثقيلة والدبابات والهاون وصواريخ أرض - أرض بلدتي عين الفيجة وبسيمة، كما حاول التقدّم من جهة جرود قرية كفير الزيت، لكن فصائل المعارضة تصدت له، وأعطبت دبابة إثر استهدافها بصاروخ حراري». وأكد أن «خمسة عناصر نظاميين قتلوا، بعضهم كان داخل خيمة استهدفت بصاروخ، فيما لقي مقاتلان معارضان مصرعهما وأصيب آخرون». وقال إن «المياه والماء والكهرباء والإنترنت والاتصالات الثابتة والجوالة لا تزال مقطوعة عن قرى المنطقة منذ استهداف قوات النظام للمراكز الخدمية والبنى التحتية منذ بدء الحملة».
أما مدينة الزبداني وبلدتا مضايا وبقين المجاورة الخاضعة لسيطرة المعارضة، والقريبة من وادي بردى، فتعرضت بدورها لقصف نظامي مدفعي وصاروخي، واقتصرت الأضرار على الماديات.
وفي غوطة دمشق الشرقية، احتدمت الاشتباكات بين الطرفين، وقد فتحت فصائل المعارضة نيران رشاشاتها الثقيلة على مواقع النظام في جبهة حزرما، وواصلت تقدمها في نقاط عدّة. وأرجع مدير «شبكة رصد» في الغوطة الشرقية عمّار الحسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، هذا التقدم إلى «المصالحات التي حصلت بين عدد من الفصائل، خصوصًا بين (جيش الإسلام) و(فيلق الرحمن)، وطي صفحة الصراعات السابقة». وأكد أن هذه المصالحات «كان لها الدور الأكبر في استعادة كتيبة الصواريخ وبعض المزارع التي استولى عليها النظام في الأسابيع الأخيرة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.