منظمة التعاون الاقتصادية تحذر من «فقاعة عقارية» عالمية

في ظل ارتفاع الأسعار

تباطأت سوق العقارات البريطانية عقب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو (حزيران) الماضي
تباطأت سوق العقارات البريطانية عقب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو (حزيران) الماضي
TT

منظمة التعاون الاقتصادية تحذر من «فقاعة عقارية» عالمية

تباطأت سوق العقارات البريطانية عقب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو (حزيران) الماضي
تباطأت سوق العقارات البريطانية عقب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو (حزيران) الماضي

ارتفعت أسعار العقارات إلى مستويات قياسية في عدة اقتصادات متقدمة، مما يزيد من مخاطر فقاعة عقارية جديدة على شاكلة الأزمة المالية العالمية.
وفي الوقت الذي لا تتسق فيه تكاليف الاقتراض مع معدلات النمو حول العالم، حذرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من ارتفاع أسعار العقارات العالمية وفرط النشاط العقاري من أن ينتهي إلى الانخفاض، وتراقب المنظمة نقاط الضعف في أسواق الأصول وسط توقعات بارتفاع معدلات التضخم واحتمال تباين السياسات النقدية خلال العام الحالي.
وقالت كاثرين مان، كبيرة الاقتصاديين في منظمة التعاون، إن ارتفاع الأسعار في دول مثل كندا والسويد أمر «يبعث على القلق» ولا تتفق مع سياق استقرار سوق العقارات العالمية.
وأشارت المنظمة في مذكرة نشرت في وقت سابق مطلع الشهر الحالي، إلى أن السوق العقارية في المملكة المتحدة قد تكون وجهًا لتصحيح الأسعار قريبًا، «وصلت أسعار العقارات الحالية في لندن إلى مداها الأعلى»، وفقًا لمذكرة منظمة التعاون الاقتصادي.
وقالت مان: «لقد بدأنا نشهد بعض التغيرات في أسعار العقارات في المملكة المتحدة»، مضيفة أن انخفاض أسعار المساكن في أعقاب نتائج التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي يحمل نقاطًا إيجابية لبريطانيا، إذا حدثت التغيرات بشكل رئيسي من قبل المستثمرين الأجانب.
وأوضحت كبيرة الاقتصاديين في منظمة التعاون أن الخفض مهم لوضع الاقتصاد البريطاني في الوقت الراهن، فضلاً عن أولئك المقيمين الذين يتحملون تكلفة التغيرات الكبيرة في أسعار العقارات.
من ناحية أخرى، قالت شركة «نيشن وايد» للتمويل العقاري، يوم الخميس الماضي، إن أسعار المنازل في بريطانيا زادت أكثر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول)، لكن وتيرة النمو ستتباطأ في 2017 على الأرجح في ظل الضبابية التي تكتنف التطورات الاقتصادية، وزادت الأسعار بنحو 4.5 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر مقابل 4.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).
وكان خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم الشهر الحالي توقعوا زيادة الأسعار بنسبة 3.8 في المائة.
وتباطأت سوق العقارات البريطانية عقب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء يونيو (حزيران) الماضي، لكن منذ ذلك الحين كان أداء الاقتصاد أفضل مما توقع كثير من خبراء الاقتصاد، وواصلت أسعار المنازل ارتفاعها، وأكدت «نيشن وايد» توقعات بارتفاع أسعار المنازل نحو 2 في المائة في العام المقبل، وإن كان الرقم سيتوقف على أداء الاقتصاد.
وفي ديسمبر وحده، ارتفعت الأسعار بنحو 0.8 في المائة بعد استقرارها في نوفمبر، بحسب شركة التمويل العقاري، ورغم أن المقياس الشهري قد يكون متقلبًا، فإن هذه هي أكبر زيادة من نوعها في عام.
وأشارت «نيشن وايد» إلى أن 2016 هو أول عام منذ 2008 تزيد فيه أسعار المنازل في لندن بوتيرة أبطأ من متوسط نموها في بريطانيا.
على العكس أظهرت بيانات تراجع المبيعات المؤجلة للمساكن في الولايات المتحدة خلال نوفمبر الماضي بشكل مفاجئ، لتصل إلى أقل مستوى لها منذ 10 شهور بأكثر من التوقعات، وذلك على خلفية ارتفاع أسعار الفائدة للتمويل العقاري وتراجع المعروض للبيع.
وذكر الاتحاد الوطني للمطورين العقاريين في الولايات المتحدة أن مؤشر المبيعات المؤجلة للمساكن تراجع خلال نوفمبر الماضي بنسبة 2.5 في المائة إلى 107.3 نقطة، بعد أن كان قد ارتفع بنسبة 0.1 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 110 نقاط، وفقًا للبيانات المعدلة.
ويذكر أن المقصود بالمبيعات المؤجلة هي المبيعات التي يتم فيها توقيع عقد ابتدائي بين الطرفين دون إتمام الصفقة، التي تتم عادة خلال فترة من 4 إلى 6 أسابيع من توقيع العقد.
جاء تراجع المبيعات كمفاجأة للأسواق، حيث كان المحللون يتوقعون ارتفاع المبيعات بنسبة 0.5 في المائة خلال نوفمبر، وبهذا التراجع المفاجئ انخفض مؤشر المبيعات إلى أقل مستوى له منذ يناير (كانون الثاني) 2016، وهو 105.4 نقطة.
وقال لورانس يون، كبير المحللين الاقتصاديين في الاتحاد الوطني للمطورين العقاريين، إن «ميزانية المشترين المحتملين للعقارات تلقت ضربة قوية خلال الشهر الماضي نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة بعد الانتخابات» الرئاسية الأميركية.
وأضاف أنه «في مواجهة ارتفاع أسعار المساكن وانخفاض عدد المساكن ذات السعر المحتمل إلى حدوده الدنيا، فإن عددًا قليلاً من الباحثين عن مسكن لشرائه في مختلف أنحاء البلاد قد نجحوا في توقيع عقود شراء».
وأشار التقرير إلى تراجع حاد للمبيعات المؤجلة للمساكن، وذلك بنسبة 6.7 في المائة في الغرب الأميركي، وبنسبة 1.2 في المائة في الجنوب. كما تراجعت المبيعات المؤجلة للمساكن في الغرب الأوسط بنسبة 2.4 في المائة خلال الفترة نفسها، في حين ارتفعت في الشمال الشرقي بنسبة 0.6 في المائة خلال نوفمبر الماضي.
وقال يون إن التأثير السلبي لارتفاع الفائدة على قروض التمويل العقاري يمكن أن يتلاشى بفضل النمو القوي للأجور، في الوقت نفسه يتوقع الاتحاد الوطني للمطورين العقاريين وصول مبيعات المساكن القائمة خلال العام الحالي إلى 5.42 مليون مسكن، وهو أعلى مستوى لها منذ 2006.
ولعب الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) دورًا كبيرًا في التأثير على أسعار السوق العقارية خلال العام الماضي، ليستمر تأثيره مع توقعات بارتفاع الفائدة الأميركية 3 مرات خلال 2017.
وتؤثر تلك المعدلات على ثلث تكاليف الاقتراض لمصارف العالم، فبات من المرجح أن يجبر مزيد من رفع أسعار الفائدة معدلات الرهن العقاري على الصعود، الأمر الذي يحتم وضع أسعار الأصول وأسعار الفائدة على الفروض بعين الاعتبار، ذلك لأن البنوك تقرض على أساس معيارين أساسين، أولهما نسبة دخل المقترض لخدمة الدين في ظل سعر فائدة معين، والثاني احتمال الزيادة أو النقصان في قيمة الأصل.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».