دراسة مصرية: 90 % من فتاوى المتشددين تقضي بتحريم التعامل مع المسيحيين

أكدت دراسة مصرية أن 90 في المائة من فتاوى المتطرفين تقضي بكراهية التعامل مع المسيحيين، مضيفة أن «فتاوى المتشددين في التعامل مع المسيحيين تُبين الفقه الصدامي لهم مع الأقباط».
وقالت الدراسة التي صدرت عن مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية ضمن نشرة «إرهابيون» بعنوان «فتاوى ازدراء المسيحيين... أحكام لتفتيت الأوطان»، إن «المتشددين يتخذون من هذه الفتاوى الطائفية سلاحا لتفتيت الأوطان».
ويشار إلى أن الدراسة فندت فتاوى المتشددين ضد المسيحيين خلال الفترة الماضية، ورصدت 5500 فتوى على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» والمواقع الإلكترونية، من بينها «حكم تهنئة الأقباط في أعيادهم، وبناء الكنائس، والمعاملات الاقتصادية مع الأقباط».
ويرى مراقبون أن «تلك الفتاوى مُنتشرة بين علماء دين غير رسميين، حيث يخرج كبار مشايخ من جماعات وتنظيمات متشدددة في كل مناسبة يحرمون مُشاركة الأقباط، مما أوجد هوة اجتماعية... لينتج عن ذلك اعتداء على الكنائس، وصدامات بين المسلمين والمسيحيين من وقت لآخر».
وذبح مواطن مسيحي في الإسكندرية قبل أيام بواسطة أحد المتشددين، وأظهر فيديو تم تداوله على المواقع الإلكترونية قيام المتهم، وهو شخص ملتح، بإخراج سكين كبير من معطفه، وضرب القتيل بالسكين في رقبته أمام أسرته في الشارع. وكافحت السلطات المصرية عددا من الاعتداءات الطائفية، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي بمحافظة المنيا بصعيد مصر، والتي شهدت وحدها ما يقرب من 6 اعتداءات خلال شهرين فقط.
وأوضحت الدراسة المصرية أنها اعتمدت على المنهجين الوصفي والاستقرائي برصد وتفنيد الفتاوى التي صدرت في هذا الشأن، وتحليل الأحكام التي جاءت فيها، لافتة إلى أنه تم رصد مجموعة كبيرة من الفتاوى، وتم اختيار 5500 فتوى منها كعينة للدراسة؛ نظرا لأن الكثير منها يحمل نفس الموضوع، كالسؤال عن حكم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، أو حكم بناء الكنائس، حيث صنفت الدراسة هذه الفتاوى إلى موضوعات عامة تضم تحتها موضوعات خاصة مرتبطة بالموضوع أو مرتبطة بالحكم الشرعي، مؤكدة أنها «رصدت هذه الفتاوى في الكتب، والمواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي».
وقال مصدر مطلع في الدار إن «من هذه الفتاوى أنه لا يجوز للمسيحي أن يتولى المناصب العامة في البلاد، وبعض الفتاوى طالبت بوجوب فرض الجزية على الأقباط، وعدم السلام عليهم في الطرقات».
وسبق أن أفتى الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، ومشايخ آخرون من الدعوة السلفية (وهم دعاة غير رسميين) بحرمانية تهنئة الأقباط بـ«عيد ميلاد المسيح» أو «الكريسماس»، قال برهامي في وقت سابق إن «تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق».
وأكدت دار الإفتاء في الدراسة أن أحكام هذه الفتاوى جاء أغلبها بتحريم أي شكل من أشكال التعاون بين المسلمين والمسيحيين، بالإضافة إلى أن بعضها كان يحمل تحريضا ضد المسيحيين، ودعاوى بعدم معاملتهم في بيع أو شراء أو أي نوع من أنواع العلاقات الاجتماعية، والحكم على فاعل هذه الأشياء بالخروج من الملة، انطلاقا من قاعدة الولاء والبراء.
وفجر شاب نفسه في الكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية المرقسية، التي تضم المقر البابوي، في حي العباسية بالعاصمة المصرية القاهرة، قبل نهاية العام الماضي، وأعلن تنظيم داعش المتشدد مسؤوليته عن التفجير.
ووفقا لتقديرات رسمية تتراوح نسبة المسيحيين في مصر بين 10 و15 في المائة من عدد السكان.
وقالت الدراسة إن فتاوى حكم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وارتباط ذلك بفكرة المؤاخاة بين المسلمين والمسيحيين احتلت المركز الأول بنسبة 54.5 في المائة من جملة فتاوى العينة، حيث جاءت الفتاوى في هذا المحور بعدد 3000 فتوى. بينما احتل المركز الثاني بنسبة 35 في المائة فتاوى حكم بناء الكنائس في بلاد المسلمين، وكذا حكم تعامل المسلمين مع هذه الكنائس بالصلاة والأذان وحضور الأعياد ومراسم الزواج والجنائز فيها، وجاءت فتاوى هذا المحور بعدد 1950 فتوى من جملة فتاوى العينة.
وأضافت الدراسة: احتل المركز الثالث والأخير بنسبة 11 في المائة فتاوى التعامل بوجه عام مع المسيحيين في التعاملات الاقتصادية من بيع وشراء وإقراض، وولاية المسيحي وانتخابه للوظائف العامة، والجزية، وحكم هديــة المسيحيين، والتبرع لهم، وبدئهم بالسلام، والسكن معهم، وغيرها من كافة أشكال التعامل، وجاء عدد فتاوى هذا المحور 550 فتوى.
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج كان أهمها، أن مدار الأحكام الشرعية في الدراسة كان حول ثلاثة أحكام من الأحكام التكليفية الخمسة في الشريعة الإسلامية؛ وهي «الحرمة» و«الكراهة» و«الإباحة»، حيث كان النصيب الأكبر للتحريم، والذي وصل إلى 70 في المائة من جملة هذه الأحكام، تلاه في المرتبة الثانية بنسبة 20 في المائة حكم الكراهة، يليه في المرتبة الثالثة حكم الإباحة بنسبة 10 في المائة من جملة أحكام الدراسة، أما حكما الوجوب والندب، فلا مجال لهما في فتاوى المتشددين.
وأوضحت نشرة «إرهابيون» في عددها الجديد الصادر عن دار الإفتاء أنه باستقراء وتحليل هذه الأرقام التي جاءت في الدراسة توصلت لعدة نتائج، أهمها، بيان الفقه الصدامي لعقلية مُصدري هذه الفتاوى، وجموده عند منطقة التحريم فقط، بالإضافة إلى أن هذه النتائج تعكس انحراف عقلية مُصدري هذه الفتاوى، وفساد منهجهم الفقهي الذي يعتمدون عليه في إصدار مثل هذه الفتاوى.