الحكومة السورية المؤقتة: لا مفاوضات إذا استمرت الخروقات في الساعات المقبلة

الإشارات السلبية توحي بإمكانية انهيار وقف إطلاق النار بالكامل

الحكومة السورية المؤقتة: لا مفاوضات  إذا استمرت الخروقات في الساعات المقبلة
TT

الحكومة السورية المؤقتة: لا مفاوضات إذا استمرت الخروقات في الساعات المقبلة

الحكومة السورية المؤقتة: لا مفاوضات  إذا استمرت الخروقات في الساعات المقبلة

يترنح مصير مؤتمر آستانة الذي من المفترض أن ينعقد قبل نهاية الشهر الحالي بين ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، مع ترنح الهدنة في الداخل السوري، مما دفع بالفصائل المسلحة وكذلك الحكومة السورية المؤقتة إلى التلويح بورقة مقاطعة المفاوضات السياسية في كازاخستان، بعد إعلانها انهيار قرار وقف إطلاق النار.
وقال جواد أبو حطب، رئيس الحكومة السورية المؤقتة، لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا (آستانة) في حال استمرت الخروقات في الساعات المقبلة»، مؤكدا أن «كل الفصائل دون استثناء لن تقبل بالمشاركة بأي مفاوضات إذا استمرت روسيا باتباع سياسة الأرض المحروقة». واستغرب أبو حطب الحديث عن صراع روسي - إيراني في الداخل السوري، مشددا على أن «القرار والأوامر هي بالنهاية بيد روسيا، باعتبار أنهم فريق واحد إلى جانب النظام والميليشيات العراقية والإيرانية، ولكن كما بات واضحا؛ لا إرادة حقيقية لدى موسكو بحل الأزمة سياسيا، لذلك نراها تعتمد سياسة الكذب والمواربة».
وفي حين عدّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في تصريح له أمس أمام المؤتمر السنوي لسفراء بلاده في العالم في أنقرة، أن تركيا بالتعاون مع روسيا وإيران تتخذ «خطوات تاريخية من أجل فتح الطريق أمام السلام في سوريا»، اتهمت وسائل إعلام مقربة من النظام السوري وحلفائه أنقرة بـ«الإشراف على غرف عمليات فصائل المعارضة التي تعدّ لهجوم يستهدف عزل مدينة حلب، بالتوازي مع تحضيرات مباحثات آستانة».
وتتوالى الإشارات السلبية في الداخل السوري التي توحي بإمكانية انهيار قرار وقف إطلاق النار بالكامل خلال ساعات أو أيام، بخاصة بعد تأكيد النظام السوري أن «وادي بردى، خزان مياه دمشق، ليس مشمولا بوقف إطلاق النار». وردا على ذلك، عدّ قادة فصائل المعارضة السورية الموقعون على اتفاق وقف إطلاق النار في أنقرة الأسبوع الماضي في وقت متأخر، الأحد الماضي، الهدنة منتهية، إثر خروقات النظام المستمرة، لا سيما في وادي بردى، واعتبروا أنّها أصبحت من الماضي.
وتوعدوا في سلسلة مواقف بـ«الرد العسكري على خروقات النظام وحلفائه المتواصلة للهدنة الموقعة برعاية روسية - تركية». وقال المتحدث الرسمي باسم «صقور الشام»، مأمون حاج موسى، إن «استمرار النظام في خروقاته وعدم التزامه بالهدنة منذ 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فضلاً عن خروقات ميليشيات (حزب الله)، دفع الفصائل إلى إعلان تجميد وقف إطلاق النار في كل الجبهات وليس فقط في وادي بردى». وأوضح أن 3 وفود روسية حاولت الدخول إلى «نبع عين الفيجة»، مصرة على إدخال ميليشيات مسلحة مع فريق الصيانة، إلا أن الأهالي والفصائل رفضوا ذلك. أما «قائد جيش المجاهدين» المقدم أبو بكر، فقال: «عندما وافقنا على الهدنة كانت لحماية أهلنا بوادي بردى والغوطة، أما وقد نكثتم، فانتظروا منا ما يسوؤكم».
ويُنتظر أن تحدد الهيئة العليا للمفاوضات في اجتماع تعقده يوم الجمعة المقبل في الرياض موقفها من مؤتمر آستانة، وتبحث المستجدات الميدانية والسياسية. وفي هذا السياق، قالت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن «الهيئة، كما أي فصيل معارض، لم يتلقوا بعد أي دعوة للمشاركة بالمفاوضات في كازاخستان»، لافتة إلى أن «الاجتماع المرتقب في الرياض سيبحث التطورات التي تلت أحداث حلب، ودعوة مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا لعقد مفاوضات في جنيف في 8 فبراير (شباط) المقبل، وكذلك ما يتردد عن مؤتمر سيُعقد في آستانة، على أن يبقى التركيز على جنيف».
في المقابل، أكد رئيس النظام السوري بشار الأسد استعداده للمشاركة في محادثات آستانة، وقال في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية: «أعلنا أن وفدنا إلى ذلك المؤتمر مستعد للذهاب عندما يتم تحديد وقت المؤتمر. نحن مستعدون للتفاوض حول كل شيء. عندما تتحدث عن التفاوض حول إنهاء الصراع في سوريا أو حول مستقبل سوريا، فكل شيء متاح وليست هناك حدود لتلك المفاوضات». وأضاف: «لكن من سيكون الطرف الآخر؟ لا نعرف حتى الآن، هل ستكون معارضة سورية حقيقية، أي إن لها قواعد شعبية في سوريا وليست قواعد فرنسية أو بريطانية؟... ينبغي أن تكون معارضة سورية كي تناقش القضايا السورية، وبالتالي، فإن نجاح ذلك المؤتمر أو قابليته للحياة ستعتمد على تلك النقطة». وردا على سؤال حول استعداده لمناقشة مصيره كرئيس، أجاب الأسد: «نعم، لكن منصبي يتعلق بالدستور، والدستور واضح جدا حول الآلية التي يتم بموجبها وصول الرئيس إلى السلطة أو ذهابه. الشعب السوري كله ينبغي أن يختار الرئيس». كما أكد الأسد أن وادي بردى، خزان مياه دمشق، ليس مشمولا بوقف إطلاق النار، من منطلق أن «الهدنة لا تشمل (النصرة) و(داعش)، وباعتبار أن منطقة وادي بردى تحتلها (النصرة)، فذلك يعني أنها ليست جزءا من وقف إطلاق النار». وأضاف أن «دور الجيش السوري هو تحرير تلك المنطقة، لمنع أولئك الإرهابيين من استخدام المياه لخنق العاصمة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.