التحضيرات الروسية لآستانة مستمرة رغم تراكم مؤشرات الفشل

موسكو تختبر أسلحة الروبوتات وبينها «أوران ـ 9» في سوريا

الروبوت المقاتل «أوران - 9» الذي يتوقع أن روسيا تختبره في سوريا
الروبوت المقاتل «أوران - 9» الذي يتوقع أن روسيا تختبره في سوريا
TT

التحضيرات الروسية لآستانة مستمرة رغم تراكم مؤشرات الفشل

الروبوت المقاتل «أوران - 9» الذي يتوقع أن روسيا تختبره في سوريا
الروبوت المقاتل «أوران - 9» الذي يتوقع أن روسيا تختبره في سوريا

على الرغم من الوقائع الميدانية التي تشير إلى احتمال فشل المساعي الروسية في عقد مفاوضات سورية في آستانة نهاية يناير (كانون الثاني) الحاري، يتحدث مسؤولون روس عن الدعوات التي سيتم توجيهها للمشاركة في تلك المفاوضات. ويوم أمس قال دبلوماسي روسي من مجموعات العمل الخاصة بالأزمة السورية، ومقرها في جنيف، إن الدعوات للمشاركة في المفاوضات في آستانة يوم 23 يناير لم توجه بعد، لافتًا إلى أنه سيتم قريبًا توجيه الدعوة للمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
وفي موقف غير واضح إذا كان المقصود منه أن روسيا لا تريد مشاركة دي ميستورا أم أنها تأمل مشاركته ولو بحضور ممثل عنه، أضاف الدبلوماسي الروسي في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» أن «روسيا تأمل برؤية رمزي عز الدين رمزي خلال اللقاء في آستانة».
في السياق، بحث ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي خلال لقاء يوم أمس مع رئيس الجبهة الشعبية للتغير والتحرير قدري جميل، آفاق تشكيل أرضية موحدة للمشاركة في عملية التسوية السياسية للأزمة السورية. وقالت الخارجية الروسية إن بوغدانوف وجميل تناولا «الوضع الراهن في سوريا ومن حولها، مع التركيز على آفاق صياغة المعارضة السورية لأرضية موحدة من شأنها أن تسهم في مشاركة بناءة للمعارضة في عملية التسوية السياسية للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254».
وفي شأن آخر على صلة بالأزمة السورية، لم يستبعد الخبير العسكري فيكتور موراخوفسكي، رئيس تحرير مجلة «العتاد الحربي الروسي»، اختبار القوات الروسية لأسلحة حديثة في سوريا. وقال في حديث صحافي يوم أمس إن استخدام القوات المسلحة لأنواع جديدة من الأسلحة التي تعتمد على تقنية الروبوتات أصبح ممارسة دائمة في الجيش الروسي، دون أن يستبعد اختبار القوات الروسية لمنظومة «أوران - 9» القتالية في سوريا. وجاء كلام الخبير العسكري الروسي بهذا الصدد تعليقًا على أنباء تناقلتها صحف بريطانية مؤخرًا، وتشير فيها نقلا عن مصادر رفيعة المستوى في الاستخبارات الغربية، إلى أن الروبوت المقاتل متعدد المهام من طراز «أوران - 9» قد يعزز قريبا مجموعة القوات الروسية في سوريا، حيث سيتم استخدام ذلك الروبوت في حرب الشوارع.
ويقر موراخوفسكي أنه ليس سرًا أن روسيا تختبر في سوريا منظومات روبوتات، والحديث لا يقتصر على منظومة «أوران - 6» لنزع الألغام، بل وعن منظومات روبوتات أكثر استقلالية، مثل «سوراتنيك» و«نيريختا»، لافتًا إلى أنه «فيما يخص المنظومة المقاتلة التي أشارت إليها الصحف البريطانية، فأنا لا أستبعد أن تظهر في سوريا منظومة (أوران - 9) وغيرها من المنظومات». ويعيد الخبير الروسي إلى الأذهان أن القيادة العسكرية والسياسية الروسية صرحت أكثر من مرة بأن القوات المسلحة تختبر في سوريا أسلحة وتقنيات عسكرية، غير معتمدة بعد بصورة رسمية ضمن عتاد القوات المسلحة، موضحًا أن «بعض تلك العينات من الأسلحة تطلب تعديلات وتحسينات بعد اختباره وتجريبه في الحملة السورية، بينما تم سحب عينات أخرى من التصنيع، إلى حين تجاوز الأعطال التي تم الكشف عنها أثناء الاستخدام القتالي» في حرب حقيقية.
ولا يقتصر هدف روسيا من إدخال تلك التقنيات إلى الحملة السورية على الرغبة في اختبارها والكشف عن عيوبها لاستكمال تصنيعها، ذلك أن تلك التقنيات تسهم أيضًا في تقليل حجم الخسائر البشرية، حسب قول الخبير العسكري الروسي، الذي يوضح أن «ظهور تلك الآليات سببه بما في ذلك تقليص عدد القوات الروسية في سوريا، والحرص على التقليل من الخسائر البشرية بين جنودنا». بعد هذا كله يذهب موراخوفسكي إلى التشكيك بما جاء في الصحف البريطانية، ويقول إنها تعتمد عادة على معلومات تتداولها صفحات عربية على «فيسبوك».
ومنظومة «أوران - 9» التي يدور الحديث عنها عبارة عن آلية على شكل دبابة صغيرة، يتم التحكم بها عن بعد، ومزودة بمنظومة تحكم وتوجيه، ومدفع عيار 30 مم مع مائتي مقذوف، ورشاش كلاشينكوف مع ألف طلقة، وصاروخ «أتاكا» المضاد للدروع، ومنظومة «إيغلا» للدفاع الجوي. وكل هذه الأسلحة تكون بحالة تأهب قتالي دوما خلال عمل الروبوت «أوران - 9»، الذي يزن قرابة 10 أطنان، ويعوض إلى حد كبير عن المشاركة البشرية الواسعة في المواجهات المسلحة والمعارك.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.