براءة العراق الملكي من ضياع فلسطين

كتاب يتهم الحزب الشيوعي وعبد الناصر وأمين الحسيني بإفشال الجهد العراقي

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

براءة العراق الملكي من ضياع فلسطين

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يسعى كتاب «العراق الملكي وقضية فلسطين 1914-1958» للدكتور أحمد باش أعيان الذي صدر أخيرا عن دار الحكمة بلندن في 1006 صفحات من القطع الكبير، لإجلاء الصورة التي شابها الكثير من الجدل (بحسب المؤلف) في ما يتعلق بمواقف وسياسات الحكومات العراقية المتعاقبة خلال العهد الملكي من قضية فلسطين.
سواء كان هذا الجدال أثناء فترة العهد الملكي (1921 - 1958)، أو منذ سقوطه كنظام حكم يوم 14 يوليو (تموز) 1958م وحتى اليوم. مؤلف الكتاب هو أحمد برهان الدين باش أعيان، ابن أحد رجال العهد الملكي في العراق. وكان قد انتقل مع والده وعائلته إلى السعودية أواخر عام 1963، حين عمل والده (صاحب السيرة) كمستشار قانوني لدى حكومتها حتى وفاته في أواخر عام 1975، واكتسب المؤلف الجنسية السعودية، وعمل في شركة «أرامكو السعودية» في الظهران منذ عام 1984 حتى تقاعده عام 2010.
يرى المؤلف أن اهتمام العراقيين بقضية فلسطين ازداد منذ حصول العراق على استقلاله، «علما أن العراق كان لا يزال دولة ناشئة وضعيفة من كل الأوجه، ومحكوما بتسلط نفوذ بريطانيا». وقد تصاعدت النشاطات الشعبية والرسمية في العراق للتصدي للمشروع الصهيوني الاستعماري في فلسطين خلال الفترة بين عامي 1932 و1948، إذ بذل العراقيون، حكومة وشعبا، جهودا حثيثة لمقاومة هذا المشروع على كل الأصعدة.. الشعبية، والإعلامية، والسياسية، والاقتصادية، والعسكرية، ضمن حدود إمكاناتهم.

* دولة نوري السعيد
يتحدث المؤلف عن فكرة طرأت على نوري السعيد (1888-1958) الذي تولى رئاسة الوزراء في العهد الملكي 14 مرة، وذلك حين فشل في منع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ورأى أن تلك الفكرة «من شأنها أن تحول دون قيام دولة يهودية في فلسطين أو طرد سكانها العرب الأصليين منها، وفي الوقت نفسه ترضي جميع الأطراف.. العربية والبريطانية والصهيونية». وكانت فكرته تتمحور حول إقامة دولة عربية مستقلة تشمل بلاد الشام كلها، بما فيها فلسطين (أي ما يسمى بـ«الهلال الخصيب» أو «سوريا الكبرى»)، وأن «يكون لليهود فيها مكان كمواطنين لهم حقوقهم الكاملة».
يقول المؤلف عن هذه الفكرة: «بعد اعتراضات عربية وبريطانية على الفكرة، تمكن نوري من التوصل إلى صيغة ترضي جميع العرب، وفي مقدمتهم القادة الفلسطينيون، والسلطات البريطانية في فلسطين والشرق الأوسط. ولكن المشروع ما لبث أن أحبط من قبل الصهيونية، سواء مباشرة، أو عن طريق ممثليها في فلسطين». لكن الدعم العراقي العسكري والاقتصادي للقضية الفلسطينية بقي، على الرغم من أنه كان «في معظم الأحيان متواضعا ومحدودا جدا خلال هذه الفترة». وقد كان من شأن فشل معاهدة بورتسموث في مطلع عام 1948 أن يتسبب في تقليص فرص تسليح وتدريب الجيش العراقي بشكل يتناسب مع حجم ونوعية الخطر الإرهابي والعسكري الصهيوني في فلسطين.

* اليهود العراقيون
يتوقف المؤلف عند قضية اليهود العراقيين، فرغم انقلاب بكر صدقي (1936-1937) وحركة رشيد عالي الكيلاني (1941م)، اللذين تعرضا بشكل أو بآخر لليهود العراقيين، فإن وضع الجالية اليهودية في العراق طيلة الفترة بين عام الاستقلال 1932 وحتى بعد تأسيس دولة إسرائيل في فلسطين عام 1948، بل وإلى سقوط النظام الملكي عام 1958، بقي مستقرا ومزدهرا، من كل النواحي.. الدينية والاقتصادية والتعليمية والثقافية.
ويلاحظ كذلك أن «اليهود العراقيين بصورة عامة، عزفوا عن التورط في السياسة، مع بعض الاستثناءات القليلة، إلا أن حضورهم الإعلامي والأدبي والثقافي كان ملموسا».
على صعيد الأحزاب السياسية كان لليهود وجود في الحزب الشيوعي العراقي وذلك بعد تأسيسه رسميا ببضع سنوات. وبدأ اليهود العراقيون في تبوء مناصب إدارية في الحزب منذ أواسط عقد الأربعينات من القرن العشرين، ليصل بعضهم إلى أعلى المراكز فيه. لكن الأمور بدأت تتغير بشكل مثير وسريع بعد تأسيس إسرائيل عام 1948، «ذلك أن النشاط الصهيوني الإرهابي ضد اليهود العراقيين في داخل العراق لإرعابهم وإرغامهم على ترك العراق والهجرة إلى فلسطين، تصاعدت وتيرته وتضخمت شراسته وقسوته ضد اليهود العراقيين أنفسهم منذ عام 1948، حتى نجحت الصهيونية في نهاية المطاف في تهجير معظم اليهود العراقيين بحلول عام 1953».

* الخطر الشيوعي
في تلك الفترة، استجاب نوري السعيد لدعوة الولايات المتحدة الأميركية لتشكيل تحالف عراقي - تركي - إيراني - باكستاني تنضم إليه لاحقا دول عربية أخرى، هدفه التصدي للمد الشيوعي الذي كان هاجس العالم الغربي وكل الدول والمجتمعات والمؤسسات المحافظة واليمينية في سائر أنحاء العالم منذ قيام الثورة البلشفية في روسيا عام 1917. من هنا جاءت فكرة ميثاق بغداد، الذي اشتهر عرفا في الإعلام العربي بـ«حلف بغداد»، والذي انضمت له بريطانيا، بعد تركيا وإيران وباكستان، ولم تنضم له الولايات المتحدة ولكنها ظلت الراعية والداعمة والضامنة له.

* معلومات مغلوطة
يرى المؤلف أن إسرائيل استمرت في حربها ضد العراق (إعلاميا، وسياسيا، وإرهابا داخليا)، بل إنه يتحدث عن أصابع إسرائيلية وراء تغيير النظام الملكي بأكمله، بقوله: «لقد تضافرت جهود الحركة الصهيونية والتنظيمات الشيوعية (وربما أيضا الحكومة البريطانية في نهاية المطاف)، لشن كل هذه الحروب، فنجحت في نهاية المطاف في إفشال ميثاق بغداد، وتهجير اليهود العراقيين، وقلب نظام الحكم الملكي».
ويرى الباحث إلى درجة الجزم أن «معظم الرعيل الأول من رجال الدولة العراقية الناشئة (1921-1958) كانوا في الواقع هم وأسرهم من أشد المخلصين، ماديا ومعنويا، للقضية الفلسطينية». لكن النقطة الأبرز في هذه الدراسة ما خلص له البحث، وهو استنتاج ذو دلالة لكونه يقلب المسلمات المتداولة شعبيا وشبه رسمي في أدبيات ومجالس العامة والخاصة في العراق وخارجه، عن تهاون أو تخاذل حكومات العهد الملكي في العراق تجاه القضية الفلسطينية. يقول عن ذلك: «الحقيقة التي اتضحت من خلال هذه الدراسة هي أن معظم الشخصيات الرئيسة في العراق خلال فترة العهد الملكي كانت شخصيات مستقلة، لها مبادئها القومية الخالصة.. وأن معظم الانطباعات التي ترسخت في الفولكلور الشعبي وشبه الرسمي السياسي العراقي، وفي بعض الدول العربية الأخرى، عن طبيعة العلاقة بين شخصيات وحكومات العهد الملكي في العراق والنظام الملكي نفسه ككل من جهة، وبين بريطانيا والمعسكر الغربي من جهة أخرى، كانت نتيجة معلومات مشوهة وأخبار مغلوطة، كما أنها انطباعات بنيت على فرضيات باطلة منطقيا».
أما منشأ هذه المغالطات والشائعات التي يتحدث عنها الكتاب، فيعيد المؤلف القسط الأكبر منها إلى مصدرين رئيسين، وهما الحزب الشيوعي العراقي، والرئيس المصري جمال عبد الناصر وأجهزته الإعلامية وأنصاره في بعض الدول العربية الأخرى، مثل العراق وسوريا (الكتاب، ص 946).

* لماذا فشل العراق؟
أما لماذا فشل العراق، سواء عبر مؤسساته الشعبية أو الحزبية أو السياسية أو العسكرية، في خدمة القضية الفلسطينية؟ فيجيب المؤلف عن هذا السؤال عبر مجموعة من النقاط، أهمها: الضعف والتمزق العام في العالمين العربي والإسلامي، وكذلك الاحتلال والاستعمار البريطاني للعراق منذ عام 1914 وحتى قيام الدولة العراقية كمملكة، وإن كان برعاية بريطانية، وذلك عام 1921، وهي في الحقيقة استعمار استمر 11 سنة أخرى، ولو بشكل غير مباشر وأقل ظهورا من ذي قبل، أي حتى عام 1932 عندما أصبح العراق عضوا كامل الأهلية في عصبة الأمم. والسبب الثالث هو الصهيونية العالمية، والرابع هو الحزب الشيوعي العراقي «الذي كانت بعض العناصر القيادية العليا فيه إما يهودية أو متعاطفة مع الصهيونية»، حسب الكاتب. والسبب الخامس هو ظهور التيار القومي المتطرف.
وفي هذا السياق، يضع المؤلف اللوم على شخصيات فلسطينية بينها مفتي القدس الحاج أمين الحسيني، الذي نفي للعراق في مطلع عام 1939، والذي لعب، استنادا إلى الكتاب، «دورا لولبيا في دفع وجهة النظر المضادة لسياسة الحكومة العراقية، بمساهمته النشطة في الدعوة إلى التطرف القومي بين الشباب والمثقفين العراقيين، وللانحياز إلى جانب معسكر المحور (ألمانيا النازية، وإيطاليا الفاشية)، كلية في السنين الأولى من الحرب العالمية الثانية» (الكتاب، ص 955 – 956). كذلك يذكر من الأسباب الأخرى لفشل العراق في ما يخص القضية الفلسطينية، تعنت القيادات الفلسطينية أمام الحلول العملية التي طرحت أمامها.
لهذه الأسباب، يقول المؤلف: «فإن كل دارس للتاريخ السياسي للعراق الملكي، والمتتبع، بالدقة المطلوبة، لتسلسل الأحداث وترابطها، لا يسعه إلا أن يستنتج أن سياسات معظم الحكومات العراقية في العهد الملكي تجاه فلسطين كانت محكوما عليها بالفشل».



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.