«أبو مغيرة البريطاني» من غوانتانامو إلى سوريا

20 مليون استرليني تعويضا لنزلاء المعسكر البريطانيين

جمال الحارث خريج غوانتانامو هرب إلى سوريا للانضمام إلى «داعش»
جمال الحارث خريج غوانتانامو هرب إلى سوريا للانضمام إلى «داعش»
TT

«أبو مغيرة البريطاني» من غوانتانامو إلى سوريا

جمال الحارث خريج غوانتانامو هرب إلى سوريا للانضمام إلى «داعش»
جمال الحارث خريج غوانتانامو هرب إلى سوريا للانضمام إلى «داعش»

تمكن متطرف بريطاني سبق احتجازه في غوانتانامو من الفرار من لندن إلى مناطق النزاع في سوريا، حيث يقاتل الآن في صفوف تنظيم القاعدة هناك. وكان الإرهابي الذي أطلق على نفسه «أبو مغيرة البريطاني» قد كتب بالتفصيل عن تجربته داخل السجن الأميركي سيئ السمعة في غوانتانامو.
ورغم عدم التحقق بعد من الهوية الحقيقية لـ«أبو مغيرة البريطاني»، فإن المؤكد أن 16 على الأقل من أبناء المملكة المتحدة والمقيمين بها احتجزوا داخل معسكر الأسر الأميركي القائم على جزيرتين في الأراضي الكوبية.
وكان متشدد آخر من بريطانيا قد احتجز سنوات من قبل داخل غوانتانامو قد فر إلى سوريا، حيث يقاتل هناك في صفوف «داعش». ومن شأن الرواية التي طرحتها صحيفة «الميل» البريطانية أمس، إثارة المخاوف بخصوص عدم تخلي بعض الإرهابيين المشتبه بهم المفرج عنهم من غوانتانامو عن آيديولوجيتهم المتشددة، وأنهم ربما لا يزالون يشكلون تهديدًا للأمن العام، وكذلك تأجيج المخاوف المتعلقة بإمكانية استغلال التعويضات التي دفعت إلى سجناء سابقين بعد وصولهم إلى العاصمة لندن، بسبب السنوات التي قضوها في غوانتانامو، في تمويل الإرهاب. جدير بالذكر أن جميع السجناء في معتقل غوانتانامو المنتمين للمملكة المتحدة قد أفرج عنهم الآن، وتلقوا فيما بينهم ما يبلغ 20 مليون جنيه إسترليني، في إطار تعويضات أقرتها المحكمة العليا جرى تسديدها من أموال دافعي الضرائب البريطانيين. وجرى تسليم التعويضات إلى محتجزين سابقين تقدموا بدعاوى قضائية ضد وكالتي الاستخبارات البريطانية الداخلية والخارجية، لتواطئهما في تعذيبهم المزعوم على أيدي الأميركيين. وادعى أبو مغيرة البريطاني أنه «قضى سنوات» في معتقل غوانتانامو، حيث كان يجري احتجاز أكثر من 700 من أكثر العناصر الإرهابية خطورة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول).
وقد كتب أبو مغيرة البريطاني في مجلة إلكترونية ينشرها متشددون عبر شبكة الإنترنت: «أجلس في أرض الشام المباركة، أفكر في تلك الأسابيع والأيام التي قضيتها خلف القضبان، وأشكر الله على إطلاق سراحي وإمدادي بفرصة الجهاد في سبيله من جديد».
واعتبرت «الميل» البريطانية أن عودة «أبو مغيرة» إلى تنظيم القاعدة، عقب إطلاق سراحه من المعتقل الواقع في خليج غوانتانامو، يؤكد أن بعض المعتقلين السابقين لا يزالون متمسكين بأفكارهم المتشددة. ويعتبر البريطاني ثاني مواطن بريطاني من النزلاء السابقين في غوانتانامو يعرف عنه انضمامه إلى الجماعات المتطرفة في سوريا. في أكتوبر (تشرين الأول)، أفادت تقارير بأن جمال الحارث المتحول حديثًا إلى الإسلام من مانشستر، هرب إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش. كان الحارث قد أطلق سراحه من غوانتانامو عام 2004 بعد سجنه عامين.
كانت القوات الأميركية قد ألقت القبض عليه في قندهار في فبراير (شباط) 2002. وتلقى الحارث نحو مليون جنيه إسترليني تعويضا من الحكومة، وهناك مخاوف الآن من أن يكون قد أنفق المال على الهروب إلى سوريا وتمويل الإرهاب. أما البريطاني الذي يدعي أنه في الثلاثينات من عمره، فقال إنه كان في أفغانستان عندما غزا التحالف الذي قادته الولايات المتحدة البلاد عام 2001. وأشار إلى أنه كان في جبال تورا بورا عندما وصلت قوات أميركية المنطقة بحثًا عن زعيم «القاعدة»، أسامة بن لادن.
وتقول «صنداي تايمز»، إن الرجل الذي كان يعيش في مدينة مانشستر في بريطانيا واختفى فجأة، يسود الاعتقاد بأنه غادر إلى سوريا وانضم إلى تنظيم داعش، وهو ما يعني أن المليون جنيه إسترليني التي حصل عليها من أموال دافعي الضرائب في المملكة المتحدة، انتهت إلى خزائن تنظيم داعش في الرقة والموصل.
كان جمال الحارث، الذي يبلغ من العمر حاليًا 48 عامًا، قد اعتقل في أفغانستان، ومن ثم أودع في سجن غوانتانامو لمدة عامين تقريبًا، دون أن يتم توجيه أي تهمة له، ودون محاكمة أو إدانة، فيما يتوقع أن تثير قضيته ردود فعل واسعة وغاضبة في بريطانيا، إذا تأكد أن الرجل غادر بأمواله إلى سوريا وانضم لـ«داعش».
وأخلي سراح الحارث من سجن غوانتانامو في عام 2004، بعد أن نفى أي علاقة له بتنظيم القاعدة، كما جاء إطلاق سراحه بفضل الضغوط التي مارستها حكومة توني بلير في ذلك الوقت على الولايات المتحدة، من أجل إطلاق البريطانيين المحتجزين في غوانتانامو، حيث أخلي سبيله وأعيد إلى إنجلترا.
وتقول «صنداي تايمز»، إنها تستطيع تأكيد أن الحارث سافر إلى سوريا في أبريل (نيسان) من عام 2014، مستخدمًا العمل الخيري غطاء له، على أن زوجته وأبناءه الخمسة تبعوه لاحقًا إلى سوريا، فيما يظهر من صفحة الحارث على «فيسبوك» أنه يرتبط بعلاقة قوية مع اثنين من المتطرفين البريطانيين الذين غادروا مدينة بورتسموث الساحلية وانضموا لـ«داعش» في سوريا، ومن ثم أطلقوا النداءات من هناك للمسلمين بأن يلحقوا بهم وينضموا للتنظيم. وقال كيث فاز، رئيس لجنة الشؤون الأمنية في البرلمان البريطاني، إنه سيبعث برسالة استفسار إلى وزيرة الداخلية تيريزا ماي لسؤالها كيف نجح الحارث في الإفلات من رادارات الأجهزة الأمنية وعيونها؟ وأضاف فاز: «نريد أن نعرف كيف تمت هذه الرحلة للحارث دون أن تنتبه السلطات البريطانية لها وتوليها اهتماما؟». وحينذاك، صدرت أوامر إلى «أبو مغيرة البريطاني» و10 آخرين بالعبور إلى باكستان، حيث سيتولى سكان محليون تقديم العون لهم. وعندما وصل المسلحون، التقوا جنودًا باكستانيين أخبروهم أنهم سيرافقونهم. وفي اليوم التالي، قادهم الجنود إلى معسكر عسكري، حيث تعرضوا للاحتجاز، ثم جرى تسليمهم إلى الأميركيين. من ناحيتها، أعلنت وزارة الخارجية أمس أنه ليس بإمكانها التحقق من هوية «أبو مغيرة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.