«حماية اليوان» تكلف الصين 320 مليار دولار العام الماضي

«المركزي» يتعهد بضمان التدفق النقدي واستقرار سيولة الأسواق في 2017

«حماية اليوان» تكلف الصين 320 مليار دولار العام الماضي
TT

«حماية اليوان» تكلف الصين 320 مليار دولار العام الماضي

«حماية اليوان» تكلف الصين 320 مليار دولار العام الماضي

في الوقت الذي يؤكد فيه بنك الصين المركزي أن البلاد ستواصل خلال العام الجديد اتباع سياسة نقدية حكيمة ومحايدة، وفقا لما تم التوافق عليه خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الذي عقد في أواخر العام الماضي. أظهرت بيانات أمس تراجع احتياطات الصين من العملة الأجنبية بمعدل 320 مليار دولار السنة الماضية، وذلك بعد هبوطه للشهر السادس على التوالي، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ بداية عام 2011.
وتعهد البنك المركزي الصيني، في بيان رسمي مساء الجمعة، بالقيام بتعديلات أفضل لضمان التدفق النقدي واستقرار السيولة في الأسواق. وذكر البيان أنه ينبغي أن تتواءم الخدمات المالية مع الحاجة لدفع الإصلاحات الهيكلية في جانب العرض، في الوقت الذي يتم فيه تعزيز دعم الاستراتيجيات الوطنية، مثل خفض القدرات الزائدة وإعادة الهيكلة الصناعية والتنمية المنسقة في مثلث «بكين - تيانجين - خبي»... مشيرا إلى أنه سيعمق إصلاح النظام المالي وسيطور السياسات لضمان خلق الظروف الملائمة لتدويل العملة الصينية اليوان (الرنمينبي) والحماية من المخاطر المالية.
وأكد البنك المركزي على مواصلة الصين لإصلاح نظام إدارة النقد الأجنبي وتعزيز المشاركة في الحوكمة المالية العالمية وتحسين الخدمات المالية وإدارته.
وفي غضون ذلك، أعلنت إدارة الصرف الأجنبي في الصين أمس عن تراجع احتياطات البلاد من العملة الأجنبية بواقع 320 مليار دولار السنة الماضية. وذلك بعد هبوط قياسي بلغ 513 مليار دولار في 2015.
وقالت الإدارة على موقعها إن احتياطات البلاد من العملات الأجنبية، وهي الأعلى على مستوى العالم، تراجعت إلى 3.011 تريليون دولار بنهاية ديسمبر (كانون الأول) 2016. ليصل الاحتياطي إلى أدنى مستوى له منذ بداية عام 2011. ولكنه تماسك فوق المستوى الحرج الذي يبلغ ثلاثة تريليونات دولار؛ وذلك في الوقت الذي تدخلت فيه السلطات لدعم اليوان قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه.
وأظهرت بيانات البنك المركزي أمس أن الاحتياطي هبط بشكل طفيف أقل من المتوقع، وهو 41 مليار دولار الشهر الماضي، ليصل إلى 3.011 تريليون دولار، وذلك في أعقاب هبوط بلغ 69.06 مليار دولار في نوفمبر (تشرين الثاني). وبذلك يستمر التراجع للشهر السادس على التوالي، وفقا للأرقام التي نشرها بنك الصين.
وكان اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا هبوط الاحتياطي 51 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول)، ليصل إلى 3.001 تريليون دولار.
وقال مسؤول في إدارة الصرف الأجنبي إن جهود بنك الصين لتثبيت سعر صرف اليوان هي السبب الرئيسي في تراجع الاحتياطات العام الماضي.
ووصل اليوان حاليا إلى أدنى مستوى له خلال ثماني سنوات أمام الدولار، بعد أن فقد قرابة 7 في المائة من قيمته خلال سنة واحدة، في حين تقوم بكين ببيع الدولار لدعم عملتها.
وفي الوقت نفسه يدعم تباطؤ الاقتصاد الصيني خروج الرساميل سعيا إلى استثمارات مجزية في الخارج. وإدراكا منها لهذه المخاطر، شددت الصين التدابير لوقف هروب الرساميل؛ ولا سيما عبر فرض قيود على استثمارات خارجية تثير الشكوك.
وعلى صعيد متصل، تدرس الصين استراتيجيات للتعامل مع أي منازعات تجارية محتملة قد تثار مع الولايات المتحدة بعد أن يتولى ترامب السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، حيث وعد الأخير بإلغاء اتفاقية الشراكة الحرة عبر الهادي.
وذكرت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية أول من أمس، أنه إذا اتخذ ترامب تدابير عقابية ضد الشركات والبضائع الصينية، فإنه من المحتمل أن ترد الصين بالتدقيق المكثف على الشركات الأميركية التي تعمل في السوق الصينية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصين قد تستهدف الشركات الأميركية المعروفة، بفرض ضريبة أعلى عليهم؛ أو فتح تحقيقات مكافحة الاحتكار للمنتجات الأميركية، وإطلاق تحقيقات مكافحة الإغراق، وتقليص المشتريات الحكومية من السلع الأميركية.
ولا يوجد تأكيد رسمي حول هذه التصريحات حتى الآن، بل إنها مناقضة للسياسات والتصريحات الأخيرة للحكومة الصينية، التي تفيد بمزيد من الانفتاح على السوق المحلية لرأس المال الأجنبي.
وقال نائب وزير وزارة التجارة الصيني وانغ شو ون يوم الجمعة إن الصين لن تسمح للمؤسسات والحكومات المحلية بزيادة القيود على الاستثمار الأجنبي، مضيفا أن الصين سوف تقوم بفرض تدابير لحماية أفضل لحقوق الملكية الفكرية للمستثمرين الأجانب، مع ضمان المشاركة العادلة في عطاءات المشتريات الحكومية.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.