تضارب تصريحات المسؤولين السودانيين حول تشكيل الحكومة الجديدة

الخرطوم تتوقع انفراجًا في العلاقة مع واشنطن في عهد ترامب

تضارب تصريحات المسؤولين السودانيين حول تشكيل الحكومة الجديدة
TT

تضارب تصريحات المسؤولين السودانيين حول تشكيل الحكومة الجديدة

تضارب تصريحات المسؤولين السودانيين حول تشكيل الحكومة الجديدة

تضاربت التصريحات الرسمية السودانية بشأن موعد إعلان حكومة الوفاق الوطني. فبعد أن كان المتحدث الرسمي باسم الحكومة قد ذكر أن التشكيل سيعلن في غضون شهر، قطع نائب الرئيس بأن التشكيل سيعلن خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن كان متوقعًا إعلان التشكيل في العاشر من الشهر الحالي. وفي أثناء ذلك أجرى وزير الدفاع السوداني جولة مباحثات مع وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري الذي يزور الخرطوم ليومين، فيما تتوقع وزارة الخارجية وصول وكيل الخارجية البريطاني للبلاد غدًا الاثنين في زيارة تستغرق ثلاثة أيام تلبية لدعوة رصيفه السوداني.
وقال حسبو محمد عبد الرحمن، نائب الرئيس البشير، بولاية الجزيرة وسط البلاد أمس إن الأيام المقبلة ستشهد تشكيل حكومة الوفاق الوطني، موضحا أن عملية الحوار الوطني الذي أوصى بتشكيل هذه الحكومة تعد أكبر مشروع ما بعد استقلال البلاد.
وكان وزير الإعلام أحمد بلال، المتحدث باسم الحكومة، قد نفى الأسبوع الماضي تكهنات بتشكيل الحكومة في حدود الثلاثاء المقبل، ووصفها بأنها مجرد «شمارات واتساب»، وهي مفردة دارجة سودانية تعني التكهنات، مبرزا أن إعلان التشكيل والتحول من حكومة الوحدة الوطنية إلى حكومة وفاق وطني ليس أمرا سهلا، بل يحتاج إلى تعديلات دستورية، وتعديل قانون الانتخابات ودساتير الولايات، ما قد يستغرق شهرا من العمل لإعلان الحكومة.
وفي الأثناء، تشهد البلاد سلسلة زيارات لمسؤولين رفيعي المستوى، حيث استقبل وزير الدفاع السوداني عوض محمد أحمد بن عوف، وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد بن محمد العطية ووفده بالخرطوم أمس، وبحثا العلاقات الثنائية وأهمية تطويرها في المجالات كافة. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن المتحدث باسم الجيش السوداني العميد الركن محمد خليفة الشامي، أن وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري وصل الخرطوم في زيارة رسمية تستغرق يومين، يشارك خلالها في افتتاح مصنع لإنتاج الملبوسات العسكرية.
واستقبل كبار العسكريين السودانيين المسؤول القطري الرفيع، وعلى رأسهم وزير الدفاع ورئيس الأركان المشتركة، وعدد من قادة الوحدات العسكرية بالقوات المسلحة السودانية، إلى جانب السفير والملحق العسكري القطريين بالخرطوم.
يذكر أن زيارة وزير الدولة القطري تعد الثانية لمسؤول عسكري خليجي للبلاد خلال أقل من أسبوعين، حيث زار رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية الفريق أول ركن عبد الرحمن بن صالح البنيان الخرطوم في 27 من الشهر الماضي، وعقد سلسلة اجتماعات مع وزير الدفاع السوداني والتقى الرئيس السوداني وقلده أرفع الأوسمة السودانية.
دبلوماسيا، أعلنت الخارجية السودانية أن الوكيل الدائم لوزارة الخارجية سايمون ماكدونالد سيصل البلاد في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام غدًا الاثنين، وبرفقته الأمين العام لوزارة التعاون الدولي وعدد من كبار المسؤولين البريطانيين. وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية قريب الخضر، إن زيارة ماكدونالد تأتي تلبية لدعوة رصيفه السوداني عبد الغني النعيم عوض الكريم، وتستهدف إجراء مباحثات مشتركة تتناول العلاقات الثنائية، وتعزيز التنسيق والتعاون في المحافل الدولية، وبحث القضايا الإقليمية وتطور عملية السلام في البلاد. وتتضمن زيارة الوفد لولاية جنوب دارفور، ويتفقد خلالها الوفد الزائر مشروعات تنموية بريطانية هناك. وأوضح السفير الخضر أن الزيارة ثمرة من ثمرات «الحوار الاستراتيجي الذي انتظم أخيرًا بين السودان وبريطانيا، والهادف لتعزيز التعاون والفهم الصحيح تجاه كثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك».
في غضون ذلك، توقعت الخارجية السودانية حدوث انفراج في العلاقات بين الخرطوم وواشنطن في عهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وكشفت عن نية الحكومة السودانية بذل مجهودات كبيرة للتوصل لتفاهمات بين البلدين تقود إلى رفع الحظر الاقتصادي الأميركي عن البلاد.
وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية كمال إسماعيل في تصريحات أمس إن حكومته أبدت رغبتها في التعاون مع واشنطن على ملف الإرهاب والاتجار بالبشر، ودعا القيادة الأميركية الجديدة لإعادة النظر في سياسة واشنطن تجاه الخرطوم، وفقًا للمتغيرات الكبيرة التي تشهدها الساحة وتستوجب إعادة النظر. ونقل المركز السوداني للخدمات الصحافية الحكومي عن إسماعيل قوله: «كنا نتوقع عدم تجديد العقوبات الاقتصادية، ولكن للأسف تم تجديدها في نهاية حكم أوباما، ورغم ذلك نحن مستعدون للتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة، تحقيقًا لمصالح السودان العليا بالوسائل المشروعة كافة».
ويتوقع تنصيب الرئيس الجديد دونالد في العشرين من الشهر الحالي، بعد انتخابه في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) بعد فوزه على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون. ودأبت الحكومة الأميركية على تجديد عقوبات اقتصادية فرضتها على السودان منذ عام 1997 سنويًا بشكل روتيني، بموجب قانون الطوارئ الوطني، ثم دعمت العقوبات بمبررات جديدة بسبب اتهام الخرطوم بممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب في إقليم دارفور السوداني، الذي يشهد حربًا منذ عام 2003 بين الحكومة السودانية وحركات مسلحة تسعى لتغيير نظام الحكم، وإنهاء ما تسميه التهميش لبعض أقاليم السودان، وعلى وجه الخصوص دارفور.
وكان مرتقبًا أن ترفع حكومة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما العقوبات الاقتصادية على السودان، سيما وأن واشنطن كانت قد خففت العقوبات، وسمحت بتصدير تكنولوجيا الاتصالات الشخصية للسودان، وأعادت التعاون الأكاديمي مع الجامعات السودانية، ومنحت سفارتها في الخرطوم سلطة منح المواطنين السودانيين تأشيرة الدخول من الخرطوم.
وعوضًا عن رفع الحظر فإن حكومة الرئيس أوباما جددت الحظر الاقتصادي لعام آخر في نوفمبر الماضي، وقالت إن سياسات وتصرفات الحكومة السودانية ما زالت تشكل خطرًا على الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.