شعر الاعتراف أقرب إلى علم النفس المرضي

الشاعرة والناقدة البريطانية فيرونيكا فورست تومسون دعت إلى الموضوعية بدل صوت الأنا

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

شعر الاعتراف أقرب إلى علم النفس المرضي

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

تسعى المؤلفة إلى دراسة العلاقة بين لغة الخبرة العادية في حياتنا اليومية ولغة الشعر التي يجب في نظرها أن «تعمل من أجل إبداع نظم تخيلية بديلة. الدهاء الشعري: نظرية في شعر القرن العشرين» للشاعرة والناقدة البريطانية فيرونيكا فورست - تومسون، كتاب صدر في السبعينات لكن صدرت منه للمرة الأولى طبعة ثانية منتصف السنة الماضية. في هذا الكتاب، تطلق تومسون صيحة قوية داعية إلى موضوعية الشعر، ورفض النزعات الذاتية المسرفة خاصة ما عرف في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية بـ«شعر الاعتراف».
لكن فلنقل في البداية بضع كلمات عن المؤلفة فيرونيكا فورست - تومسون (1947 - 1975). لقد ولدت في الملايو وشبت في مدينة جلاسغو باسكوتلندا، ودرست الأدب الإنجليزي في جامعة ليفربول ثم في جامعة كمبردج. حصلت على الدكتوراه برسالة موضوعها «الشعر بوصفه معرفة: استخدام شعراء القرن العشرين للعلم» تحت إشراف الشاعر والناقد ج.هـ.برين (وهو من أصعب الشعراء الإنجليز الذين يكتبون اليوم) ثم الناقد جريام هف. عملت بالتدريس في جامعتي ليستر وبرمنغهام، ولفترة قصيرة كانت زوجة للناقد جوناثان كالر مؤلف كتاب «البويطيقا البنيوية». تأثرت بمفكرين ونقاد وشعراء من قبيل الفيلسوف النمساوي فتجنستاين والناقد - الشاعر البريطاني وليم إمبسون والناقد الفرنسي رولان بارت. وأصدرت عددا من الدواوين الشعرية في حياتها كما صدر لها بعد وفاتها «مجموعة القصائد» في 2008.
تسعى فيرونيكا في هذا الكتاب إلى دراسة العلاقة بين لغة الخبرة العادية في حياتنا اليومية ولغة الشعر التي يجب في نظرها أن «تعمل من أجل إبداع نظم تخيلية بديلة». إنها تفرق تفرقة قاطعة بين عالم الشعر وعالم الواقع اليومي، فالشعر مجاوزة لهذا الواقع بل هو واقع بديل أغنى وأعقد.
وهذه النظرة إلى الشعر تصطدم كما هو واضح بنظرة أخرى معارضة يمثلها شعراء الاعتراف وهم مجموعة من الشعراء ظهروا في أواخر خمسينات القرن الماضي وطوال ستيناته وجنحوا إلى كتابة شعر - سيرة ذاتية يكشف عن مشكلاتهم الشخصية وأزماتهم الوجودية بدرجة غير معهودة من الصراحة. كان أبرز هؤلاء الشعراء هو الشاعر الأميركي روبرت لويل بديوانه المسمى «دراسات من الحياة» (1959) ثم ديوانه «من أجل موتى الاتحاد» (1964) وفيهما يتحدث عن طلاقه وانهياره العصبي وأزماته النفسية. وفي أثره جاء شعراء أميركيون آخرون، رجال ونساء، مثل آلان غنسبرغ وآن سكستون وجون بريمان وسيلفيا بلاث (مات هؤلاء جميعًا - باستثناء غنسبرغ - منتحرين). وواكب هذا الشعر نقاد تحمسوا له مثل الناقد البريطاني ا. ألفاريز وهو صاحب كتاب عن الانتحار عنوانه «الإله الهمجي» (1971). والفاريز ذاته قد قام في إحدى فترات حياته بمحاولة فاشلة للانتحار. هل لنا أن نضيف إلى قائمة الشعراء الاعترافيين الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي بديوانه «لم يبق إلا الاعتراف» الصادر في فترة مقاربة، عام 1965؟
تروي فيرونيكا أن شعر الاعتراف أقرب إلى أن يكون «دراسة حالة» في علم النفس المرضي منه إلى أن يكون إبداعًا فنيا جديرا بهذا الاسم. وهي تتساءل: ما المواضعات الشكلية التي تجعل من القصيدة قصيدة؟ وهو تساؤل يكشف عن تأثرها بالشكلانية الروسية في مطلع القرن العشرين، ثم بالبنيوية وما بعد البنيوية في مرحلة لاحقة. كذلك تومئ نزعتها الموضوعية إلى تأثرها بفكرة «موت المؤلف» التي جاء بها رولان بارت. لقد حلت اللغة الآن محل من يستخدمها، وأصبحت هي التي تستخدمنا وتشكل عقولنا ووجداننا أكثر مما نستخدمها نحن. وعند فيرونيكا أن «أنا» أو ضمير المتكلم في القصيدة ليس إلا كائنا تخيليا يختلف تمام الاختلاف عن الشاعر ذاته.
وفي عرض لهذا الكتاب، يلاحظ بيتر هوارث في «مجلة لندن لعرض الكتب» (6 أكتوبر/ تشرين الأول 2106) أنه يدعو القارئ إلى أن يفحص الحيل الشكلية للشاعر لا إلى مضمون الشعر. إن كلمة Artifice في عنوان الكتاب تحمل عدة معانٍ: دهاء، حيلة، صنعة. وتتوقف فيرونيكا عند قصيدة الشاعر الأميركي إزرا باوند المسماة «آية توقير لسكستوس بروبرتيوس» (1919). وبروبرتيوس شاعر لاتيني من القرن الأول قبل الميلاد كتب شطرا غزليا ولكنه كتب أيضًا قصائد تنتقد الحياة في روما في عصره. وقصيدة باوند أشبه بترجمة حرة تستوحي الشاعر اللاتيني ولكنها تسقط ما تقوله عن روما على لندن في مطلع القرن العشرين، قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914. هكذا على الأقل فسر أغلب النقاد قصيدة باوند وربطوها بالتاريخ المعاصر. ولكن فيرونيكا ترفض هذا التفسير وتنفي أي ربط بين الإمبراطورية الرومانية في عصر بروبرتيوس وإمبراطورية بريطانيا الاستعمارية وقت كتابة قصيدة باوند. إن بروبرتيوس في القصيدة مجرد قناع درامي يرتديه باوند بنوع من الدهاء أو المكر الشعري.
كذلك تهاجم فيرونيكا الشاعر فيليب لاركن لأنه كتب قصائد كثيرة عن مشاعر الإخفاق وإحباط الآمال والوحدة وذلك على نحو شفاف ينافي في نظرها ما يجب أن يكون عليه الشعر. إن لاركن (بعبارة أخرى) شاعر ذاتي من النوع الذي ترفضه. وأثناء عكوفها على كتابة رسالتها للدكتوراه تعرفت فيرونيكا على فكر فتجنستاين الذي يؤكد محورية اللغة، وكيف أنها وسيلتنا الأساسية، إن لم نقل الوحيدة، لمقاربة العالم.
ولا شك في أن كثيرًا من هذه الآراء مثير للجدل، بل قد يختلف معه المرء. وفي رأي غالبية النقاد ممن يعتد بكلامهم أن لويل وبلاث ولاركن قد تمكنوا من تحويل عذاباتهم الشخصية إلى رموز إنسانية عامة، وخرجوا بها من النطاق الشخصي الضيق إلى نطاق أوسع، هو المساحة المشتركة بين الذوات. لكن هذا الكتاب الذي يأتينا من وراء القبر (توفيت فيرونيكا كما أسلفنا في 1975) يصحح بعض ألوان الإسراف الذاتي عند شعراء الاعتراف ويؤكد أهمية الجانب التقني الذي يميز الشاعر عن غيره. فالانفعال وحده لا يكفي وإنما «الدهاء» الإبداعي هو الذي يحول الانفعال إلى شعر.



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».