بروجردي يكرر عرض إيران تسليح الجيش اللبناني

قيادي في تيار الحريري وضعه في إطار التشويش على زيارة عون للسعودية

بروجردي يكرر عرض إيران تسليح الجيش اللبناني
TT

بروجردي يكرر عرض إيران تسليح الجيش اللبناني

بروجردي يكرر عرض إيران تسليح الجيش اللبناني

كرر علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني، عرض بلاده تقديم أسلحة إلى الجيش اللبناني، واضعًا هذا الأمر «بتصرف الحكومة اللبنانية إن شاءت أن تفعل». ورغم أن العرض الإيراني ليس الأول من نوعه، إذ سبقته عروض أخرى لم تؤد إلى نتائج، بعد أن قال مسؤولون لبنانيون إن إيران لم تقدم عروضا فعلية في هذا المجال، فإن قيادات معارضة لطهران شككت في النية الإيرانية، واضعة عرضها في سياق «التشويش» على زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية.
عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» (الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري) النائب السابق الدكتور مصطفى علوش، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» معلقًا، إنه «إذا كان الإيرانيون جادين في دعم الجيش تسليحًا وعتادًا فليتفضلوا، وقد سمعنا وعودًا في السابق لم يتحقق منها شيء». واعتبر القيادي في تيار «المستقبل» أن «تصريح بروجردي يأتي خارج السياق، وقد يكون رسالة تشويش على زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المملكة العربية السعودية (المقررة يوم الاثنين المقبل)، ومحاولة إحراج للرئيس، لكنها لن تحقق غايتها». وتابع أن «منافسة إيران في المنطقة لم تعد مع السعودية، إنما مع روسيا، بعد تبدّل الموقف الروسي في سوريا، والجنوح نحو الحل السياسي الذي لا يتوافق مع رغبة طهران».
وشدّد علوش على أن «تسليح الجيش تاريخيًا مرتبط بالأميركيين، الذين يزوّدون المؤسسة العسكرية بالسلاح والتدريب»، مضيفا: «من المؤكد أن إيران لا تسلّح سوى من تضمنهم، والجهة الوحيدة التي تضمنها في لبنان هي (حزب الله)». ولفت إلى أن «السلاح الإيراني إذا أعطي للجيش اللبناني لن يكون هبة، إنما مقابل المال، وربما بشروط تحدد وجهة استعمال هذا السلاح، وهذا ما لا تقبل به الحكومة ولا الجيش اللبناني».
من جانبه، قال المسؤول الإيراني الذي يزور بيروت، إن لبنان «يعيش في هذه المرحلة حالة من الطمأنينة والهدوء والأمن والاستقرار، على الرغم من الأمواج المتلاطمة نتيجة الأعمال الإرهابية التي تجري من حوله على مستوى ربوع هذه المنطقة». واعتبر أن «الفضل الأساسي في هذا المجال يعود إلى أرواح هؤلاء المقاومين والمجاهدين الذين رسخوا الوحدة والاستقرار والأمن في ربوع لبنان»، في إشارة إلى ما يسمى «حزب الله».
وفي السياق ذاته، دافع بروجردي عن وجود الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له في سوريا، إذ قال ردًا على سؤال: «القاصي والداني يعرف من الأطراف التي ذهبت إلى سوريا بطلب رسمي من الحكومة السورية (أي النظام)، كي تدافع عن وحدة هذا البلد واستقراره وأمنه وهدوئه، سواء الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو روسيا، أو حتى المقاومة في (حزب الله)». واعتبر أن هذه الأطراف «ذهبت إلى سوريا ووقفت إلى جانب الشعب السوري والحكومة السورية (النظام) والجيش السوري، ودافعت عن وحدة التراب في سوريا، أما الأطراف الأخرى والتي أتت عنوة عن إرادة الحكومة السورية (النظام) فقد ساهمت بشكل أو بآخر في زعزعة الاستقرار والوحدة والتماسك في هذا البلد الشقيق» - حسب رأيه - . ومن ثم، أضاف رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني: «هذا الأمر يعتبر في مفهوم المواثيق والقرارات الدولية، مخالفًا للقانون الدولي، ونوعًا من أنواع الانتهاك للسيادة السورية، لذلك فإن كل الأطراف التي لم تأت بطلب رسمي من الحكومة السورية (النظام) وتدخلت في أوضاع سوريا الشقيقة، ينبغي عليها أن تغادر الأرض السورية فورًا».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.