«سكان» حديقة الحيوانات في رفح... مومياوات وضحايا حروب وجوع وحصار

ببغاواتها الحزينات يفتقدن أطفالا علموهن الحكايات

رجل يحمل ثعبانا ضخما في حديقة رفح المهددة بالإغلاق (أ.ف.ب) - طفل وشقيقته يلهوان في الحديقة (أ.ف.ب) - محمد جمعة يتفقد نعامة مريضة في حديقة رفح التي يملكها («الشرق الأوسط»)
رجل يحمل ثعبانا ضخما في حديقة رفح المهددة بالإغلاق (أ.ف.ب) - طفل وشقيقته يلهوان في الحديقة (أ.ف.ب) - محمد جمعة يتفقد نعامة مريضة في حديقة رفح التي يملكها («الشرق الأوسط»)
TT

«سكان» حديقة الحيوانات في رفح... مومياوات وضحايا حروب وجوع وحصار

رجل يحمل ثعبانا ضخما في حديقة رفح المهددة بالإغلاق (أ.ف.ب) - طفل وشقيقته يلهوان في الحديقة (أ.ف.ب) - محمد جمعة يتفقد نعامة مريضة في حديقة رفح التي يملكها («الشرق الأوسط»)
رجل يحمل ثعبانا ضخما في حديقة رفح المهددة بالإغلاق (أ.ف.ب) - طفل وشقيقته يلهوان في الحديقة (أ.ف.ب) - محمد جمعة يتفقد نعامة مريضة في حديقة رفح التي يملكها («الشرق الأوسط»)

مائة صنف من الحيوانات والطيور، التي لم تزل على قيد الحياة، في حديقة الحيوان الوحيدة في حي البرازيل بمدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، جائعة، ومحاصرة، ووحيدة في أقفاصها، وكسولة لا تبدي رغبة واضحة في الحركة. ولا مزاج لببغاواتها اللواتي تعلمن لهجات الغزيين واللاجئين منهم، على تعددها، لاستعادة ما تعلّمن، وترديده، حيث لا مستمعين ولا زوار؟
ومثل الغزيين أنفسهم، الذين ترددوا عليها للترفيه والمعرفة في سنوات مضت، عانت حدائق الحيوان في القطاع، ويلات الحروب الإسرائيلية الدموية التي صبغت سنواته العشر الماضية. ومثل سكانه أيضا، الذين سقط منهم آلاف الضحايا والجرحى، وبات أكثر من ثلثيهم في حاجة لنوع ما من المساعدة، عاش «سكان» الحديقة، خمسين يوما جهنمية عام 2014، ودفعوا من بينهم ثمنها، من الجرحى والضحايا: نعامة أميركية، وزوجان من النيص (نوع من القوارض يشبه القنفذ)، وثعلب، وأضرار كثيرة تسبب فيها القصف الذي ترك فزعا لا يزول عن ملامحهم، وتكفي مراقبتها لفهم تفاصيل الحكاية.
وكانت حديقة الحيوان التي أسّسها محمد جمعة عام 1999، ويشرف عليها بنفسه ويديرها، تعرضت للتجريف الكامل عام 2004، خلال اجتياح القوات الإسرائيلية في مايو (أيار) 2004، وتوغل الجيش الإسرائيلي في أحياء المدينة، ومنها حي البرازيل حيث تقع الحديقة. وقد تحمل مالكها خسارة مادية، آنذاك، قدرها بـ400 ألف دولار.
اليوم يتجول محمد جمعة، بين أقفاص حديقته وسكانها، وحيدا. يقلب نظرات حزينة بين كائناتها التي نسي أغلبها «وظيفته» في القفز أو العواء، أو الصياح، أو إصدار أي من الأصوات التي يفرح لها الأطفال. حتى القردة الصغيرة (النسانيس)، التي لا تعرف السكون، واعتادت على القفز المتواصل، والتقاط حبات الفول السوداني (الفستق كما يسميه الغزيون)، لم تعد تمارس عادتها، ولم يعد يأتيها الأطفال به إلا نادرا. فالغزيون عموما، بالكاد يستطيعون توفير الغذاء لأطفال، باتوا، هم أنفسهم، يشتهون أشياء كثيرة، لا الفستق وحده. وكما أفقر الحصار ثلثي سكان غزة، فقد أثر سلبا على الدخل المادي للحديقة نفسها، والمواطن، كما يقول محمد: «بات يفكر في توفير لقمة العيش لأطفاله فقط، ولا يفكر في أي شيء آخر». لقد تغيرت أولويات الغزيين كثيرا، والبحث عن رفاهية أو ترفيه، أصبح نادرا، ويصعب تهريبه عبر الأنفاق كما تهرب بضائع كثيرة. كذلك اختفت الرحلات التي كانت تنظمها المدارس لتلاميذها كنوع من الترفيه. وانتقل الناس إلى المنتجعات والمطاعم بحثا عن متنفس من حياة تختنق تدريجا وتخنقهم معها.
أجبرت هذا كله، سبع حدائق حيوان في غزة على غلق أبوابها. ثلاث منها أغلقت بسبب الحروب والحصار وقلة الطعام الخاص بالحيوانات والطيور. وتواجه حديقة رفح اليوم، مصيرا مشابها. ولئن تراجعت الحرب، فـ«السلام» النسبي القائم في غزة، يحاصره الاحتلال الإسرائيلي من البر والبحر والجو، وتعصف به المشكلات الداخلية، وغلق الكثير من الأنفاق على حدود القطاع مع مصر، الذي كان من نتيجته، نفوق عدد كبير من حيوانات الحديقة وطيورها. لكن غزة، التي يقطنها قرابة مليونين، الغريبة، المختلفة، والمتفردة في إبداعاتها وقدرتها على مقاومة نتائج الحروب وحصار لم يشهد له العالم مثيلا، لم تتخل عن ضحايا الحديقة من الحيوانات. فلم تقم بدفنها، بل جرى تحنيط بعض ما نفق منها من حيوانات، وما مات من طيور قتلا، خلال الحرب، أو جوعا بعدها. وانتقلت بها، إلى وظيفة أخرى، حيث وضعت في أماكن عامة، يمكن للأطفال اللهو معها - من طرف واحد، وتمضية بعض الوقت، وحتى مداعبتها، من طرف واحد أيضا، والتسلي بها مجانا.
وعلى الرغم من كونها رأسماله ومصدر دخله الوحيد، ويعتبر كائناتها «عائلته الأخرى» التي لا تشبه أي عائلة، يفكر جمعة جديا، في غلق الحديقة وبيع الحيوانات والطيور المتبقية فيها. وكان باع أخيرا، إلى حديقة حيوانات افتتحت حديثا في مدينة طولكرم بالضفة الغربية، زوجين من الأسود، و12 قردا، وسلحفتين ضخمتين، يبلغ وزن الواحدة منها 50 كغم تقريبا. وقد جرى نقلها جميعا عبر معبر «إيرز»، بيت حانون، شمال مدينة غزة. وقد لجأ صاحب الحديقة إلى مؤسسة دولية طالبا تدخلها لدى سلطات الاحتلال لنقلها. ويقول محمد، إن هذا قد يساعده قليلا في التغلب على بعض مشاكله المالية، وتوفير بعض الطعام، خصوصا للحيوانات التي يقدم لها، حاليا، أطعمة مجمدة.
حين افتتح محمد جمعة حديقة الحيوان، كان دخله اليومي يصل إلى نحو ألف شيقل إسرائيلي يوميا (نحو 260 دولارا)، واستمر هذا ما بين عامي 1999 و2003. وبعد تجريف الاحتلال لها عام 2004. وإعادة ترميمها، إلى عام 2006. لم يطرأ تغير كبير على إيراده من الحديقة، لكنه وصل، في بعض الأحيان، إلى 1300 شيقل (320 دولارا).
اليوم، يتطلع صاحب حديقة الحيوان الوحيدة في رفح، إلى تبني مؤسسة حكومية محلية، أو أخرى عربية أو دولية الحديقة، خصوصا أن الجهات المحلية المختصة، رفضت منح مصاحبها تعويضات مالية، عن الأضرار الكثيرة التي تسببت بها الحروب، متذرعة بأن التعويضات مخصصة فقط، للمواشي، كالأبقار والأغنام، وللدواجن.
اشتكى محمد من تكدس ديونه. يفكر في غلق الحديقة فعلا. لكنه يتطلع بأمل أيضا، إلى جهة ما، تعيدها إلى زوارها، وتعيد أطفال رفح وصبيتها وأولادها إليها، فهم الأصدقاء الأكثر وفاء لـ«سكانها».+



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.