غوارديولا الغاضب يواجه شتاء السخط

دراما الدوري الإنجليزي الممتاز أصابت مدرب مانشستر سيتي بالتوتر

غوارديولا يركل الكرة بغضب خلال مواجهة سيتي وبيرنلي (أ.ف.ب)
غوارديولا يركل الكرة بغضب خلال مواجهة سيتي وبيرنلي (أ.ف.ب)
TT

غوارديولا الغاضب يواجه شتاء السخط

غوارديولا يركل الكرة بغضب خلال مواجهة سيتي وبيرنلي (أ.ف.ب)
غوارديولا يركل الكرة بغضب خلال مواجهة سيتي وبيرنلي (أ.ف.ب)

من الواضح أن مدرب مانشستر سيتي، وكذلك يورغن كلوب مدرب ليفربول، لم يستمتعا بالوتيرة المحمومة لكرة القدم الإنجليزية؛ لكن تبقى هذه واحدة فقط من عقبات كثيرة يتعين على أي مدرب التغلب عليها كي يسطع نجمه في إنجلترا.
تأتي لقاءات بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، خلال عطلة نهاية الأسبوع المقبل، لتقطع السباق المحموم على لقب الدوري الممتاز، ولتجمد بصورة مؤقتة التساؤل الفلسفي الذي طرحه جوزيب غوارديولا حول ما إذا كان مانشستر سيتي مشاركًا في السباق.
إذا حكمنا على الوضع استنادًا إلى آخر مباراتين لمانشستر سيتي، فإنه يبدو من غير المؤكد ضمان مانشستر سيتي مكانًا له ببطولة دوري أبطال أوروبا نهاية الموسم، ناهيك بتصدره بطولة الدوري الممتاز. ويبدو أن هذا الإدراك قد وصل إلى مدرب الفريق، وبدا من ثنايا حديثه خلال المؤتمرات الصحافية المتلفزة التي شارك بها.
لقد أصبح غوارديولا سريع الغضب مع الدراما الجانبية التي تصاحب دراما مواجهات الدوري الممتاز على امتداد الأسابيع القليلة الأخيرة، إلا أنه خلال المقابلة التي أجرتها معه محطة «بي بي سي»، في أعقاب لقاء عطلة عيد الميلاد أمام بيرنلي، بدت مشاعر السخط التي تعتمل في نفس مدرب مانشستر سيتي واضحة للعيان.
خلال حديثه، اشتكى المدرب الإسباني من أن الحكام الإنجليز يطردون لاعبيه، ثم يأتي المراسلون الإنجليز ليزيدوا الطين بلة بسؤالهم ما إذا كان مانشستر سيتي يعاني مشكلة في انضباط سلوك لاعبيه. كما أن الخصوم الإنجليز يزيدون صعوبة الحياة على حارس مرماه بكراتهم الركنية على نحو لم يعاينه قط بأي مكان آخر من العالم. كما أعرب غوارديولا عن اعتقاده أن الأندية الإنجليزية تخوض عددًا هائلاً من المباريات في غضون فترة قصيرة للغاية قرب نهاية العام. والعجيب أن غوارديولا يحرص على تكرار ذكر هذه الشكوى تحديدًا مرتين أو ثلاث أسبوعيًا: إن النظام الإنجليزي للدوري الممتاز يسمح لتشيلسي وليفربول بالمنافسة على اللقب لأنهما غير مجبرين على المشاركة في لقاءات أوروبية.
في المجمل، يبدو غوارديولا رجلاً غير سعيد في الوقت الحاضر، وكذلك الحال مع الألماني يورغن كلوب الذي تعطلت جهوده للحاق بتشيلسي، عندما تعادل فريقه ليفربول أمام سندرلاند، إلا أن غضب كلوب الأكبر انصب على غباء برنامج المباريات الذي أرسل فريقه إلى الشمال الشرقي في غضون أقل من 48 ساعة من مباراته السابقة. وعاد ليفربول يجر أذيال الخيبة مع اختراق ركلتي جزاء لشباكه. ومع هذا، فمن المتوقع أن يتقبل كلوب هذا الأمر عندما تهدأ ثورة غضبه، وينهض ليعاود المضي قدمًا.
في المقابل، يبدو أن غوارديولا محصور داخل فكرة أن كل شيء داخل إنجلترا جرى التخطيط له عمدًا كي يتمكن الرأي العام من الابتهاج والتشفي في رؤيته خاسرًا.
جدير بالذكر أن مانشستر سيتي نجح في اجتياز عقبة ستوك سيتي بسهولة مذهلة، في أغسطس (آب)، بنتيجة 4 - 1. ومع ذلك، يرى غوارديولا أن جميع التوقعات التي رأت أن أسلوبه الجمالي في اللعب لن يناسب كرة القدم الإنجليزية القوية هي نبوءات محققة لذاتها.
بالطبع، تحمل شكوى غوارديولا من سخافة الوتيرة المحمومة للمباريات منطقًا واضحًا، لكن تظل الحقيقة أن هذا الوضع ينطبق على جميع المدربين الآخرين؛ إن المدربين المنتقلين حديثًا للعمل في إنجلترا عادة ما يجدون صعوبة في التأقلم مع الوتيرة السريعة للمباريات وخشونتها. وعلى هذا الصعيد، نجد أن كلود بويل وساثهامبتون يستحقان قدرًا خاصًا من التعاطف، ذلك أن الحال انتهى بهما إلى خوض 3 مباريات في غضون 6 أيام. أما روح الثقة والتفاؤل التي بدا عليها كلوب قبل موسم أعياد الميلاد، عندما قال إن جدول المباريات مزدحم على نحو سخيف، لكن على الأقل يسري هذا الأمر على الجميع، فلم تفلح في البقاء مع تعرضه لنكسة أمام سندرلاند، خصوصا أن هذه الروح كانت قائمة على أساس زائف.
والواضح للعيان أن جدول المواجهات ليس متساويًا بالنسبة للجميع. على سبيل المثال، في الوقت الذي اضطر فيه ساوثهامبتون لخوض 3 مباريات في 6 أيام، لعب ليفربول 3 مباريات في 7 أيام، بينما جاء العبء على كاهل تشيلسي طبيعيًا إلى حد ما، بخوضه 3 مباريات في 10 أيام، لم يضطر في أي منها لمغادرة لندن. وإذا أصر القائمون على الكرة الإنجليزية على الاحتفال بأعياد الميلاد والكريسماس على نحو مختلف عن الدول الأخرى، فإن عليهم على الأقل العمل على ضمان تساوي الأعباء المفروضة على جميع الفرق بأكبر قدر ممكن.
وفي الوقت الراهن، خصوصًا في ظل البث التلفزيوني لمواجهات الأندية الكبرى، يبدو البرنامج المحموم للمواجهات عبئًا كبيرًا يجعل النتائج أقرب إلى نتائج اليانصيب. ويمكن للمرء بالتأكيد تفهم غضب المدربين الآتين من بطولات دوري بدول أخرى حيال هذا النظام، والأسوأ أن جدول مباريات الموسم المقبل يبدو أكثر ازدحامًا.
وبناء على ما صرح به خلال مقابلة «بي بي سي»، يحق لنا التساؤل حول ما إذا كان غوارديولا سيبقى داخل إنجلترا بحلول الموسم الجديد، خصوصا أنه يقف على بعد 10 نقاط حاليًا عن صدارة البطولة، بعدما خسر مانشستر سيتي على استاد أنفيلد، بينما فاز تشيلسي في وقت سابق من اليوم ذاته. والواضح أن خبرة غوارديولا على صعيد التعامل مع مثل هذه المواقف محدودة؛ الأمر الذي بدأت تتضح تداعياته بالفعل.
والواضح كذلك أن غوارديولا غير مستمتع بالعمل داخل إنجلترا، الأمر الذي بدأت تظهر مؤشراته أيضًا. والمؤكد أن مانشستر سيتي لم يكن يتوقع أن يصبح على هذه المسافة الكبيرة من تشيلسي في هذه المرحلة من الموسم، مع تلقي لاعبيه 7 بطاقات حمراء، وتعرض العناصر البارزة من الفريق للإيقاف باستمرار، وعجز المدرب أو عدم رغبته في مناقشة مسألة الانضباط مع لاعبيه، مما يجعل من الضروري على غوارديولا محاولة التوصل لوسيلة تمكنه من التغلب على مثل هذا الموقف العصيب.
وفي أثناء عمله مع برشلونة وبايرن ميونيخ، وهما الفريقان المهيمنان على بطولتي الدوري الممتاز ببلديهما، بدا أن اللاعبين يلتزمون تمامًا بتوجيهات غوارديولا، على الأقل كان هذا الانطباع من الخارج. ومن المفترض أن هذا هو ما توقعه مسؤولو مانشستر سيتي لدى تعاقدهم مع المدرب الإسباني. ومع هذا، داخل مانشستر سيتي يبدو وكأن اللاعبين يقاومون بصورة ما أفكار غوارديولا ونفوذه، وكأن مجموعة من اللاعبين عاقدة العزم على اللعب بطريقتها الخاصة؛ الأمر الذي يصيب المدرب بإحباط واضح. أمام تشيلسي، بدا مانشستر سيتي خارج السيطرة. وأمام ليفربول، بدا اللاعبون على قدر بالغ من السلبية والافتقار إلى الفاعلية. أما أمام بيرنلي، فبدا فيرناندينيو على الأقل في حالة غضب شديد لدرجة دفعت الحكم لطرده قبل انتصاف المباراة.
ما الذي يمكن أن يدفع بغوارديولا لتبرير مثل هذا الافتقار إلى التناغم في الأداء؟ لا عجب في أنه اختار التركيز على خطأ مزعوم ضد الحارس كلوديو برافو خلال الفترة السابقة مباشرة للهدف الذي سجله بيرنلي. في المقابل، قال شان دايش: «لقد شاهدته من الخلف؛ إنه مجرد هدف».
ومن المتوقع أن يستمر غوارديولا في رفضه لهذا الطرح، رغم اختلاف النقاد الرياضيين معه بخصوص وقوع خطأ من جانب لاعب بيرنلي، وإنما بدلاً عن ذلك ساد اعتقاد بأن برافو لم يتعامل بصورة جيدة مع الكرة.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».