الشرطة الإسرائيلية ترهب حي الحلّيصة وتمنع الوصول إلى المسجد

عملية قتل ومحاولتان في أسدود وحيفا نفذها عربي ويهودي

الشرطة الإسرائيلية ترهب حي الحلّيصة وتمنع الوصول إلى المسجد
TT

الشرطة الإسرائيلية ترهب حي الحلّيصة وتمنع الوصول إلى المسجد

الشرطة الإسرائيلية ترهب حي الحلّيصة وتمنع الوصول إلى المسجد

شهدت مدينتا حيفا وأسدود محاولات قتل 3 أشخاص، يهوديين اثنين بيد عربي، وعربي اعتدى عليه يهودي بسكين. ومع أن التحقيق لا يزال في بدايته، والشرطة استصدرت قرارا من المحكمة يمنع نشر التفاصيل، فإن التحقيق يدور بالأساس، حول احتمالات أن يكون الحادثان قائمين على أساس العداء القومي.
وحسب بيان الشرطة، فإن مواطنا يهوديا قام، أمس، بطعن مواطن عربي (40 عاما من النقب)، في مدينة أسدود، وفر من المكان، وأصيب المواطن العربي بجروح طفيفة. وقد روى للشرطة، أنه يبيع بضائع مستعملة في المدينة، وأن يهوديا متدينا راح يشتم العرب والفلسطينيين. وقال إنه لم يكن هناك نزاع بينهما، لذلك يعتبر المسألة اعتداء إرهابيا عليه، لكونه فلسطينيا. وقد أعلنت الشرطة أنها تطارد المجرم وستعتقله حتما، لكن التحقيق مع الضحية، يفتح الباب أمام احتمال أن يكون ما جرى ناتجا عن خلاف بين الرجلين تطور إلى صدام دام.
وكانت الشرطة قد أعلنت، أمس، أنها تفتش عن شاب عربي هارب من العدالة، يشتبه بأنه أطلق النار على يهوديين في حيفا، أحدهما رجل أعمال يدعى يحيئيل إيلوز (47 عاما)، توفي متأثرا بجراحه، والثاني سائق نقليات في المدينة، يدعى غاي كفري (43 عاما)، وأصيب بجراح متوسطة. وأظهرت الشرطة قناعة بأنها تعرفت على هوية الجاني، وهو مواطن عربي من سكان حي الحليصة في حيفا (فلسطينيي 48). وقد اقتحم عناصر من «حرس الحدود» والشرطة الإسرائيلية، أول من أمس، منزله. وقامت قوات الشرطة بإغلاق أحد الشوارع، وإبعاد السكان من المكان، وإجراء عمليات تفتيش مكثفة، بيد أن أمر منع النشر الساري، لا يسمح بالكشف عن صورة المشتبه به وتفاصيل الحادث. وكانت التقارير الإعلامية الإسرائيلية، قد تحدثت، بداية، عن جريمة على خلفية جنائية، وبعد ذلك، قالت الشرطة إن التحقيقات تسير في الاتجاهات كافة، ثم رجحت الخلفية القومية.
وقد شكا سكان الحي من أن التواجد المكثف للشرطة في حي الحليصة، أدخل الحي في أجواء من التوتر، دفعت بعض سكانه إلى مغادرته لتجنب المواجهة بين الشرطة وبين أطفالهم، خلال عمليات الاقتحام والتفتيش. وحي الحليصة في حيفا هو من الأحياء المهملة في المدينة، غالبية بيوته قديمة ويسكنه الفقراء، وغالبيتهم عرب. وقد ارتبط اسمه بالعنف.
ورفضت عائلة المشتبه به الاتهامات، وأكد والده أن ابنه شاب تورط في الماضي بعدد من القضايا، ولكنه جنح، في السنوات الأخيرة، إلى السلوك القويم، وانتسب إلى كلية جامعية لدراسة الحقوق، ويستعد، حاليا، للخطبة والزواج، ولا يعقل أن يكون قد دمر نفسه بقتل يهود. وناشد الأب ابنه، عبر وسائل الإعلام، أن يسلم نفسه، حتى يوقف المعاناة عن عائلته وأهل الحي.
وشكا الحاج حسني عفيفي من سكان الحي: «لقد ألبسوا الحليصة ثوبًا لا يناسبه، إنها من أجمل المناطق التي عرفناها، وفي كل البلدات العربية هناك عنف ومشكلات، لماذا يتهمون أهالي الحليصة تحديدًا. أنا أستغرب كيف تجند هذه القوات الكبيرة عندما يكون الضحية يهوديا». وقال الشيخ عفيفي، إن الشرطة حرمت المصلين من الوصول إلى المسجد في الحي، ما اضطر العائلات إلى البحث عن طرق التفافية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.