إقبال كبير من الليبيات على أول مقهى للنساء في طرابلس
صاحبه اخفق باستخراج رخصة لفتحه في عهد القذافي
مكان يتيح للنساء فرصة الالتقاء والمشاركة في حفلات ومناسبات إضافة إلى تناول الغداء أو القهوة مع صديقاتهن
طرابلس:«الشرق الأوسط»
TT
طرابلس:«الشرق الأوسط»
TT
إقبال كبير من الليبيات على أول مقهى للنساء في طرابلس
مكان يتيح للنساء فرصة الالتقاء والمشاركة في حفلات ومناسبات إضافة إلى تناول الغداء أو القهوة مع صديقاتهن
«مقهى مانجو.. للنساء فقط. نشكركم لعدم الإحراج». هذا ما كتب على واجهة محل يلفت الأنظار في العاصمة الليبية طرابلس. فقد افتتح في المدينة قبل فترة وجيزة مقهى خاص للنساء فقط يتيح فرصة لهن كي يسترخين ويأكلن في خصوصية، الأمر الذي جعل النساء، لا سيما صغيرات السن، يترددن عليه بشكل كبير. وقال مالك المقهى، وهو الأول الذي يخصص للنساء في طرابلس، إنه يريد توفير مكان يتيح للنساء فرصة الالتقاء والمشاركة في حفلات ومناسبات، إضافة إلى تناول الغداء أو القهوة مع صديقاتهن. وأضاف جلال النقوش: «الفكرة أن ندير مكانا خاصا للنساء فقط يكون تجمعا للنساء هو مقهى.. هو الفكرة مش مقهى. بس ممكن حتى يكون نادي اجتماعي. يعني عندنا صارت كتير من اللقاءات الاجتماعية وسهرات الفنانات الليبيات، والشاعرات الليبيات بيلتقوا في المقهى وبيعملوا نشاطاتهم».
وقال النقوش، في تصريحات أوردتها وكالة «رويترز»، إنه واجه عقبات عندما حاول استخراج رخصة لفتح المقهى إبان فترة حكم معمر القذافي رغم التشجيع الكبير الذي لقيه من السكان. لكن المقهى افتتح أخيرا في عام 2012 بعد الانتفاضة التي أطاحت بحكم القذافي. وأضاف جلال النقوش: «عملنا قصاصات ورق (شو رأيك أنه يكون مقهى نساء فقط أو مختلط). عملنا ألف قسيمة من المحلات التجارية بيتبعوا شركتنا. وطلعت نتيجة ممتازة جدا. 950 صوتا من ألف. بسبب عدم تجاوب الدولة معنا قبل الثورة في الترخيص، مما تمكنا نفتحها وهلا بعد الثورة الجديدة فتحناها».
ويشهد المقهى إقبالا كبيرا من النساء اللائي راقت لهن فكرة توفير مكان خاص يسترخين فيه ويجالسن صديقاتهن.
وقالت واحدة من المترددات على المقهى واسمها سلوى السراق: «أنا من رواد (مانجو كافيه). هي قهوة نسائية حلو بعد يوم شوبينغ (تسوق). خصوصا المكان كله محلات وملابس حلو بعد الشوبينغ يجي يشرب قهوة أو يجي يتغدى بعد المشوار تاع الشوبينغ. هاد مكان حلو وكله نساء ومكان مريح».
وقالت امرأة أخرى تدعى هناء محمد: «يعني فكرة أنه يكون المطعم أو المكان بدنا نقعد فيه ألعاب أو أكل للبنات ونسوان بس ما يكون مختلط فكرة كتير ممتازة. أنا بأشجعها بصراحة». وأضافت زبونة أخرى للمقهى تدعى آلاء خليفة أبو ذيب أنه لشيء طيب أن يكون للنساء مكان آمن وخاص يجتمعن فيه في طرابلس.
وأضافت: «فكرة حلوة بصراحة ورائعة. مش لأنه البعد والانفصال ولكن الاستقلالية. مرات الواحد يطلبها ويطلب أنه في شوية حرية يعني خاصة إحنا في مجتمعاتنا الإسلامية عندنا عادات وتقاليد وعندنا ضوابط».
ويأمل القائمون على مقهى مانجو أن ينجحوا في أن يوفروا للنساء مكانا آمنا للجلوس باسترخاء مع صديقاتهن وأسرهن في طرابلس رغم موجة العنف التي تشهدها ليبيا منذ سقوط القذافي.
بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.
وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».
سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».
وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».
وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.
واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.
وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».
وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».
لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.
ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».
تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.
وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».
العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».
وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.