عمليات تجميل من دون مشرط جراح.. «عز المنى والطلب»

من رسم الشفاه إلى شد البشرة وترهل الذقن.. النجمات يفضلن المظهر الطبيعي

التقنيات غير الجراحية المتطورة التي من شأنها أن تخفف  من تهدل الذقن أو البشرة وشدها إلى أعلى - الدكتورة ريتا راكوس
التقنيات غير الجراحية المتطورة التي من شأنها أن تخفف من تهدل الذقن أو البشرة وشدها إلى أعلى - الدكتورة ريتا راكوس
TT

عمليات تجميل من دون مشرط جراح.. «عز المنى والطلب»

التقنيات غير الجراحية المتطورة التي من شأنها أن تخفف  من تهدل الذقن أو البشرة وشدها إلى أعلى - الدكتورة ريتا راكوس
التقنيات غير الجراحية المتطورة التي من شأنها أن تخفف من تهدل الذقن أو البشرة وشدها إلى أعلى - الدكتورة ريتا راكوس

قد تستغرب يومًا وأنت جالس في مقهى «لاديري» بمنطقة نايتسبريدج من جهته الواقعة بشارع «هانز ستريت» حركة غير عادية في البناية التي تحمل رقم 34. نجمات من مثيلات أماندا هولدن، الممثلة البريطانية ومقدمة برنامج «بريتان غوت تالنت»، أو ميل بي، عضو فريق «سبايس غيرلز» السابق، أو العارضة صوفي أندرتون، أو سيدة الأعمال كارن برايدي، إلى جانب فتيات مجتمع وأثرياء من الجنس الخشن، يدخلون البناية بعضهم يتخفى خلف نظارات سوداء أو قبعات، وبعضهم الآخر في كامل أناقتهم غير مبالين أن يراهم أحد. هذه الحركة تثير الفضول وتدفع إلى التساؤل عن العنوان، ليأتي الجواب بأنه مركز تجميل الدكتورة ريتا راكوس، التي تشتهر في عالم التجميل بـ«ملكة الشفاه». فهي خبيرة في رسمها، بحيث يمكن أن تجعلها إما مكتنزة أو مرفوعة إلى أعلى بعض الشيء مع تحديدها من الجوانب. وفي كل الحالات تنجح في منحها شكلاً مثيرًا وطبيعيًا يصعب معه معرفة ما إذا كان جمالها بفعل حقنة أو هبة وراثية، وهذا ما يجعلها من أهم المتخصصات في مجالها. أجمل ما فيها عند مقابلتها أنها صريحة من جهة، ولا تحاول أن تفرض وجهة نظرها بهدف الكسب السريع من جهة ثانية، وهو قلما تصادفه في مهنتها. تؤكد أنها متحفظة جدًا عندما يتعلق الأمر بإجراء عمليات جراحية جذرية، وتفضل عليها عمليات دون مشرط، لأنها «يمكن أن تعطي نفس النتائج، سواءً تعلق الأمر بحقنات كولاجين أو البوتوكس، يمكن زيادة جرعاتها بالتدريج حسب الحاجة، إضافة إلى تقنيات جديدة. فمهمتنا هي تحسين صحة البشرة وإضفاء النضارة عليها من دون أي سلبيات أو مضاعفات، من خلال التقنيات غير الجراحية المتطورة التي من شأنها أن تخفف من تهدل الذقن أو البشرة وشدها إلى أعلى وغير ذلك من الأمور المشابهة». وتتابع: «أنا من أشد المناصرات للمظهر الطبيعي وعدم اللجوء إلى مشرط جراح، إلا إذا كانت الحاجة ماسة».
بالنسبة لريتا راكوس، فإن التدرج هو الطريقة المثالية للحصول على مظهر طبيعي، لأنه يمنح فرصة للتعايش مع النتيجة قبل اتخاذ قرار إضافة جرعات أخرى.
لا تُخفي أنها حرصت منذ البداية على أن تجعل مركزها أشبه بالمنتجع الصحي منه إلى عيادة تجميل، يتخصص في نفخ الشفاه وشد البشرة أو تحديد الخدود فحسب. فهو يضم باقة من الجراحين المتخصصين في تقنيات أخرى، القاسم المشترك بينهم جميعًا إجماعهم على أن العمليات غير الجراحية هي الطريق إلى الجمال، وأن الوقاية هي عز الطلب.
الملاحظ في الآونة الأخيرة أن كثيرًا من النساء، من بينهن نجمات لا يستغنين عن هذه العمليات، مثل أماندا هولدن وغوينيث بالترو وغيرهما، لكنهن لم يعدن يرغبن في البوتوكس فقط، بل يُفضلن تقنيات أخرى اكتشفن أنها تُعطي نفس النتيجة وربما أفضل على المدى البعيد، مثل «كولاجين وايف ثيرابي» أو «ثيرماج» أو «كول سكالبتينغ» وغيرها من التقنيات التي تمنح البشرة نعومة مخملية وإشراقًا يوحي بالنضارة من دون شد يُحول الوجه إلى تمثال شمعي فاقد للتعابير، مثلما كان حاصلاً مع النجمة نيكول كيدمان مثلاً أو المغنية كايلي مينوغ.
هذا لا يعني أننا سنودع البوتوكس إلى غير رجعة، بل العكس، فهو لا يزال مطلب كل من يريد نتائج سريعة، لا سيما أنه استفاد من أخطاء زمان، بحيث أصبحت جرعاته محسوبة تسمح ببعض التعابير، كما يشرح الدكتور غولتشينغ، وهو دكتور زائر من آيرلندا، يأتي يومين أو 3 أيام كل أسبوعين لمركز ريتا راكوس. طريقته في حقن إبر البوتوكس تفسر لماذا يطلبه زبائنه بالاسم، فرغم خبرته الطويلة يأخذ وقته لدراسة ملامح الوجه من كل الزوايا، ورسم نقاطه قبل حقنها. وحتى في هذه الحالة، فإنه يستعمل جرعات خفيفة على أساس أنه من السهل زيادتها بعد أسبوعين، إن تطلب الأمر ذلك. «فالمطلوب هو أن تشعر المرأة بالثقة وتعكس النضارة والشباب من دون مبالغة»، حسب قوله.
ويوضح أن من يتابع عالم التجميل وتطورات تقنياته، يعرف أن البوتوكس لم يعد مثل السابق، وكثير من النجمات، مثل المغنية كايلي مينوغ والنجمة نيكول كيدمان، وغيرهما ممن بالغن في استعماله سابقًا، يُفضلن حاليًا المظهر الطبيعي ما دمن سيحصلن على مظهر طبيعي لا يفتقد إلى الشباب والنضارة.
وهذا ما يزيد من الإقبال أيضًا على التقنيات الجديدة، وهي كثيرة، نذكر منها «كولاجين وايف»، الذي يشد البشرة ويؤخر عملية الشيخوخة بتحفيز إفراز الكولاجين.
الجميل فيه أنه لا يقتصر على الوجه، بل يمكن استعماله على الرقبة وأعلى الصدر وتحت الذقن أيضًا. ورغم أن الدكتورة راكوس، تؤكد أن النتائج تظهر من أول جلسة وتزيد وضوحًا مع الوقت، فإنه يفضل إجراء جلسة أخرى بعد ثلاثة أشهر تقريبًا.
ما تقنية «كولاجين وايف ثيرابي»؟
تعتمد على إرسال نبض حراري إلى داخل البشرة، لتحفيزها على إنتاج الكولاجين الطبيعي، وهو ما يشد طبقتها السطحية ويمنحها بعض الامتلاء.
- تبدأ العملية بتنظيف البشرة جيدًا، ثم يوزع عليها سيروم مغذٍ غني بالبيبتيد. بعد ذلك يوضع جيل لزج يُسهل انزلاق جهاز صغير يشبه الصولجان.
- بعد ثوانٍ تنبعث من الجهاز حرارة تتغلغل بداخل البشرة بالتدريج، فالجهاز يسخن بنسبة 40 درجة، وهي النسبة المطلوبة لإنتاج الكولاجين، حسب شرح الخبيرة. بعد نصف ساعة يمسح الوجه من الجيل، ليوضع ماسك مهدئ.
- لا تسبب العملية أي ألم ويمكن التوجه إلى العمل أو إلى دعوة غداء بعدها مباشرة.
النتيجة: شد الوجه وتحسن البشرة بتحفيزها على عملية إفراز الكولاجين، التي تبدأ في التراجع مع بداية الثلاثينات من العمر. تخفف أيضًا من الخطوط والتجاعيد الخفيفة التي تظهر حول العينين والشفاه، وأيضًا تهدل العنق، وتحديدًا المنطقة تحت الذقن. الآن لم تعد هذه التقنيات سرًا، مما يجعل كثيرًا من الناس يطلبون خدماتها من كل أنحاء العالم.

من أشهر العمليات التي تقوم بها النجمات لإنعاش البشرة من دون مشرط

«هيدرا فايشل» عبارة عن جلسة تنظيف تتغلغل في البشرة من الداخل وتقوم فيها الخبيرة بتقشير البشرة وترطيبها من العمق الأمر الذي يضفي عليها إشراقًا تحتاجه نجمات مثل غوينيث بالترو لحضور مناسبات كبيرة

«كول سكالبتينغ» تلجأ إليها النجمات للتخلص من الشحوم التي لا تريد أن تتزحزح من الجسم على الرغم من الحميات الغذائية أو ممارسة الأنشطة الرياضية. تستغرق ساعة فقط ويشاع أن كيم كارداشيان خضعت لها لتحديد معالم جسدها

«ألتا ثيرابي» تقوم بها نجمات مثل جينفر أنيستون لإنعاش البشرة وشدها وتُحفز إنتاج الكولاجين باستهداف الطبقات العميقة للبشرة باستعمال الموجات فوق الصوتية



أسابيع الموضة العالمية لخريف وشتاء 2026 تنتهي في باريس ببدايات جديدة

شهد الأسبوع ثلاث بدايات: «دريز فان نوتن» و«جيڤنشي» و«توم فورد»
شهد الأسبوع ثلاث بدايات: «دريز فان نوتن» و«جيڤنشي» و«توم فورد»
TT

أسابيع الموضة العالمية لخريف وشتاء 2026 تنتهي في باريس ببدايات جديدة

شهد الأسبوع ثلاث بدايات: «دريز فان نوتن» و«جيڤنشي» و«توم فورد»
شهد الأسبوع ثلاث بدايات: «دريز فان نوتن» و«جيڤنشي» و«توم فورد»

تسعة أيام هي المدة التي استغرقها أسبوع باريس لخريف وشتاء 2025-2026. كان مسك ختام لدورة سنوية تبدأ في نيويورك وتمر بلندن وميلانو وتنتهي بباريس. لكنك لو سألت أي شخص حضر فعالياته بالكامل، لجاءك الرد، ومن دون تردد، بأنه طول مدته مبالغ فيها، مقارنة بغيره من أسابيع الموضة العالمية. لندن مثلاً لم يعد يتعدى أسبوعها الأربعة أيام. لكن منذ سنوات وباريس تتعمد وضع برنامج يجعل من الصعب على ضيوفها من عشاق الموضة مغادرتها قبل انتهائه. فـ«ديور» تقدم عرضها في الأيام الأولى و«شانيل» و«لويس فويتون» و«سان لوران» في الأواخر وبينهم إيلي صعب وفالنتينو وهرميس وستيلا ماكارتني وبالمان وآخرون لا يقلون أهمية. الأسباب مكيافيلية. فكلما امتدت إقامتهم، انتعشت الفنادق والمطاعم وتحركت المحلات ووسائل النقل.

اختتمت دار «سان لوران» الأسبوع ودورة الموضة العالمية في باريس (أ.ف.ب)

ومع ذلك لا بد من الإشارة إلى أن هناك إجماعاً على أن باريس ليست مثل غيرها وتستحق العناء والجهد. لا تزال عاصمة الموضة بلا منازع، إبداعاً وعروضاً، بفضل بيوت الأزياء ذات الإمكانات الضخمة التي تمدَها بكل ما يعزز سحرها ويرسخ مكانتها.

أسبوعها الأخير اختتم بعروض كل من «ميو ميو» و«سان لوران» و«شانيل». كان حافلاً بالأحداث، كما كان مثيراً ما بين انتظار بدايات مصممين تم تعيينهم مؤخراً ولم يسعفهم الوقت لكي يباشروا العمل ويتحفونا بما جادت به مخيلتهم، وبين متابعة عروض مصممين سجلوا بداياتهم فعلياً هذا الموسم لأول مرة بعد التحاقهم ببيوت عريقة.

اعتمدت «شانيل» مرة أخرى على فريق قسمها الإبداعي في انتظار أول تشكيلة لمصممها الجديد ماثيو بلايزي (شانيل)

«شانيل» مثلاً، ومعها أوساط الموضة، لا تزال تنتظر ما سيقدمه المصمم ماثيو بلايزي في الموسم المقبل. اعتمدت مرة أخرى على فريقها الإبداعي لتقديم تشكيلة تلعب على أيقوناتها، بينما اكتفت «لويفي» بتقديم عرض أصغر مما عوّدتنا عليه بسبب انتقال مصممها جوناثان أندرسون إلى «ديور».

لكن بالنسبة لـ«جيڤنشي» و«توم فورد» و«دريز فان نوتن» فإن الانتظار انتهى. «جيڤنشي» قدمت أول تشكيلة لها من إبداع سارة بيرتون، و«توم فورد» أول تجربة لحيدر أكرمان و«دريز فان نوتن» أول عرض لجوليان كلوسنر. ثلاثة أسماء لم تخيب الآمال بقدر ما أيقظت الأمل بولادة عهد جديد.

سارة بيرتون

من عرض سارة بيرتون لدار جيڤنشي (جيڤنشي)

المصممة التي التحقت بدار «جيڤنشي» مؤخراً، جاءت بعد تجربة عقود مع المصمم الراحل ألكسندر ماكوين. خلفته في الدار التي أسسها ولا تزال تحمل اسمه حتى الآن، والطريف في التعيين الأخير أن بداية رفيق دربها الراحل ماكوين، كانت أيضاً في «جيڤنشي». سارة بيرتون برهنت على مدى عقود أنها تحترم إرث المؤسسين. لا تحاول أن «تتشاطر» عليهم بقدر ما توظف بصمتها للإبقاء على إرثهم حياً. وهذا تحديداً ما قامت به في هذه التشكيلة التي قالت إنها عادت فيها إلى الجذور. برَرت ذلك قائلة: «للمضي قدماً، لا بدّ من العودة إلى الجذور. وبالنسبة لي، تبدأ الحكاية دائماً من المشغل. هو القلب النابض والملهم».

من إبداعات سارة بيرتون (جيڤنشي)

حاولت استكشاف شخصية الدار من خلال قراءة شخصية صاحبها الراحل هيبار دي جيڤنشي. كان يحب الخطوط الواضحة التي تبرز تضاريس الجسم وجمالياتها من دون مبالغات أو تفاصيل لا داعي لها. أثارها هذا الأمر وخلال بحثها في الأرشيف قالت إنها اكتشفت طروداً مغلَّفة بورق بني، تضم قصّات من قماش الكاليكو من مجموعته الأولى لعام 1952.

درستها وسرعان ما اكتشفت أنها، مثل هيبار دي جيڤنشي، تعشق التفصيل وتقدر العلاقة بين عملية الابتكار التي تولد في الاستوديو، والحرفية التي تُنفذ في المشغل.

عادت بيرتون لأرشيف الدار لتستلهم منه خطوطاً أنثوية واضحة وسلسة (جيفنشي)

أما كيف جسَّدت القواسم المشتركة بينها وبين المؤسس، فمن خلال أساليب تقليدية وكلاسيكية قامت بتفكيكها بتنعيمها، وإضافة تفاصيل أنثوية. والنتيجة أن المرأة تبدو في الظاهر ناعمة إلا أن خلفها تكمن قوة لا تظهر إلا عند الحاجة، وهو ما جسّدته أيضاً في مزجها بين الكلاسيكي والانسيابي، من خلال الأكتاف البارزة بشكل مبالغ فيه أحياناً، والخصور المحددة، والفساتين المكونة من أمتار من القماش، ومع ذلك تكشف عن الظهر، بحيث تبدو من الأمام محتشمة ومن الظهر بلمسات أنثوية مثيرة. الفكرة هنا مرة أخرى كانت اللعب على القوة الكامنة بداخل كل أنثى.

عادت سارة بيرتون إلى أرشيف الدار وأخذت منه عدة عناصر لعبت عليها مثل القميص الأبيض (جيڤنشي)

أسلوب هيبار دو جيڤنشي يُطِل في الكثير من الإطلالات، مثل فساتين قصيرة مصنوعة من دانتيل شانتيلي وأخرى مستلهمة من الملابس الداخلية تطبعها حسِية الخمسينيات من دون أن ننسى القميص الأبيض، الذي أخذ عدة أشكال. كل هذا ترجمته سارة بيرتون برؤية معاصرة ذكرتنا إلى حد ما بعهدها في دار «إلكسندر ماكوين».

توم فورد:

جمع حيدر أكرمان في تشكيلته الأولى بين جرأة توم فورد وبين أسلوبه الخاص لدار (توم فورد)

كان كل ما في العرض أشبه بلقاء دافئ بين جرأة المصمم المتقاعد توم فورد ورومانسية خليفته الحالي حيدر أكرمان. يشرح هذا الأخير بعد عرضه هذه العلاقة قائلاً: «عند دخولي عالم السيد توم فورد، شدّني أن شخصيته تنعكس في كل شيء. ثم انتبهت أنه يمثل حياة الليل والسّهر، بينما أنا أمثّل صباح اليوم القادم، وهو ما كان بداية رقصتنا مع بعض». من هذا المنظور لم يُغيِب أسلوب سلفه المثير، بالعكس أعاده إلى الواجهة بعد أن ضخه بجرعة ديناميكية من الرومانسية والأنوثة المفصلة. هذا التفصيل ساهم في التخفيف من جرعة الإثارة الحسية التي برع توم فورد فيها والتصقت به منذ أن كان في دار «غوتشي».

من أول عرض يقدمه حيدر أكرمان لدار «توم فورد» (توم فورد)

هذه العلاقة بين الأمس الذي يمثله توم فورد والحاضر الذي يمثله أكرمان «مبنية على الحب. فأنا أرى أن الحب جوهر كل شيء» وفق ما قاله هذا الأخير. تخيل هذه التشكيلة كقصة حب، تبدأ بنظرة وابتسامة، ثم التعرّف على الاختلافات بهدف استكشاف القواسم المشتركة للبناء عليها.

وهذا ما كان. فرغم شخصيته الجادة، لم يرفض أكرمان أن الحواس تلعب دورها في التقريب بين الأشخاص، كما على اختياراتنا فيما يخص الأزياء. كلاهما يبدأ بحاسة النظر ويتطور إلى رغبة ملحة في الحصول على الشيء والحفاظ عليه.

إيحاءات رجالية ظهرت في عرض «توم فورد» عبارة عن بدلات وتوكسيدو (توم فورد)

صبَ كل هذه الأفكار والأحاسيس في تشكيلة غلبت عليها تصاميم مستوحاة من عالم الليل بإيحاءات رجالية، مثل سترة توكسيدو اكتسبت طولاً يصل إلى الكاحل وبدلات ناعمة بألوان فاتحة، وفساتين مفصلة بأسلوب سهل لكن ممتنع. خلا أغلبها تقريباً من أي تفاصيل لا داعي لها، واعتمد فيها فقط على التفصيل والأقمشة لإبراز قدراته.

جوليان كلوسنر

جوليان كلوسنر احترم جينات «دريز فان نوتن» في تشكيلته الأولية (أ.ب)

مصمم آخر شهدت باريس بدايته هذا الموسم. عمل مع المصمم البلجيكي الأصل دريز فان نوتن لست سنوات. تعلم فيها أسلوبه وحرفته، قبل أن يتسلم منه المشعل إثر تقاعده المُبكِر. تُطل أول عارضة على المنصة، فتشعر بأن جينات الدار في مأمن من أي تغييرات جذرية. أسلوب دريز حضر في النقشات الغنية والتفاصيل الباروكية وتضارب الأقمشة التي تحمل لمسات «فينتاج». تنتابك طوال العرض مشاعر متضاربة ما بين إطلالات تُنسي بأن دريز فان نوتن ترك الدار، وبين أخرى دمج فيها الكلاسيكي بالرياضي تُذكر بأن فصلاً جديداً بدأ يُكتب بهدوء. فالمصمم الجديد اجتهد في وضع لمسات تترجم رؤية خاصة به. كل ما في الأمر أنها لا تزال خجولة بعض الشيء.

من عرض «دريز فان نوتن» الذي أبدعه جوليان كلوسنر (أ.ب)

في لقاء جانبي له، شرح كلاوسنر رؤيته قائلاً: «أردت أن أطلق العنان لخيالي قليلاً، بأن أجعل بعض القطع أكثر قوة وتأثيراً، لكن كان لدي دائماً ما يُذكِرني أن الأمر يتعلق بخزانة متكاملة يجب أن تضم قطعاً تناسب حياة المرأة في الواقع، وهذا يعني أنها يجب أن تكون مرنة».

اختيار «أوبرا غارنييه» مسرحاً لعرضه، لم يكن فقط ملائماً لتشكيلة غنية بالتفاصيل. كان يشي بالعهد الجديد، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن عروض الدار كانت تقام سابقاً في أماكن أكثر وظيفية ذات أرضيات أسمنتية. طبعاً لا يمكن أن نتجاهل أنه يعكس أيضاً شغف المصمم الجديد بالمسرح، وهو ما ظهر حيناً في أقمشة تستحضر ستائر المسارح وحيناً آخر في شراشيب زينت جاكيتات بوليرو وأكمام فساتين. لكن هل كانت التصاميم مسرحية؟ أبداً. كل ما فيها كان واقعياً حتى في أقصى حالاته الفنية.

أقمشة متنوعة في الإطلالة الواحدة مع نقشات متضاربة في عرض «دريز فان نوتن» (أ.ب)

إذا كان لا بد من المقارنة بين جوليان وبيرتون وأكرمان، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن أنه أفضل حظاً منهما، لأنه تسلم الدار من دريز فان نوتن، وهي في وضع جيد. فتقاعُد دريز وهو في عز تألقه، كان باختياره لكي يعيش «حياة ويمارس هوايات أجَّلَها طويلاً بسبب استنزاف العمل لوقتي وجهدي» وفق تصريح سابق له، وبالتالي لم يكن مفروضاً على جوليان أن يعود إلى منتصف القرن الماضي لرسم بداية جديدة كما هو الحال بالنسبة لسارة بيرتون، ولا أن يصحح ما خلَفه مصممون سبقوه على الدار من آثار لم تحقق المطلوب كما هو الحال بالنسبة لأكرمان.

تضارب الألوان والنقشات في تشكيلة «دريز فان نوتن» الذي أبدعه جوليان كلوسنر (أ.ب)

من جهة أخرى، يمكن أن نرى أن مهمة جوليان التي تبدو أسهل ولا تتطلب منه سوى ضمان استمرارية ما بناه سلفه، هي في الحقيقة صعبة، لا سيما في حال لم يُتقن توجيه الدفة في الاتجاه الصحيح، ومن ثم الإخلال بالتوازن العجيب الذي خلقه دريز فان نوتن وأغوى به عالم الموضة.