ها نحن نبدأ من جديد فصولا درامية جديدة لملحمة لا تنتهي. وقد بدأت فصولها الجديدة على عجل، مع دخول العام الجديد لينطلق موسم انتقالات يناير (كانون الثاني).
ومن جديد، نجد أنفسنا في خضم موجة محمومة من التوقعات والتكهنات والشائعات المضادة، وصور جماهير آرسنال الغاضبة ومشاهدات روبرت سنودغراس، ما يعد إيذانًا بموسم انتقالات مثير للغاية.
بطبيعة الحال، سبق أن عايشنا كثيرا من مواسم الانتقالات من قبل منذ 14 عاما على وجه التحديد، وعندما أقر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، موسم الانتقالات الشتوية إجباريًا بدءًا من موسم 2002 – 2003، بات يناير واحدًا من فترتي تسجيل للاعبين يسمح خلالهما لأندية الدوري الممتاز بالشراء والبيع بحرية، وأحيانًا تقدم الأندية على ضم لاعبين بصورة مفاجئة للجميع، من برامج تلفزيونية وإذاعية وأعمدة القيل والقال في الصحف والمواقع الإلكترونية المعنية بكرة القدم وصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تديرها مجموعات من المراهقين. في بادئ الأمر، جرى إقرار موسم يناير للانتقالات بالاتفاق مع المفوضية الأوروبية حلا وسطا من أجل الحفاظ على استقرار تعاقدات اللاعبين والأندية، وفي الوقت ذاته السماح بحركة اللاعبين خلال فترات بعينها من العام. ومنذ ذلك الحين، نجح موسم انتقالات يناير في التفوق على كأس رابطة الأندية الإنجليزية ليصبح بذلك ثالث أكبر حدث رياضي على صعيد كرة القدم الإنجليزية.
وجاءت الصفقة الكبرى خلال موسم الانتقالات الأول من نصيب بيرمنغهام سيتي، الذي نجح في ضم المهاجم كريستوف دوغاري الذي سبقت له المشاركة في الفوز ببطولتي كأس العالم وأمم أوروبا، وذلك بناءً على عقد إعارة مع نادي بوردو وضمن بالفعل بقاءه داخل الدوري الممتاز بمعاونة المهاجم الفرنسي الذي أحرز أربعة أهداف خلال آخر خمس مباريات للفريق بذلك الموسم. ومنذ عامين، خرج كريستال بالاس من موسم انتقالات يناير منتصرًا بعد أن نجح في دفع 6.8 مليون جنيه إسترليني فقط إلى مانشستر يونايتد لإعادة ضم ويلفريد زاها إلى صفوفه، لاعب الجناح المتألق الذي هيمن اسمه على العناوين الرئيسية للصحف مؤخرًا بسبب الخلاف الذي وقع بينه وبين رجل كان يرتدي زيًا تنكريًا في صورة دبور عملاق.
عندما اقترح «الفيفا» فكرة إقرار مواسم معينة للانتقالات للمرة الأولى في مطلع تسعينات القرن الماضي، لاقت تأييدًا بالإجماع تقريبًا من جانب القوى الكبرى على صعيد كرة القدم الإنجليزية، الذين خالجهم أمل ساذج، مثلما اتضح لاحقًا، في أن هذا ربما يحد من التأثير السلبي في الغالب لبعض وكلاء اللاعبين من أصحاب السمعة السيئة الذين يحومون حول الأندية.
ومع ذلك، فإنه في مايو (أيار) 2002، توحدت صفوف مسؤولي الدوري الممتاز ودوري كرة القدم في القتال ضد فرض مواسم محددة للانتقالات على الصعيد المحلي بسبب التداعيات المالية التي ربما يخلفها ذلك في أعقاب الأزمة التي وقعت ذلك العام بخصوص «آي تي في ديجيتال». وأعلن المتحدث الرسمي باسم الدوري الممتاز آنذاك بصوت هادر أنه: «قد وكلنا اتحاد كرة القدم بمسؤولية استغلال مكانته ونفوذه لدى لجان (الفيفا) وباعتباره اتحادا وطنيا، لشن حملة ضغط شرسة لتغيير هذه القواعد»، قبل وقوع – ربما - الحادثة الوحيدة التاريخية المسجلة التي أخفق خلالها رؤساؤه المهيبون في فرض إرادتهم.
وإلى جانب دوغاري، شهد أول موسم الانتقالات - ينطلق في يناير - وصول اللاعب الأسطورة ياكوبو إيغبيني إلى إنجلترا في أعقاب انتقاله من مكابي حيفا إلى بورتسموث. أيضًا، من بين الصفقات التي جذبت اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا رحيل جوناثان وودغيت من ليدز إلى نيوكاسل، مثلما الحال مع انتقال روبي فاولر من ليدز يونايتد إلى مانشستر سيتي.
بصورة إجمالية، أنفقت أندية الدوري الممتاز 35 مليون جنيه إسترليني فيما بينها خلال ذلك الموسم، وهو بالصدفة المبلغ ذاته الذي دفعه ليفربول إلى نيوكاسل يونايتد مقابل ضم آندي كارول في يناير 2011، كما أنه يقل بـ95 مليون جنيه إسترليني عما دفعته أندية الدوري الممتاز خلال موسم انتقالات يناير الماضي. منذ اثني عشر شهرًا، توقع بعض المراقبين لحركة الانتقالات أن تنفق أندية الدوري الممتاز أكثر من مليار جنيه إسترليني خلال يناير، لكن اتضح نهاية الأمر أن المبلغ الذي أنفق بالفعل لم يتجاوز 130 مليون جنيه إسترليني.
ورغم مشاعر الإثارة المحمومة التي تعتمل في نفوس جماهير الكرة، فلم تخل الساحة من بعض الأصوات الناقدة لموسم انتقالات يناير، ومن بين المنتقدين آرسين فينغر وهاري ريدناب. جدير بالذكر أن الأول يشتهر باقتصاده المفرط في النفقات.
ورغم أن ريدناب بدا أكثر حماسًا من غالبية المدربين الآخرين حيال صفقات الشراء المحمومة في يناير، فإنه ادعى أنه بصفته مدربا لا يستمتع بالسوق المشوهة التي تشتعل في قلب الموسم، وذلك على الرغم من جميع الدلائل التي توحي بالعكس تمامًا. ومنذ ثلاث سنوات، شبه موسم انتقالات يناير خلال ذلك العام بـ«حرب عصابات»، قائلاً إن «كل وكيل يبدو عاقدًا العزم على إفشال مساعي الآخر». ومع ذلك، فإنه في غضون أيام قلائل، ظهر اسم ريدناب في واحدة من أكبر الصفقات الهزلية التي شهدها الموسم في لحظاته الأخيرة. وبعد أن قاد سيارته إلى لندن قادمًا من ميدلاند في خطوة وصفها مدربه حينها ستيف كلارك بأنها «عمل مخبول تمامًا»، انتهى الحال ببيتر أوديموينغي جالسًا داخل سيارته وحيدًا خارج ملعب لوفتس رود بعدما أخفق نادي كوينز بارك رينجرز في الاتفاق على شروط الانتقال مع نادي وست بروميتش.
من جانبه، لطالما وجه فينغر سهام النقد إلى موسم انتقالات يناير، معلنًا أنه «غير عادل» لأن منافسيه على البطولة بمقدورهم تبادل اللاعبين على نحو متعمد لتقويض فرص فوز ناديه بالبطولة. ورغم ما تقوم عليه الفكرة من نظرية مؤامرة هشة، تبقى الحقيقة أن النظام الحالي للانتقالات أبعد ما يكون عن كونه نموذجيًا. في الواقع، لا يضع موسم يناير نهاية للذعر والفزع المشتعل داخل الأندية التي تكافح للهروب من مصير الهبوط، في الوقت الذي يسمح للأندية الكبرى باصطياد العناصر المتألقة من صفوف الأندية التي تواجه صعوبات في مسيرتها بالفعل.
الفرق الكبرى ما زالت تفرض سطوتها باصطياد العناصر المتألقة
من دوغاري إلى أوديموينغي... لحظات مثيرة في موسم الانتقالات الشتوية
الفرق الكبرى ما زالت تفرض سطوتها باصطياد العناصر المتألقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة