عودة الآلاف إلى حلب الشرقية لتفقد منازلهم المدمرة

مسؤول أممي: الدمار يفوق الخيال

صبي سوري يدفع كرسياً متحركاً في شارع مدمر بمدينة حلب (رويترز)
صبي سوري يدفع كرسياً متحركاً في شارع مدمر بمدينة حلب (رويترز)
TT

عودة الآلاف إلى حلب الشرقية لتفقد منازلهم المدمرة

صبي سوري يدفع كرسياً متحركاً في شارع مدمر بمدينة حلب (رويترز)
صبي سوري يدفع كرسياً متحركاً في شارع مدمر بمدينة حلب (رويترز)

قال مسؤول كبير في الأمم المتحدة، إن آلاف الأشخاص بدأوا في العودة إلى منطقة شرق حلب التي كانت تخضع لسيطرة قوات المعارضة على الرغم من الطقس القارس البرودة والدمار الذي «يفوق الخيال»، لتفقد منازلهم المدمرة.
وقال ساجد مالك، ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، إن نحو ألفين ومائتي أسرة عادت إلى حي هنانو السكني. وأضاف في مقابلة: «أتى الناس إلى شرق حلب لرؤية محلاتهم ومنازلهم، ولرؤية ما إذا كان المبنى قائما ولم ينهب... ولرؤية ما إذا كان يجب عليهم العودة».
ويواجه العائدون أوضاعا مزرية. وقال مالك إن الطقس «قارس البرودة للغاية هنا... المنازل التي يعود لها الناس ليست بها نوافذ أو أبواب أو أجهزة طهي».
والمساعدات ضرورية لمنع وفاة مزيد من الأشخاص. وقال مالك، إن الأمم المتحدة تساعد الناس على بدء حياتهم مرة أخرى في غرفة واحدة بوحداتهم السكنية بمنحهم فرشا وحقائب نوم وأغطية بلاستيكية لسد النوافذ المدمرة.
وكان حي هنانو من أوائل الأحياء التي تسقط في يد المعارضين عام 2012، وأول حي يستعيده النظام في حملته، لاستعادة كامل السيطرة على المدينة الشمالية الشهر الماضي.
ومع التقدم السريع للقوات الحكومية، بقي بعض السكان، لكن فر عشرات الآلاف من تلقاء أنفسهم، وجرى إجلاء نحو 35 ألف مقاتل ومدني في أواخر ديسمبر (كانون الأول) في قوافل نظمتها الحكومة السورية. وقال مالك، إن إعادة الأعمار ستستغرق وقتا طويلا، ولكن الأولوية الفورية هي إبقاء الناس في دفء وتزويدهم بالطعام. ويقدم الشركاء المدعومون من الأمم المتحدة وجبات ساخنة مرتين في اليوم لنحو 21 ألف شخص، ويحصل 40 ألف شخص على خبز يوميا. وتصل المياه النظيفة إلى أكثر من 1.‏1 مليون شخص في زجاجات أو عن طريق صهاريج وآبار.
وأوضح مالك، أن هناك عيادات متنقلة تعمل، وتلقى أكثر من عشرة آلاف طفل تطعيم شلل الأطفال. ويحتاج آلاف الأطفال الذين لم يتمكنوا من الانتظام في المدارس إلى إعادة الاندماج في النظام التعليمي من خلال فصول تقوية لإعادة بناء ثقتهم.
ولم يسجل المواليد والوفيات والزواج في المنطقة التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة، وتعمل الأمم المتحدة مع الحكومة على إصدار وثائق لهؤلاء الناس. وقال مالك: «التقيت امرأة لديها خمسة أطفال، وكانت سعيدة بتسجيل أبنائها بصفتهم سوريين. لديها بطاقات هوية وسجل عائلي».
ودمر القصف مستشفيات ومدارس وطرق ومنازل ومحطتين رئيسيتين لضخ المياه. وقال المسؤول المخضرم بالأمم المتحدة، إن مستوى الدمار يفوق أي شيء رآه في مناطق الصراعات مثل أفغانستان والصومال. وأضاف: «لم يؤهلنا شيء لرؤية حجم الدمار هناك... إنه يفوق الخيال».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.