إيران: ملفات الفساد تعمق الانقسام الداخلي

تلاسن بين روحاني ورئيس القضاء

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث إلى رئيس القضاء صادق لاريجاني خلال مؤتمر «القضاء» في يونيو الماضي (وكالة فارس)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث إلى رئيس القضاء صادق لاريجاني خلال مؤتمر «القضاء» في يونيو الماضي (وكالة فارس)
TT

إيران: ملفات الفساد تعمق الانقسام الداخلي

الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث إلى رئيس القضاء صادق لاريجاني خلال مؤتمر «القضاء» في يونيو الماضي (وكالة فارس)
الرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدث إلى رئيس القضاء صادق لاريجاني خلال مؤتمر «القضاء» في يونيو الماضي (وكالة فارس)

غداة تصريحات مثيرة للجدل من رئيس القضاء الإيراني صادق لاريجاني عن تمويل «مفسد اقتصادي» لحملة حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية 2013 في سياق الاتهامات المتبادلة بين المسؤولين حول تفشي «الفساد المنظم» في البلاد، جدد روحاني مطالب حكومته بإعلان القضاء نتائج التحقيق حول ملفات الفساد محذرا القضاء من «افتعال الأجواء»، فيما نفى المتحدث باسم الحكومة محمدرضا نوبخت أمس ما تردد عن احتمال رفض أهلية روحاني في حال ترشحه لولاية ثانية وذلك في حين، كشف ائتلاف المعتدلين والمستقلين عن إمكانية ترشيح مساعد رئيس البرلمان علي مطهري كمرشح ثان بعد روحاني.
ولم يتأخر رد الرئيس الإيراني حسن روحاني على رئيس القضاء صادق لاريجاني وقال إن «القضاء يتحمل مسؤولية كبيرة وعليه الرد على أسئلة المواطنين»، كما دعا الأجهزة الإيرانية إلى الهدوء والتعاون من أجل «تخطي البلاد للمشكلات الداخلية». وجدد روحاني مطالبته السلطة القضائية بتسليم التاجر بابك زنجاني إلى وزارة المخابرات لمتابعة مسار التحقيقات.
وقال روحاني خلال لقاء جمعه بأعضاء التخطيط والميزانية في البرلمان الإيراني أمس إن «اللجوء إلى افتعال الأجواء وقلة التدبير لا يضمن مصالح الشعب»، وأضاف أن حكومته خلال السنوات الثلاث الماضية «حاولت إعادة الهدوء للمجتمع والاقتصاد»، محذرا من أضرار قد يلحقها «إثارة التوتر وتعميق الشرخ في المجتمع والأجواء السياسية»، وفق ما نقلت عنه وكالة إيسنا.
وجدد روحاني مواقفه السابقة من أكبر ملف اقتصادي وقال إن الشعب من حقه أن يعرف مصير أمواله وكيف وقعت بيد بابك زنجاني المتهم بالاستيلاء على ثلاثة مليارات دولار من بيع النفط الإيراني، وذلك بعد حصوله على توقيع أربعة من وزراء حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
وكان روحاني قد أثار الشكوك حول ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة عندما رفض الرد على سؤال حول ترشحه، معربا عن استيائه بسبب دخول البلد في أجواء الحملات الانتخابية قبل خمسة أشهر من الانتخابات وتسعة أشهر على نهاية فترته الرئاسية الأولى، كما حذر روحاني من استغلال ملفات الفساد الاقتصادي بما فيها «الرواتب الفلكية» لأغراض انتخابية، معربا عن استعداده لمواجهة هذا الاتجاه حتى عشية الانتخابات.
وخلال مقابلته التلفزيونية أعرب روحاني عن تململه من تفسير تحرك حكومته في مختلف المجالات على أنه لـ«الاستهلاك الانتخابي»، وقال روحاني إن أي تحرك من جانب وزرائه يجري تقييمه وفق آليات انتخابية.
ورد المتحدث باسم الحكومة في مؤتمره الأسبوعي أمس على اتهام وجهه رئيس القضاء للحكومة بشأن الإهمال في متابعة ملف التاجر زنجاني، معربا عن استعداد الحكومة للتعاون مع القضاء «لإعادة تلك الأموال إلى الخزانة» وطالب القضاء بمتابعة القضية بدقة والرد على استفسارات الرأي العام بهذا الخصوص.
وأشار نوبخت إلى معلومات بحوزة وزارة المخابرات الإيرانية عن جهات قال إنها تقف وراء حصول زنجاني على أموال إيرانية، كما أكد استعداد الحكومة للتعاون في أي إطار يطلبه القضاء، وتابع خلال رده على لاريجاني بأن الحكومة كانت رائدة لمعرفة أبعاد أكبر ملف فساد اقتصادي في إيران.
ورفض نوبخت التعليق على سؤال حول الاتهام الذي وجهه أول من أمس صادق لاريجاني بحصول حملة روحاني للانتخابات الرئاسية 2013 على تمويل من بابك زنجاني، وقال إن «القضاء يتمتع باستقلالية المطلوبة، ونحن نطالبه بالتحقيق في كل ادعاءات زنجاني وإبلاغنا بالنتائج».
كذلك أشار نوبخت إلى أخبار ترددت مؤخرا عن إمكانية رد أهلية روحاني من قبل «مجلس صيانة الدستور» في حال تقدم بأوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية الثانية وقال إنه «كلام سخيف وفارغ»، وكان روحاني قبل نحو أربع سنوات حصل على موافقة المجلس باستثناء صوت واحد. وكان روحاني المرشح الثاني للتيار «المعتدل» في انتخابات 2013 بعد رفض أهلية علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
جدير بالذكر أن خصوم روحاني بدأوا الحديث عن مستقبله وإمكانية ترشحه للانتخابات قبل نحو عام عندما تحدثت أسبوعية حزب الله الإيراني «يا لثارات» عن منع روحاني من الترشح لولاية ثانية، وقالت إن روحاني سيكون أول رئيس يخرج من مقر الرئاسة بعد السنوات الأربع الأولى من رئاسته.
لكن الشكوك حول مصير روحاني تعززت بعدما كتب أحد أبرز السياسيين الإصلاحيين عباس عبدي في مقال بصحيفة «آفتاب يزد» أن روحاني قد لا يتقدم بأوراق الترشح للانتخابات إن لم يرغب النظام بذلك.
على ما يبدو فإن تيار «المعتدلين والمستقلين» يتجه لنفس الاستراتيجية في ترشيح أكثر من مرشح للانتخابات الرئاسية خشية رفض أهلية روحاني أو آخرين وفي هذا الصدد نقلت وكالة «إيسنا» أمس عن رئيس التيار قدرت علي حشتميان قوله إن التيار عقد اجتماعا مع نائب رئيس البرلمان علي مطهري وناقش معه موضوع ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي حين أشار إلى إمكانية ترشح أسماء أخرى قال إن مطهري لم يعلن ترشحه في «الوقت الحاضر» احتراما لروحاني.
أول من أمس، رد رئيس القضاء خلال مقابلة تلفزيونية بحدة على تصريحات الأسبوع الماضي لروحاني حول مماطلة القضاء في إعلان نتائج التحقيق في الفساد الاقتصادي الكبير ومنع وزارة المخابرات من دخول الملف، وكان روحاني تساءل الأسبوع الماضي عن مصير ملياري دولار أعادتهم السلطات الإيرانية من أموال زنجاني المصادرة، كما أثار تساؤلات حول الجهات «المرتبط بها وشركائه ومسؤولياتهم والمتورطين» في الملف.
وجاءت تصريحات لاريجاني بعد ساعات من حوار مباشر مع الرئيس الإيراني على القناة الأولى دافع فيه روحاني عن أداء حكومته على الصعيدين السياسي والاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بإبرام الاتفاق النووي، وتناول روحاني فضائح الفساد التي تفجرت منذ الصيف الماضي في إيران، وركز روحاني على فضيحة «الرواتب الفلكية» التي بينت تلقي مسؤولين كبار في إدارته رواتب خارج إطار القانون.
وفي تصريح اختفى بعد لحظات من نشره على موقع هيئة الإذاعة والتلفزيون تساءل صادق لاريجاني في تصريحات أثارت جدلا واسعا في وسائل الإعلام الإيرانية عن مصير أموال الرئاسة الإيرانية ومكان إنفاق تلك الأموال، وذلك ضمن رده على روحاني واتسع الجدل حول التصريحات بعدما نشرت نسخة معدلة من تلك التصريحات عبر «وكالة ميزان» التابعة للقضاء الإيراني.
وبهذا يبلغ تلاسن رئيس الجمهورية حسن روحاني ورئيس القضاء صادق لاريجاني أحد المسؤولين الذين يجري اختيارهم مباشرة من المرشد الأعلى علي خامنئي مستويات غير مسبوقة خلال الأشهر الأخيرة، خاصة بعد تفجر فضائح اقتصادية طالت كبار المسؤولين.
منذ يونيو (حزيران) دخلت إيران في دوامة تفجر تسريب الفضائح الاقتصادية بعد تسريب مجهولين يعتقد أنهم مقربون من الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وثائق تظهر رواتب المسؤولين في إدارة روحاني، وجاء الرد بتسريب قضية «العقارات الفلكية» التي استهدفت منافس روحاني الرئيسي في الانتخابات عمدة طهران اللواء محمد باقر قاليباف، وبموازاة ذلك تسربت فضيحة نهب أموال صندوق تأمين المعلمين التي تورط بها مكتب رئيس سلطة القضاء السابق محمود هاشمي شاهرودي أحد المرشحين لخلافة خامنئي، فضلا عن فضيحة تسريب معلومات عبر مواقع إصلاحية عن 63 حسابا بنكيا تورط فيها اسم رئيس سلطة القضاء صادق لاريجاني.
في نفس السياق، نفى لاريجاني اتهام القضاء بالتغطية على فساد المسؤولين وأن القضاء استدعى مسؤولين ووزراء سابقين للتحقيق حول دورهم في فضيحة بابك زنجاني، إلا أنه قال إن محاسبة المسؤولين على تلك التجاوزات تأخرت بسبب أولوية إعادة الأموال، مؤكدا أن ملفات المسؤولين المتورطين ما زالت مفتوحة.
وفي رسالة تهديد إلى روحاني قال لاريجاني إن اهتمام الحكومة بالبحث في ملف «بابك زنجاني يمكن أن يفتح المجال أمام فتح تحقيق حول ادعاء تمويل حملة انتخابات روحاني بالمليارات» لكنه رغم ذلك شدد على أنها «ادعاءات غير واقعية إن أراد القضاء التحقيق فيها لاستدعى كل المتورطين للتحقيق».
في شأن متصل، تصدر تفاقم الخلافات السياسية اهتمام الصحف الإيرانية الصادرة أمس وتداولت أغلب الصحف تهديد لاريجاني لكبار المسؤولين في الحكومة، بينما عنونت صحيفة «وطن أمروز» المقربة من المكتب السياسي للحرس الثوري بـ«بابك غيت»، في إشارة إلى تمويل حملة روحاني اختارت صحيفة «شهروند» أن تطلق على الخلافات السياسية «لعبة الكبار»، كما اختارت صحيفة «آفتاب يزد» في عنوانها الرئيسي اقتباسا من هجوم عمدة طهران قاليباف على الحكومة «ليسوا بشرا»، وحذرت الصحيفة من تراجع أدبيات المسؤولين الإيرانيين إلى لغة الشتائم والعبارات البذيئة في الرد على المنتقدين.
قبل ذلك بيومين كان محافظ طهران قد عبر عن مخاوف إيرانية تجاه الأوضاع الأمنية في العاصمة طهران التي عدها «عماد النظام» في فترة الانتخابات، ونقلت وكالات إيرانية عن حسين هاشمي قوله إن أمن العاصمة البالغ سكانها ثمانية ملايين يكسب حساسية مضاعفة في ظل الدور الإيراني في العراق وسوريا، وخاصة ما تشهده المنطقة من تطورات، مطالبا جميع قوات العسكرية والأمنية في طهران بالاستعداد والجاهزية التامة للانتخابات المقررة في مايو (أيار) المقبل.



ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، خيارات لمنع إيران من إنتاج سلاح نووي، بما في ذلك إمكانية شن غارات جوية استباقية، مما يشكل خرقاً للسياسة الأميركية القائمة على احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن فريق ترمب الانتقالي يناقش تداعيات ضعف موقف إيران الإقليمي وسقوط نظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى تدمير إسرائيل لميليشيات مثل «حزب الله» و«حماس».

وقال مسؤولون انتقاليون إن ضعف موقف إيران الإقليمي، والكشف عن تقدم الجهود النووية لطهران، قد أديا إلى تفاقم المناقشات الداخلية الحساسة. ومع ذلك، لا تزال جميع المداولات حول هذه القضية في المراحل المبكرة.

تساؤلات حول نوع الضغوط التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وقال شخصان مطلعان على محادثاتهما، إن ترمب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمات هاتفية حديثة، بأنه قلق بشأن اندلاع حرب نووية إيرانية في عهده، مما يشير إلى أنه يبحث عن مقترحات لمنع هذه النتيجة.

ويريد ترمب خططاً تتوقف عن إشعال حرب جديدة، خصوصاً تلك التي يمكن أن تجرَّ الجيش الأميركي؛ حيث إن الضربات على المنشآت النووية في طهران لديها القدرة على وضع الولايات المتحدة وإيران على مسار تصادم.

وتمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب وحده لبناء 4 قنابل نووية، مما يجعلها الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج 60 في المائة من المواد الانشطارية التي تقترب من درجة الأسلحة، ولن يستغرق الأمر سوى بضعة أيام لتحويل هذا المخزون إلى وقود نووي صالح للأسلحة.

وقال مسؤولون أميركيون، في وقت سابق، إن الأمر قد يستغرق من إيران عدة أشهر لنشر سلاح نووي.

وقال أشخاص مطلعون على التخطيط إن الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب يبتكر ما يُطلق عليها استراتيجية «الضغط الأقصى 2» ضد النظام الإيراني، وهي استكمال لنهجه في فترة ولايته الأولى، الذي ركز على العقوبات الاقتصادية الصارمة.

وهذه المرة، يقوم الرئيس المنتخب ومساعدوه بوضع خطوات عسكرية يمكن أن تكون محوريةً لحملته المناهضة لطهران، وإن كانت لا تزال مقترنةً بعقوبات مالية أكثر صرامة.

قال 4 أشخاص مطلعين على التخطيط إن خيارين ظهرا في المناقشات، بما في ذلك بعض المحادثات التي جرت مع ترمب.

وأحد المسارات، الذي وصفه شخصان مطلعان على الخطة، يتضمَّن زيادة الضغط العسكري من خلال إرسال مزيد من القوات الأميركية والطائرات الحربية والسفن إلى الشرق الأوسط، ويمكن للولايات المتحدة أيضاً بيع أسلحة متقدمة لإسرائيل، مثل القنابل الخارقة للتحصينات، مما يعزز قوتها الهجومية لإخراج المنشآت النووية الإيرانية عن الخدمة.

والتهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والتي تنجح في شلِّ الاقتصاد الإيراني، قد يقنع طهران بأنه لا يوجد خيار سوى حل الأزمة دبلوماسياً.

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

والمسار البديل هو السعي إلى استخدام التهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة؛ لدفع طهران إلى قبول حل دبلوماسي، وهذه هي الاستراتيجية التي استخدمها ترمب مع كوريا الشمالية في ولايته الأولى، على الرغم من تعثر الدبلوماسية في نهاية المطاف.

وليس من الواضح أي خيار سيختاره ترمب، الذي تحدَّث عن تجنب حرب عالمية ثالثة، والتوسط في صفقات مع طهران.

في حين أصرَّ ترمب على أنه يسعى إلى تجنب التصعيد الهائل في الشرق الأوسط، فإنه قال لمجلة «تايم»، في مقابلة نُشرت يوم الخميس، إن هناك فرصةً لأن تخوض الولايات المتحدة حرباً مع إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن طهران خطَّطت لاغتياله، وقال: «أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلب للغاية».

ولم يقم بعض المسؤولين الجدد في الإدارة بعد بإبداء رأيهم الكامل في هذه القضية، وقد تتغير المقترحات المتعلقة بإيران مع تولي المسؤولين الحكوميين مناصبهم، وتوافر المعلومات السرية، وعقد المناقشات مع الحلفاء الإقليميين مثل إسرائيل.

والأمر الحاسم هو أن ترمب نادراً ما يخوض بعمق في التفاصيل المتعلقة بمسائل السياسة الخارجية حتى يتم تقديم خيارات نهائية له ويجب اتخاذ قرار، كما يقول مسؤولون سابقون في إدارة ترمب.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد إجراء 3 مكالمات مع ترمب، قال نتنياهو إنهما «يتفقان على التهديد الإيراني في جميع مكوناته، والخطر الذي يشكِّله».

وقال مسؤولون سابقون إن ترمب درس فكرة توجيه ضربات استباقية للبرنامج النووي الإيراني نحو نهاية ولايته الأولى، بعد وقت قصير من كشف المفتشين الدوليين عن نمو مخزون إيران من المواد النووية، لكن ترمب، الذي كان من بين القادة الذين عارضوا بشدة، لم يعلق على هذا الأمر.

وبعد أن ترك منصبه، نفى منذ ذلك الحين أنه فكَّر في العمل العسكري بجدية، مدعياً أن كبار مساعديه وضعوا خطط حرب ودفعوه إلى تفويض ضربة.

وقال مساعدو ترمب والمقربون منه، الذين يدعمون الخيارات العسكرية لولايته الثانية، إن الفكرة الرئيسية ستكون دعم الضربات الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية؛ مثل «فوردو» و«أصفهان»، وربما حتى مشاركة الولايات المتحدة في عملية مشتركة.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

يقول كثير من المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين إن هناك شكوكاً كبيرة حول مدى نجاح إسرائيل في شن هجوم منفرد على المنشآت النووية الإيرانية، وبعضها مدفون عميقاً تحت الأرض.

ومع ذلك، يصرُّ بعض حلفاء ترمب على أن الأشهر الأولى من عودته إلى منصبه تُقدِّم له فرصةً نادرةً لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، بينما النظام في وضع ضعيف.

وفكرت إسرائيل لسنوات في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكنها لم تفعل ذلك، جزئياً؛ بسبب الحذر الأميركي ضدها.

وفي عام 2012، حذَّرت إدارة أوباما نتنياهو من شن هجمات، بينما كانت إيران تبني برنامجها النووي قبل الاتفاق النووي لعام 2015. وقالت إدارة بايدن باستمرار إنها تسعى إلى حل دبلوماسي للتقدم النووي الإيراني.

ستكون المناقشات حول ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية مختلفةً هذه المرة.

وقال غابرييل نورونها، الذي عمل على ملف إيران في وزارة الخارجية خلال إدارة ترمب الأولى: «هناك دعم قوي لإسرائيل لاتخاذ إجراء عسكري كما تراه في مصلحتها، ولا تملك إيران مساحةً كبيرةً قبل أن تصل إلى الخطوط الحمراء لإسرائيل، ولا تزال تبدو عازمة على التصعيد أكثر».

ويقول المسؤولون في فريق ترمب إنهم ينوون فرض العقوبات الحالية وفرض عقوبات جديدة، بما في ذلك إعادة تصنيف الحوثيين المدعومين من طهران في اليمن «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً»، ومنع الدول التي تشتري النفط الإيراني من شراء الطاقة الأميركية.

لكن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود أكثر من زيادة الضغوط الاقتصادية والمالية؛ لأن إيران «تحاول بنشاط قتل الرئيس ترمب، وهذا يؤثر بالتأكيد في تفكير الجميع عندما يتعلق الأمر بما ستكون عليه العلاقة في المستقبل».

وقدمت إيران للولايات المتحدة تأكيدات بأنها لن تغتال ترمب رداً على أمره الصادر في عام 2020 بقتل الجنرال قاسم سليماني، وهو العمل العسكري الأكثر عدوانية من قبل الولايات المتحدة ضد إيران منذ سنوات.

وأشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أنه منفتح على المحادثات الدبلوماسية مع إدارة ترمب المقبلة، التي تصرُّ على أنه لا يمكن مواجهة شبكة وكلاء طهران بالكامل ما لم يتم حرمان إيران من الموارد الاقتصادية والعسكرية. وقال مسؤول: «إنها رأس الأخطبوط. لن نحلَّ كل هذه القضايا حيث هي. سنحلها في كيفية تعاملنا مع طهران».

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

ويبدو أن الرئيس الإيراني الجديد يستجيب لرغبة ترمب في إبرام اتفاقات رفيعة المستوى، فقد كتب جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في مجلة «فورين أفيرز»، الأسبوع الماضي: «بزشكيان يأمل في إجراء مفاوضات بشأن الاتفاق النووي... وربما أكثر».

ولكن النهج الدبلوماسي له عيوبه. يقول المسؤولون الإيرانيون إنهم لن يتفاوضوا مع الولايات المتحدة تحت الضغط، وأخبروا المسؤولين الأوروبيين في جنيف، الشهر الماضي، بأنهم لن يتخذوا أي خطوات أحادية الجانب لتقليص برنامجهم النووي.

وفقاً لتقديرات استخباراتية أميركية، صدرت الأسبوع الماضي، تمتلك طهران بالفعل ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج أكثر من 12 قنبلة نووية، وعلى الرغم من أن إيران لا تبني قنبلة حالياً، فإن التقرير قال إنها مستعدة بشكل أفضل للقيام بذلك بفضل الأبحاث التي أجرتها في الأشهر الأخيرة.

لقد أوضح المسؤولون الإيرانيون، منذ فترة طويلة، أن رد فعلهم على أي ضربة سوف يكون طرد مفتشي الأمم المتحدة، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تلزم إيران بوقف برنامجها النووي.

والدولة الوحيدة التي فعلت ذلك هي كوريا الشمالية، التي بدأت في إنتاج الأسلحة النووية سراً، وهو المسار الذي لمَّحت طهران إلى أنها قد تسلكه.