دبلوماسي بريطاني: صالح يناقض تعهداته و«2216» أساس الحل

إدموند براون
إدموند براون
TT

دبلوماسي بريطاني: صالح يناقض تعهداته و«2216» أساس الحل

إدموند براون
إدموند براون

انتقد السفير البريطاني في اليمن تصريحات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، التي تنصل فيها من التزام حزبه بالمرجعيات الثلاث للتسوية السياسية في اليمن، التي تتمثل في المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216.
وقال إدموند براون، سفير المملكة المتحدة في اليمن لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات صالح تناقض التزامه مع الحوثيين في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بالمرجعيات الثلاث الأساسية في أي حل سياسي للأزمة اليمنية. وكان الرئيس السابق علي عبد الله صالح قال إنه لم يعد مقبولاً ولا من المنطق الحديث عما يسمى بالدولة الاتحادية، أو مخرجات الحوار الوطني، أو المبادرة الخليجية، والقرار 2216، مبينًا أن كل هذه الأمور ماتت ودفنت.
وجدد السفير البريطاني في اليمن تأكيد ما أقره وزراء اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، الإمارات) في الرياض يوم 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمشاركة سلطنة عمان والمبعوث الأممي لليمن بشأن اقتراحات الأمم المتحدة التي تقوم على أساس المرجعيات الثلاث. وأضاف: «الوزراء حثوا أيضًا أطراف الصراع على إجراء مشاورات بناء على مقترحات الأمم المتحدة بما فيها المرجعيات، وكلام صالح الأخير يناقض البيان الصادر في 16 نوفمبر الماضي من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام التابع لصالح وجماعة أنصار الله الحوثيين والتزامهم بمقترحات الأمم المتحدة والمرجعيات».
وأكد براون أن مقترحات الأمم المتحدة الأخيرة تمثل أفضل طريق إلى حل سياسي يمثل كل اليمنيين. في سياق متصل، تحدثت أنباء إعلامية عن قيام الحوثيين بالاستيلاء على ودائع البنك المركزي اليمني الخاصة بصندوق التأمينات والمعاشات لموظفي الدولة المتقاعدين. وقال علي البخيتي، وهو قيادي سابق في جماعة الحوثيين، على صفحته الرسمية بـ«فيسبوك» إن الحوثيين إلى جانب نهب ودائع التأمينات والمعاشات الخاصة بالمتقاعدين، قاموا بنهب ودائع البنوك التجارية ومؤسسات حكومية أخرى مستقلة تمامًا ماليًا عن وزارة المالية.
وكانت نظمية عبد السلام، المديرة التنفيذية لصندوق النشء والشباب، قدمت استقالتها لوزير الرياضة والشباب قبل يومين، نتيجة لما وصفته بالعبث الذي ذبح النظام والقانون من الوريد إلى الوريد.
وبحسب المديرة المستقيلة، فإن وزارة المالية الخاضعة لسلطة الحوثيين استولت على مبلغ 500 مليون ريال في البنك المركزي خاصة بصندوق النشء والشباب تمثل التزامات للاتحادات والأندية والشباب والرياضيين، مؤكدة أن وزارة المالية منذ تأسيس الصندوق عام 1996 لم تقدم فلسًا واحدًا للصندوق. ورأت عبد السلام في خطاب استقالتها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن على حكومة صنعاء إعلان حالة الطوارئ وتعطيل العمل بالدستور والنظام والقانون، لكون ما حصل هو نتيجة للوضع الراهن في اللادولة والفوضى المالية والإدارية.



«المركزي اليمني» يواجه استحواذ الانقلابيين على شركتين دوائيتين

دعم كبير يحظى به البنك المركزي اليمني رسمياً وشعبياً بعد قراراته الأخيرة (موقع البنك)
دعم كبير يحظى به البنك المركزي اليمني رسمياً وشعبياً بعد قراراته الأخيرة (موقع البنك)
TT

«المركزي اليمني» يواجه استحواذ الانقلابيين على شركتين دوائيتين

دعم كبير يحظى به البنك المركزي اليمني رسمياً وشعبياً بعد قراراته الأخيرة (موقع البنك)
دعم كبير يحظى به البنك المركزي اليمني رسمياً وشعبياً بعد قراراته الأخيرة (موقع البنك)

عزَّز البنك المركزي اليمني مساعيه للسيطرة على العمليات المصرفية في البلاد، وتشديد قبضته لتجفيف إيرادات الجماعة الحوثية وعملياتها المالية، وأصدر قرارين؛ ألغى أولهما تراخيص خمس شركات ومنشآت صرافة، وقضى الثاني بعدم التعامل المالي مع الإدارتين اللتين استحدثتهما الجماعة لشركتين دوائيتين في صنعاء.

وأعلن محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب، إيقاف تراخيص كل من: شركة هوام للصرافة، وشركة بيور موني للصرافة، ومنشأة توب توب للصرافة، ومنشأة السهم الأسرع للصرافة، ومنشأة القاسمي إكسبرس للصرافة، وذلك بناء على المخالفات المثبَتة بتقرير النزول الميداني المرفوع من قطاع الرقابة على البنوك.

كما أصدر البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، تعميماً موجهاً إلى كل البنوك والمصارف العاملة في البلاد بالتعامل فقط مع الإدارتين القانونيتين المخوَّلتين للشركة الدوائية الحديثة، والشركة العالمية لصناعة الأدوية، ومنع حجز أي أرصدة أو أي حسابات خاصة بهما أو التصرف بها بناءً على أي أوامر أو طلبات تصل إلى البنوك والمصارف من قِبل أي جهة غير قانونية.

جاء هذا القرار خلال أقل من شهر من استيلاء الجماعة الحوثية على مقرات الشركتين في صنعاء، ومحاولة استحواذها على أرصدتهما وأموالهما.

ويُعدّ قرار إيقاف شركات ومنشآت الصرافة الخمس هو الثالث من نوعه خلال أقل من أسبوعين، ليصل عدد الشركات التي جرى إيقاف تراخيصها حتى الآن إلى 15 شركة ومنشأة صرافة، بينما لأول مرة تصدر قرارات من البنك المركزي للرد على سيطرة الجماعة الحوثية على الشركات العمومية.

تعميم من البنك المركزي اليمني في عدن بشأن الشركة الدوائية الحديثة والشركة العالمية لصناعة الأدوية (إكس)

وأوضح مصدر مسؤول في البنك المركزي اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، أن القرارات الأخيرة بإلغاء تراخيص شركات ومنشآت الصرافة جاء بعد التأكد من مخالفاتها قراراته الخاصة بضبط العمليات المصرفية، والعمل ضمن الشبكة الموحدة للحوالات.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن بياناته، أنه ثبت تورط عدد من مالكي وإدارات الشركات والمنشآت التي جرى إيقافها بتهريب الأوراق النقدية المحلية والأجنبية لصالح الجماعة الحوثية، سواء إلى مناطق سيطرتها أم إلى خارج البلاد لخدمة أعمالها المشبوهة.

استهداف سوق الدواء

منذ قرابة الشهر، سيطرت الجماعة الحوثية على الشركة الدوائية الحديثة والشركة العالمية لصناعة الأدوية في العاصمة صنعاء، واقتحم مسلحو الجماعة مقراتهما واختطفوا موظفيهما وحققوا معهم، متخذة سلسلة من الإجراءات لتقليص وإزاحة أكبر المساهمين في الشركتين، ومنعهم من الحصول على أرباحهم تحت حجة موالاة الحكومة اليمنية، ورفض ضم قيادات حوثية إلى المساهمين فيهما.

يقول الباحث الاقتصادي عادل شمسان، لـ«الشرق الأوسط»، إن قرار البنك المركزي الخاص بمنع التعامل إلا مع الإدارتين القانونيتين للشركتين يأتي في إطار الحفاظ على الملكيات العامة للدولة، بعد مساعي الجماعة للسيطرة عليها، ويأتي للرد على إجراءاتها الهادفة إلى تصفية شركات القطاع العام والمختلط لصالح الجماعة، وضمان وحماية حقوق المساهمين ومنع تجييرها لصالح مشروع الجماعة.

شركتا أدوية تخاطبان أصحاب المديونيات بوقف تسديدهم الديون بعد استيلاء الحوثيين عليهما (إكس)

ويربط الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي استحواذ الجماعة على الشركتين بحديث القيادي الحوثي مهدي المشاط، رئيس ما يُعرَف بالمجلس السياسي الأعلى للجماعة (مجلس الحكم الانقلابي)، منذ أكثر من عام، حول الاستثمار في مجال صناعة وتجارة الأدوية، حيث تعمل الجماعة على إزاحة الاستثمارات الكبرى في الصناعات الدوائية لإفساح المجال أمام استثماراتها الخاصة في هذا المجال.

وينوه الآنسي، في حديثه، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة تسعى إلى تصفية سوق الدواء من كل الاستثمارات الدوائية، ومنع تطور وتوسع الشركات القائمة، ومحاصرة الصناعات المحلية، في مخطط لحصول رجال الأعمال التابعين لها على توكيلات وصفات التركيبات الدوائية لتصنيعها محلياً، واحتكارها، وتجريف سوق الدواء تماماً.

وأدانت الحكومة اليمنية استيلاء الجماعة الحوثية على الشركتين، وصنفت تلك الإجراءات على أنها تجريف للقطاع الخاص وتضييق على رؤوس الأموال والبيوت التجارية المعروفة في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، لدفعها للمغادرة خارج البلد، لصالح شركات ومستثمرين تابعين للجماعة؛ بهدف السيطرة الكلية على القطاع التجاري.

تراجع الجرائم المالية

يتوقع أن تؤدي قرارات البنك المركزي اليمني وإجراءاته لإغلاق مؤسسات الصرافة المخالفة إلى تقليص عدد المنشآت العاملة في هذا المجال بشكل كبير؛ نظراً لأن الغالبية العظمى من هذه المؤسسات نشأت بسبب الخلل الكبير في القطاعين المالي والمصرفي، والذي كانت تغذيه وتستفيد منه الجماعة الحوثية للإضرار باقتصاد البلد، وتنمية إيراداتها وزيادة ثرائها.

ويذهب الباحث الاقتصادي اليمني رشيد الآنسي إلى أن هذا القطاع كان يدر أرباحاً مهولة من المضاربة بالعملة وغسيل وتهريب الأموال، وهي الجرائم التي كان العائد الأكبر منها يصب في صالح الجماعة الحوثية.

منذ سنوات بدأت الجماعة الحوثية إجراءات تعسفية ضد المستثمرين للسيطرة على سوق الأدوية (إعلام حوثي)

ونبه إلى أن المتاجرة بالأوراق المالية القديمة والجديدة لتحصيل فارق السعر الذي فرضته الجماعة الحوثية للإضرار بالعملة المحلية المعتمدة لدى الحكومة الشرعية، كانت تجري في مناطق الحكومة الشرعية، خصوصاً في محافظة مأرب التي استخدمتها الجماعة للمبادلة بين الأوراق النقدية القديمة والجديدة، ولتهريب الأموال لصالح الجماعة، سواء إلى مناطق سيطرتها أم إلى سلطنة عمان.

ويرجح أن عدداً كبيراً من هذه الشركات ستغلق أبوابها بعد قرارات البنك المركزي الأخيرة التي سدَّت أمامها قنوات الربح المهول الذي كانت تتحصل عليه بالإضرار بالعملة والاقتصاد المحليين.

ويلاحظ الباحث عادل شمسان أن قرارات البنك المركزي بدأت تؤتي ثمارها رغم تأخرها سنوات طويلة، ومع توقف تصدير النفط والغاز بفعل الأعمال العدائية الحوثية، فإن السياسة النقدية التي يقودها البنك المركزي سيكون لها أثر كبير في منع الانهيار المستمر للاقتصاد المحلي، إلى جانب محاصرة مصادر تمويل الجماعة الحوثية، والحد من تأثيرات جرائمها المالية.