حكومة السراج تترنح بعد استقالة مفاجئة لنائبه ووزيرينحكومة السراج تترنح بعد استقالة مفاجئة لنائبه ووزيرين

فجرت استقالة مفاجئة لأحد أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، ووزيرين، تساؤلات بشأن مصير الحكومة التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، بينما عقد أمس مجلس النواب جلسة بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد خصصت لمساءلة الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني.
وظهر موسى الكوني عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق وهو أحد نواب السراج، في مؤتمر صحافي عقده أمس وهو يبكي ويغالب دموعه أمام الكاميرات التلفزيونية، قبل أن يقول نصا «أعتذر للشعب الليبي عن فشلي، وأعلن للشعب عن استقالتي من المجلس الرئاسي لحكومة السراج». ويعتبر الكوني ثالث أعضاء المجلس الرئاسي المكون أساسا من تسعة أعضاء برئاسة السراج، يستقيل من منصبه بعد استقالة مماثلة تقدم بها عضوان آخران احتجاجا على محاولة إقصاء المشير خليفة حفتر من منصبه كقائد عام للجيش الوطني الليبي. وأضاف الكوني «استقالتي ليست تخليا عن السلطة، ولكن حتّى لا ينهار الاتفاق السياسي الذي لم يكن التوصل إليه أمرا سهلا»، في إشارة إلى اتفاق السلام المبرم برعاية بعثة الأمم المتحدة في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية العام الماضي.
وتابع: «يصعب على أي شخص أو جهة تنفيذ الاتفاق السياسي بشكله الحالي، لن أكون في أي منصب بعد استقالتي من المجلس الرئاسي»، لافتا إلى أنه «لا سلطة للمجلس الرئاسي على مؤسسات الدولة ولا نحكم البلاد إلا اسميا»، على حد تعبيره. ولخص من وجهة نظره الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن قائلا: «الجميع يحكم في ليبيا، ولا أحد يسيطر»، معتبرا أن «كل المعطيات الأمنية والسياسية أدت إلى فشلنا في إدارة الدولة».
وقال: «نحن مسؤولون عما حدث العام الماضي من مآسٍ وقتل واغتصاب واجتياح وهدر المال العام وتهريب وجرائم، فنحن مسؤولون بالقانون والمنطق والأخلاق، لقد فشلنا وأُفشلنا في حل المشكلة السياسية في البلاد، حاولنا عدم الاصطدام بالأطرف التي تريد أن تسيطر على السلطة والأموال وأن تحكم مناطق نفوذها».
ومضى إلى القول: «لم يساعدنا أحد في حل المشكلة التي يعرفها الجميع، وحتى الاتفاق السياسي لم يلتزم الموقعون عليه بما ورد فيه». وقال الكوني إنه يعتذر للشعب عما اتخذه من قرارات سواء بقصد أو من دون قصد، مشيرا إلى أنه قرر الاستقالة من منصبه عقب اجتماع عقده أمس للمجلس الرئاسي وأنه لم يخبر أي مسؤول آخر باعتزامه الإعلان عن الاستقالة المفاجئة.
والى جانب استقالة الكوني، قال مسؤولون في مكتب السراج لـ«الشرق الأوسط» إن وزيري الداخلية والتخطيط في الحكومة التي لم يعترف بها مجلس النواب بعد، تقدما أيضا باستقالة مفاجئة من منصبيهما. والتزمت حكومة السراج الصمت حيال هذه التطورات، لكنها قالت في بيان مقتضب نشرته إدارة التواصل والإعلام برئاسة مجلس الوزراء الليبي، إن المجلس الرئاسي لا يزال منعقدًا ومستمرًا في عمله، مشيرة إلى أنه سيتم البحث مع النائب الكوني في مسألة استقالته.
ومن شأن هذه الاستقالات أن تهدد عمليا مصير حكومة السراج التي خيبت التوقعات المحلية بشأن نجاحها على الرغم من الدعم الغربي والأممي، لكنها أخفقت في السيطرة على الميلشيات المسلحة التي تهيمن على العاصمة طرابلس بقوة السلاح. وكان سبعة من أعضاء المجلس الرئاسي الليبي قد وصلوا بطريق البحر إلى العاصمة طرابلس نهاية شهر مارس (آذار) الماضي من تونس على متن قارب إلى قاعدة أبو ستة البحرية في طرابلس وسط إجراءات أمنية مشددة، متحدين محاولات لمنعهم من دخول العاصمة وتنصيب حكومة وحدة تدعمها الأمم المتحدة.
وانبثقت حكومة السراج عن اتفاق الصخيرات توسطت فيه الأمم المتحدة بهدف إنهاء الأزمة السياسية التي تعيشها ليبيا وتسوية صراع مسلح والتصدي للنفوذ المتنامي لتنظيم داعش المتطرف. واعترفت قوى غربية بحكومة الوفاق كحكومة شرعية وحيدة لليبيا لكنها تواجه معارضة مستمرة من متشددين في شرق ليبيا وغربها، كما لم تتمكن هذه الحكومة من الحصول على تصويت بالموافقة من البرلمان المعترف به في شرق ليبيا كما ينص الاتفاق.
في المقابل خصص جلسة مجلس النواب الليبي أمس جلسته بمقره في مدينة طبرق لمساءلة الحكومة الموالية له برئاسة عبد الله الثني والأجهزة الرقابية بالدولة. وكان رئيس المجلس عقيلة صالح الذي عاد إلى ليبيا قد أبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي لدى اجتماعهما في القاهرة أنه سيتم مناقشة وضعية الاتفاق السياسي وما تناولته اجتماعات القاهرة بين الأطراف الليبية، مع أعضاء مجلس النواب وكل الأطراف لإيجاد حلول مناسبة يتفق عليها الجميع في ليبيا وبما يؤدي إلى الانتقال من المرحلة الانتقالية والقضاء على الإرهاب.
ومنذ عام 2014 يتنافس في ليبيا برلمانان لكل منهما حكومة تمثله وتحالفات فضفاضة لكتائب مسلحة تدعمه. وصعدت فصائل مسلحة بالحكومة الموجودة في طرابلس إلى السلطة بعد انتصارها في معركة للسيطرة على العاصمة قبل نحو عامين. ومن المقرر أن يعقد بمقر الجامعة العربية في العاشر من الشهر الجاري اجتماع تشاوري للمندوبين الدائمين المعتمدين لدى الجامعة بحضور الممثل الخاص للأمين العام للجامعة إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي.