موسكو تستبعد «الهيئة» عن «آستانة»... والفصائل تتمسك بـ {المتمرسين} في المفاوضات

تحذير من نسف مرجعية جنيف وقرارات مجلس الأمن

صورة غير مؤرخة وفرتها وزارة الدفاع الروسية، أمس، تظهر عمل المهندسين العسكريين الروس على إزالة الألغام في المنطقة الشرقية من حلب (إ.ب.أ)
صورة غير مؤرخة وفرتها وزارة الدفاع الروسية، أمس، تظهر عمل المهندسين العسكريين الروس على إزالة الألغام في المنطقة الشرقية من حلب (إ.ب.أ)
TT

موسكو تستبعد «الهيئة» عن «آستانة»... والفصائل تتمسك بـ {المتمرسين} في المفاوضات

صورة غير مؤرخة وفرتها وزارة الدفاع الروسية، أمس، تظهر عمل المهندسين العسكريين الروس على إزالة الألغام في المنطقة الشرقية من حلب (إ.ب.أ)
صورة غير مؤرخة وفرتها وزارة الدفاع الروسية، أمس، تظهر عمل المهندسين العسكريين الروس على إزالة الألغام في المنطقة الشرقية من حلب (إ.ب.أ)

تتسارع التحضيرات الروسية الهادفة إلى إطلاق محادثات سياسية بين المعارضة السورية وممثلين عن النظام في العاصمة الكازاخية آستانة، غير أن هذه المساعي تهددها ثلاثة معوقات، وهي: خرق النظام وقف إطلاق النار، ومحاولة موسكو استبعاد الهيئة العليا للمفاوضات، والثالث إعلان الفصائل الموقعة على الاتفاق إلزامها التام بحضور المعارضة السياسية المتمرّسة في العملية التفاوضية.
ورغم اقتراب تشكيل المعارضة وفدها إلى مؤتمر آستانة مع منتصف الشهر الحالي، أوضح رئيس وفد المعارضة السورية إلى جنيف، العميد أسعد عوض الزعبي، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم يتم حتى الآن توجيه دعوات للهيئة، لا من الروس ولا من قبل الأتراك»، مشيرًا إلى أن الهيئة «ستعقد اجتماعًا لها في وقت قريب في الرياض»، لافتًا إلى أن «أمورًا أساسية غير واضحة في بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته بعض الفصائل مع الروس، عدا وجود بنود ضبابية».
ولا يبدو الزعبي قلقًا من تغييب الهيئة العليا عن أي مفاوضات، ويقول: «لا تستطيع روسيا أن تقلل من دور الهيئة العليا للمفاوضات، ونحن واثقون بأنه لا يمكن إجراء مفاوضات خارج موافقة الهيئة»، مذكرًا بأن «أسامة أبو زيد (المستشار القانوني للجيش الحر) الذي تحدث باسم الفصائل الموقعة على الاتفاق، أكد أنه لا يمكن المشاركة في أي مفاوضات ما لم تكن الهيئة العليا موجودة على الطاولة».
إلى ذلك أعلن مصدر بارز في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهيئة العليا للمفاوضات، ستجتمع في العاشر من الشهر الحالي في الرياض، لبحث المستجدات، واتخاذ موقف واحد بالمشاركة أو عدمها في محادثات آستانة»، مضيفا أن «الأمر يحتاج إلى دراسة متأنية ومناقشة سلبيات وإيجابيات القرار».
أما عضو المكتب السياسي في الجيش السوري الحرّ، زكريا ملاحفجي، فرأى، أن الروس «لديهم رغبة واضحة بإبعاد الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف السوري عن اتفاق وقف النار، وحتى عن محادثات آستانة المقررة منتصف الشهر الحالي، وأنهم ركزوا على إبرام اتفاق مع الفصائل العسكرية التي تتواجه معهم عسكريًا، ومع تركيا الدولة المؤثرة على هذه الفصائل».
وأوضح أن الجانب الروسي «عبر صراحة خلال اجتماعه بالفصائل، عن رغبته باستبعاد الهيئة العليا للمفاوضات بشكل كامل، غير أن الفصائل الموقعة على الاتفاق ملتزمة التزامًا ثابتًا وأكيدًا، بتمثيل القوى السياسية الشرعية الممثلة بالائتلاف السوري والهيئة العليا خصوصًا الدكتور رياض حجاب»، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الفصائل «بحاجة إلى وجود الطرف السياسي المتمرّس في العملية التفاوضية، ومن المستحيل تخطيه أو تجاهله».
ويسود الغموض مآل المحادثات التي تستعجل روسيا عقدها قبل تسلم دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما أشار إليه عضو الائتلاف السوري أحمد رمضان، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن ليس واضحًا طبيعة اجتماع آستانة من ناحية جدول أعماله والمشاركين فيه، وما إذا كانت الأمم المتحدة ستحضر أم لا، ومواقف الدول الـ15 الصديقة للشعب السوري والمخرجات المتوقعة منه». ورأى أن موسكو «تسعى لفرض أجندتها على الاجتماع من خلال التحكم بوفد المعارضة وتحديد محاور النقاش».
وكانت موسكو وأنقرة رعتا اتفاقًا يوم الخميس الماضي، يلزم أطراف الصراع في سوريا بوقف شامل لوقف النار على كل الأراضي السورية، والتحضير لمفاوضات الحل السياسي للأزمة السورية بالطرق السلمية.
وشدد أحمد رمضان على أن «وفد المعارضة في أي عملية تفاوضية يجب أن تشكله الهيئة العليا للمفاوضات، التي تضم ممثلين عن الائتلاف الوطني بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري، وعن القوى العسكرية والشخصيات المستقلة وهيئة التنسيق». وأضاف: «رغم ما ورد في نصوص اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار».
ولم تُعلن، حتى الآن، بنود الورقة التي اعتمدها الروس والأتراك وثيقة لمفاوضات آستانة المرتقبة، لكن العميد أسعد الزعبي، أكد أن «أي وثيقة للمفاوضات لا يمكنها أن تتجاهل قراري مجلس الأمن الدولي (2118) و(2254) اللذين صوتت عليهما الدول الـ15 في مجلس الأمن، واللذين اتخذا من بيان جنيف قاعدة للحل في سوريا». وسأل: «لماذا نترك كل هذه القرارات ونذهب إلى آستانة؟ وما فائدة مفاوضات من خارج الأمم المتحدة تقتصر الرعاية فيها على روسيا وتركيا؟»، مؤكدًا أن «أي حديث خارج مرجعية جنيف وقرارات الأمم المتحدة هو مضيعة للوقت، ومحاولة روسية لشرذمة المعارضة».
ولا يرى أحمد رمضان أي مشكلة في «تمثيل هيئة التنسيق ضمن الهيئة العليا للمفاوضات»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن «القوى الكردية المنخرطة في صفوف الثورة، وفي المقدمة منها المجلس الوطني الكردي، الذي يضم القوى السياسية المؤثرة في الساحة الكردية، ممثلة أيضًا في الهيئة العليا والوفد المفاوض»، لكنه اعتبر أن «ما يسمى المنصات، هي مؤتمرات لا تعكس تيارًا سياسيًا منسجمًا، والذين شاركوا فيها ليسوا بعيدين عن النظام أو موسكو، ولذلك هم لا يمثلون المعارضة ولا يمكن أن يمثلوا في المفاوضات باسم المعارضة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».