أيقونات التعليم الثانوي السودانية خالدة في ذاكرة خريجيها

خورطقت وحنتوب ووادي سيدنا ... مدارس صنعت نخبة البلاد

مدرسة خورطقت افتتحت رسميًا في 28 يناير 1951
مدرسة خورطقت افتتحت رسميًا في 28 يناير 1951
TT

أيقونات التعليم الثانوي السودانية خالدة في ذاكرة خريجيها

مدرسة خورطقت افتتحت رسميًا في 28 يناير 1951
مدرسة خورطقت افتتحت رسميًا في 28 يناير 1951

كان طلاب المدارس القومية (خورطقت، وحنتوب، ووادي سيدنا) في السودان يفارقون ويودعون مدارسهم بعيد تخرجهم بـ«نشيد الوداع» للشاعر الاسكوتلندي روبرت برنز مرددين: «هل ننسى أيامًا مضت.. هل ننسى ذكراها.. هل ننسى أيامًا مضت مرحًا قضيناها»، بكل ما يحمله النشيد العالمي من حنين.
يودعون موطئ الذكريات وبواكير الصبا والتعلم، على أمل أن يعودوا إليها وقد أصغت الدنيا إليهم بآذان كبيرة، ليردوا لها بعض جميلها وبعض إحسانها. لكن ابتداءً من عام 1992، لم تعد هذه المدارس موجودة بصفتها القديمة، ولم تعد متاحة للذين ينوون الاحتفال بيوبيلها الماسي بعد أن احتفلوا بيوبيليها الفضي والذهبي. فقد صدر قرار حكم بإعدام تلك المدارس التي صنعت النخبة السودانية وألغاها من الوجود، وحولها بجرة قلم قاني الحمرة إلى جامعات. ألغيت المدارس الثلاث، لكن القرار لم يفلح في إلغاء ذاكرة ومخيلة التعليم والمتعلمين في البلاد التي تحفظ خريطة نفسية وثقافية واجتماعية متكاملة في ذاكرة غير قابلة للمحو.
ترتبط مدارس «خورطقت، وحنتوب، ووادي سيدنا» الثانوية، في ذاكرة الذاكرين بأيام عز التعليم السوداني، فقد أنشئت على أيام الاستعمار البريطاني لتخدم جامعة الخرطوم الحالية، وكلية غردون التذكارية في ذلك الوقت. فكانت واسطة عقد التعليم الثانوي المؤهل لدخول الجامعات في البلاد، لأنها أنجبت معظم مشاهير البلاد في السياسة والثقافة والفنون وضروب شتى الحياة.

حنتوب.. «هدهد» على ضفاف النيل

بدأت حكاية هذه المدارس الشهيرة التي لا تضاهيها شهرة إلا جامعة الخرطوم، نهاية النصف الأول من القرن الماضي، بمدرسة حنتوب الثانوية، وتقع على الضفة الشرقية للنيل الأزرق عند ضاحية حنتوب شرق مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة في سبتمبر (أيلول) 1946، واتخذت «الهدهد» شعارًا لها.
أنشئت هذه المدرسة لتستوعب طلابًا من كل أنحاء السودان، ما جعل منها بوتقة صهرت النخبة بالوطنية، فضلا عن تلاميذ من اليمن الجنوبي والصومال البريطاني، وتم تعيين الإنجليزي لويس براون أول ناظر لها يساعده المستر كرايتون والأستاذ أحمد محمد صالح.
وعقب إنشاء مدرسة حنتوب بقليل تم إنشاء مدرسة خورطقت الثانوية، وتبعد عن مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان نحو تسعة كيلومترات شرقًا، في منطقة خورطقت التي أخذت منها الاسم، واتخذت من شجرة التبلدي شعارًا لها. وحسب الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه، نجل أول وزير للمعارف السودانية، فإن هذه المدرسة العريقة افتتحت على يد وزير المعارف عبد الرحمن علي طه في 28 يناير (كانون الثاني) 1950.
وتجذرت هذه المدارس التي بناها البريطانيون في خلاء بعيد عن ضجة المدن في ذاكرة وجدان الشعب منذ تأسيسها، وتخرج فيها غالب القيادات التي قادت السودان في مختلف ضروب الحياة والمعارف.
ومتى ما جاءت سيرة «حنتوب» يجيء اسم الرئيس الأسبق جعفر النميري الذي حكم البلاد 1969 - 1985، والزعيم الإسلامي الراحل حسن الترابي، عراب حكومة الرئيس عمر البشير الحالية، وسكرتير الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد، ورئيس وزراء انتفاضة 6 أبريل (نيسان) 1985 - 1986 الجزولي دفع الله، ورئيس انقلاب 19 يوليو (تموز) 1971 المقدم بابكر النور، وعميد الصحافيين السودانيين محجوب محمد صالح، وجميعهم تخرجوا في هذه المدرسة الشهيرة، هذا فضلا عن كبار رجال السلك المدني من قضاة ومحامين ومديري جامعات.
ومن طرائف الأحداث في تلك المدرسة أن التقى الرئيس النميري وغريمه المطارد زعيم الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد ومدير المدرسة الأول الإنجليزي المستر براون الذي دعي من بلاده لحضور الاحتفال بالعيد الفضي للمدرسة 1973.
أعطى النميري القيادي الشيوعي «الأمان» ليخرج من مخبئه ليشارك في الحفل، وأدار المباراة الرئيسية مساعدا لحكم مباراة الكرة التي شارك باللعب فيها الرئيس النميري، ثم ترك ليعود لمخبئه دون أن يطارده رجال الأمن.
لم تخرج «حنتوب» سياسيين فقط ومهنيين فقط، بل تخرج فيها مبدعون أبرزهم الشاعر الهادي آدم شاعر «أغدًا ألقاك»، التي غنتها سيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم، وصلاح أحمد إبراهيم، والنور عثمان أبكر، ومحمد عبد الحي.

«خورطقت القومية» شعارها شجرة التبدلي

وبعيد سنين قليلة من إنشاء مدرسة حنتوب، بدأت حكاية مدرسة خورطقت 1950، ثم افتتحت رسميا في 28 يناير 1951 كمدرسة قومية، يقبل بها المتفوقون في امتحانات الشهادة السودانية من جميع أنحاء السودان، مثل رصيفتيها وادي سيدنا وحنتوب على يد وزير المعارف عبد الرحمن علي طه، وكان أول مدير لها هو النصري حمزة.
اختيرت شجرة التبلدي شعارا للمدرسة الجيدة، وهو شعار مستلهم من البيئة المحلية التي تهتم بشجرة التبلدي باعتبارها مخزنا للماء وطعامًا ومسكنًا، وأحيانًا ظلها مدرسة.
تم تصميم مباني المدرسة على شكل شجرة التبلدي، حين ينظر لها من أعلى، وتمثل منازل المعلمين الجذع الشجرة، وتقع الفصول في مكان الفروع الكبيرة، والمساكن الداخلية للطلاب تمثل الأفرع الصغيرة. كان عددها ثمانية في البداية، ثم بتطور المدرسة وزيادة سعتها الاستيعابية زادت إلى أحد عشر مسكنا داخليا.
حرصت وزارة المعارف على تزويد المدرسة بكل ما يجعل منها مدرسة تضاهي نظيراتها في بريطانيا، وجهزتها إضافة إلى الفصول الدراسية بالمعامل وقاعات الاجتماعات وسفر الطعام والمكتب الكبيرة واستوديو للتصوير الفوتوغرافي وقاعة للموسيقى، إضافة للمسجد وصالة الرياضة المختلفة ومنازل المعلمين والعمال. وسميت على المنطقة التي أقيمت فيها «خورطقت»، لتخدم رسالة تعليمية وتربوية ووطنية تقرب بين السودانيين، وتعرفهم على ثقافاتهم وقبائلهم المختلفة.
وكان لطلاب المدرسة دور كبير في السياسة السودانية طوال القرن الماضي، وكانوا ينظمون المظاهرات والاحتجاجات ضد الحكم العسكري والاحتجاج على سياساته. وتعاقب على إدارتها أشهر المعلمين في البلاد وقتها من بينهم مديرها الأول النصري حمزة.
ومثل رصيفتها «حنتوب» فقد تخرج فيها عدد كبير من أبناء النخبة السودانية، أبرزهم المشير عبد الرحمن سوار الذهب، ونائب الرئيس النميري ووزير الدفاع الفريق عبد الماجد حامد خليل، وشاعر الخلاسية الدبلوماسي محمد المكي إبراهيم، والشاعر والروائي الشهير فضيلي جماع، والسياسي والكاتب الجنوبي سوداني الشهير فرنسيس دينق مجوك.
وتلاقى خريجو المدرسة آخر مرة في عام 2003 للاحتفال بيوبيلها الذهبي، في مشهد وفاء نادر، لكنهم لم يجدوا المكان كما هو، ولا الزمان يشبه زمانهم، فقد صدر القرار الذي بموجبه تحولت «خورطقت» إلى كلية للهندسة جامعة كردفان، وتخرجت آخر دفعة فيها عام 1992 بعد صدور قرار إغلاقها هي وصيفاتها.

«وادي سيدنا».. من مؤسسة تعليمية إلى مدرسة حربية

أما ثالثة الأثافي مدرسة وداي سيدنا، شيدت أول مرة في منطقة شمالي أم درمان على مبعدة زهاء 13 كيلومترا، وشكلت مع رصيفاتها الوجدان الثقافي والسياسي السوداني، ورفدته برموز كبيرة من خريجيها. فقد كانت الأسوأ حظًا بين رفيقتيها، فقد شيدت أول مرة 1938 على الضفة الغربية للنيل. وسرعان ما تحولت إلى كلية عسكرية تضم الطلبة الحربيين، ونقلت المدرسة إلى موقع المدرسة الأميرية قرب السينما الوطنية في عهد الرئيس النميري، وبدلا من أن يبقيها محلها، أنشأ قرب المكان مدرسة جديدة أطلق عليها مدرسة خور عمر، ولعله أراد تخليد المكان الذي انطلق منه الانقلاب العسكري الذي جاء به للحكم في مايو (أيار) 1989 «خور عمر». لكن «خور عمر» من موقعها الجديد ظلت ترفد الواقع السياسي والاجتماعي، وتلعب دورا كبيرا في تشكيل الوجدان الوطني، وتخرج فيها عدد من الرموز الكبيرة في التاريخ السوداني المعاصر، وأبرزهم النائب الأول الأسبق للرئيس الفريق الزبير محمد صالح، وصاحب موسم الهجرة إلى الشمال الطيب صالح، والقاص الشهير علي المك، وزعيم الإخوان المسلمين بروفسور الحبر يوسف نور الدائم، وآخرون كثر.
ويحتفظ طلاب المدارس الثلاث بذكريات عزيزة، بل ويبذلون جهودًا حثيثة مع السلطات لإعادتها مجددًا، وفي هذا كتب أناشيد لهذه المدارس، وألفت حولها الكتب، وأشهرها ثلاثية البروفسور طبيب موسى عبد الله حامد عن مدرسة خورطقت «صدى السنين»، وكتاب «حنتوب» لمؤلفه النور موسى، وغنيت لها الأغاني وأشهرها الأغنية الذائعة الصيت «حنتوب الجميلة» للمغني الشهير الخير عثمان.
وبقرارات ما أطلق عليها «ثورة التعليم العالي» في السودان، تحولت مدرسة خورطقت إلى كلية الهندسة التابعة لجامعة كردفان، و«حنتوب» إلى كلية التربية التابعة لجامعة الجزيرة، بعد أن سبقتهما ثالثة الأثافي وتحولت إلى كلية حربية تخرج العسكريين.. فـ«هل ننسى أيامًا مضت مرحًا قضيناها؟».



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).