لا أحد يملي على المذيعة ميغين كيلي ما ترتديه

سطعت في برنامج «ذي كيلي فايل» على شاشة «فوكس نيوز» أثناء الحملات الانتخابية الرئاسية

ميغين كيلي (نيويورك تايمز)
ميغين كيلي (نيويورك تايمز)
TT

لا أحد يملي على المذيعة ميغين كيلي ما ترتديه

ميغين كيلي (نيويورك تايمز)
ميغين كيلي (نيويورك تايمز)

سطع نجم ميغين كيلي بقوة أثناء فترة الحملات الانتخابية الرئاسية لعام 2016، فهي تتولى تقديم برنامج «ذي كيلي فايل» عبر محطة «فوكس نيوز» في الوقت الذي يسعى فيه كثير من المحطات التلفزيونية لضمها إليها. علاوة على ذلك، تحقق كتبها أعلى مبيعات، بجانب أنها «أمّ، وزوجة، وابنة، وصديقة»، والكلمات الأربع الأخيرة هي ما تستخدمه كيلي في وصف نفسها.
والآن، لدى كيلي رسالة ترغب في أن تصل إلى مسامع الجميع. ترى كيلي أنه من الخطير أن يخص الرئيس المنتخب دونالد جيه. ترامب مواطنًا معينًا بالنقد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يبدو كأنه ضوء أخضر لأنصاره بشن حملة مسعورة ضد هذا الشخص. ورغم ذلك، فإن كيلي تدرك تمامًا ما يعنيه هذا الأمر لأنها سبق أن تحولت إلى هدف رئيسي لغضب ترامب على امتداد ما يقارب العام، بدءًا من أغسطس (آب) 2015. ونجحت كيلي في التغلب على هذه الضغوط عبر العمل الدؤوب الجاد وإدراكها لنقاط القوة والضعف لديها وسعيها المستمر نحو مزيد من النجاح، بحسب «نيويورك تايمز».
علاوة على ذلك، فإنها ليس لديها أدنى نية للاعتذار عن الفستان الكاشف عن كتفيها الذي ارتدته أثناء حلقة تغطية المؤتمر الوطني السنوي للحزب الجمهوري في يوليو (تموز) الماضي. وقد أثار هذا الفستان ضجة كبرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي لكشفها جزءًا كبيرًا من كتفيها، على نحو غير مألوف بالنسبة لملابس المذيعات اللائي يتولين تقديم برامج سياسية.
وعن ذلك، قالت كيلي: «كان فستانًا لطيفًا. إن المؤتمر السنوي للحزب الجمهوري يعد في جوهره مناسبة غير رسمية الطابع، وهناك بعض المناسبات التي يمكنك خلالها الإقدام على مجازفة ارتداء هذا النمط من الملابس. وعليه، فقد قلت لنفسي: (يمكنني القيام بذلك، يمكنني التصرف بذكاء وتحدٍّ أثناء تأدية عملي، وفي الوقت ذاته أرتدي فستانًا كاشفًا عن الكتفين، وسوف يثير هذا دهشة كل من حولي».
وفي محاولة لإثبات ذلك، تعمدت كيلي معاودة ارتداء الفستان ذاته مجددًا. وبررت ذلك بقولها: «لأنه كان بداخلي شعور قوي حيال هذا الأمر، فقد قررت أنني لن أسمح لأي شخص آخر بأن يفرض علي ما يعده لائقًا».
في الواقع، كان هذا النهج المميز لكيلي (46 عامًا) على امتداد السنوات القليلة الماضية منذ أن بدأت في بناء اسمها بوصفها شخصًا على استعداد لتحدي أصحاب النفوذ، واشتهرت برفضها الانصياع إلى أي معايير أو تصورات يحاول آخرون فرضها عليها فيما يخص ما يعد «لائقًا»، وقد رفضت جميع هذه المحاولات، سواء من المحطة التي تعمل لديها، أو أعضاء حزب سياسي، أو فرضيات شائعة بخصوص ما ينبغي وما لا ينبغي أن ترتديه المرأة التي تعمل بالمجال الصحافي.
وقد اشتهرت بمعاركها مع كثير من الأسماء اللامعة في مجالي السياسة والإعلام. أما ما لا يعرفه عنها كثيرون، فهو أن هذه الروح القتالية داخل كيلي تمتد لما وراء المقابلات والتقارير الصحافية التي تقدمها، لتصبح رسالة عامة بخصوص كيف ينبغي للنساء أن يقدمن أنفسهن إلى العالم. ببساطة، إن كيلي لا تتحدث عما ترغب في ارتدائه، وإنما ترتديه بالفعل.
وفي هذا الصدد، قالت تامي حداد، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة «حداد ميديا» والمديرة السابقة للشؤون السياسية لدى محطة «إم إس إن بي سي»: «لا يمكن للمرء أن يقلل من أهمية تأثير هذا الأسلوب. اللافت بشأن كيلي أن صورتها الشخصية وصورتها العملية أو التجارية واحدة. إنها تضفي روحًا قوية على عملها ومظهرها، ولا تسمح لذلك باعتراض طريقها. وهذا أمر جيد بالنسبة لكل النساء، ويختلف تمامًا عما سبق أن شاهدناه من قبل».
يذكر أنه على مدار سنوات سادت فكرة مفادها أن المذيعة، مثلما الحال مع نظيراتها ممن يتقلدن مناصب تنفيذية، ينبغي أن ترتدي ملابسها على نحو يشبه زملاءها الرجال، بمعنى أن ترتدي بدلة وسترة داكنة وبلوزة. وسادت هذه القواعد البرامج السياسية والنشرات الإخبارية بالمحطات التلفزيونية لسنوات بالفعل.
بطبيعة الحال، تبدل هذا الوضع الآن، وتراجعت صرامة قواعد الملبس بعض الشيء على نحو سمح بارتداء بعض المذيعات ملابس ملونة بألوان مبهجة براقة وفساتين ضيقة بعض الشيء.
من جهتها، أعربت حداد عن اعتقادها بأن «ثمة نمطًا جديدًا من النساء آخذ في الصعود الآن، يرفض القيود المفروضة عليهن».
وفي كتابها، ذكرت كيلي أنه عندما ذهبت لمقابلة ترامب للمرة الأولى منذ الخلاف العلني الذي اندلع بينهما، لمناقشة إمكانية أن تجري مقابلة صحافية معه، ارتدت فستانها الأسود الضيق المفضل لديها من تصميم «غوتشي»، وبررت اختيارها بأنها تشعر «بالقوة لدى ارتدائي هذا الفستان».
ومن خلال إقرارها بالدور المهم الذي تلعبه الملابس في حياتها وحالتها النفسية، تنتهك كيلي بذلك واحدًا من أواخر «التابوهات» القائلة بأنه: «إذا رغبت النساء في أن يتعامل معهن الآخرون بجدية، فإن عليهن الامتناع عن التعامل مع الموضة بجدية». في الواقع، هذا «التابوه» ينطوي بالفعل على قدر مفرط من البلاهة. وعلى هذا الصعيد، تعد كيلي واحدة من مجموعة من الشخصيات النسائية العامة التي تعمد إلى كسر هذه القاعدة، بما في ذلك السيدة الأولى ميشال أوباما التي سبق أن تعرضت لانتقادات لظهورها بفستان دون أكمام.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.