ملامح سياسة ترامب الخارجية تجاه آسيا تقلق زعماءها

تجاوز الأعراف الدبلوماسية الأميركية في تايوان والفلبين وباكستان

دونالد ترامب يشارك في حفل خيري نظمته المجموعة الهندوسية الجمهورية في نيوجيرسي في 15 أكتوبر الماضي (واشنطن بوست)
دونالد ترامب يشارك في حفل خيري نظمته المجموعة الهندوسية الجمهورية في نيوجيرسي في 15 أكتوبر الماضي (واشنطن بوست)
TT

ملامح سياسة ترامب الخارجية تجاه آسيا تقلق زعماءها

دونالد ترامب يشارك في حفل خيري نظمته المجموعة الهندوسية الجمهورية في نيوجيرسي في 15 أكتوبر الماضي (واشنطن بوست)
دونالد ترامب يشارك في حفل خيري نظمته المجموعة الهندوسية الجمهورية في نيوجيرسي في 15 أكتوبر الماضي (واشنطن بوست)

في غضون ثلاثة أسابيع، سيحل الرئيس المنتخب دونالد ترامب رسميا محل الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما. ومنذ فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، هزّت تصريحات ترامب العالم الدبلوماسي، ووقع تحت دائرة ضوء العالم بأسره، ووسائل الإعلام بشكل خاص ولا سيما فيما يتعلق بمقترحاته الانتخابية حيال قارة آسيا.
وتعمد إثارة غضب الصين عندما أعاد فتح التساؤلات المتعلقة بوضعية تايوان، كما أشاد بعبارات الثناء الأنيقة على الكثير من الحكومات ذات سجلات شائكة في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان، بما في ذلك باكستان، والفلبين، وكازاخستان، وروسيا.
وكانت أكبر المفاجآت منذ فوز ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية قراره افتعال المشاكل مع الصين. ولقد عرج ترامب في غير مناسبة خلال حملته الانتخابية على ذكر كلمة «تايوان» التي تعتبرها بكين تابعة لها، كما أفقد الرئيس المنتخب قادة الصين توازنهم عندما تعهد بتعزيز المساعدات والإسناد الأميركي إلى تايوان. وعبث بعش الدبابير أيضا عندما أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس التايواني، ضاربا عرض الحائط بأعراف البروتوكول الدبلوماسي في الولايات المتحدة. ومنذ عام 1979، أرست الولايات المتحدة أسس علاقاتها مع الصين، وتجنب الرؤساء الأميركيون والرؤساء المنتخبون إجراء المحادثات العلنية المباشرة مع قادة الجزيرة التايوانية، والتي تطالب الصين بل وتصر بسيادتها الكاملة عليها.
ولم يكن ترامب مباليا بدعم التفاهمات المقننة لما ينبغي على الولايات المتحدة أو لا ينبغي عليها فعله فيما يتعلق بتايوان، من واقع احترام الحساسيات الصينية في هذا الشأن. وتساءل ترامب: «لماذا ينبغي على واشنطن أن تحترم مخاوف بكين بشأن تايوان عندما أخفقت الصين في احترام المخاوف الأميركية بشأن حرية الملاحة والممارسات التجارية غير المنصفة؟».
وخلال مقابلة أجريت معه على شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية بتاريخ 11 ديسمبر (كانون الأول)، أوضح ترامب أن بإمكانه التخلي عن مبدأ «الصين الواحدة»، والذي يمنع واشنطن من إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تايوان، واستخدام هذا الانسحاب كورقة ضغط بغية الحصول على بعض التنازلات التجارية من بكين. كما أنه وجه الانتقادات نحو الصين حيال القضية التجارية، وبناء المواقع العسكرية في الجزر الاصطناعية في بحر الصين الجنوبي، وعنادها الواضح في عزل كوريا الشمالية عن العالم.
وبعد ذلك بأيام، اندفع ترامب في مواجهة الصين، متّهما إياها بسرقة غواصة الاستطلاع من دون قائد من القوات البحرية الأميركية. ولقد وافقت الحكومة الصينية على إعادة الغواصة، متهمة ترامب بالمبالغة الشديدة في وصف الحادثة.
ويرى هنري كيسنجر، زعيم الغموض الدبلوماسي الأميركي، بعض الفوائد في مواقف ترامب التي لا يمكن التنبؤ بها. وقال لشبكة «سي بي إس» الإخبارية: «إن دونالد ترامب يمثل الظاهرة التي لم تشاهدها الدول الأجنبية من قبل»، وأوضح أن أمام هذا الأخير فرصة سانحة لأن يكون رئيسا ذا أهمية بالغة لقدرته على ملء الفراغ الجزئي الذي تركه الرئيس باراك أوباما في مضمار السياسة الخارجية، و«توجيه الكثير من الأسئلة غير المألوفة».
وإشادة كيسنجر مثيرة للاستغراب، باعتبار أنه كان مهندس سياسة «الصين الواحدة» التي يحاول ترامب القضاء عليها.
ولم يقتصر خروج ترامب عن أعراف الدبلوماسية الأميركية في آسيا على الصين، بل إن مكالمته الهاتفية مع الرئيس الفلبيني رودريغو دوترتي ودعوته له إلى البيت الأبيض أثارتا جدلا واسعا. وعقب المكالمة، قارن دوترتي نفسه بترامب، وأشاد كثيرا بالرئيس الأميركي المنتخب، وأشار إلى أن الزعيمين بإمكانهما العمل سويا في المستقبل. ونقلت وكالة أسوشيتد برس الإخبارية عن الرئيس الفلبيني قوله: «إنني أحب كلامك. إنه يشبه كلامي - أجل، سيدي الرئيس. إننا متشابهان والطيور على أشكالها تقع». ولقد كان السيد دوترتي محل الكثير من الانتقادات من جانب إدارة الرئيس أوباما بسبب عمليات القتل خارج نطاق القانون للمشتبه بهم من تجار المخدرات في البلاد. وصرح أحد مستشاري ترامب ضمن فريقه الانتقالي لوكالة رويترز الإخبارية بأن الرئيس المنتخب يعتزم فتح «صفحة بيضاء» جديدة مع الفلبين.
وتصدر ترامب أيضا عناوين الصحف بعدما نقلت وسائل الإعلام عن مسؤولين باكستانيين تفاصيل مكالمته الهاتفية مع رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف. واعتبر المراقبون هذا الاتصال من أكثر المكالمات الهاتفية الرئاسية إثارة للدهشة. فقد وصف ترامب نواز شريف في أكثر من مرة خلال المحادثة الهاتفية بأن بلاده «رائعة، يعيش فيها شعب رائع»، وأنه يود كثيرا زيارتها كرئيس للولايات المتحدة. كما وصف نواز شريف بأنه شخصية مثيرة للإعجاب. وأضاف ترامب خلال المكالمة أن الشعب الباكستاني «هو أحد أذكى شعوب العالم. وإنني مستعد لأن ألعب الدور الذي ترغبون لحل المشاكل العالقة».
ومن غير الواضح مدى دقة التسجيلات الحكومية الباكستانية لتلك المكالمة الهاتفية، على الرغم من أن اللغة تحمل لهجة ترامب في الحديث.
يذكر أن تاريخ الحزب الجمهوري مع باكستان تميز بالكثير من الشد والجذب. فقد ساعد الرئيس ريتشارد نيكسون باكستان في مواجهة الهند في حرب عام 1971 بسبب حاجته لأن تكون باكستان القناة الخلفية لرحلة نيكسون إلى الصين. وفي عام 1990، أثناء ولاية الرئيس جورج إتش. دبليو. بوش، زار رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الولايات المتحدة، ولكنه لقي استقبال فاترا وطولب بإيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم. وبعد عامين من ذلك، قال الدبلوماسي الأميركي نيكولاس بلات للزعماء في باكستان إنه إذا استمرت إسلام أباد في دعم الإرهابيين في الهند: «قد تجد وزارة الخارجية الأميركية نفسها مضطرة بموجب القانون لأن تدرج اسم باكستان على قائمة الدول الراعية للإرهاب».
إلا أن سياسة ترامب تجاه الهند وباكستان لا تزال غامضة للغاية، ويشكك الخبراء في قدرة الولايات المتحدة على استعداء الأولى.
تقول إليسا ايريز، الزميلة البارزة لشؤون الهند وباكستان وجنوب آسيا في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، إنها لا تعتقد أن أحدا في الهند يساوره القلق بشكل جاد حول هذا الموضوع. وقالت ايريز لموقع «بيزنس إنسايدر» الإخباري: «لم أر قراءات وتوقعات (حول السياسة الخارجية) كهذه من قبل. أعتقد أنكم تلحظون حقيقة أن ترامب يتحرك بدبلوماسية المكالمات الهاتفية من دون التنسيق مع وزارة الخارجية الأميركية، كما جرت العادة». وأضافت أن هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة والمرشحة الديمقراطية السابقة، كانت لتنتهج مسلكا أكثر حذرا حيال هذا الموقف الحساس.
بدوره، قال راجا رام موهان، المحلل الهندي للشؤون الخارجية إن «أسلوب ترامب في التواصل، عبر كلامه الفضفاض واندفاعه الملاحظ، وأسلوبه المسرحي المتبجح، وميله إلى المبالغة غير الصادقة، وغموضه، والإشارات المختلطة التي يبعث بها، تشير إلى إمكانية اندلاع أزمات عالمية وفوضى دبلوماسية دولية في الفترة المقبلة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.