تركيا وروسيا ضامنتان لوقف إطلاق نار في سوريا... وآليات لمراقبة التنفيذ

اتصال هاتفي بين إردوغان وبوتين لبحث الاتفاق ومفاوضات آستانة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير دفاعه سيرغي شويغو في مقر الكريملين، امس، قبل الاعلان عن اتفاق لوقف اطلاق النار في سوريا (إ ب أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير دفاعه سيرغي شويغو في مقر الكريملين، امس، قبل الاعلان عن اتفاق لوقف اطلاق النار في سوريا (إ ب أ)
TT

تركيا وروسيا ضامنتان لوقف إطلاق نار في سوريا... وآليات لمراقبة التنفيذ

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير دفاعه سيرغي شويغو في مقر الكريملين، امس، قبل الاعلان عن اتفاق لوقف اطلاق النار في سوريا (إ ب أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير دفاعه سيرغي شويغو في مقر الكريملين، امس، قبل الاعلان عن اتفاق لوقف اطلاق النار في سوريا (إ ب أ)

تخطت الأطراف المعنية، نقاطًا خلافية، وأعلنت التوصل إلى الاتفاق الذي يشمل جميع الأراضي السورية باستثناء مقرات عسكرية تابعة لتنظيم داعش.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، عن اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا اعتبارا من منتصف الليل، بضمانة روسية، وفي ضوء اتفاق بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة على بدء محادثات سلام دولية مع تركيا وإيران. ومن جهته، اعتبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، أن وقف إطلاق النار الشامل في سوريا «فرصة تاريخية» لإنهاء النزاع الدائر في هذا البلد منذ نحو ست سنوات.
وقال بوتين خلال لقاء مع وزيري الدفاع والخارجية، أمس، إن «حدثا انتظرناه منذ زمن وعملنا كثيرا من أجل الوصول إليه، تحقق قبل بضع ساعات».
وأضاف: «تم توقيع ثلاث وثائق، الأولى بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة حول وقف لإطلاق النار على مجمل الأراضي السورية»، موضحا أن الوثيقة الثانية تشمل تطبيق إجراءات تهدف إلى مراقبة احترام الهدنة.
وتابع الرئيس الروسي أن «الوثيقة الثالثة هي إعلان (أطراف النزاع) استعدادهم لبدء محادثات السلام».
وقال الكرملين، إن الرئيس السوري بشار الأسد أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي، أمس، أنه مستعد للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في سوريا.
وقال الكرملين، في بيان نقلته «رويترز»، إن الرئيسين اتفقا على أن بدء محادثات السلام السورية في كازاخستان ستكون «خطوة مهمة للحل النهائي للأزمة».
من جهته، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن «أبرز قوات المعارضة المسلحة» وقعت الاتفاق، وهي بالإجمال سبع مجموعات تمثل 62 ألف مقاتل مسلح وقعت اتفاق وقف إطلاق النار مع النظام السوري، بينها حركة أحرار الشام النافذة.
بدورها، أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة التابعة للنظام السوري وقفا شاملا للأعمال القتالية على جميع الأراضي السورية بدءا من منتصف ليلة أمس، مشيرة إلى أن قرار الأعمال القتالية «يستثني تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين والمجموعات المرتبطة بهما». ولفتت إلى أن «قرار وقف الأعمال القتالية يأتي بهدف تهيئة الظروف الملائمة لدعم المسار السياسي للأزمة في سوريا».
وذكرت الخارجية التركية في بيان لها: «بمقتضى هذا الاتفاق وافقت الأطراف على وقف كل الهجمات المسلحة بما فيها الهجمات الجوية ووعدت بألا توسع المناطق الواقعة تحت سيطرتها».
وجاء في البيان أن ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة سيجتمعون قريبا في آستانة عاصمة كازاخستان تحت إشراف الدول الضامنة للاتفاق معربة عن ترحيبها بالاتفاق.
من جانبه قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية أمس، سبقت الإعلان عن بدء سريان وقف إطلاق النار، إن أنقرة ستكون الجهة الضامنة لالتزام المعارضة بالاتفاق وروسيا الجهة الضامنة لالتزام دمشق به، مشيرًا إلى أن وقف إطلاق النار لا يشمل المنظمات الإرهابية كداعش والنصرة وأن على «كل الجماعات المسلّحة مغادرة الأراضي السورية بما في ذلك (حزب الله) اللبناني».
ونفى جاويش أوغلو ما تردد عن قبول تركيا بقاء الأسد في ولايته وضمان أمنه بعدها كما شدد على رفض تركيا مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري في مفاوضات آستانة.
لبس في قضية «فتح الشام»
واستجابت روسيا لطلب المعارضة السورية بضم ملفي الغوطة الشرقية لدمشق، وجنوب العاصمة ووادي بردى بريفها، إلى الاتفاق، فيما تفاوتت المعلومات حول ضم فصيل «جبهة فتح الشام» المتشددة (النصرة سابقًا) إلى الاتفاق، بحيث لم يرد اسمها في قائمة البنود السبعة التي سربتها المعارضة، بينما أعلن النظام السوري عبر وكالة أنبائه الرسمية (سانا) أن التنظيم، إلى جانب «داعش»، تم استثناؤه من الاتفاق.
غير أن النقطة المرتبطة بقضية «فتح الشام»، أثارت التباسًا، بالنظر إلى التضارب بين النص الذي نقلته المعارضة، الذي يؤكد أن «الاتفاق يشمل وقف إطلاق النار في جميع المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة أو التي تضم المعارضة المعتدلة مع عناصر فتح الشام مثل إدلب»، وما تحدثت عنه وكالة «سانا»، فضلاً عما أعلنته وزارة الخارجية التركية بأن الاتفاق «لا يشمل الجماعات التي أقر مجلس الأمن الدولي بكونها تنظيمات إرهابية».
في هذا الصدد، قالت مصادر سورية معارضة واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن قضية «فتح الشام»، تشابه إلى حد كبير قضية تنظيم داعش في الاتفاق، حيث «يحصر الاتفاق ضرب تلك التنظيمات في مقراتها العسكرية، ومنع ضربها في المواقع المختلطة، أو في مواقع تواجد المدنيين». وإذا كان هذا الأمر ينطبق على «داعش» التي تحتكر النفوذ في مناطق تواجدها، فإن هذا الأمر يصعب في ملف «فتح الشام» التي تشارك المعارضة المعتدلة مواقع مشتركة في ريف حلب الغربي، ومدينة إدلب وريفها، وريفي حماه الشمالي واللاذقية. وقالت المصادر إن إمكانية ضربها بمعزل عنهم «عمليًا غير متوفر».
وقالت أيضا إن قوات «الجيش السوري الحر» المعتدلة: «لا تحتمل في هذه الظروف مواجهة مع النصرة، وهي غير مستعدة لها» بالنظر إلى أن عددا كبيرًا من مقاتلي النصرة «هم سوريون، وبالتالي لا يمكن أن يدخلوا في مواجهة معهم في وقت لا يُعرف مصير الهدنة التي ستبدأ اليوم». كما أشارت مصادر عسكرية أخرى في الشمال إلى أن النصرة «ليس في مصلحتها أن تنفض عن الاتفاق إذا حيدها عن القصف، لأن أي مغامرة من هذا النوع، ستفضّ الحاضنة الشعبية من حولها، وبالتالي هي مجبرة على الالتزام بالاتفاق في حال كانت ضمنه».
عن دور إيران في اتفاق وقف إطلاق النار، أشار وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو إلى وجود ما يسمى «حزب الله» في سوريا والمجموعات الشيعية، إلى جانب تأثير إيران على النظام السوري، وأن طهران استنادا إلى هذا، كانت إلى جانب روسيا وتركيا كدول ضامنة لتحقيق التفاهم ووقف إطلاق النار ومستقبل سوريا، بحسب اللقاءات التي جرت في موسكو.
وذكر جاويش أوغلو أن مباحثات آستانة ستكون بين النظام والمعارضة وتحت إشراف روسيا وتركيا، مشددا على أنّ ذلك لا يعني الاعتراف بالنظام السوري أو الرضى ببقاء الأسد.
ونفى جاويش أوغلو صحة الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام بأن الاتفاق الثلاثي بين إيران وروسيا وتركيا في موسكو ينص على بقاء الأسد حتى الانتخابات القادمة، ثم نقل صلاحياته لأحد «العلويين» السوريين.
وأجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اتصالات أمس الخميس لبحث وقف إطلاق النار في سوريا.
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية إبراهيم كالين في بيان إن إردوغان وبوتين بحثا المحادثات المرتقبة بشأن سوريا والمقرر أن تجرى في آستانة عاصمة كازاخستان.
وليست هذه المرة الأولى التي يتم التوصل فيها إلى اتفاق لوقف شامل لإطلاق النار في سوريا، لكنه كان يحصل برعاية روسية أميركية وتتسبب الانتهاكات بانهياره. وتعد هذه أول مرة ترعى فيها تركيا، أبرز داعمي الفصائل المعارضة، اتفاقا مماثلا.
وأعرب الائتلاف السوري المعارض، أمس، عن دعمه لاتفاق وقف إطلاق النار الشامل في سوريا، الذي تم التوصل إليه برعاية تركية روسية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن أحمد رمضان، رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، قوله: «يعبر الائتلاف الوطني عن دعمه للاتفاق ويحث جميع الأطراف على التقيد به».
وأكد أن فصائل المعارضة «سوف تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، وسترد في حال حصول انتهاكات»، لافتا إلى أن من بين الفصائل الموقعة على الاتفاق «حركة أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الشام ونور الدين الزنكي».
وقال رمضان إن «الاتفاق يستثني تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى» لكنه «لا يسمح بمس المدنيين» مؤكدا أنه «يسري كذلك على محافظة إدلب» في شمال غربي البلاد التي يسيطر عليها ائتلاف فصائل معارضة منها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة).
وقال رمضان إنه بعد سريان وقف إطلاق النار «نتوقع إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة بإشراف الأمم المتحدة».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.