بوتين يعد السيسي باستئناف رحلات الطيران بين القاهرة وموسكو قريبًا

بوتين يعد السيسي باستئناف رحلات الطيران بين القاهرة وموسكو قريبًا
TT

بوتين يعد السيسي باستئناف رحلات الطيران بين القاهرة وموسكو قريبًا

بوتين يعد السيسي باستئناف رحلات الطيران بين القاهرة وموسكو قريبًا

وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي أمس، باستئناف رحلات الطيران بين القاهرة وموسكو في القريب العاجل.
وتوقفت الرحلات الجوية من روسيا إلى مصر لأكثر من عام كامل، إثر تحطم طائرة ركاب روسية فوق أراضي سيناء في أكتوبر (تشرين الأول) 2015، عقب 23 دقيقة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولي، وأودى الحادث بحياة جميع من كانوا على متنها البالغ عددهم 224 راكبا أغلبهم روس.
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم، قائلا إنه أسقط الطائرة بقنبلة تم تهريبها في علبة للمشروبات الغازية، في حين لا تزال لجنة تحقيق دولية بقيادة مصر تبحث في أسباب السقوط.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير علاء يوسف، إن الرئيس السيسي اتفق خلال اتصال هاتفي أجراه أمس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على تعزيز العمل للتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة بمنطقة الشرق الأوسط، واستمرار التشاور والتنسيق المكثف خلال المرحلة المقبلة حول سبل مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع المتغيرة في المنطقة والعالم.
وأضاف المتحدث أنه تم خلال الاتصال مناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها الأزمتان السورية والليبية.
وأعرب السيسي خلال الاتصال عن خالص العزاء والمواساة للرئيس بوتين ولأسر الضحايا في حادث تحطم الطائرة العسكرية الروسية الأسبوع الماضي، فيما عبر بوتين عن شكره وتقديره للرئيس السيسي، مشيرًا إلى تميز العلاقات المصرية الروسية على المستويين الرسمي والشعبي.
وأوضح المتحدث أنه تم أيضا خلال الاتصال الهاتفي تأكيد الاستمرار في العمل على تطوير التعاون المشترك في المجالات المختلفة، الذي يكتسب أهمية مضاعفة خلال المرحلة الراهنة بالنظر إلى التحديات التي تواجه البلدين، وفي هذا الإطار أكد الرئيس بوتين عزم روسيا استئناف رحلات الطيران المنتظمة بين القاهرة وموسكو في القريب العاجل.
وتسعى القاهرة لاستئناف حركة الطيران واستعادة السياحة الروسية، التي كانت تمثل قبل توقفها نحو 30 في المائة من نسبة الوافدين لمصر، وتشكل عودتها دعما قويا للاقتصاد المصري. غير أن موسكو وضعت عددا من الاشتراطات الأمنية قبيل السماح بعودة مواطنيها.
وعلى مدار العام الماضي أرسلت روسيا وفودا من خبراء الأمن والطيران الروسي إلى مصر لمتابعة الإجراءات الأمنية الإضافية المطبقة بمطارات القاهرة والغردقة وشرم الشيخ، وما تم اتخاذه من خطوات لتأمين الركاب والمطارات والطائرات والحقائب، تمهيدا لاستعادة حركة الطيران بين الدولتين.
وتعاقدت الحكومة المصرية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي مع شركة كونترول ريسكس البريطانية لتقييم الإجراءات الأمنية في مطاراتها.
وكان وزير النقل الروسي، مكسيم سوكولوف، قال الأسبوع الحالي إن الرحلات الجوية المنتظمة إلى القاهرة يمكن أن تستأنف في يناير (كانون الثاني) المقبل.
من جهة أخرى، أكدت وزارة الخارجية المصرية أن المبادئ التي طرحها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإحياء عملية السلام في خطابه، أول من أمس، تنسجم في معظم جوانبها مع التوافق الدولي والرؤية المصرية، ولكن تظل العبرة دائما في إرادة التنفيذ.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، تعليقا على إلقاء كيري بيانه، إن الرؤية التي طرحها وزير خارجية الولايات المتحدة سوف تحتاج بطبيعة الحال إلى دراسة وتقييم شامل، كاشفا عن أن الوزير كيري قد تحدث بشأن جوانب متعددة من تلك الرؤية مع وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الأشهر الأخيرة في إطار تواصله مع الأطراف الدولية والإقليمية الرئيسية.
وشدد المتحدث على أن إعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحتاج لجهد كبير خلال المرحلة المقبلة، وأن مصر تقف على استعداد دائم للمشاركة في هذا الجهد ورعايته مع شركائها الإقليميين والدوليين، وفي مقدمتهم الإدارة الأميركية الجديدة، وبالتواصل المباشر مع طرفي النزاع، استنادا إلى ما لديها من خبرة وتجربة تاريخية تتسم بالشمولية والواقعية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.