السعودية بصدد إصدار أول لائحة لتنظيم نشاط قنوات «اليوتيوب»

كشف الدكتور رياض كمال نجم، رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، لـ«الشرق الأوسط»، أن الهيئة بصدد إصدار أول لائحة لتنظيم عمل قنوات اليوتيوب خلال الفترة المقبلة، والتي ستعتمد على عدد من الشروط والضوابط لإطلاق هذه القنوات، بما يتوافق مع طبيعة المجتمع والأنظمة والقوانين في هذا السياق.
وقال الدكتور رياض «إن من أبرز هذه الضوابط التي تعكف الهيئة العامة للإعلام على إدراجها للحصول على ترخيص يخول للقنوات العمل داخل الأراضي السعودية المساحة والحدود المتاحة لعمل هذه القنوات، وأن تكون متوافقة مع الحدود والآداب»، مضيفا «وأن يخضع كل العاملين فيها للأنظمة والشروط التي تنظم عملية البث، وذلك بهدف ضمان الأداء وجودته»، لافتا إلى أن أي شيء يصدر ترخيصه من المملكة لا بد أن يكون بموجب لائحة وضوابط يسير عليها الجميع.
وأردف رئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع «إننا نعمل على احتضان هذه المواهب وتطوير قدراتها الفنية والتقنية، في ظل الانتشار الكبير لقنوات الـ(يوتيوب)»، مستبعدا أن تكون الهيئة قامت بإغلاق أي قناة على الـ«يوتيوب» في الفترة الماضية لطرحها أو انتقادها لموضوع ما «وهي وسيلة عامة وهناك الكثير من الطرق لتجاوزها، وسياستنا في المرحلة المقبلة أن تعمل هذه القنوات وفق تنظيم وترخيص يسمح لها بالعمل بشكل مباشر».
ويفتح تحرك الهيئة العامة للإعلام المرئي لإصدار لائحة لتنظيم عمل قنوات الـ«يوتيوب» العديد من التساؤلات للعاملين في هذا المجال، حول الحدود المسموحة للعمل فيها، وإن كانت القنوات ستخضع لعملية مراقبة قبل أو بعد البث، كذلك مدى وجدية الهيئة في تدريب الكوادر المحلية في كل المجالات التي تندرج تحت الأعمال الفنية من الإخراج والكتابة والتمثيل.
وتكمل الهيئة دور وزارة الثقافة والإعلام في ملاحقة القنوات الفضائية الخارجة عن العادات والتقاليد الإسلامية، وتلك التي تعمل على الأراضي السعودية عبر مكاتب دون الحصول على ما يخول لها مزاولة النشاط، فيما لا تقوم الهيئة بأعمال الرقابة المسبقة على ما تبثه القنوات من حجم هائل للمحتوى الإعلامي، إلا أن الهيئة تطالب بأن يتماشى المحتوى مع عادات وتقاليد وقيم المجتمع السعودي.
وهنا يقول ممدوح سالم، مخرج تلفزيوني وسينمائي، إن إصدار لائحة جديدة لتنظيم عمل قنوات اليوتيوب سيعطي أبعادا كبيرة للأداء المهني لهذه القنوات التي ستعمل وفق استراتيجية وشروط واضحة المعالم، ما لم تكن هذه اللائحة مقيدة للمواهب أو تكون كلائحة التلفاز التي مضى على وضعها أكثر من 30 عاما، وأن تراعي اللائحة الجيدة التطور والتغير في المجتمع السعودي.
وأضاف سالم أن قنوات اليوتيوب سجلت حضورا كبيرا في السنة الأخيرة، حيث كانت تعتمد في ما سبق على فكرة استوديو «كروما»، أو عبارة عن مقطع مصور على الهاتف المحمول، لتصل إلى أعلى مستوياتها في العام الحالي من خلال عمل متكامل يشمل السيناريو والتمثيل والإخراج، إضافة إلى تنوع مواقع التصوير وكثرة المواهب في هذا المجال.
وعن المنافسة، أكد المخرج السينمائي أن «المنافسة موجودة بين كل الوسائل الإعلامية، إلا أن لكل وسيلة قرائها أو مستمعيها أو مشاهديها، وتشتد المنافسة على الطرح والمضمون، فعلى سبيل المثال ما يطرحه التلفاز من فكرة لا يمكن طرحة في قنوات الـ(يوتيوب)، فالمساحة والزمن يختلفان بين الجهتين، والطرح والمحتوى يختلفان تماما عما يبث في الإذاعة وغيرها»، موضحا أن مقدمي قنوات الـ(يوتيوب) كثر الطلب عليهم من قبل القنوات الفضائية في تقديم برامج منوعة، وهذا مؤشر على نجاح هذه المواهب في ما كانت تقدمه.
ولهيئة الإعلام المرئي والمسموع إغلاق أي نشاط يخالف الأنظمة والقوانين، إذ أغلقت في وقت سابق إحدى القنوات الفضائية التي تتخذ من جدة مقرا لها، فضلا عن إغلاق عدد من الاستوديوهات التابعة للقناة وأخرى تبيع البرامج المسجلة داخل السعودية لقنوات خارجية؛ بسبب عدم حصولها على الترخيص اللازم الذي يخول لها مزاولة هذا العمل. وشددت الهيئة في حينها على أنها لن تسمح لأي من القنوات أو معامل إعداد البرامج بأن تعمل دون استيفاء كل المتطلبات للعمل بشكل نظامي وبما يتوافق مع التوجه في تطوير الإعلام.
ويرى المهندس فهد غازي، مهندس تقني وصوت في قناة «يوتيوب»، أن إصدار لائحة جديدة سيرفع من قيمة الجودة لكل ما يطرح عبر الـ«يوتيوب»، إضافة إلى زيادة في قيمة المبالغ المالية لإخراج حلقة واحدة، إذ كان الأمر لا يتطلب سوى رفع ملفات الفيديو التي تصور من قبل مجموعة في موقع واحد، وتمنتج وفق الظروف المالية والتقنية، مع إجراء التعديلات في الخلفية وإضافة المكونات التي تتطلبها الحلقة، عبر استخدام أجهزة الحاسب وأجهزة التصوير، وهذه العملية يقوم بها غالبية العاملين في هذا المجال.
وأشار فهد إلى أنه في حال إقرار اللائحة سيتحمل العاملون في هذه القنوات أعباء مالية إضافية، إذ من المتوقع أن تخرج العديد من القنوات من المنافسة، وتبقى في الصورة تلك التي لديها القدرة المالية المباشرة أو الدعم الإعلاني، والذي سيطور هذه القنوات وأداءها وينوع موادها وحلقاتها، موضحا أن المشكلة التي تواجه العاملين في اليوتيوب هي الإنفاق المالي، الأمر الذي يدفعها لاختصار المشاهد وتقليل النفقات.