لا يختلف اثنان على قوة المدوِّنات المتزايدة حول العالم، سواء تعلق الأمر بمجالات الرشاقة والسفر أو الجمال والموضة، فتأثيرهن زاد إلى حد أن لقب بعضهن تغير إلى «إنفلوونسرز»، نظرا لتأثيرهن المباشر على أذواق الناس وعلى حركة البيع.
كما في الغرب والخليج، تشهد هذه الظاهرة انتعاشًا وتناميًا في المغرب، حيث أصبحت لبعضهن متابعات على «إنستغرام» ينتظرن على أحر من الجمر ما يقترحنهن عليهن من أزياء أو منتجات لكي يسارعن بشرائه أو تقليده.
الأكثر نجاحا في هذا المجال هن اللواتي خلقن أسلوبًا خاصًا، وظفن فيه الزي التقليدي المغربي بشكل عصري، بمعنى أنهن دمجن القفطان بقطع عصرية أخرى، مثل الجينز، الأمر الذي أضفى عليه عصرية. هذه العصرية أكسبته بدورها عملية أدخلته مناسبات النهار وأماكن العمل إلى حد ما.
من المدونات اللواتي لمعن في هذا المجال، ياسمينة زمامة، وهي مدونة موضة وجمال لها أكثر من 19 ألف متابع على «إنستغرام». في لقاء خاص بها، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن ما يميز مدونة الموضة المغربية عمومًا اعتمادها على هويتها المغربية وتركيزها على إرثها. وأضافت: «كان لا بد من إظهار الجانب الحديث والعصري للزي المغربي بدلاً من الاقتصار على الجانب التقليدي... من هذا المنطلق أدخلنا لمسات عصرية تتمثل في استعماله كقطعة كيمونو أحيانًا أو دمجه مع قطع عصرية أخرى أحيانًا أخرى».
ورغم أن المغربيات، دون استثناء، فخورات بهويتهن وزيهن التقليدي، فإن توظيف ياسمينة للقفطان له دوافع أخرى كما أنها محظوظة أكثر من غيرها بحكم أن شقيقتها مصممة متخصصة في القفطان المغربي، وبالتالي فإن العملية لم تكن فقط سهلة بالنسبة لها نظرا لتوفرها على هذه الأزياء، بل كانت أيضًا ذكية للترويج للقفاطين في أوساط الشابات والنساء العاملات، بإبراز الطرق المتنوعة التي يمكن ارتداؤه بها. تقدم ياسمين إطلالات متنوعة بأساليب مختلفة تصورها في جلسات تصوير خاصة تنشرها في مدونتها. وتشير إلى أن فكرة خلق مدونة خاصة بالموضة والجمال وُلدت نتيجة رغبتها في أن تخرج الأناقة المغربية من صورتها النمطية والمحلية، بطرحها أفكارًا مبتكرة للاستفادة من الزي التقليدي، عوض بقائه سجين الخزانة طوال العام انتظارًا لمناسبة عائلية حميمية أو موسم الأعراس، مشيرة إلى أنه أيضًا خامة عالمية في حال تم تسويقه بطريقة أنيقة وصحيحة، لا سيما أن العالم منفتح حاليا على ثقافات الغير ومنبهر بالتطريزات الإثنية وغيرها.
ورغم أن مهمة المدونات في نظر المتابعين هي بالأساس تقديم آخر صيحات الموضة وأساليب مُبتكرة لتنسيق الأزياء والإكسسوارات، فإن ياسمينة تؤكد أنه ليس من الضروري أن يكون المرء مطلعًا على كل ما هو جديد لكي يبلغ الأناقة ويعرف كيف ينسق ملابسه. «فلكل واحد منا شخصيته وأسلوبه الخاص الذي يرتاح فيه، لكن دوري كمدونة موضة هو تقديم اقتراحات يمكن أن تُعطي البعض فكرة لم تكن تخطر على بالهن من قبل يستلهمن منها أكثر مما يُقلدنها... من الضروري أن تُعبر الأزياء عنهن وعن شخصيتهن، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستمنحهن الراحة والثقة بالنفس»، حسب قولها.
من المدونات الناجحات في المغرب أيضًا نذكر فاتن الزعيمي، وهي طالبة هندسة معمارية بدأت بتدوين الموضة كهواية، والآن أصبح لها أكثر من 25 ألف متابع على «إنستغرام». سبب نجاحها أنها هي الأخرى تملك حسًا راقيًا تمزج فيه الأزياء العصرية بالزي التقليدي المغربي، بطريقة مبتكرة وغير تقليدية. وتسعى الزعيمي من خلال مدونتها وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة أن تكون «مصدر إلهام متابعيها، وليس مصدرا للإعلانات المخفية»، كما تقول. وهو تحديدا ما منحها المصداقية وأهَّلَها لأن تكون أول مدونة مغربية تعتمدها العلامة التجارية الأميركية «غيس» شريكًا لها.
بدأ عشق الزعيمي للموضة والأزياء في سن مبكرة، لكنها دخلت عالم الأزياء بشكل جدي في عام 2011، حيث حصلت على فرص لحضور عروض أزياء وجلسات التصوير على المستوى الوطن. بعدها قررت أن تُطلق مدونة للموضة والجمال تُدخل من خلالها متابعيها لعالمها المثير وتُشركهم في تجاربها، وسريعًا تطورت المدونة لتقديم إطلالات متنوعة ونصائح في الموضة والجمال.
ورغم تعاونها مع ماركات عالمية، فإنها لا تزال تعتقد أن مكمن قوتها هي الأزياء التقليدية الجاهزة، التي لا تخلو مدونتها وحساباتها على مواقع التواصل منها.
النتيجة التي تخرج بها لدى متابعة معظم ما تنشره المدونات المغربيات أنهن، وبغض النظر عن أساليبهن وتطلعاتهن، يتفقن أن ما يُميزهن عن المدونات العالميات، تشبثهن بالطابع المغربي. فالأزياء التقليدية، كما نراها على صفحاتهن، منبع لا يجف من العطاء والإبداع، وكل ما تحتاج إليه للخروج من التقليدي إلى الحياة العامة تطويعها بأسلوب جديد.
مدونات المغرب يوظفن الأزياء التقليدية للتميز واستقطاب الشباب
مدونات المغرب يوظفن الأزياء التقليدية للتميز واستقطاب الشباب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة