البرلمان السوداني يجيز تعديلات دستورية مثيرة للجدل

تقضي بتعيين رئيس وزراء واستبدال اسم الحكومة

البرلمان السوداني يجيز تعديلات دستورية مثيرة للجدل
TT

البرلمان السوداني يجيز تعديلات دستورية مثيرة للجدل

البرلمان السوداني يجيز تعديلات دستورية مثيرة للجدل

أجاز البرلمان السوداني تعديلات دستورية مثيرة للجدل، تقضي بتعيين رئيس لمجلس الوزراء مسؤول أمامه وأمام الرئيس، وفصل النيابة العامة عن وزارة العدل، ومنحت رئيس الدولة سلطة تعيين نواب جدد إلى جانب المنتخبين، واستبدلت اسم الحكومة من حكومة الوحدة الوطنية إلى حكومة «الوفاق الوطني». وفي غضون ذلك، أعلن حزب معارض اعتقال أحد قادته، فيما صادر جهاز الأمن العدد الحادي عشر من صحيفة «الجريدة» بعد طباعته.
وأجاز البرلمان بمجلسيه (الوطني والولايات) بالإجماع أمس 18 تعديلا دستوريًا في مرحلة العرض الأخير، فوض بموجبها رئيس الجمهورية تعيين رئيس لمجلس الوزراء يكون أمامه وأمام المجلس الوطني، كما أجاز تعديلا على المادة الخاصة بالمراسيم الرئاسية المؤقتة، وعدل البرلمان المادة الخاصة بالمراسيم الجمهورية المؤقتة منح نفسه سلطة تعديلها بعد أن كان عليه قبولها كاملة، أو تركها تسقط بنهاية الدورة البرلمانية.
وقضت التعديلات الجديدة بالفصل بين النيابة العامة عن وزارة العدل، وإنشاء نيابة عامة مستقلة تمثل الدولة والمجتمع في الادعاء العام والتقاضي الجنائي، برئاسة نائب عام يعينه الرئيس ويكون مسؤولاً أمامه. كما كفلت التعديلات للرئيس سلطة تعيين نواب برلمانيين جدد إلى جانب المنتخبين الحاليين، الذين يملكون الصلاحيات والامتيازات والحصانات الممنوحة لرصفائهم المنتخبين.
واستبدلت التعديلات الدستورية اسم «حكومة الوحدة الوطنية» بـ«حكومة الوفاق الوطني»، التي يتوقع أن يشكلها الرئيس عمر البشير لتولي السلطة التنفيذية حتى وصول موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتكوين حكومة جديدة بعد نهاية دورته الحالية في 2020.
وأعطى التعديل رئيس الجمهورية بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء سلطة تعيين وزراء دولة، كما منح البرلمان سلطة استدعاء رئيس مجلس الوزراء، دون أن يعطيه سلطة التوصية بعزله في حالة فقدان الثقة فيه. وقالت بدرية سليمان، رئيسة اللجنة الطارئة المكونة لدراسة التعديلات، إن تعديل مادة المراسيم المؤقتة جاء لأن المادة تتضمن عيوبًا تتطلب تعديلها، على الرغم من أنها لم تكن ضمن مشروع التعديلات المقدم من طرف رئيس الجمهورية. وأضافت موضحة، أن التعديلات جاءت استشعارًا للمرحلة المقبلة التي تتطلب معالجة العيوب الأساسية، باعتبارها مرحلة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
من جهته، قال الرئيس عمر البشير في خطاب حزبي أول من أمس: إن «البلاد ستتجاوز التحديات التي تواجهها راهنًا، وإن البرلمان المزمع توسيعه في غضون الشهر الحالي، سيعد مسودة دستور دائم للبلاد، على أن يجيزه البرلمان المنتخب عقب نهاية دورته الرئاسية عام 2020». مضيفا أن حكومته ملتزمة بتنفيذ ما أوصى به المشاركون في الحوار الوطني، باعتباره خطوات تتجاوز من خلالها البلاد التحديات الراهنة التي تواجهها.
من جهة أخرى، أعلن حزب المؤتمر السوداني المعارض احتجاز جهاز الأمن للقيادي بالحزب مالك أبو الحسن، في ظروف وصفها بـ«المجهولة»، واقتياده إلى مكان غير معروف، على الرغم من إطلاق الجهاز نفسه سراح عدد معتقلي الحزب، بينهم رئيس الحزب ونائبه ورئيسه السابق هذا الأسبوع.
وقال المتحدث باسم الحزب، محمد حسن عربي، في بيان أمس، إن عددًا من كوادر الحزب ومعارضون آخرون، لا يزالون قيد الاعتقال، ولم يفرج عنهم كما كان متوقعًا، معتبرًا اعتقال القيادي الحزبي وتواصل اعتقال المعارضين الآخرين «حربًا على المواطن، واستمرارًا في الزيادات، ومواجهة ذلك باعتقال مراكز العمل السياسي وقادته».
من جهتها، قالت صحيفة «الجريدة» المستقلة إن «جهاز الأمن صادر عدد أمس بعد طباعته؛ لتبلغ بذلك الأعداد المصادرة من الصحيفة خلال شهر 11 عددًا»، وأرجعت مصادرة العدد إلى «رفض جهاز الأمن مواصلة كاتبين في الجريدة كتابة مقالاتهما؛ ما اضطرها إلى حجب مقالي الكاتبين من أجل مواصلة الصدور».
وقال رئيس تحرير الصحيفة، أشرف عبد العزيز، في مؤتمر صحافي عاجل مشترك مع ناشرها عوض محمد عوض أمس، إن «جهاز الأمن يرجع أحيانًا المصادرة إلى خط الصحيفة التحريري، أو أن ناشر الصحيفة نفسه ناشطًا سياسيا، وإنه تلقى طلبًا مواربا من جهاز الأمن بعدم نشر عمودي الكاتبين عثمان شبونة وزهير السراج.
وقال ناشر الصحيفة، عوض محمد عوض: إن صحيفته لن تغير خطها التحريري ولن تتراجع عنه، باعتبار أن الجريدة مستقلة ولا تمثل جهة سياسية، بل تعبر عن صحافة المواطن، موضحا أنه سيحجب مقالي الكاتبين من النسخة الورقية مع الحفاظ عليهما في النسخة الإلكترونية للحفاظ على الصحيفة.
وقال الكاتبان للصحافيين إنهما قبلا قرار وقف نشر مقاليهما في النسخة الورقية؛ حفاظًا على استمرار صدور الصحيفة، ولإفشال المخطط الرامي لإجبارها على التوقف. وتعهدت جريدة «الجريدة» بتنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية خلال الأيام القليلة المقبلة لرد حقها وحق كتابها في مواصلة الكتابة، وإعلان الأمر للرأي العام.
في سياق آخر، رحبت حكومة الولايات المتحدة الأميركية، بجهود الحكومة السودانية الأخيرة لتحسين وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين داخل البلاد؛ إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، في نشرة صحافية اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، إن السودان عدل الأسبوع الماضي توجيهات وإجراءات العمل الإنساني، التي قضت بالسماح بدخول فريق مشترك بين وكالات الأمم المتحدة لتقييم الوضع في منطقة (قولو) بولاية وسط دارفور، واعتبرها خطوة مهمة لتحسين وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من المواطنين. وأضاف موضحا أن «هذه اللوائح المعدلة ستسهل جهود العاملين في المجال الإنساني لتوصيل المساعدات إلى المتضررين داخل السودان حال تنفيذها»، وتوقع أن تكون لها نتائج إيجابية مستدامة.
وكانت مفوضية العون الإنساني السودانية قد أعلنت أخيرًا إجراءات جديدة لتسهيل عمل المنظمات الإنسانية في البلاد، شملت اختصار أذونات تحرك العاملين بالهيئات والمنظمات للمناطق التي بها مخاطر أمنية، وأن يتم التحرك إلى المناطق الأخرى وفقا لإخطار التحرك، الذي يقدم قبل يوم من السفر.
وتوترت العلاقات بين الخرطوم والوكالات الدولية والأممية سابقا، لكن التوتر في العلاقات بين هذه المنظمات والخرطوم بدأ في الزوال تدريجيًا منذ إعلان الرئيس البشير في يونيو (حزيران) الماضي استعداد حكومته للتعاون مع الأمم المتحدة في المجالات كافة.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.