«مايكروسوفت» تسعى لصنع كومبيوتر من الخيال العلمي

لتطوير عقاقير جديدة ونظم للذكاء الصناعي

العالم تود هولمدال يشرف على تطوير الكومبيوتر الكمي لـ«مايكروسوفت»
العالم تود هولمدال يشرف على تطوير الكومبيوتر الكمي لـ«مايكروسوفت»
TT
20

«مايكروسوفت» تسعى لصنع كومبيوتر من الخيال العلمي

العالم تود هولمدال يشرف على تطوير الكومبيوتر الكمي لـ«مايكروسوفت»
العالم تود هولمدال يشرف على تطوير الكومبيوتر الكمي لـ«مايكروسوفت»

تكرس شركة «مايكروسوفت» استثمارات مالية وإمكانات هندسية هائلة لمجال الكومبيوتر الكمي، في خضم مساعيها لبناء آلة بمقدورها التعامل مع مشكلات تتجاوز حدود قدرات الكومبيوترات الرقمية المتوافرة حاليًا. ويسود عالم التكنولوجيا شعور بتفاؤل متنامٍ إزاء فكرة أن الكومبيوترات الكمية، وهي أجهزة فائقة القدرة، ظل وجودها مقتصرًا على أعمال الخيال العلمي، ربما يكون من الممكن حقًا، بل ومن العملي، إنتاجها. وحال نجاح مثل هذه الآلات، فإنها ستخلف تأثيرا كبيرًا على مجالات متنوعة مثل ابتكار عقاقير جديدة ونظم للذكاء الاصطناعي، بجانب إتاحة الفرصة لتفهم مبادئ الفيزياء الحديثة على نحو أفضل.

نماذج أولية

ويؤكد قرار «مايكروسوفت» بالانتقال من المجال البحثي الخالص نحو توجيه استثمارات لبناء نموذج أولي عامل، على المنافسة العالمية المشتعلة بين شركات التكنولوجيا، بما في ذلك «غوغل» و«آي بي إم» اللتان وضعتا أيضًا استثمارات كبيرة لهذا المجال سعيًا وراء تحقيق قفزات كبرى.
وفي إطار عالم الفيزياء الكمي العجيب، نجحت «مايكروسوفت» في تمييز نفسها عن منافسيها من خلال اختيارها سبيلا مختلفا. ويعتمد توجه الشركة على «تضفير» الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم «أنيونات» Anyons التي يصفها الفيزيائيون بأنها ثنائية الأبعاد، ولبناء وحدات بنائية لكومبيوتر بالغ الضخامة بمقدوره استغلال الخصائص الفيزيائية الفريدة للجسيمات الدقيقة الأصغر من الذرة.
وقد أقر باحثون بارزون بهذا المجال بأن ثمة عقبات لا تزال قائمة في طريق بناء آلات مفيدة تعتمد على الفيزياء الكمية، على مستويي الفيزياء الأساسية وتطوير أنماط جديدة من البرامج لاستغلال سمات معينة في العناصر المعروفة باسم «كيوبيت» Qubit التي تحمل بداخلها إمكانات حوسبة على نحو لا يتوافر لدى الأنظمة الرقمية الحالية.
وعلى خلاف الحال مع أجهزة «الترانزستور» التقليدية، التي يمكنها فقط أن تعمل أو تتوقف عن العمل في لحظة معينة، لتمثل وحدات رقمية إما 1 أو صفر، فإن «كيوبيت» بمقدورها الوجود في الحالتين معًا في الوقت ذاته. وحال وضع «الكيوبيتات» في وضع «معقد»، بمعنى أن تكون منفصلة فعليًا، لكنها تعمل كما لو كانت متداخلة بعمق مع كثير من «الكيوبيتات» الأخرى، فإنها من الممكن أن تمثل عددًا ضخمًا من القيم في الوقت ذاته. والاحتمال الأكبر أن الكومبيوتر المعتمد على الفيزياء الكمية سيتألف من مئات الآلاف من «الكيوبيتات».
جدير بالذكر أن «مايكروسوفت» كانت قد بدأت تمويل أبحاث بهذا المجال عام 2005 عندما أسست بهدوء مختبرًا عُرف باسم «المحطة كيو» تحت قيادة عالم الرياضيات مايكل فريدمان.
الآن، تعتقد «مايكروسوفت» أنها على وشك تصميم الوحدة البنائية الأساسية لـ«الكيوبيت»، مما يجعل الشركة على استعداد لهندسة كومبيوتر كامل، حسبما أوضح تود هولمدال، مدير الشؤون الهندسية المعني بالإشراف على جهود «مايكروسوفت» على هذا الصعيد. وعلى مدى سنوات عدة، تولى هولمدال قيادة مشروعات متنوعة تابعة لـ«مايكروسوفت»، منها جهاز لعبة الفيديو «إكس بوكس» ونظام «هولولينز» للواقع المعزز.
وقال هولمدال: «بمجرد أن نسبر أغوار (الكيوبيت) الأول، ستصبح لدينا خريطة طريق تقودنا إلى آلاف (الكيوبيتات) على نحو مباشر نسبيًا».
ومع ذلك، يبقى ثمة جدال قائم في أوساط علماء الفيزياء وعلوم الكومبيوتر حول ما إذا كان من الممكن أن تتحول الكومبيوترات الكمية التي تقوم بحسابات مفيدة إلى واقع ذات يوم.
يذكر أن مجموعة متنوعة من البرامج البحثية البديلة التي تحاول إنتاج «الكيوبيتات» تستخدم مواد وتصميمات مختلفة. ويعتمد التوجه الذي تنتهجه «مايكروسوفت»، ويعرف باسم «الكومبيوتر الكمي الطوبولوجي»، على مجال بعلم الفيزياء نال دفعة جديدة هذا العام بحصول ثلاثة علماء على جائزة نوبل في الفيزياء عن العمل الأساسي الذي حققوه بمجال صورة المادة التي قد تكون ثنائية الأبعاد.
أيضًا، يضم مشروع هولمدال، علماء الفيزياء ليو كوينهوفن من جامعة ديلفت، وتشارلز إم ماركوس من جامعة كوبنهاغن وديفيد ريلي من جامعة سيدني وماتياس تروير من «إي تي إتش زيوريخ» وسيصبح هؤلاء موظفين لدى «مايكروسوفت» كجزء من «مجموعة الذكاء الصناعي والبحث» التي شكلتها «مايكروسوفت» حديثا تحت قيادة واحد من كبار مسؤوليها الفنيين، هاري شوم. ويقول العلماء الفيزيائيون الذين استعانت بهم الشركة أخيرا إن قرار محاولة بناء كومبيوتر كمي طوبولوجي جاءت في أعقاب إحراز تقدم علمي على امتداد العامين الماضيين بثت في نفوس العلماء ثقة أكبر حيال قدرة الشركة على إنتاج مزيد من «الكيوبيتات» الأكثر استقرارًا.
في هذا الصدد، أوضح د. ماركوس أن «الوصفة السحرية تتضمن مزيجًا من أشباه الموصلات وموصلات فائقة». ونجح الباحثون أخيرا في تحقيق «إنجاز كبير» على صعيد تعزيز قدرتهم على السيطرة على المواد المستخدمة في تشكيل «الكيوبيتات». وتتضمن معظم التوجهات الأخرى المنافسة تبريد الكومبيوترات الكمية لتصل إلى درجة حرارة قرب الصفر.

تفكيك الشفرات

حتى الآن، لا تتوافر سوى القليل نسبيًا من الخوارزميات المؤكدة التي بإمكانها المساهمة في حل المشكلات بصورة أسرع عن الكومبيوترات الرقمية الموجودة حاليًا. ومن بين المحاولات الأولى ما عرف باسم «خوارزمية شور» التي جرى استخدامها في «تفكيك» الأرقام، وهي تحمل أملاً في إمكانية استخدام الكومبيوترات الكمية في المستقبل في «تفكيك» الشفرات.
ومن المحتمل أن يخلف ذلك تداعيات جذرية كبرى على الصعيد العالمي، نظرًا لأن التجارة الإلكترونية الحديثة قائمة على مجموعة من الأنظمة الشفرية التي يتعذر بوجه عام «تفكيكها» باستخدام كومبيوترات رقمية تقليدية. وقد تسمح توجهات أخرى مقترحة بإجراء عمليات بحث أسرع عبر قواعد البيانات أو تنفيذ خوارزميات تعلم آلي، التي يجري استغلالها لإحراز تقدم بمجال التعرف على الصوت والرؤية الحاسوبية.
إلا أنه على المدى القريب، قد تتمكن هذه الآلات من تعزيز تفهم أساسي للفيزياء، الإمكانية التي ذكرها العالم ريتشارد بي فينمان عندما توقع نجاح الإنسان في بناء كومبيوتر كمي عام 1982.
من ناحيته، قال د. كوينهوفن: «التطبيق الذي أحلم به بالنسبة لكومبيوتر كمي يتمثل في إنتاج آلة قادرة على حل مسائل الفيزياء الكمية».

الأنيونات والكومبيوتر الكمي الطوبوبوجي

> «الأنيونات»: هي أشباه جسيمات في فضاء ثنائي الأبعاد، وهي ليست فرميونات أو بوزونات على وجه التحديد (جسيمات ذرية صغيرة)، بيد أنها تشترك مع خاصية الفرميون من حيث عدم القدرة على الاستقرار في حالة واحدة. ومن ثم لا يمكن أن تتقاطع أو تتداخل الخطوط العامة لاثنين من الأنيونات، مما يسمح بتكوين الضفائر التي تشكل دائرة معينة.
> الكومبيوتر الكمي الطوبولوجي: هو حاسوب كمي نظري يستخدم أشباه الجسيمات ثنائية الأبعاد المسماة أنيونات التي تعبر الخطوط العامة فيها فوق بعضها البعض لتكون الضفائر في زمكان ثلاثي الأبعاد (أي بُعد واحد زماني وبعدين مكانيين). وهذه الضفائر تشكل البوابات المنطقية التي يتكون منها الحاسوب.
وفي حين أن عوامل الحاسوب الكمي الطوبولوجي نشأت في مجال رياضي صرف، فإن التجارب التي أجراها مايكل إتش فريدمان (Michael H. Freedman) بالتعاون مع زينغان وانغ (Zhenghan Wang) كلاهما مع شركة «مايكروسوفت» عام 2002، وتجارب مايكل لارسن (Michael Larsen) من جامعة إنديانا، بينت أن من الممكن إنشاء تلك العوامل في العالم الواقعي باستخدام أشباه موصلات مصنوعة من زرنيخيد غاليوم ثلاثي، تقترب من الصفر المطلق وتخضع لحقول مغناطيسية قوية.

* خدمة «نيويورك تايمز»



تقرير: «أوبن إيه آي» تعمل على إنشاء منصة تواصل اجتماعي على غرار «إكس»

شركة «أوبن إيه آي» تعمل على إنشاء منصة للتواصل الاجتماعي خاصة بها (رويترز)
شركة «أوبن إيه آي» تعمل على إنشاء منصة للتواصل الاجتماعي خاصة بها (رويترز)
TT
20

تقرير: «أوبن إيه آي» تعمل على إنشاء منصة تواصل اجتماعي على غرار «إكس»

شركة «أوبن إيه آي» تعمل على إنشاء منصة للتواصل الاجتماعي خاصة بها (رويترز)
شركة «أوبن إيه آي» تعمل على إنشاء منصة للتواصل الاجتماعي خاصة بها (رويترز)

نقل موقع ذي فيرج، اليوم الثلاثاء، عن عدد من المصادر قولهم إن شركة «أوبن إيه آي» تعمل على إنشاء منصة للتواصل الاجتماعي خاصة بها على غرار منصة «إكس».

وبحسب «رويترز»، أشار التقرير إلى وجود نموذج أولي داخلي يركز على توليد الصور باستخدام تطبيق «تشات جي بي تي» للذكاء الاصطناعي، ويتضمن عرضا للمحتوى الاجتماعي.

وقال الموقع إن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، طلب من أطراف خارج الشركة في جلسات خاصة تقديم تعليقات حول المشروع الذي لا يزال في مراحله الأولى.

وجاء في تقرير الموقع أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الشركة تعتزم تدشين منصة للتواصل الاجتماعي لتصبح تطبيقا منفصلا أو دمجها في «تشات جي بي تي».

ولم ترد الشركة بعد على طلب «رويترز» للتعليق.

وربما تؤدي هذه الخطوة المحتملة إلى تصعيد التوتر بين ألتمان والملياردير إيلون ماسك، مالك منصة «إكس» وأحد مؤسسي «أوبن إيه آي» الذي ترك الشركة الناشئة في عام 2018 قبل أن تتصدر سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واشتد الخلاف في الأشهر القليلة الماضية. ففي فبراير (شباط) الماضي، قدم تحالف مستثمرين بقيادة ماسك عرضا بقيمة 97.4 مليار دولار أميركي للاستحواذ على شركة «أوبن إيه آي»، لكن ألتمان رفض العرض بعبارة «لا، شكرا».

رفع ماسك دعوى قضائية على «أوبن إيه آي» المبتكرة لنموذج «تشات جي بي تي» وألتمان العام الماضي، زاعما أنهما تخليا عن هدف الشركة الأصلي المتمثل في تطوير الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية، وليس لتحقيق مكاسب.

ورفعت «أوبن إيه آي» دعوى قضائية مضادة على ماسك في وقت سابق من هذا الشهر، متهمة إياه بممارسة نمط من المضايقات ومحاولة عرقلة تحولها إلى نموذج ربحي. ومن المقرر أن يبدأ الطرفان محاكمة أمام هيئة محلفين في ربيع العام المقبل.

وأيضا ربما تضع المنصة الاجتماعية لـ«أوبن إيه آي» الشركة في منافسة مباشرة مع شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك»، والتي ذكرت تقارير أنها تعمل على إنشاء نموذج مستقل للذكاء الاصطناعي خاص بها.

وفي فبراير (شباط)، قال ألتمان على منصة «إكس» تعليقا على تقارير إعلامية عن خطط «ميتا»: «حسنا، لا بأس، ربما سنقوم بعمل تطبيق اجتماعي».

وتتمتع «ميتا» و«إكس» بإمكانية الوصول إلى كم هائل من البيانات، المحتوى العام الذي ينشره المستخدمون على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بهما، ويمكنهما تدريب نماذجهما للذكاء الاصطناعي عليها.