الرئيس الروسي يدعو المسؤولين للتواضع... والإعلام بالتزام اللباقة

مؤتمر بوتين السنوي للصحافة منبر إضافي لإعلان «الانتصارات»

بوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي - صحافية أخرى تحاول إثارة الاهتمام كي توجه سؤالاً لبوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي (آر بي كا) الروسية
بوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي - صحافية أخرى تحاول إثارة الاهتمام كي توجه سؤالاً لبوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي (آر بي كا) الروسية
TT

الرئيس الروسي يدعو المسؤولين للتواضع... والإعلام بالتزام اللباقة

بوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي - صحافية أخرى تحاول إثارة الاهتمام كي توجه سؤالاً لبوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي (آر بي كا) الروسية
بوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي - صحافية أخرى تحاول إثارة الاهتمام كي توجه سؤالاً لبوتين خلال المؤتمر الصحافي السنوي (آر بي كا) الروسية

شكل المؤتمر الصحافي السنوي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا العام «منبرًا» إضافيًا وهامًا للإعلان عن «الانتصارات والإنجازات» في السياسة الخارجية، والتأكيد على العزيمة للمضي في السياسة الداخلية، لا سيما في المجالين الاقتصادي والاجتماعي حتى الخروج من الأزمة والانتقال باقتصاد البلاد إلى النمو المستقر. وفي السياسة الخارجية كان هناك الإعلان عن القدرة العسكرية لروسيا الاتحادية، واستعدادها للتصدي لأي معتدٍ، هذا فضلاً عن وقفة خاصة عند الأزمة السورية و«نجاحات» روسيا هناك بالتعاون مع «الشركاء». كل هذا أعلن عنه الرئيس بوتين يوم الثالث والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) خلال مؤتمره الصحافي السنوي التقليدي الثاني عشر وبحضور 1437 صحافيًا ومراسلاً من روسيا والعالم، من ممثلي وكالات الأنباء العالمية وحتى وسائل الإعلام المحلية من المقاطعات الروسية النائية، كل منهم استعد على طريقته لجذب انتباه بوتين وطرح سؤال عليه، ووجهوا له 48 سؤالاً، قدم إجابات عليها خلال 3 ساعات و50 دقيقة.
وكانت وسائل الإعلام العالمية والمحلية قد ركزت اهتمامها على ما قاله بوتين في مؤتمره الصحافي بخصوص الأزمة السورية والخطوات التي تنوي روسيا القيام بها مع «الشركاء»، فضلاً عن العلاقات مع الولايات المتحدة وانتقاداته للديمقراطيين، التي شكلت مديحًا غير مباشر للرئيس المنتخب دونالد ترامب. إلا أنه كانت هناك قضايا أخرى تم طرحها على الرئيس الروسي، على صلة بالوضع الداخلي في روسيا، الذي تنطلق روسيا منه في سياساتها الخارجية، وعليه فإن تلك المواضيع لا تقل أهمية عن القضايا والنزاعات الإقليمية والدولية. إذ كان الاقتصاد الروسي محط اهتمام واسع بين الصحافيين وبالنسبة لبوتين على حد سواء.
في هذا الشأن حرص الرئيس الروسي على عرض صورة إيجابية لحال الاقتصاد الوطني، وأكد أن روسيا تكيفت مع الوضع العالمي حاليًا، دون أن ينفي وجود مشكلات يعاني منها اقتصاد بلاده، وبصورة رئيسية المستوى المنخفض لنمو الإنتاج، وتراجع الدخل الفعلي للمواطنين الذي ينعكس بدوره على الطلب. ورفض بوتين الفكرة القائلة إن الاقتصاد الروسي غير قادر على تقبل الإنجازات العلمية والتوجهات في مجال التقنيات عالية الدقة، وأقر في الوقت ذاته بارتهان الاقتصاد الروسي لعائدات النفط والغاز حين قال إن روسيا تستثمر تقليديًا في الطاقة وتحصل على أرباح عالية. وبلغة الأرقام أشار بوتين إلى أن روسيا ما زالت تحافظ على ميزان تجارة خارجية إيجابي، بما يزيد على 70 مليار دولار، بينما يُسجل تراجعًا لهروب رؤوس الأموال من السوق الروسية، لافتًا إلى «هروب» بين 16 و17 مليار دولار خلال العام الحالي (2016) مقابل 56 مليار دولار العام الماضي، فضلاً عن أنها أنتجت العام الحالي 119 مليون طن من الحبوب، وهو رقم لم تعرف روسيا مثيلاً له في تاريخها المعاصر، حسب قول بوتين.
أزمة المنشطات في الرياضة، لا سيما بعد التقرير الثاني الذي اتهم روسيا بمؤامرة مؤسساتية في هذا المجال، كانت هي حاضرة أيضًا في المؤتمر الصحافي السنوي للرئيس بوتين، الذي شدد على أهمية مواصلة التحقيقات حتى النهاية وضرورة تطهير الرياضة والثقافة من المنشطات، لكنه مع ذلك رأى «مؤامرة خارجية» في خلفية كل هذه القضية، وقال إن رودتشينكوف (الروسي الذي قدم أدلة في قضية المنشطات)، كان قد عاش بعض الوقت في كندا قبل أن يعمل في موسكو، واتهمه بأنه كان يأتي بالمنشطات من كندا والولايات المتحدة، ويفرض على الرياضيين تعاطيها، وجعل من الأمر «بيزنس»، وعندما شعر بالخطر غادر روسيا، وفق رواية الرئيس الروسي.
ولم يفت الصحافيين استغلال الفرصة المتاحة لهم كي يسألوا بوتين شخصيًا عن قضايا معروضة على المحاكم الروسية وتحولت إلى «قضايا رأي عام»، مثل الأزمة بين رئيس شركة «روس نفط» إيفر سيتشين وصحيفة «آر بي كا» الروسية، على خلفية تقرير حول صفقة خصخصة 19.5 في المائة من أسهم «روس نفط»، رأت الشركة النفطية الروسية الأكبر أنه يسيء لسمعتها وهيبتها، وطالبت الصحيفة بتعويض مالي يزيد على 3 مليارات روبل روسي، في هذا الشأن قال بوتين إن المحكمة قررت في نهاية المطاف أن تدفع الصحيفة تعويضًا بحدود 360 ألف روبل، واصفًا تلك القيمة بأنها «لا شيء تقريبًا»، معربًا عن قناعته بأن التوجه للمحكمة في قضايا كهذه أمر طبيعي عندما ترى الشركة أن الأمر يتعلق بسمعتها وهيبتها. وفي سياق حديثه عن تصرفات المسؤولين الروس والعلاقة مع الإعلام، دعا بوتين رؤساء الشركات التي تساهم فيها الحكومة الروسية إلى «التواضع» في الإنفاق وتشييد منازل فاخرة، وكذلك في قيمة المكافآت المالية، مشددًا على ضرورة أن يتذكر هؤلاء «أين نعيش» وأن يقدروا مشاعر الآخرين. أما الصحافيون فدعاهم بوتين إلى التصرف بلباقة خلال عملهم، والإبعاد عن الغوص في الشؤون الشخصية والخاصة للشخصيات العامة وممثلي الفن والرياضة وغيرهم.



تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)
TT

تغييرات البحث على «غوغل» تُثير مخاوف ناشرين

شعار شركة «غوغل» (رويترز)
شعار شركة «غوغل» (رويترز)

تحدثت شركة «غوغل» عن خطتها لتطوير عملية البحث خلال عام 2025، وأشارت إلى تغييرات مرتقبة وصفتها بـ«الجذرية»؛ بهدف «تحسين نتائج البحث وتسريع عملية الوصول للمعلومات»، غير أن الشركة لم توضح كيفية دعم الناشرين وكذا صُناع المحتوى، ما أثار مخاوف ناشرين من تأثير ذلك التطوير على حقوق مبتكري المحتوى الأصليين.

الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، قال خلال لقاء صحافي عقد على هامش قمة «ديل بوك» DealBook التي نظمتها صحيفة الـ«نيويورك تايمز» خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نحن في المراحل الأولى من تحول عميق»، في إشارة إلى تغيير كبير في آليات البحث على «غوغل».

وحول حدود هذا التغيير، تكلّم بيتشاي عن «اعتزام الشركة اعتماد المزيد من الذكاء الاصطناعي»، وتابع أن «(غوغل) طوّعت الذكاء الاصطناعي منذ عام 2012 للتعرّف على الصور. وعام 2015 قدّمت تقنية (رانك براين) RankBrain لتحسين تصنيف نتائج البحث، غير أن القادم هو دعم محرك البحث بتقنيات توفر خدمات البحث متعدد الوسائط لتحسين جودة البحث، وفهم لغة المستخدمين بدقة».

فيما يخص تأثير التكنولوجيا على المبدعين والناشرين، لم يوضح بيتشاي آلية حماية حقوقهم بوصفهم صُناع المحتوى الأصليين، وأشار فقط إلى أهمية تطوير البحث للناشرين بالقول إن «البحث المتقدم يحقق مزيداً من الوصول إلى الناشرين».

كلام بيتشاي أثار مخاوف بشأن دور «غوغل» في دعم المحتوى الأصيل القائم على معايير مهنية. لذا، تواصلت «الشرق الأوسط» مع «غوغل» عبر البريد الإلكتروني بشأن كيفية تعامل الشركة مع هذه المخاوف. وجاء رد الناطق الرسمي لـ«غوغل» بـ«أننا نعمل دائماً على تحسين تجربة البحث لتكون أكثر ذكاءً وتخصيصاً، وفي الأشهر الماضية كنا قد أطلقنا ميزة جديدة في تجربة البحث تحت مسمى (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews، وتعمل هذه الميزة على فهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل، وتقديم نتائج بحث ملائمة وذات صلة، كما أنها توفر لمحة سريعة للمساعدة في الإجابة عن الاستفسارات، إلى جانب تقديم روابط للمواقع الإلكترونية ذات الصلة».

وحول كيفية تحقيق توازن بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين البحث وضمان دعم مبتكري المحتوى الأصليين وحمايتهم، قال الناطق إنه «في كل يوم يستمر بحث (غوغل) بإرسال مليارات الأشخاص إلى مختلف المواقع، ومن خلال ميزة (إيه آي أوفرفيوز) AI Overviews المولدة بالذكاء الاصطناعي، لاحظنا زيادة في عدد الزيارات إلى مواقع الناشرين، حيث إن المُستخدمين قد يجدون معلومة معينة من خلال البحث، لكنهم يريدون المزيد من التفاصيل من المصادر والمواقع».

محمود تعلب، المتخصص في وسائل التواصل الاجتماعي بدولة الإمارات العربية المتحدة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن التغييرات المقبلة التي ستجريها «غوغل» ستكون «ذات أثر بالغ على الأخبار، وإذا ظلّت (غوغل) ملتزمة مكافحة المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية لثقة المُستخدم، فمن المرجح أن تعطي أهمية أكبر لمصادر الأخبار الموثوقة وعالية الجودة، والذي من شأنه أن يفيد مصادر الأخبار الموثوقة».

أما فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال حوار معه: «التغيير من قبل (غوغل) خطوة منطقية». وفي حين ثمّن مخاوف الناشرين ذكر أن تبعات التطوير «ربما تقع في صالح الناشرين أيضاً»، موضحاً أن «(غوغل) تعمل على تعزيز عمليات الانتقاء للدفع بالمحتوى الجيد، حتى وإن لم تعلن بوضوح عن آليات هذا النهج، مع الأخذ في الاعتبار أن (غوغل) شركة هادفة للربح في الأساس».