إضاءة على جماعة «الأمم الآرية» المتطرفة

أصولية «صنع أميركا» من نوع آخر

خراب ودمار في وسط مدينة أوكلاهوما بعد التفجير الدامي على يد تيموثي ماكفاي (غيتي)
خراب ودمار في وسط مدينة أوكلاهوما بعد التفجير الدامي على يد تيموثي ماكفاي (غيتي)
TT

إضاءة على جماعة «الأمم الآرية» المتطرفة

خراب ودمار في وسط مدينة أوكلاهوما بعد التفجير الدامي على يد تيموثي ماكفاي (غيتي)
خراب ودمار في وسط مدينة أوكلاهوما بعد التفجير الدامي على يد تيموثي ماكفاي (غيتي)

في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، تركز اهتمام الولايات المتحدة الأميركية ومعها دول الغرب، في موضوع مواجهة الإرهاب، على التهديدات التي تطالها من المجموعات الإرهابية الخارجية. أي تلك الآتية جغرافيًا من بعيد، وبالذات من دول وكيانات العالم الإسلامي، وذلك رغم أن أكثر الاعتداءات الإرهابية ضراوة وقسوة، ارتكبتها مجموعات إرهابية أميركية، كالتفجير الذي وقع بمدينة أوكلاهوما سيتي على يد تيموثي ماكفاي. أضف إلى ذلك الانفجارات التي تعرضت لها المستشفيات التي تجري عمليات الإجهاض، إلى جوانب حوادث القتل الجماعي كتلك التي ارتكبها بيوفورد فورو عام 1999.. كل هؤلاء الأفراد كانوا ولا يزالوا ينتمون بالفعل إلى جماعات الأصولية الآرية البيضاء.
كشفت دراسة نشرتها مجلة «جورنال أوف بيهيفيورال ساينسز» Journal of Behavioral Sciences الأميركية، وشارك فيها البروفسور كيفن بورغيسون أستاذ العدالة الجنائية بجامعة سالم الحكومية (بولاية ماتشوستس الأميركية) والبروفسورة روبن فاليري أستاذة علم النفس بجامعة سيراكيوز (بولاية نيويورك)، أنه على مدار العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كان هناك ما يقرب من 60 حادثة إرهابية داخل الولايات المتحدة ارتكبها أفراد ينتمون لمجموعات الكراهية، وطبقًا لمطبوعة «إينتيلليجنس ريبورت» Intelligence Report الأميركية كذلك، فإن معظم هذه الحوادث الإرهابية المحلية كانت ذات خلفيات دينية.
قطعًا أنها تشير إلى أن إشكالية الأصولية قائمة في الغرب كما هي في الشرق، وأنه إذا كانت هناك في العالم العربي والإسلامي جماعات بعينها تتدثر برداء الدين الإسلامي لتبرير العنف والإرهاب، فيما عرف بـ«الأصوليات الإسلامية»، فإن هناك وضعا مشابهًا - بل يكاد متطابقًا - يمكننا بكل سهولة ويسر أن نطلق عليه مسمى «أصوليات مسيحية» عند نفر بعينه، داخل تلك الجماعات.. التي تتجسّد فيها أحيانا الآرية النازية - ببعدها العنصري الفاقع - والـ«مسيحانية» المغشوشة أحيانًا أخرى.
بتفسيرات مغلوطة، وقراءات مسيحية لا اتفاق على صحتها خارج سياقات الكنائس التقليدية (الكاثوليكية والأرثوذكسية)، أسّس الأميركي ريتشارد غيرنت باتلر عام 1973 جماعة «الأمم الآرية» التي ترتكز على مجموعة من المعتقدات مثل: فترة ما قبل آدم على الأرض، ونسل الثعبان، وبيت إسرائيل، معركة هرمجدون (أرماجدون). والشاهد أن تفصيلاً سريعًا غير مخل ببعض هذه المفاهيم يوضح لنا مدى ضراوة هذا الاتجاه، وبخاصة، أن قدّر له أن ينمو ويتعاظم في العقود المقبلة، خاصة في أميركا، حيث تشير اتجاهات رياح السياسة إلى جهة اليمين، بل اليمين المتطرف:
فترة ما قبل آدم: يعتقد أتباع جماعة «الأمم الآرية» أن الأرض كانت موجودة منذ زمن بعيد، وأن هناك أقليات كانت تسكنها، وكلها تابعة للجنس الأبيض، بالإضافة إلى إيمانهم بأن الجنس الأبيض، يتفوّق على غيره من الأجناس لأنه من «نسل أدم». نسل الثعبان (أو نسل الهويتين): يزعم هؤلاء أن حواء قد رزقت بطفلين، أحدهما من آدم الذي ينتهي أحفاده اليوم إلى الجنس الأنجلو سكوني، بينما الطفل الآخر هو ابن الشيطان، ونسله - حسب زعم هؤلاء - أبناء الشعب اليهودي.
بيت إسرائيل: طبقا لفكر مجموعة «الأمم الآرية»، فإن تعريف إسرائيل بأنها شعب الله المختار ينبع من القومية الإسرائيلية، أما طبقًا لقومية أتباع الهوية المسيحية، فإن شعب الله المختار هم «الأمم الأنجليساكسونية والجرمانية وكذا الاسكندينافية».
معركة هرمجدون: خلافًا حتى للفكر البروتستانتي التقليدي الذي يؤمن بأن معركة هرمجدون ستحدث في الشرق الأوسط، وبالقرب من القدس (سهل مجدّو في فلسطين)، ترى مجموعة «الأمم الآرية»، أنها ستحدث في الولايات المتحدة، عندما ينهض الجنس الأبيض من جديد، ويدمّر كل يهود الأرض، ويحقق سيطرته على العالم.
بلوَر باتلر رؤية عنصرية ذات ملامح أصولية مغشوشة لجماعته، معتبرًا في عنصرية واضحة، أن الجنس الأبيض هو الجنس الأفضل، وأن الحرب الباردة ليست ضد الشيوعيين، بل ضد من يحاربون المسيح، أي ضد اليهود تحديدًا. هذه المعتقدات أشعلت طموحات باتلر في الحياة، وارتبط مصيره منذ ذلك الوقت، واتباعه من خلقه، بتوسيع معرفته، والإحاطة الكاملة بكل شيء خاص باليهود.. «ذلك الجنس البغيض» في مقولاتهم.
ولكن، بعد وفاة باتلر حدث ما يشبه الانقلاب الفكري في جماعة «الأمم الآرية»، إذ ذهب كثيرون منهم لجهة أن مجرد الإيمان بتعاليم الهوية المسيحية بشكل أعمى لا يخدم قضية الدين المسيحي أو رسالته. وعبّر أحدهم عن ذلك بقوله: «لا يجب أن أكره شخصا لمجرد الكراهية، ذلك أن الكراهية المبنية على العنصرية ضد الأجناس الأخرى، لا تقودنا إلى أي هدف.. وأنا هنا أتفق مع تعاليم الإنجيل». وعلى أساس السماح بتنوّع وجهات النظر، سمحت بعض قيادات «الأمم الآرية بانضمام» مسلمين إلى المنظمة، واعتبروا أنهم ينفذون بذلك «بيان المهمة» لمؤسس الحركة ريتشارد باتلر.
وردًا على سيل من الرسائل الإلكترونية (الإنترنت) التي وصلت إلى المنظمة، فإن المسؤولين منهم قد ردّوا ببيان توضيحي، يصفون فيه موقفهم غير المنحاز دينيًا، بالإضافة إلى تأكيدهم أن هناك ما يؤكد أن الإنجيل يساند الراديكاليين الإسلامويين، جاء فيه: «لقد حدث سوء تفاهم على ما يبدو، فيما يخص وجهة نظرنا، بشأن تحالفنا مع الإسلامويين الراديكاليين. وهناك من أدعى أننا أصبحنا الآن منظمة إسلاموية أصولية، وهذا غير صحيح، أن منظمتنا لا تساند أي دين آخر. ولكن من ناحية أخرى، وبناء على تاريخ جماعة (الأمم الآرية)، فإن قواعدنا وسلوكنا، أساسها تعاليم الإنجيل، وتتفق آراء أعضاء المنظمة في مجموعها، على قبول الهوية الآرية المسيحية، وتعاليم الدين المسيحي المستنيرة والمعروفة للجميع». البروفسور بورغيسون، في البحث المشار إليه سالفًا يقول إنه عندما سأل جماعة «الأمم الآرية» عن سبب مساندتها للراديكاليين الإسلامويين، أجاب المتحدثون بلا تردّد أن الحركة المسيحية الحالية ماتت بعدما فقدت جوهرها و«أن أعضاء الحركة من المسيحيين البيض تنقصهم الحماسة وروح التضحية من أجل قضية يؤمنون بها، وهذا ما نجده اليوم عند المسلمين (كذا).. وحقيقة الأمر وعبر تاريخها الطويل، كانت قلة قليلة من أعضاء الأمم الآرية، هي التي على استعداد للتضحية بحياتها من أجل الحركة. فإذا استطعنا أن نغرس هذه الأخلاق داخل الحركة مرة أخرى، لاستعدنا كرامتنا المفقودة، ولخسر اليهود كل الفرص أمامنا، إذ إننا سنحارب بكل صدق وقوة».
من ناحية أخرى، مثير جدا عداء جماعة «الأمم الآرية» لحكومة الولايات المتحدة التي تتهمها بالتآمر على مواطني الدولة الأميركية المسيحية، تحت تأثير نفوذ اليهود - كما تزعم - عليها. ومن ثم، يستدعي الحديث عن مجموعة «الأمم الآرية»، تساؤلا جذريًا وعميقًا.. مَن يحاول إذكاء جذوة أصولية مسيحية عرفتها أوروبا في القرون الوسطى، تختلف شكلاً وموضوعًا عن حال ومآل الرؤية المسيحية الحالية.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».