«حرب شائعات» في ليبيا حول مصير السفير الأردني المخطوف

لجنة الدستور تجتمع اليوم.. والبرلمان يختار رئيس الحكومة خلال الأسبوع

«حرب شائعات» في ليبيا حول مصير السفير الأردني المخطوف
TT

«حرب شائعات» في ليبيا حول مصير السفير الأردني المخطوف

«حرب شائعات» في ليبيا حول مصير السفير الأردني المخطوف

دخل أمس خاطفو السفير الأردني لدى ليبيا فواز العيطان ما وصفته مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بـ«حرب شائعات» حول مصيره بعد مرور خمسة أيام على اختطافه في العاصمة الليبية طرابلس، حيث نفت السلطات الليبية شائعات متضاربة حول قتله أو إطلاق سراحه، بالتزامن مع نفيها وصول قوات أردنية خاصة لتحريره في عملية عسكرية.
وصدر النفي الرسمي الليبي على لسان النقيب رامي كعال، الناطق الرسمي باسم بوزارة الداخلية، وكذلك وزارة العدل الليبية، حيث أكدا في بيانين منفصلين على خطأ ما أشيع بشأن إطلاق سراح العيطان، وطالبا وسائل الإعلام المحلية بتحري الدقة. والتزم خاطفو السفير الأردني الصمت، لكن مصادر ليبية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن الخاطفين الذين ينتمون إلى «الجماعة الليبية المقاتلة» وبعضهم من أقارب سجين ليبي في الأردن يدعى محمد الدرسي (النص)، يشترطون إطلاق سراحه مقابل الإفراج عن السفير.
وعلى صعيد ذي صلة، علم لدى سفارة المغرب في طرابلس، أنه جرى أمس نقل السائق المغربي الذي أصيب في حادث اختطاف السفير الأردني إلى المغرب لاستكمال العلاج بأحد المستشفيات المتخصصة.
وكانت السلطات المغربية تكفلت بتوفير الرعاية الطبية والمعنوية الكاملة للمواطن المغربي، ملوك البطاحي، الذي يقيم في ليبيا برفقة أفراد عائلته منذ أكثر من 27 سنة؛ إذ جرى نقله مباشرة بعد الحادث إلى إحدى المصحات التي خضع فيها لعلاج مكثف من الجروح التي لحقت به، قبل أن يتقرر نقله إلى المغرب.
وأعرب البطاحي عن امتنانه، وقد بدا متأثرا بما أحيط به من رعاية، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية، وقال: «أشعر بالاعتزاز لكون بلدي الأم كان سباقا إلى احتضاني والتكفل بي في المصاب الذي ألمّ بي، وهذا الأمر يقوي ارتباطي الشديد به، رغم طول مقامي في بلد الاغتراب». وكان البطاحي أصيب بعيارين ناريين في الساقين، تسبب أحدهما في كسر برجله اليسرى، خلال اختطاف السفير الأردني.
في غضون ذلك، نفى جوسيبي بوتشينو، السفير الإيطالي في طرابلس، إغلاق السفارة الإيطالية أبوابها. وأوضح في تصريحات لقناة ليبية محلية أمس أن السفارة تعمل وفق المعتاد، وأنه سافر مساء الخميس الماضي في إجازة بمناسبة عيد الفصح، وعاد مساء أول من أمس إلى طرابلس. وأكد بوتشينو أهمية وعمق العلاقات بين ليبيا وإيطاليا، مشددا على أن ليبيا دولة مهمة جدا لإيطاليا.
كما أكد سعيد الأسود، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن سفراء الدول وممثلي المنظمات الدولية العاملين في ليبيا لم يغادروا مقار أعمالهم، لافتا إلى أن سفراء ألمانيا وإيطاليا وكندا والإمارات العربية المتحدة، لا يزالون يمارسون عملهم المعتاد في البلاد.
من جهتها، استنكرت دار الإفتاء الليبية، الاعتداء على أعضاء البعثات الدبلوماسية ومقار سفاراتها، وعدته أمرا شائنا ونكثا بالمواثيق وغدرا لمن أعطوا الأمانة والعهود. وحذرت الدار في بيان لها أمس من أن «الحال يزداد سوءا عندما يرتكب مثل هذا العمل (المُشين) من اختطاف للأبرياء، باسم الإسلام ونصرة أهله»، معربة عن بالغ الأسى لما وصلت إليه الأوضاع الأمنية في ليبيا من قتل واختطاف وتعد وخروج عن القانون.
في غضون ذلك، بدأ المؤتمر الوطني العام (البرلمان) عملية انتخاب رئيس جديد للحكومة الانتقالية بدلا من رئيس الحكومة الذي اعتذر عن تشكيلها عبد الله الثني بعد تعرضه الأسبوع الماضي لاعتداء من مسلحين في قلب العاصمة الليبية. وعقد أعضاء المؤتمر جلسة بالعاصمة أمس، استمعوا خلالها إلى برامج المرشحين السبعة الذين جرى ترشيحهم عن طريق الكتل والأحزاب السياسية، وتقدموا بملفاتهم إلى رئاسة المؤتمر.
وأوضح الدكتور صالح المخزوم، النائب الثاني لرئيس المؤتمر، أنه جرى الاستماع إلى خطط وبرامج المرشحين لمنصب رئاسة الحكومة. وتقدم كل مرشح بقائمة تحتوي على توقيع 20 عضوا التزكية المبدئية، وبذلك أُذن لهم بأن يعرضوا خططهم وسيرهم الذاتية أمام المؤتمر الوطني. وأعلن المخزوم أنه سيجري اختيار الرجل المناسب لمنصب رئيس الوزراء والتصويت النهائي عليه خلال الأسبوع الحالي.
على صعيد آخر، يعقد اليوم أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي الجديد أول جلسة عمل لهم بمدينة البيضاء، التي أعلن مجلسها أن اليوم (الاثنين) عطلة رسمية بهذه المناسبة. وقال المجلس إنه أعد حفلا دعا إليه ضيوف من كل الدول، مشيرا إلى أن مدينة البيضاء أعدت خطة أمنية محكمة لتوفير الأمن للاجتماع.
من جهة أخرى، استجاب عدد محدود من سكان طرابلس لدعوة مجلسها المحلي للخروج مساء أمس في مظاهرة وحراك شعبي بميدان الجزائر، تحت شعار: «طرابلس يحميها أهلها وأبناؤها» للمطالبة بتوفير الأمن والأمان وتطبيق قرار المؤتمر الوطني بإخلاء العاصمة من العصابات المسلحة وتفعيل الجيش والشرطة. وكان المجلس المحلي لطرابلس قد خرج عن صمته واستبق محاولات كتائب من الميليشيات المسلحة دخول المدينة، بإطلاق دعوة علنية لكل الليبيين للخروج إلى الميادين العامة بدءا من أمس للتعبير عن دعمهم لكل الأجهزة الأمنية والشرعية والمطالبة بحل جميع التشكيلات المسلحة.
كما أعلن المجلس رفضه دخول أي تشكيلات عسكرية أو مسلحين للعاصمة تحت أي اسم، مؤكدا أنه ليس لدى أي جهة رسمية أو غير رسمية صلاحية النيابة عن سكان وأهالي العاصمة ودعوة التشكيلات العسكرية إلى المدينة تحت أي ذريعة. وحمل المجلس التشكيلات العسكرية مسؤولية ما قد ينتج عن هذا الحراك العسكري من دماء، ورأى أن الخروقات الأمنية التي شهدتها العاصمة في الآونة الأخيرة لا تتعدى كونها إجرامية يقوم بها بعض من الخارجين عن القانون أو من استغلهم أصحاب الأجندات لأغراض سياسية تهدف لإسقاط الشرعية وإسقاط الثورة من خلال زرع القلاقل والفتن.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.