مسؤول جزائري يحذر الجيش من مؤامرات تحاك ضد البلاد

مسؤول جزائري يحذر الجيش من مؤامرات تحاك ضد البلاد
TT

مسؤول جزائري يحذر الجيش من مؤامرات تحاك ضد البلاد

مسؤول جزائري يحذر الجيش من مؤامرات تحاك ضد البلاد

قال نائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، إن على الشباب الجزائري «أن يدرك أن لبلاده أعداء أضمروا وما زالوا يضمرون لها حقدا دفينا، وهذا يستوجب منا جميعا يقظة شديدة وإدراكا أشد لهذه التحديات». ومن عادة المسؤولين في البلاد، التحذير من «المؤامرة الأجنبية» عندما يواجهون أزمة داخلية حادة. ونشرت وزارة الدفاع أمس خطابا قرأه صالح على ضباط وجنود، أثناء زيارته إلى «الناحية العسكرية الثانية» (غرب البلاد)، دعا فيه إلى «إفشال غدر الغادرين وإجهاض نهجهم الذي يريدون من خلاله تحقيق مآربهم، التي باتت معروفة ومكشوفة، بل ويائسة ما دامت أجيال الجزائر تعي جيدا، وتدرك بعمق بأن هذا الوطن الذي نستظل بظله، ونعيش فوق أديمه، لم يأت من فراغ ولم يوهب للجزائريين، بل تم استرجاعه بالدم والدموع التي سالت كالأنهار». في إشارة إلى الاستقلال الذي افتكّته الجزائر من الاستعمار الفرنسي بعد حرب دامت سبع سنوات (1954 - 1962)، وخلفت مليونا ونصف المليون شهيد.
وذكر صالح أن «عالم اليوم، وكما يعلم الجميع، لا مكان فيه إلا للأقوياء والجزائر لا يمكن لها بأي حال من الأحوال إلا أن تكون، رغم أنف أعدائها، قوية بجيشها وقدراتها الذاتية»، وتحدث عن «ضرورة توخي أقصى درجات اليقظة ضد المؤامرات التي تحاك ضد الجزائر». لكن لم يوضح صالح، وهو أيضا رئيس أركان الجيش، من يقف (أو يقفون) وراء ما يسميه «مؤامرة».
وأحدث كلام صالح ردود فعل مكثفة على شبكة التواصل الاجتماعي؛ إذ تساءل كثيرون عن «مدى حقيقة هذه المؤامرة»، وعن «إلى أي حد يمكن أن تشكل الجزائر خطورة على أي بلد، حتى يمكن أن تثير عداوات ضدها؟».
وفي الغالب يسمع الجزائريون من مسؤوليهم، خطابا يحذر من «المخططات الأجنبية التي تهدف إلى ضرب استقرار الوطن»، كلما كانت الجزائر في أزمة حادة. ومنذ نحو سنة، تعيش البلاد أزمة مالية خانقة بسبب شح الموارد نتيجة انخفاض أسعار النفط، الذي يمثل المصدر الوحيد للمداخيل بالعملة الصعبة. زيادة على هذا، تتخوف الحكومة من تعرض البلاد لاعتداء محتمل من التنظيم المتطرف «داعش»، في ليبيا الذي هدد الجيش أكثر من مرة بالانتقام؛ وذلك بسبب تعاونه مع بلدان أجنبية عن المنطقة، في إطار الحرب المعلنة على هذه المنظمة الإرهابية. وقد سبقت صالح في التحذير من «المؤامرة»، النقابة المركزية المرتبطة بشدة بالحكومة؛ إذ استنكرت في بيان قبل يومين ما أسمته «تهجمات مغرضة تستهدف الجزائر في أمنها واستقرارها، تغذيها أوساط تفوح منها رائحة الاستعماريين الجدد». وتحدثت النقابة عن «أهداف مناوراتية على قوة استقرار وسلم بلادنا، التي تعيق مخططاتهم»، وأضافت أن «هؤلاء المخططين، الذين تزعجهم قناعات الجزائر القوية، يجهلون حقيقة بلادنا. ورغم هذا الحقد فإن الجزائر لا يمكنها بأي حال من الأحوال، أن تتأثر جراء هذا الفيض من الهذيان الذي يغذي أوهاما وحنينا مضللا». ولا تذكر النقابة من هم «الذين يستهدفون الجزائر».
وتابعت بأن «الجزائر خاضت وحدها منذ أكثر من عشر سنوات، حربها ضد الإرهاب والتطرف العنيف، وخرجت منها منتصرة. وقد انطلقت بكل عزم في المسار الديمقراطي الضامن لاستقرار البلاد، والسير الطبيعي لمؤسساتها وإعادة بعث اقتصادها لتنميتها المستدامة والتطور الاجتماعي». في غضون ذلك، دعا علي بن فليس، رئيس الحزب المعارض: «طلائع الحريات»، وهو رئيس حكومة سابقا، إلى «تعبئة القدرات والطاقات الوطنية من أجل إخراج البلد من الانسداد السياسي الشامل، الذي يتخبط فيه والتكفل بأزمة اقتصادية خطيرة، يزيدها تفاقما غياب أي استراتيجية تصدٍ ذات جدية ومصداقية ونجاعة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.