المتطرفون يعززون مواقعهم في ليبيا

آخر الأفواج تضم عناصر خطرة من مصر وتونس والعراق وسوريا

المتطرفون يعززون مواقعهم في ليبيا
TT

المتطرفون يعززون مواقعهم في ليبيا

المتطرفون يعززون مواقعهم في ليبيا

في اجتماعات لم تستغرق أكثر من يومين في قاعة مجاورة لمطار القاهرة الدولي، بدا أن مسؤولين في أجهزة أمنية إقليمية يتحركون بسرعة أكبر من المعتاد على خلفية تفجيرات وأعمال إرهابية شهدتها أخيرا دول في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا. وتشير المعلومات إلى نزوح عدد كبير من المتطرفين إلى ليبيا التي تشهد هشاشة أمنية وتهيمن فيها جماعات غير منضبطة على عدة مطارات وعلى منظومة السجل المدني وجوازات السفر. ووضع أحد ضباط الأمن خطا تحت اسم رجل ليبي يدعى «ديكنة». هل هو في تركيا أم في مصر أم في أوروبا؟ وبدا للوهلة الأولى أن الرجل خطير، وأن له علاقة بأعمال تفجيرات في مكان ما في المنطقة. لم تكن هناك إجابة واضحة. لكن الضابط، وهو ليبي أيضا، التفت وقال ما معناه إن «ديكنة» كان تحت رقابة أمنية مستمرة تتعاون عليها عدة أجهزة. ثم اختفى فجأة قبل أيام من تفجير الكنيسة البطرسية في العاصمة المصرية.
رغم كل شيء تضفي أشجار أعياد الميلاد (الكريسماس) المزينة بالفوانيس الملونة السعادة أمام القاعة في مطار القاهرة الدولي، وتنساب موسيقى البهجة من المتنزهات القريبة. لكن يوجد خلف باب غرفة الاجتماعات المجاورة للمصعد، عمل محموم يقوم به ضباط يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه. ويقول أحد المسؤولين الأمنيين كأنه يلهث: تحركات المتطرفين سريعة... سريعة للغاية. كل يوم يجد جديد. وهذا أمر مرهق.
وفي وقت الاستراحة القصير بدا من إفادات أحد المشاركين الآخرين ممن جاءوا من وراء البحر بالطائرة على عجل، أن عبء المراقبة والتتبع للمتطرفين أصبح أكبر صعوبة من السابق بكثير، خاصة بعدما شددت القوى الدولية والإقليمية من ضرباتها على مواقع تنظيم داعش في العراق وسوريا وملاحقة المجاميع المتطرفة عبر العالم، مع التدقيق في عمليات التحويلات المالية المشبوهة وتحركات المشتبه في علاقتهم بالأعمال التخريبية. هذه ليست قضية محلية... أصبحت مسألة دولية... «الإرهابي هنا يمكن أن يتسبب في كارثة هناك».

الغالبية عرب
يقول الضابط، وهو مسؤول أمني إقليمي، إن مجاميع من المتطرفين، أغلبهم عرب وبينهم من يحمل جنسيات دول أوروبية، يعززون مواقعهم في ليبيا بشكل لافت لتنفيذ عمليات إرهابية عابرة للحدود، خاصة في دول الجوار وعدة دول شمال البحر المتوسط. وكان المسؤول المشار إليه من ضمن قادة وصلوا إلى هنا بالتزامن مع لقاء عربي - أوروبي نظمته الجامعة العربية حول الإرهاب والهجرة غير الشرعية وغيرها من القضايا الملتهبة في المنطقة.
وفي المساء رشح من كواليس المناقشات الحامية أن هناك مجموعة متطرفين عرب يقودهم رجل آخر يبدو أنه ليبي الجنسية أيضا، أفلت من المراقبة خلال الأسابيع الأخيرة، رغم خطورته، يدعى «مرجيني». ويضيف المسؤول الأمني وهو يحمل بين يديه ملفا كبيرا من الأوراق والأقراص الإلكترونية المدمجة، أن كلا من «ديكنة» و«مرجيني»، يشتبه في انتمائهما لجماعة الإخوان الليبية، وأنهما يستغلان مكتبا في مصراتة لاستقبال متطرفين من الخارج، من بينهم مجموعة تضم مصريين من سيناء وفلسطينيين من غزة، تمركزت في المدينة نفسها التي تقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشرق من طرابلس.
ويشير إلى أنه منذ مطلع الشهر الماضي، جرى التخطيط في المكتب المشار إليه لتنفيذ أعمال إرهابية عابرة للحدود. وتم تخصيص مبلغ يصل إلى نحو 30 مليون دولار لهذا الغرض، وفقا لمصادر التحقيقات.

مصراتة في الواجهة
ويقول مصدر أمني مقرب من المجلس الرئاسي الليبي إن قيادات سياسية وعسكرية تنتمي لمدينة مصراتة اكتشفت هذا النشاط الذي رأت أنه «يسيء لمصراتة التي قدمت آلافا من أبنائها بين قتيل وجريح أثناء محاربتهم المتطرفين في سرت». وبدأت إجراءات التحقيق التي يشارك فيها مسؤول مهم في الاستخبارات العسكرية الليبية. ومن بين المقترحات التي جرى التعاطي معها لكبح جماح نشاط المكتب المشار إليه، مصادرة الأموال التي تم تخصيصها للمجموعات الليبية والعربية المتطرفة. ويشمل ملف التحقيق - وفقا للمصدر نفسه - تسجيلات فيها تخطيط «ديكنة» و«مرجيني» لتنفيذ عمليات تخريبية قبل أيام من تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة. وما زال البحث عن الرجلين مستمرا عبر عدة دول في المنطقة.
ويعتقد رجال الأمن أن هناك معلومات جديدة ومهمة عن خطط أخرى لتنظيم داعش في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا انطلاقا من ليبيا. ومن هذه المعلومات أن من بين قيادات «داعش» التي فرت من العراق وسوريا إلى ليبيا أخيرا رجلا لبناني الجنسية يدعى «أبو طلحة»، وتونسيا يلقب بـ«أبو حيدرة»، وجزائريا يعرف بـ«مُعِز»، وصوماليا يدعى «حسن»، إضافة إلى اسم القائد الجديد لما يسمى «ولاية طرابلس» ويدعى «أبو حذيفة المهاجر».
وتشير المعلومات إلى تحركات تقوم بها مثل هذه القيادات في ضواحي طرابلس الغرب وما حولها. وهذا في حد ذاته أمر مربك للمحققين، لأن «أبو طلحة» و«أبو حذيفة» كان يعتقد أنهما قتلا في الهجمات التي تشنها القوات العراقية المدعومة دوليا على تنظيم داعش في الموصل. وبدأت عملية طويلة من إعادة ترتيب الأوراق وتسلسل الأحداث لمعرفة ماذا يجري على الساحل الليبي المواجه لأوروبا الذي يبلغ طوله ألفي كيلومتر.
قضبان السكك الحديدية التي تتحرك عليها المجموعة التابعة لكل من «ديكنة» و«مرجيني» تختلف تماما عن قضبان السكك الحديدية التي يسير عليها قطار الدواعش القادمين من العراق وسوريا، لكن التحقيقات تقول إن هذين الطريقين يتلاقيان أحيانا في بعض التقاطعات. ويتعاونان أيضا.
فالمجموعة التي فيها «أبو طلحة» دخلت إلى ليبيا بمساعدة من قيادي يشرف أساسا على تحركات «ديكنة» و«مرجيني». لكن مركز انطلاق هذين الأخيرين كان من خلال فرع مكتب في بلدة مصراتة يديره زعيم سياسي لحزب ديني.
أما تحركات مجموعة الدواعش فتتركز في كل من طرابلس والخُمس وصبراتة والزاوية، وكلها قريبة من الحدود مع تونس. ويديرها رجل مقرب من الخليفة المزعوم أبو بكر البغدادي. وهذا الرجل ما زال يقيم في الموصل على ما يبدو، ويدعى «الشيخ ياسين».

تعاون أمني إقليمي
ويظهر أن تعاون رجال الأمن في منطقة الشرق الأوسط قادر على فك الكثير من الطلاسم. فاسم «أبو طلحة» اللبناني موجود أيضا في ملفات قديمة، حيث كان من بين مجاميع متطرفة تنشط في آسيا، خاصة أثناء محاربة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي. ومن الأوصاف المذكورة عن ملامحه التي كان عليها في ذلك الزمن الغابر أنه ذو وجه مستدير وشعر أشقر، ويميل إلى التحدث في تخاطبه اليومي مع الآخرين باللغة العربية الفصحى المتقنة.
كما يسود اعتقاد أن المرة الأولى التي دخل فيها «أبو طلحة» إلى ليبيا كانت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث وصل إلى مدينة سرت عبر زورق بحري رفقة «أبو حيدرة» و«أبو الزبير الدمشقي» وآخرين. ثم اختفى وعاود الظهور في ليبيا مجددا بعد تزايد الضربات ضد «داعش» في الموصل.
ويعود الظهور الجديد لـ«أبو طلحة» في المناطق القريبة من طرابلس إلى منتصف الشهر الماضي. ومنذ ذلك الوقت بدأ ينشط بقوة في أوساط الدواعش، خاصة في مدينة الزاوية التي جرى فيها رصد تعاون عسكري بين قيادات التنظيم المتطرف وقيادات من جماعة «ديكنة» و«مرجيني»، خلال حرب الزاوية التي أحرقت أطراف المدينة في الأسابيع الأخيرة.
ووفقا للمصادر الأمنية يعد لواء الفاروق الداعشي الذي له وجود في كل من مصراتة والزاوية أحد المشتركات بين المجموعتين المشار إليهما. ويقود لواء الفاروق في الزاوية رجل ليبي يدعى «هدية». بينما يتولى «أبو طلحة» الإشراف بنفسه على فرع مصراتة بعد مقتل قائده «غليو» في الحرب في سرت مطلع الشهر الجاري.
وجرى جلب غالبية المنتمين للواء الفاروق منذ البداية، من جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تنشط أساسا في سيناء بمصر، ومن بقايا لجماعة الإخوان المصريين المبعثرين في عدة دول بالمنطقة منذ الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق محمد مرسي... بالإضافة إلى مقاتلين تونسيين من جبل الشعانبي منتمين لما يعرف بـ«أنصار الشريعة». وتدرب كل هؤلاء لبعض الوقت في معسكر يقع في بلدة تاورغاء المهجورة قرب مصراتة.
المحزن في الأمر أن مجموعة داعشية جرى القبض على خمسة منها في نهاية المطاف، الأسبوع الماضي، يتبعون «أبو طلحة»، شعروا منذ وقت مبكر من هذا الشهر بوجود ملاحقة لهم. واتهمت مجموعة «أبو طلحة» في منطقة الخُمس عائلة رجل يسمى «إحميدة» بأنه هو من يبلغ بتحركاتهم. وعلى هذا قتل الدواعش «إحميدة» في منزله مع ابنيه الاثنين وابنته. واتضح فيما بعد أن الرجل لا علاقة له بالأمر من قريب ولا من بعيد، لكن هذا كان بعد فوات الأوان.
وبينما كانت تحركات المجموعة الإخوانية الليبية، انطلاقا من مصراتة، بمن فيها الرجلان الغامضان «ديكنة» و«مرجيني»، تستهدف الخارج، كان نشاط الدواعش يصب في اتجاه عكسي، أي من الخارج إلى الداخل، خاصة من العراق وسوريا. ويعتقد أن من دخلوا ليبيا في الأسابيع الأخيرة قادمين من الموصل، يحملون كنزا من المعلومات. لكن وصول أجهزة الأمن إلى تفاصيل كل ما يدور في ليبيا يبدو أمرا صعب المنال في ظل الفوضى التي تعم هذا البلد.

مؤشرات للمستقبل
بيد أن ما جرى التوصل إليه حتى الآن يمكن أن يكون مؤشرا لما قد يحدث في المستقبل. وتتضمن المعلومات التي جرى تسريبها خططا غامضة مبنية على رموز معقدة للتنظيم المتطرف في كل من ليبيا ومصر وتونس والجزائر ومالي إضافة لأوروبا. ويبدو حتى الآن أن هذه الخطط جرى وضعها على أيدي قادة التنظيم في العراق وسوريا وهم يشعرون بقرب الهزيمة هناك.
ومن بين المعلومات التي رشحت أن عددا ممن تم نقلهم من التنظيم من العراق وسوريا إلى ليبيا بلغ حتى منتصف هذا الشهر نحو ألف عنصر. وفيها أيضا أن قائد تنظيم داعش في مصر يلقب بـ«أبو إكرام» ويقيم في ليبيا، ومسؤول عن سيناء والإسكندرية والقاهرة.
وجرى تكليف «أبو حذيفة» بالإشراف على نشاط الدواعش على الحدود الليبية مع الجزائر ضمن مسؤولياته عن نشاط التنظيم في الجنوب. وفيما يتعلق بخطط «داعش ليبيا» في تونس فقد تبين وفقا للمعلومات التي أمكن التوصل إليها، وجود تعليمات بسحب تجمعات الدواعش من منطقة جبل الشعانبي التونسية، ونشرهم في الأوساط العامة لكي يتجنبوا أي عملية استهداف من جانب السلطات التونسية، وكذلك تحويل النشاط الداعشي إلى الجنوب التونسي خاصة في مدينة القصرين.
ووفقا لعملية تبادل لمعلومات استخباراتية بين أجهزة أمنية تعمل في المنطقة، فقد جرى الربط بين «أبو طلحة» عقب وصوله إلى ليبيا أخيرا، وخلية إرهابية تنتمي لـ«داعش» في دولة بلجيكا يقودها رجل عراقي يلقب بـ«أبو الأشعب»، وخلية أخرى في فرنسا يقودها مغربي يلقب بـ«أبو قداد». ومعروف أن هذين البلدين شهدا نشاطا دمويا لـ«داعش» خلال الشهور الماضية.
أما فيما يتعلق بـ«ديكنة» الذي تلاحقه عدة أجهزة أمنية في المنطقة، فتقول معلومات جديدة إن لديه مقرا آخر خارج مصراتة يقع في العاصمة طرابلس، وجرى رصد عملية تحويل منه لمبلغ خمسين ألف دولار وتسلمه أحد أقاربه في هذا المقر قبل يومين. ويقول مسؤول أمني: التحويل جرى من خارج ليبيا، دون مزيد من التفاصيل. لكن هذا في حد ذاته يشير إلى أن «ديكنة» ربما ما زال خارج ليبيا بالفعل.
وتضيف معلومات أشرف عليها مسؤول في المخابرات العسكرية المختصة بمنطقة شرق طرابلس، أن مطار مصراتة استقبل خلال الأسابيع الماضية مجموعات من حركة حماس ومن جماعة أنصار بيت المقدس، وأن هؤلاء عقدوا اجتماعات في المكتب الإخواني المشار إليه، ما أثار حفيظة السلطات الأمنية في المدينة. ووجه المسؤول الاستخباراتي أسئلة بهذا الخصوص إلى المكتب الإخواني بالمدينة، فأجابه بأن هذا نشاط حزبي ومن جاءوا هم ضيوف على الحزب.

نشاط غير مسبوق
ورفع المسؤول الاستخباراتي مذكرة إلى أعضاء في المجلس الرئاسي من بينهم مختص بالأمن القومي، ذكر فيها أن الاجتماعات التي تعقد في المكتب الإخواني في مصراتة «موجهة ضد مصر» و«تتضمن إدارة مجموعات للتخريب في مصر يجري تدريبهم في منطقتي زوارة والزاوية (قرب طرابلس)». وبالإضافة إلى اسمي «ديكنة» و«مرجيني» ظهر اسم ثالث لرجل ليبي يدعى «حويتة»، يقوم بالتنسيق العابر للحدود بين المجاميع العربية المتطرفة انطلاقا من الأراضي الليبية، وقالت المذكرة إنه يعد الأخطر من بين من شاركوا في اجتماعات المكتب الإخواني أخيرا.
ويقول مسؤول في الاستخبارات الليبية على علاقة بالمجلس الرئاسي، إن أعضاء في المجلس تسلموا عدة مذكرات عن نشاط كبير وغير مسبوق لقيادات من عدة تنظيمات من بينها أنصار بيت المقدس (معظمهم مصريون) وجماعة الإخوان (بينهم ليبيون أحدهم عضو في التنظيم الدولي) وتنظيم داعش (منهم فارون من الحرب في العراق وسوريا) وتنظيم القاعدة (معظمهم ليبيون).
وأضاف أن من بين هذه المذكرات ما قدمه مسؤول في فرع الاستخبارات العسكرية في شرق العاصمة الليبية، وتبين منها أن معظم تلك التنظيمات استغلت انشغال القوات التابعة للمجلس الرئاسي في الحرب على «داعش» في سرت طيلة الشهور الخمس الماضية، واتخذت لها مقرات لإدارة عمليات داخلية وأخرى عابرة للحدود، انطلاقا من مدن ومناطق «مصراتة» و«الخُمس» و«الزاوية» و«زوارة» و«مسلاتة».
وكشفت تقارير أمنية ليبية اطلعت «الشرق الأوسط» على جانب منها خلال اليومين الماضيين، عن أن آخر الأفواج التي دخلت ليبيا تضم عناصر خطرة من مصر وتونس والعراق وسوريا وغيرها. وعلى صعيد الموقف في مدينة سرت، التي جرى الإعلان عن تحريرها من الدواعش الأسبوع الماضي، تقول أحدث معلومات فريق الاستطلاع في مصراتة عن الوضع في سرت إنه جرى رصد تنظيم داعش وهو يعيد رص صفوفه فيها من جديد، مع توافد مقاتلين من العراق وسوريا على المدينة، وإن «أبو حذيفة» يتولى ترتيب هذه العملية، حيث قام بزيارة إلى سرت يوم 19 من الشهر الجاري.
ويبدو التطور في عمل المتطرفين في ليبيا مثيرا للقلق في أوساط الاستخبارات الليبية والقيادات السياسية في طرابلس الغرب. ووفقا لمصادر عسكرية مسؤولة عن مناطق شرق العاصمة الليبية، وتتعاون مع حكومة الوفاق الوطني، فقد جرى إخطار كل من الأمم المتحدة وأطراف عربية وأوروبية بالخطر الجديد.
وفي اليوم التالي من اجتماعات القاعة القريبة من مطار القاهرة بدا أن هناك اتفاقا بين أطراف من عدة دول على مواصلة التعاون وبذل مزيد من الجهود لملاحقة قيادات المتطرفين، خاصة أولئك الذين يتخذون من ليبيا مركزا للانطلاق في دول الجوار وعبر البحر المتوسط.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»