سلاح الجو الإيراني يسقط «درون» اقتربت من مقر المرشد

أزمة واشنطن ـ طهران تنعكس سلبًا على «النووي»

روحاني لدى لقائه الرئيس القرغيزي في بيشكيك أمس (إ.ب.أ)
روحاني لدى لقائه الرئيس القرغيزي في بيشكيك أمس (إ.ب.أ)
TT

سلاح الجو الإيراني يسقط «درون» اقتربت من مقر المرشد

روحاني لدى لقائه الرئيس القرغيزي في بيشكيك أمس (إ.ب.أ)
روحاني لدى لقائه الرئيس القرغيزي في بيشكيك أمس (إ.ب.أ)

أسقط سلاح الجو الإيراني طائرة من دون طيار في وسط طهران، أمس، فيما كانت تقترب من منطقة باستور الاستراتيجية وسط العاصمة حيث مقر إقامة المرشد الإيراني علي خامنئي، لكن تبين فيما بعد أن الطائرة تخص طاقم فيلم يصور لقطات من الجو لفيلم وثائقي.
وأفادت وسائل إعلام محلية نقلا عن شهود عيان في طهران بأنهم سمعوا دوي إطلاق نار وانفجار قبل أن يتحول حادث إطلاق النار من الدفاعات الإيرانية إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال نائب حاكم طهران لشؤون الأمن محسن حميداني قوله إن «طاقم التلفزيون الرسمي كان يصور صلاة الجمعة» ولم يكن يعلم «بحظر الطيران في المجال الجوي». وأضاف أن «الطائرة المسيرة لم تحترم منطقة حظر الطيران» في وسط العاصمة، موضحا أنها أسقطت «من قبل الدفاع الجوي».
ويخضع شارع باستور في وسط طهران لإجراءات أمنية مشددة، حيث تقع منشآت حكومية رئيسية، مثل مكتب الرئاسة الإيرانية ومجلس خبراء القيادة وصيانة الدستور والمجلس الأعلى للأمن القومي ومركز قيادة مخابرات الحرس الثوري، فضلا عن مركز القيادة اللوجيستية في الجيش الإيراني وجامعات عسكرية.
وأصدر الدفاع الجوي التابع للجيش الإيراني بيانا يشرح فيه أسباب إطلاق النار من قاعدة للجيش وسط منطقة باستور، قائلا إن المنظومة الدفاعية استهدفت درون لم تحصل على ترخيص مسبق من الدفاع الجوي وفق ما نقلت وكالة «مهر» الحكومية.
ونقلت وكالة «إيلنا» للأنباء، عن مصدر لم تسمه، أن الطائرة أسقطت حين «اقتربت من منطقة محظورة» قرب مكتب الزعيم الأعلى. ووصف موقع «بولتون نيوز»، من المنابر الإعلامية التابعة لمخابرات الحرس الثوري، أمر الطائرة بـ«المريب».
في هذا الصدد، ذكر المصدر فيما بعد أن الطائرة تخص فريقا ينتج فيلما وثائقيا وحصل على تصريح بالتصوير لكنه «بدأ من دون قصد توجيه الطائرة صوب منطقة محظورة» وفق «رويترز».
وفي أغسطس (آب) قال قائد قوات الدفاع الجوي في طهران إن المجال الجوي للعاصمة تحت السيطرة الكاملة و«لا يمكن لأي طائرة أن تدخله دون إذن».
وفي سياق آخر، توقع خبراء أن تجديد قانون حول العقوبات الأميركية على طهران والتهديدات الإيرانية ببناء سفن تعمل بالدفع النووي، يثيران أزمة جديدة بين واشنطن وطهران تنعكس سلبا على الاتفاق النووي الذي انتقده الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
ومطلع ديسمبر (كانون الأول) جدد الكونغرس الأميركي لمدة عشر سنوات «قانون العقوبات على إيران» الذي تنتهي مدته نهاية العام. وأجاز الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما الذي ساهم بشكل كبير في إبرام الاتفاق النووي التاريخي مع إيران في 2015، هذا التمديد لكنه امتنع عن توقيع القانون.
بموازاة ذلك دان المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي والرئيس حسن روحاني ما اعتبراه «الانتهاك الواضح» للاتفاق النووي المبرم مع مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) الذي يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني لقاء رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية الدولية.
وبعد تطبيق الاتفاق في يناير (كانون الثاني) علقت واشنطن العقوبات الرئيسية المنصوص عليها في «قانون العقوبات على إيران» منها تلك المرتبطة بالاستثمارات في قطاعي النفط والغاز في إيران. إلا أن عقوبات أخرى منفصلة عن «قانون العقوبات على إيران» المرتبطة بالإرهاب وبحقوق الإنسان وبرنامج إيران الباليستي، لا تزال مطبقة.
لكن بالنسبة إلى البيت الأبيض، لا يغير تجديد «قانون العقوبات على إيران» شيئا خصوصا إذا بقيت العقوبات الرئيسية المنصوص عليها فيه معلقة طالما تحترم إيران تعهدها بالحد من أنشطتها النووية الحساسة.
يعتبر المسؤولون الإيرانيون أن المادة 26 في الاتفاق النووي تؤكد أن واشنطن «ستمتنع عن فرض أو إعادة تطبيق عقوبات نص عليها الملحق 2» في الاتفاق بما في ذلك «قانون العقوبات على إيران».
بهذا الخصوص، قال الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة طهران فؤاد أزادي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الاتفاق لم يحظ أبدا بتأييد الكونغرس الأميركي الذي يريد الاستفادة من انتهاء ولاية أوباما لإيجاد وسيلة لخرقه دون أن يلاحظ أحد».
لكن بالنسبة إلى الخبراء الغربيين لا فرق إذا جدد «قانون العقوبات على إيران».
من جانبه، رأى المحامي المتخصص في العقوبات في مكتب «شرمان آند سترلنيغ» في نيويورك دان نيوكومب أنه «لا يهم القانون طالما أنه لن يكون لذلك آثار ملموسة. أعتقد أنها مناورات سياسية للإيرانيين».
ويرى خبير آخر في مكتب «هورايزن كلاينت اكسس» الاستشاري للطاقة في نيويورك أنه «من غير الممكن» عدم إبلاغ الإيرانيين خلال المفاوضات النووية بأن الكونغرس سيجدد «قانون العقوبات على إيران».
بدوره أضاف سام كاتلر «أن الإيرانيين كانوا على علم بأن ذلك سيحصل والتنديد الآن (بهذا التجديد) على أنه انتهاك مناف للمنطق» وتابع أن عبارة أساسية أدرجت في الاتفاق أشارت إلى «دور كل من الرئيس والكونغرس» تحديدا لأنه كان من المعلوم أن نوابا سيحاولون التسبب بمشاكل.
بموجب اتفاق العام 2015 على الولايات المتحدة إلغاء كل القوانين التي تنص على عقوبات مرتبطة بالملف النووي حتى 2023.
لكن «قانون العقوبات على إيران» سيبقى مطبقا لأن الكونغرس تعمد تجديده لعشر سنوات بدلا من خمس عادة بحسب أزادي. وأضاف: «أيا كان الرئيس في العام 2023 لن يتمكن من وضع حد للعقوبات لأن هذا القانون سيبقيها حتى العام 2026».
وقال أزادي إن المسؤولين الإيرانيين يشعرون بالإحباط لأن الاتفاق النووي لم يأت بالنتائج المرجوة. وأضاف: «لم تحصل إيران على ما كانت تأمل به».
وتتخوف إيران من أن ضرر إبقاء نظام العقوبات الأميركية بعلاقات طهران الاقتصادية مع باقي العالم. وترى طهران أن على الخزانة الأميركية اتخاذ تدابير إضافية لطمأنة المصارف المترددة في التعامل مع إيران بسبب العقوبات.
وقال أزادي «طلبت بعض المصارف الحصول على ضوء أخضر لكنها حصلت على ضوء برتقالي وهذا لا يكفي». ناهيك عن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الذي أحاط نفسه بمستشارين معادين لإيران ووعد خلال حملته بتفكيك الاتفاق النووي.
إضافة إلى احتجاجاته العلنية، أمر روحاني علماء بلاده ببدء «إنتاج محركات تعمل بالدفع النووي في النقل البحري». وهو تهديد تم اختياره بدقة بما أن مثل هذه السفن يمكن أن تستخدم اليورانيوم العالي التخصيب المستخدم أيضا في إنتاج الأسلحة النووية.
من جهته يعتقد الباحث في معهد «رويال يونايتد سورفيسز انستيتيوت» في لندن شاشانك جوشي من أن «إيران تريد أن تظهر بأنها تفكر في تحرك قوي لكن من دون أن تقوم به فعليا»، مضيفا أن «إيران مستعدة لتمزيق الاتفاق في حال وصلت الأمور إلى حد بعيد».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.