البرلمان التونسي يحمّل مسؤولية اغتيال الزواري إلى الائتلاف الحاكم

خلال جلسة مساءلة لوزيرَي الداخلية والخارجية

وزيرا الدفاع والداخلية التونسيان خلال جلسة مساءلة داخل البرلمان التونسي أمس على خلفية اغتيال المهندس محمد الزواري (أ ف ب)
وزيرا الدفاع والداخلية التونسيان خلال جلسة مساءلة داخل البرلمان التونسي أمس على خلفية اغتيال المهندس محمد الزواري (أ ف ب)
TT

البرلمان التونسي يحمّل مسؤولية اغتيال الزواري إلى الائتلاف الحاكم

وزيرا الدفاع والداخلية التونسيان خلال جلسة مساءلة داخل البرلمان التونسي أمس على خلفية اغتيال المهندس محمد الزواري (أ ف ب)
وزيرا الدفاع والداخلية التونسيان خلال جلسة مساءلة داخل البرلمان التونسي أمس على خلفية اغتيال المهندس محمد الزواري (أ ف ب)

حمّل نواب في البرلمان التونسي مسؤولية اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري في 15 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي في مدينة صفاقس إلى الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه حركة «نداء تونس».
ودعا شق من نواب أحزاب المعارضة داخل البرلمان خلال جلسة مساءلة لوزيري الداخلية والخارجية، عقدت أمس على خلفية تلك الجريمة، إلى إقالة وزير الداخلية من منصبه بسبب ما اعتبروه فشلا في تجنب جريمة وقع التخطيط لها لمدة ستة أشهر، دون أن يصل إلى علم الوزارة أي خبر عنها.
في المقابل، دعا نواب من حركة الشعب والتيار الشعبي (حزبان من التيار القومي) إلى الإسراع بالتصديق على مشروع قانون يتعلق بتجريم التطبيع مع إسرائيل، وطالب آخرون بضرورة بذل مجهودات على المستوى الدولي لملاحقة إسرائيل أمام مجلس الأمن الدولي في حال التأكد من وقوفها وراء جريمة اغتيال الزواري.
وانعقدت هذه الجلسة إثر تقدم أربع كتل برلمانية، تضم حركة «النهضة» وحركة «نداء تونس» و«تحالف الجبهة الشعبية» و«الكتلة الديمقراطية»، بطلب لمساءلة وزيري الداخلية والخارجية حول عملية اغتال الزواري.
وقبل يوم واحد من جلسة المساءلة أعفى يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، قيادات أمنية من صفاقس مسرح الجريمة، علاوة على والي (محافظ) منطقة صفاقس.
وخلال الجلسة حمل عدد من نواب البرلمان، وبخاصة من التيار القومي، لافتات كتب عليها شعار «لا للتطبيع». وانتقدوا إقالة قيادات أمنية في صفاقس. ووجهت تساؤلات إلى هادي المجدوب، وزير الداخلية، حول فشل الوحدات الأمنية في تجنب الجريمة والاعتداء على حرمة السيادة الوطنية، والقيام باغتيال مواطن تونسي داخل الأراضي التونسية، فيما تركزت الأسئلة الموجهة إلى خميس الجهيناوي، وزير الخارجية، على تحركات الوزارة من الناحية الدبلوماسية وإمكانية تدويل قضية الاغتيال، ودعوة مجلس الأمن الدولي إلى إدانة الطرف الأجنبي الذي يقف وراء الجريمة.
وتساءلت النائبة سامية عبو، عن التيار الديمقراطي المعارض، عما أسمته فقدان المعارضة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في هذا التوقيت؛ لأنه كان سيطلب، حسب رأيها، استقالة الحكومة في هذا الظرف لو كان في صفوف المعارضة، مثلما حدث مع حكومة الترويكا، في إشارة إلى اعتصام الرحيل، الذي أدى إلى خروج حركة النهضة من السلطة نهاية سنة 2013. وتساءلت سامية عن عدم توجيه وزارة الداخلية التهمة مباشرة إلى جهاز الموساد الإسرائيلي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الداخلية.
وفي افتتاح الجلسة البرلمانية، قال محمد الناصر، رئيس البرلمان، إن اغتيال محمد الزواري يعد «جريمة نكراء واعتداء على الطاقات العلمية التونسية، وعملا إرهابيا خطيرا يعيد شبح الاغتيالات المبرمجة التي تطرح احتمالات كثيرة وفرضية التخطيط والتنفيذ من قبل أجهزة أجنبية» على حد تعبيره.
ودعا الناصر الحكومة إلى الإسراع بالكشف عن ملابسات العملية ومتابعة الملف على المستوى المحلي والدولي. وعبّر عن ثقته في الأجهزة الأمنية والعسكرية ودعم المجلس لها في محاربة الإرهاب، ورفض الاختراق من أي جهة كانت، وقال إن الجريمة أعادت إلى الأذهان حوادث الاغتيال التي تعرض لها بعض السياسيين في تونس، في إشارة إلى حادثتي اغتيال شكري بلعيد، القيادي اليساري، ومحمد البراهمي، النائب في البرلمان التونسي.
من جهته، حمّل عمار عمروسية، القيادي بتحالف الجبهة الشعبية الذي يقوده حمة الهمامي، الائتلاف الحاكم المسؤولية عن جريمة اغتيال الزواري، وقال إن السياسة الخارجية لتونس وارتباطاتها مع بعض الدول عادت بالضرر على الدولة.
وفي ردهما على هذه التساؤلات، تعهد كل من وزيري الداخلية والخارجية بمواصلة الجهود من أجل الكشف عن ملابسات جريمة اغتيال الزواري، وقالا إنهما سيبذلان كل الجهود الممكنة على المستويين المحلي والدولي للكشف عن خيوط الجريمة ومن يقف وراءها، وشددا على ضرورة تقديم الدعم للمؤسسة الأمنية حتى تتمكن من استباق كل الأعمال الإرهابية وإفشالها في المهد.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.