ماذا نعرف عن العامري؟

نفذ عملية إرهابية في يوم عيد ميلاده الـ 24

ماذا نعرف عن العامري؟
TT

ماذا نعرف عن العامري؟

ماذا نعرف عن العامري؟

* تصادف مقتل المشتبه بتنفيذه هجوم برلين أنيس العامري مع عيد ميلاده الرابع والعشرين، حيث إنه من مواليد 22 ديسمبر (كانون الأول) 1992 في بلدة الوسلاتية الواقعة بالوسط الغربي التونسي.
* هو الابن الأصغر لعائلة مكونة من تسعة أبناء، أربعة ذكور وخمس إناث.
* لم يكمل تعليمه الأساسي، حيث إنه ترك الدراسة عندما كان في الرابعة عشرة من عمره وهو في المرحلة الثانوية.
* لم يعرف عنه التدين، بل كان معروفا عنه تعاطي الكحول في سنين المراهقة، وميله للسهر وحضور الحفلات الموسيقية الصاخبة.
*هاجر إلى إيطاليا مع ثلاثة من أصدقائه عبر البحر في مارس (آذار) عام 2011، بعد ثلاثة شهور من اندلاع ما يسمى بثورة الربيع التونسي والإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي.
* بعد مغادرته تونس صدر ضده حكم غيابي بالسجن خمس سنوات بعد إدانته بتهمة سرقة سيارة.
* جرى اعتقاله في إيطاليا في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2011، وصدر الحكم عليه بالسجن أربع سنوات بتهمة إشعال حريق وإلحاق الضرر بممتلكات خاصة بالغير، وتفيد السجلات الرسمية لوزارة العدل الإيطالية أنه أمضى أربع سنوات في السجن وأطلق سراحه في 2015.
* غادر العامري الأراضي الإيطالية متجها إلى ألمانيا في يوليو (تموز) من عام 2015، واستقر منذ ذلك الحين في برلين، حيث عمل طباخا، كما انخرط في أعمال البناء، وفقا لمعلومات مستقاة من إحدى شقيقاته.
* فتحت السلطات الأمنية الألمانية ملفا له في مارس من العام الحالي بسبب ظهور مؤشرات على أنه أصبح يشكل خطرا أمنيا. من بين المؤشرات شراؤه سلاحا ناريا أوتوماتيكيا، والاشتباه في تخطيطه لعمليات سطو من أجل الحصول على أموال.
* أخضعت السلطات الألمانية الأمنية هاتف العامري واتصالاته للرقابة، وثبت مشاركته في عمليات الاتجار بالمخدرات.
* في أبريل (نيسان) من العام الحالي تقدم العامري رسميا بطلب لجوء سياسي إلى ألمانيا، لكن أمرا صدر بترحيله من البلاد بعد شهرين من تقديمه الطلب، لكن ذلك لم يتم لأن السلطات التونسية رفضت الاعتراف به بأنه مواطن تونسي؛ نظرا لعدم حمله أي وثائق تثبت ذلك.
* تعرض للاعتقال المؤقت في يوليو من العام الحالي بالقرب من الحدود مع سويسرا، وجرى الإفراج عنه بعد أقل من 48 ساعة.
* قررت السلطات الألمانية في سبتمبر (أيلول) من العام الحالي إيقاف عمليات الرقابة على العامري لأسباب غير واضحة.
*عند اعتقال الشيخ السلفي أبو ولاء في ألمانيا تبين أن العامري كان من بين مريديه.
* في التاسع عشر من الشهر الحالي قيل أن العامري سرق شاحنة واستخدمها في تنفيذ الهجوم الذي نجم عنه مقتل 12 شخصا، وصدر قرار اعتقاله بعد الهجوم بيومين، بعد أن وجدت السلطات الألمانية بصمات أصابع العامري في الشاحنة التي استخدمت لتنفيذ الهجوم.
* في نحو الثالثة من فجر الجمعة بتوقيت غرينتش الثالث والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) (عشية عيد ميلاده الرابع والعشرين) أعلنت السلطات الإيطالية مقتله برصاص الشرطة في مدينة ميلانو (في منطقة سيستو سان جيوفاني). وفي اليوم نفسه، أعلن تنظيم داعش أن الشخص الذي قُتل في ميلانو هو منفذ هجوم برلين، وأكد التنظيم مسؤوليته عن الهجوم.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟