الأمن المصري يشدد إجراءات تأمين رجال الدولة

إحباط محاولة اغتيال مسؤول رفيع وشخصيات بارزة على رأس القائمة

جانب من أحد الأسواق الشعبية في القاهرة (غيتي)
جانب من أحد الأسواق الشعبية في القاهرة (غيتي)
TT

الأمن المصري يشدد إجراءات تأمين رجال الدولة

جانب من أحد الأسواق الشعبية في القاهرة (غيتي)
جانب من أحد الأسواق الشعبية في القاهرة (غيتي)

قالت مصادر مصرية مسؤولة إن سلطات الأمن في البلاد شددت من إجراءات تأمين رجال الدولة وشخصيات بارزة، بعد إحباط محاولة لاغتيال مسؤول رفيع المستوى خلال الأيام القليلة الماضية، لم تكشف عنه.
وشهدت مصر عدة عمليات إرهابية ومحاولات لاغتيال مسؤولين حاليين وسابقين خلال الشهور الماضية، كان آخرها استهداف مفتي البلاد السابق الدكتور علي جمعة، والنائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز.
وتفرض مصر قيودا أمنية شديدة على المقار الحكومية، والكنائس ومقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والمساجد الكبرى (الإمام الحسين والجامع الأزهر ومصطفى محمود)، فضلا عن مقار الوزارات، والمصالح الحكومية، وأقسام الشرطة، ومحطات السكك الحديدية، ومترو أنفاق القاهرة.
وشملت هذه الإجراءات بحسب مصادر أمنية «تشديدات على الأبواب، ومنع دخول أي شخص دون موعد سابق ومثبت في الأوراق قبل 72 ساعة على الأقل، وتفتيش ذاتي عبر بوابات إلكترونية على أعلى مستوى، ومنع سيارات الموظفين والعاملين من الدخول إلى مقار الوزارات، فضلا عن منع توقف أي سيارة خارج الوزارات».
وقالت وزارة الداخلية، أول من أمس، إنها وضعت خطة شاملة لتأمين احتفالات المواطنين بالأعياد، مشددة على اتخاذ الإجراءات التأمينية الفاعلة، ورفع درجة حماية المنشآت المهمة والحيوية، والكنائس والمؤسسات الدينية، والعمل على توسيع دائرة الاشتباه، والتعامل الفوري مع مختلف المواقف الأمنية ومواجهة أية محاولة للخروج على القانون، وذلك لطمأنة المواطنين خلال احتفالاتهم، وضمان عدم حدوث ما يعكر صفوها.
وما زالت أصداء حادثة الانتحاري الذي فجر نفسه في الكنيسة الملحقة بالكاتدرائية المرقسية والتي تضم المقر الباباوي بضاحية العباسية بوسط القاهرة، ومقتل 26 قتيلا ونحو 48 مصابا، يلقي بظلاله على المشهد في البلاد.
وفرضت مصر إجراءات احترازية عقب الحادث، خاصة وأنه أعقبه تنفيذ حكم الإعدام «شنقا» بحق القيادي في تنظيم «أنصار بيت المقدس» في شمال سيناء، الموالي لـ«داعش»، عادل حبارة؛ لإدانته بارتكاب «مذبحة رفح الثانية» والتي راح ضحيتها 25 مجندا قبل نحو 4 أعوام.
وقالت المصادر الأمنية نفسها إن «معلومات أكدت وجود مخطط لاستهداف رجال الدولة المصرية ومشايخ كبار وإعلاميين»... الإجراءات الأمنية وصلت لحد منع دخول نواب في البرلمان المصري لبعض المؤسسات.
كما لفتت المصادر إلى أن تشديدات أمنية فرضت أيضا على مقر مشيخة الأزهر بالدراسة، بعد استهداف كنيسة على بُعد خطوات من المقر الباباوي. وقالت المصادر إنه تقرر عدم السماح للمترددين على المشيخة والموظفين بدخول السيارات لحرم المقر، مع توفير حافلات لنقل الموظفين من المشيخة لموقف أقيم خارج المقر، كما خضع المقر الباباوي والكاتدرائية المرقسية في العباسية لإجراءات مماثلة.
وتلاحظ إجراء مسح شامل بصفة دورية بالكلاب البوليسية وأجهزة الكشف عن متفجرات، والتفتيش الذاتي لكل المترددين على المشيخة، وتفتيش جميع سيارات الزائرين.
وسبق أن تعرض مفتي مصر السابق علي جمعة في أغسطس (آب) الماضي لمحاولة اغتيال في مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، تبنتها حركة تسمي نفسها «سواعد مصر» ومعروفة اختصارا باسم «حسم»، وسبقها في سبتمبر (أيلول) الماضي استهداف موكب النائب العام المساعد زكريا عبد العزيز عثمان بسيارة ملغومة انفجرت شرق العاصمة القاهرة... وتتوعد الحركة التي يتردد أن وراءها جماعة الإخوان، من سمتهم «أعوان النظام» من قضاة وإعلاميين ومشايخ وقيادات شرطية بـ«التطهير» – على حد قولها - فضلا عن تهديد تنظيم «أنصار بيت المقدس» الموالي لـ«داعش»، أتباع الطرق الصوفية في مصر بالذبح، عقب قيامه بذبح اثنين من شيوخ الصوفية في سيناء.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط، مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن مصادر لم تسمها؛ لكن وصفتها بـ«المطلعة»، أن أعضاء بجماعة الإخوان بالخارج عقدوا اجتماعا بإحدى العواصم العالمية «لم تذكرها»؛ بهدف ما قالت الوكالة إنه إعداد مخطط لاغتيال مسؤولين وشخصيات قضائية وإعلامية ودينية وعسكرية.
اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، أكد في اجتماع له، أول من أمس، مع قيادات وزارته أن «الداخلية لن تتوانى عن التعامل بمنتهى الحسم مع أية محاولات تستهدف الوطن وأمنه ومقدراته، وتسعى لتعكير استقرار مصر والمصريين، أو تقويض مسيرة التنمية والإنماء، لا سيما في ضوء ما حققته الأجهزة الأمنية من ضربات إجهاضية ناجحة للجماعات المتطرفة خلال الفترة الأخيرة».
مضيفا أن الضغوط في مناطق الصراعات المتاخمة للدولة المصرية تمثل عبئا أمنيا على الأوضاع الداخلية، خاصة مع تزايد احتمالات تصاعد محاولات بعض العناصر الإرهابية المتطرفة التسلل إلى البلاد، ما يشكل تحديا أمنيا، وهو ما يتطلب وضع الخطط الكفيلة بتحقيق عنصر المبادأة، واستباق محاولات الهدم والتخريب، مشيرا إلى ما حققته الأجهزة الأمنية من نجاحات ملموسة خلال الفترة الأخيرة، أدت إلى انحسار الأعمال الإرهابية بشكل كبير.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.