استراليا تحبط مخطّطًا لهجوم إرهابي في ملبورن يوم «عيد الميلاد»

قوات الأمن في آسيا تعلن حالة التأهب

استراليا تحبط مخطّطًا لهجوم إرهابي في ملبورن يوم «عيد الميلاد»
TT

استراليا تحبط مخطّطًا لهجوم إرهابي في ملبورن يوم «عيد الميلاد»

استراليا تحبط مخطّطًا لهجوم إرهابي في ملبورن يوم «عيد الميلاد»

قالت الشرطة الاسترالية اليوم (الجمعة)، إنّها أحبطت مخططًا لمهاجمة مواقع بارزة في مدينة ملبورن من خلال سلسلة تفجيرات في يوم عيد الميلاد وصفتها السلطات بأنّها "حدث ارهابي وشيك" يستلهم فكر تنظيم «داعش».
ووجهت الشرطة اتهامات بالارهاب لرجل ومن المتوقع أن توجه اتهامات لثلاثة آخرين على الاقل بعد أن نفذت السلطات مداهمات خلال الليل على منازل في ضواحي ثاني أكبر مدن أستراليا.
واعتقل 6 شبان وامرأة جميعهم أستراليون في العشرينات من العمر خلال حملة المداهمات التي شارك فيها نحو 400 من رجال الشرطة ووكالة المخابرات المحلية.
وقال قائد الشرطة الاتحادية اندرو كولفين للصحافيين في سيدني «هذه ضربة قوية لحدث كنا سنصفه بأنّه حدث ارهابي وشيك في ملبورن».
وقال رئيس الوزراء مالكولم ترنبول للصحافيين إنّ الهجوم الذي تم التخطيط له «مؤامرة ارهابية» و«أحد أكبر المؤامرات الارهابية التي تم احباطها في السنوات الاخيرة».
وذكر غراهام اشتون القائم بأعمال قائد شرطة فكتوريا أنّ المؤامرة كانت تستهدف مواقع بارزة في ملبورن منها ساحة الاتحاد ومحطة فليندرز ستريت وكاتدرائية سانت بول «ربما في يوم عيد الميلاد».
وأضاف أنّ المؤامرة كانت تستلهم نهج «داعش» وأن المشتبه بهم كانوا تحت رقابة شديدة على مدى أسبوعين. وقال للصحافيين إنّ أحد المشتبه بهم أسترالي مصري المولد وكل الاخرين استراليون من أصل لبناني.
وقال اشتون إنّ التهديد «زال... تماما» ومع ذلك تم تشديد اجراءات الامن في ملبورن اليوم. وذكر أنّه سيتم نشر قوات اضافية من الشرطة يوم عيد الميلاد واليوم التالي.
وأستراليا حليفة قوية للولايات المتحدة وأرسلت قوات للقتال في أفغانستان والعراق. وقد رفعت منذ عام 2014 درجة التأهب من هجمات متطرفين نشأوا على أراضيها.
وبعد إعلان الشرطة في أستراليا وإندونيسيا إحباط مخططي تفجير واعتقال متطرفين مشتبه بهم في ماليزيا، أعلنت قوات الأمن في آسيا حالة التأهب، اليوم، قبيل عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة.
وقالت الشرطة في إندونيسيا إن 14 شخصًا على الأقل قيد الاستجواب على خلفية الاشتباه بتنفيذ تفجيرات انتحارية تستهدف القصر الرئاسي في جاكرتا ومكان آخر لم يُعلَن عنه.
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم في جاكرتا في يناير (كانون الثاني)، قتل أربعة أشخاص، وكان الأول الذي ينفذه التنظيم المتطرف في جنوب شرقي آسيا.
وقتلت شرطة مكافحة الإرهاب ثلاثة مشتبه بهم في اشتباك بالأسلحة النارية يوم الأربعاء، على مشارف العاصمة جاكرتا.
وأشارت الشرطة إلى أنه سيتم نشر 85 ألف شرطي و15 ألف من قوات الجيش خلال فترة الأعياد. وإندونيسيا هي أكبر بلد إسلامي في العالم من حيث عدد السكان.
وتساعد جماعات إسلامية في إندونيسيا الشرطة على ضمان احتفالات آمنة بعيد الميلاد وسط تصاعد التوتر الديني بعد محاكمة رئيس بلدية جاكرتا المسيحي باسوكي تجاهاجا بورناما بتهمة ازدراء الإسلام، وهو مر ينفيه.
وفي جاكرتا، سينضم نحو 300 متطوع من جماعة نهضة الأمة (أكبر حزب إسلامي معتدل في البلاد) إلى الشرطة للإشراف على الأمن.
وقال تيتو كارنافيان قائد الشرطة في إندونيسيا للصحافيين: «ينصبُّ التركيز على دحر الإرهاب خصوصًا في جاكرتا وبالي لأنهما من الأهداف التقليدية».
وشهدت جزيرة بالي ذات الأغلبية الهندوسية والشهيرة بمعابدها وشواطئها أسوأ هجوم على الإطلاق في إندونيسيا عام 2002 عندما قتل 202 شخص، معظمهم أجانب، جراء عبوات ناسفة زُرِعت في حانة.
وفي ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة أعلنت الشرطة هذا الأسبوع أنها اعتقلت سبعة أشخاص للاشتباه بصلتهم بجماعة إرهابية.
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم بقنبلة يدوية على حانة عند مشارف كوالالمبور في يونيو (حزيران).
وستراقب الشرطة مراكز المواصلات وأماكن الترفيه والمواقع السياحية.
وقال نور جزلان محمد نائب وزير الداخلية: «نحاول ألا يكون وجودنا ظاهرًا جدًا في العلن والتركيز أكثر على الحيلولة دون وقوع أي هجوم.. يجب أن يستمتع الناس بعطلتهم».
من جانبها، حذرت السفارة الأميركية في الهند هذا الأسبوع من تهديد متزايد للأماكن التي يزورها الأجانب، وأشارت إلى تقارير إعلامية عن رغبة «داعش» في شن هجمات في البلاد.
وفي بنغلاديش، قال ضابط في الشرطة: «سيتم تسيير دوريات على مقربة من الكنائس».
ونفذ تنظيم متطرف في بنغلاديش هجوما على مقهى في العاصمة داكا في يوليو (تموز)، وقتل 22 شخصًا معظمهم من الأجانب.
وأعلنت الشرطة في تايلاند ذات الأغلبية البوذية أنّها تخطط لتسيير دوريات يشارك فيها أكثر من 100 ألف عنصر حتى منتصف يناير، مضيفة أن عدد أفراد الأمن سيكون أكبر من العام الماضي من دون تقديم المزيد من التفاصيل.
وقال كيسانا باتانشارون المتحدث باسم نائب الشرطة التايلاندية إنّه لا توجد معلومات من أجهزة المخابرات تشير إلى اعتداء محتمل «لكننا لن نتخلى عن حذرنا».
أمّا في سنغافورة (التي تعيش فيها أعراق مختلفة وهي مركز تجاري ومصرفي ومقصد سياحي رئيسي ويسكنها كثير من الغربيين)، فستنتشر الشرطة في مراكز التسوق والمراكز السياحية. وقالت الشرطة إن الحقائب الشخصية قد تخضع للتفتيش.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟