{هجوم برلين} أقسى اختبار لميركل خلال 11 عاما

تراجع بأسهم حزبها قبيل الانتخابات المقررة العام المقبل

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لدى وصولها إلى مقر الشرطة الجنائية في العاصمة الالمانية ضمن جهودها للتعرف على إجراءات التحقيق في هجوم برلين (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لدى وصولها إلى مقر الشرطة الجنائية في العاصمة الالمانية ضمن جهودها للتعرف على إجراءات التحقيق في هجوم برلين (أ.ف.ب)
TT

{هجوم برلين} أقسى اختبار لميركل خلال 11 عاما

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لدى وصولها إلى مقر الشرطة الجنائية في العاصمة الالمانية ضمن جهودها للتعرف على إجراءات التحقيق في هجوم برلين (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لدى وصولها إلى مقر الشرطة الجنائية في العاصمة الالمانية ضمن جهودها للتعرف على إجراءات التحقيق في هجوم برلين (أ.ف.ب)

واجهت المستشارة أنجيلا ميركل أزمة اليورو التي تحولت إلى ما يشبه مفترق طرق حقيقي أمام الاتحاد الأوروبي، كما واجهت اغتصاب روسيا لأراضى أوكرانيا. عمليا، كانت الوحيدة بين نظرائها الأوروبيين التي رحبت بنحو مليون لاجئ ممن تدفقوا عبر حدود أوروبا.
الآن وبعدما أمضت 11 عاما في الحكم وبعدما اتخذت قرارها المصيري، تواجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أصعب فتراتها في الحكم بعد الهجوم الإرهابي الذي ضرب برلين الاثنين الماضي والذي أسفر عن 12 قتيلا. فقد أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم، وما زالت السلطات تبحث عن مشتبه تونسي على صلة بمتشددين. وتسبب الهجوم في ضعف موقف المستشارة الألمانية التي تراجعت أسهم حزبها بدرجة كبيرة في استطلاعات الرأي التي أجريت العام الحالي، لتترك الحزب في موقف ضعيف قبيل الانتخابات الوطنية المقررة في 2017.
ومع ارتفاع أسهم اليمين الشعبوي عبر القارة الأوروبية، بات ينظر لميركل كحصن أمام الديمقراطية غير الليبرالية. لكن في حال خفُت نجمها، وفي حال أسفرت الانتخابات الفرنسية المقررة في الربيع القادم عن رئيس يتمتع بجماهيرية كبيرة، فسيكون ذلك بمثابة طعنة مميتة للاتحاد الأوروبي.
وبحسب جاكولين بويسين، كاتبة السيرة الذاتية لميركل التي تعود بداية معرفتها الشخصية بها لبداية التسعينات، «فهذا الأمر في حد ذاته مقلق أكثر من الإرهاب، رغم غرابة ذلك الطرح»، مضيفة: «الإرهاب مخيف ومرعب، بيد أن مستقبلنا السياسي يبدو في مهب الريح».
فبعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، وفق جاكولين: «لم نعد ندري ما سيحدث في الولايات المتحدة، وما سيفعله ترامب، مثلا، مع روسيا ومع الصين. وأوروبا لم تؤخذ في الاعتبار، وهذا ما يقلق حقا».
وبالنسبة للوقت الحالي، فإن هاجس ميركل الأكبر هو الداخل الألماني، حيث حاولت صحيفة «بيلد» توصيف الوضع الألماني الراهن في عدد الأربعاء الماضي بعنوان عريض من كلمة واحدة يقول: «إنغست»، وتعني الخوف.
وداخل العدد، كتب المعلق السياسي نيكولاس بلوميناليزد مقالا متعمقا قال فيه إن الأمر يعتمد على الساسة، تحديدا ميركل، وقدرتهم على تحجيم الإرهاب، وإنها لا تستطيع الاعتماد على الثقة والمصداقية التي طالما تمتعت بها والتي لم تعد مؤكدة الآن كما كانت منذ عامين فقط. أضاف المحلل في تعليقه: «بالتأكيد ليست هي الشخص الوحيد الذي يستحق اللوم، رغم أن الكثيرين باتوا يصبون جام غضبهم ويعبرون عن مخاوفهم من أنجيلا ميركل بصفة شخصية، ولذلك فالفترة القادمة تمثل أقسى اختبار لها، وباب الخروج أو النهاية بات مفتوحا على مصراعيه».
وأشارت ميركل بوضوح عن بغضها لفكرة خوض فترة رئاسية رابعة، لكن إحساسها بالمسؤولية، ليس تجاه حزبها أو حتى بلادها فحسب، بل تجاه أوروبا بكل ما فيها من قوي شعبوية، وهو الإحساس الذي طغى في النهاية، مشيرة إلى أن أي زعيم ديمقراطي ستتملكه الرغبة في التغيير بعد ثلاث فترات رئاسية.
وفي حال فوزها بفترة رابعة لأربع سنوات، سوف تنافس حليفها السياسي السابق المستشار هلموت كول في طول البقاء في المنصب.
تدرك ميركل الصعاب أكثر من غيرها، فخلال مؤتمر الحزب الذي عبر فيه الأعضاء عن عدم رضاهم عن قرارها السماح بإدخال نحو مليون لاجئ غالبيتهم مسلمون، طالبت ميركل بالدعم بقولها «من واجبكم مساعدتي بكل تأكيد».
وقبل ذلك عندما خسر حزبها نتائج الانتخابات على مستوى الولايات في سبتمبر (أيلول) الماضي، صرحت بأنها تود لو أن عقارب الساعة عادة إلى الوراء لسنوات كثيرة لتعيد صياغة قوانين الهجرة والأمن المتعلقة بحدود أوروبا الخارجية.
عكَس كل ذلك الخطر الذي استشعرته ميركل من البديل اليميني في ألمانيا الذي تأسس عام 2013 كحزب مناهض للاتحاد الأوروبي، والذي حول بوصلته عام 2015 ليصبح منصة مناهضة للهجرة لأوروبا ليهيمن بأفكاره على 10 من إجمالي 16 مجلسا تشريعيا بالبلاد.
البديل لألمانيا الذي دخل الحصة السوقية للمستشارة ميركل، هو الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ. فالأسبوع الجاري، لم يضع قادة حزب «البديل من أجل ألمانيا» الوقت في توجيه اللوم لميركل ولسياستها باعتبارها السبب في الهجوم الإرهابي الأخير.
لكن الأكثر شؤما للمستشارة الألمانية كان هورست سيهوفر، زعيم الحزب البافاري الذي يعتبر شريكا لحزبها المسيحي الديمقراطي، الذي طالب بمراجعة شاملة للمهاجرين وللسياسة الأمنية. ولم يصدر أي رد فعل عن ميركل التي لا تزال في حاجة لدعم الحزب الذي يرأسه سيهوفر في الانتخابات التي ستخوضها العام القادم، مما حدا بالبعض لانتقاد الزعيم البافاري في سعيه لجني مكاسب من وراء الهجمات الإرهابية. وعلى الرغم من ذلك، مرر مجلس الوزراء في جلسته الأربعاء الماضي حزمة من الإجراءات كان قد جرى الإعلان عنها في أغسطس (آب) الماضي لتعزيز الأمن الداخلي، بعضها عن طريق تكثيف المراقبة عبر الكاميرات مثلما الحال في أوروبا، نظرا لندرة هذا الأسلوب في ألمانيا التي لا تزال تعاني من الذكريات النازية والشيوعية الأليمة التي كثيرا ما اتبعت أساليب تجرح خصوصية المواطنين.
معتبرا رد الفعل مطابقا لشخصية ميركل، قال بويسن «لم تكن يوما الشخص الذي ينجرف وراء استطلاعات الرأي. وبالطبع هذا يلعب دورا، لكنها أيضا برغماتية. فمع الهجوم الأخير، بات لديها مهمة جديدة ومطلوب منها التصرف حيالها، هكذا تفكر ميركل».
كذلك جادل أولريخ سبيك، محلل ألماني ببروكسل يعمل لحساب مركز دراسات بمدريد يحمل اسم «ريال إنستيتيوت إلكانو»، أن ميركل سوف تتعامل مع الوضع الجديد ببساطة في عالم يصعب التكهن بمجرياته. واقتبس سبيك تصريحها عقب انتخاب ترامب والذي تعاملت فيه مع الوضع ببساطة وعبرت فيه عن احترامها للجميع واستعدادها التعاون مع الرئيس الجديد.
ومحليا، قال سبيك إن ميركل ستستفيد من الدعم المتواصل لمساعدة المهاجرين، غير أنه أشار إلى أن هجوم الاثنين الماضي قد جلب عليها الكثير من النقد وأعطى انطباعا بضعفها، وهو ما لم يحدث كثيرا في السابق.
وقال سبيك معلقا على حالة الوئام بين ميركل وناخبيها: «الشعور بأن هناك شخص ما يدير الأمور نيابة عنا قد ولى»، مضيفا: «الناس باتت تنظر للوضع بدقة أكبر، والآن هناك أقلية عالية الصوت تتبنى نهجا معاديا لميركل»، بيد أنه استدرك قائلا: «لكنى أعتقد أنها تمتلك البوصلة التي تساعدها على تحديد المنطقة الوسطى التي يتعين عليها الوقوف فيها».
غير تن جاكسون جينس، خبير أميركي بالشؤون الألمانية لدى مركز دراسات بنيويورك يحمل اسم «المعهد الأميركي للدراسات الألمانية المعاصرة»، توقع أن العام القدم سيكون أصعب أعوام ميركل»، مشيرا إلى أن حالة التوتر العالمي، في أوروبا وغيرها، سوف تتسبب في التشويش على سياسة ألمانيا.
* «نيوريوك تايمز»



جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

TT

جماهير حاشدة تستقبل الوفد الفلسطيني للألعاب الأولمبية في باريس (فيديو)

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)
الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

تم الترحيب بالرياضيين الأولمبيين الفلسطينيين بهتاف جماهيري «تحيا فلسطين»، وهدايا من الطعام والورود عند وصولهم إلى باريس، الخميس، لتمثيل غزة التي مزقتها الحرب وبقية المناطق الفلسطينية على المسرح العالمي.

وبينما كان الرياضيون المبتهجون يسيرون عبر بحر من الأعلام الفلسطينية في مطار باريس الرئيسي، قالوا إنهم يأملون أن يكون وجودهم بمثابة رمز وسط الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وحث الرياضيون والمؤيدون الفرنسيون والسياسيون الحاضرون الأمةَ الأوروبية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بينما أعرب آخرون عن غضبهم من الوجود الإسرائيلي في الألعاب.

وقال يزن البواب، وهو سباح فلسطيني يبلغ من العمر 24 عاماً وُلد في السعودية: «فرنسا لا تعترف بفلسطين دولةً، لذلك أنا هنا لرفع العلم الفلسطيني». وأضاف: «لا نعامل بوصفنا بشراً، لذلك عندما نلعب الرياضة يدرك الناس أننا متساوون معهم». وتابع: «نحن 50 مليون شخص بلا دولة».

وقام البواب، وهو واحد من ثمانية رياضيين في الفريق الفلسطيني، بالتوقيع للمشجعين، وتناول التمر من طبق قدمه طفل بين الحشد.

الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون وأعضاء الوفد يقفون مع أنصارهم لدى وصولهم إلى مطار شارل ديغول في باريس (أ.ف.ب)

وتُظهِر هتافات «فلسطين الحرة» التي يتردد صداها في مطار شارل ديغول في باريس كيف يؤثر الصراع والتوتر السياسي في الشرق الأوسط على الألعاب الأولمبية.

ويجتمع العالم في باريس في لحظة تشهد اضطرابات سياسية عالمية، وحروباً متعددة، وهجرة تاريخية، وأزمة مناخية متفاقمة، وكلها قضايا صعدت إلى صدارة المحادثات في الألعاب الأولمبية.

في مايو (أيار)، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه مستعد للاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، لكن الخطوة يجب أن «تأتي في لحظة مفيدة» عندما لا تكون المشاعر على هذا النحو (أي متوترة).

وأدى موقف ماكرون بعدم اعتراف مباشر بدولة فلسطينية، إلى إثارة غضب البعض، مثل إبراهيم بشروري البالغ من العمر 34 عاماً، وهو من سكان باريس، والذي كان من بين عشرات المؤيدين الذين كانوا ينتظرون لاستقبال الرياضيين الفلسطينيين في المطار. وقال بشروري: «أنا هنا لأظهر لهم أنهم ليسوا وحدهم. إنهم مدعومون».

وأضاف أن وجودهم هنا «يظهر أن الشعب الفلسطيني سيستمر في الوجود، وأنه لن يتم محوه. ويعني أيضاً أنه على الرغم من ذلك، في ظل الوضع المزري، فإنهم يظلون صامدين، وما زالوا جزءاً من العالم وهم هنا ليبقوا».

ودعت السفيرة الفلسطينية لدى فرنسا إلى الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الوفد الأولمبي الإسرائيلي. وكانت قد قالت في وقت سابق إنها فقدت 60 من أقاربها في الحرب في غزة. وقالت: «إنه أمر مرحب به، وهذا ليس مفاجئاً للشعب الفرنسي، الذي يدعم العدالة، ويدعم الشعب الفلسطيني، ويدعم حقه في تقرير المصير».

وتأتي هذه الدعوة للاعتراف بعد يوم واحد فقط من إلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً لاذعاً أمام الكونغرس خلال زيارة لواشنطن، والتي قوبلت بالاحتجاجات. وأعلن أنه سيحقق «النصر الكامل» ضد «حماس»، ووصف أولئك الذين يحتجون في الجامعات وفي أماكن أخرى في الولايات المتحدة، على الحرب، بأنهم «أغبياء مفيدون» لإيران.

ورددت سفارة إسرائيل في باريس موقف اللجنة الأولمبية الدولية في «قرار فصل السياسة عن الألعاب». وكتبت السفارة في بيان لوكالة «أسوشييتد برس»: «نرحب بالألعاب الأولمبية وبوفدنا الرائع إلى فرنسا. كما نرحب بمشاركة جميع الوفود الأجنبية... رياضيونا موجودون هنا ليمثلوا بلادهم بكل فخر، والأمة بأكملها تقف خلفهم لدعمهم».

مؤيدون يتجمعون للترحيب بالرياضيين الفلسطينيين في مطار شارل ديغول قبل دورة الألعاب الأولمبية في باريس (رويترز)

وفق «أسوشييتد برس»، حتى في ظل أفضل الظروف، من الصعب الحفاظ على برنامج تدريبي حيوي للألعاب الأولمبية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. أصبح هذا الأمر أقرب إلى المستحيل خلال تسعة أشهر من الحرب بين إسرائيل و«حماس»، حيث تم تدمير جزء كبير من البنية التحتية الرياضية في البلاد.

ومن بين الجالية الفلسطينية الكبيرة في الشتات في جميع أنحاء العالم، وُلد العديد من الرياضيين في الفريق أو يعيشون في أماكن أخرى، ومع ذلك فإنهم يهتمون بشدة بالسياسة في وطن آبائهم وأجدادهم.

وكان من بينهم السباحة الأميركية الفلسطينية فاليري ترزي، التي وزعت الكوفية التقليدية على أنصارها المحيطين بها، الخميس. وقالت: «يمكنك إما أن تنهار تحت الضغط وإما أن تستخدمه كطاقة». وأضافت: «لقد اخترت استخدامه كطاقة».