فشل مشاريع «التوحيد» للفصائل المتشددة والمعتدلة يعيد طرح «خيارات بديلة»

داعمون للثورة السورية اشترطوا على العسكر عدم التعاون مع «المظلة السياسية»

مقاتلون من فصائل في حلب يخرجون منها أمس في حافلات عبر القسم الغربي من المدينة (أ.ف.ب)
مقاتلون من فصائل في حلب يخرجون منها أمس في حافلات عبر القسم الغربي من المدينة (أ.ف.ب)
TT

فشل مشاريع «التوحيد» للفصائل المتشددة والمعتدلة يعيد طرح «خيارات بديلة»

مقاتلون من فصائل في حلب يخرجون منها أمس في حافلات عبر القسم الغربي من المدينة (أ.ف.ب)
مقاتلون من فصائل في حلب يخرجون منها أمس في حافلات عبر القسم الغربي من المدينة (أ.ف.ب)

فشل مشروع دمج الفصائل الإسلامية المتشددة مع المعتدلة, العاملة في الشمال السوري رسميا، بعد تراجع حركة «أحرار الشام» وقبلها حركة «نور الدين الزنكي» عن المشروع الذي كان يهدف إلى إنشاء كيان جديد يضم 13 فصيلا، معظمها من الفصائل المتشددة وفي مقدمتها جبهة «فتح الشام» (جبهة النصرة) سابقا التي تخوفت الفصائل الأخرى من هيمنتها عليها من خلال المشروع.
وأكدت مصادر سورية معارضة واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن ضغوطا دولية وإقليمية مورست على الفصائل لرفض الاندماج، من منطلق أن توحد الفصائل مع «النصرة» من شأنه أن يجعلها كلها «موصومة بالإرهاب» على غرار التنظيم المتشدد الذي كان أعلن انفصاله عن تنظيم القاعدة تحت اسم «فتح الشام».
وأوضحت المصادر أن ضغوطا مارستها القوى الداعمة للمعارضة المسلحة، بالإضافة إلى ضغوط تركية على حركة «أحرار الشام» التي كانت تعاني أيضا صراعا داخليا حول الموضوع؛ ما أدى إلى تأخير المشروع، ثم انهياره بانسحاب «أحرار الشام» منه. وقالت المصادر إن ثمة معلومات تم تداولها عن أن «النصرة» مارست ضغوطا قوية في المقابل على الفصائل للقبول بالمشروع الذي كان من شأنه أن ينصّب أميرها أبو محمد الجولاني قائدا عسكريا عاما، وأوضحت المصادر أن ثمة معلومات غير مؤكدة تفيد بأن الجولاني أبلغ هؤلاء أيضا باستعداد جبهته لـ«بحث» إمكانية إعادة رفع علم الثورة السورية في المناطق التي تسيطر عليها، وتحديدا في محافظة إدلب، لكن قوى المعارضة المنضوية تحت لواء «الجيش الحر» لم تتجاوب.
وقالت المعلومات، إن الكثير من الفصائل السورية في الشمال، أجرت «مراجعة لخطة الاندماج في الشمال السوري مع فصائل متشددة»، حيث تراجعت حركة «نور الدين الزنكي» عن الاندماج في «الهيئة السورية الإسلامية»، وقررت الالتحاق بجسم سياسي آخر يضم فصائل (الجيش السوري الحر) وفصائل معتدلة أخرى «تنسق مع الفصائل المتشددة في غرفة عمليات مشتركة»، في تكرار لتجربة «جيش الفتح» الذي أعلن عنه العام الماضي.
وقالت مصادر في الشمال السوري لـ«الشرق الأوسط»، إن كيانين عسكريين كان يتم العمل عليهما في الشمال، هما «(الهيئة السورية الإسلامية) التي تعتبر كيانًا متشددًا بالنظر إلى أنها تضم (فتح الشام) و(أحرار الشام) و(فيلق الرحمن) و(فيلق الشام) و(جبهة أنصار الدين) و(كتيبة القوقازيين) و(كتيبة الشيشانيين)»، فضلاً عن كيان لم يتحدد اسمه يعمل على تأسيسه قائد «جيش المجاهدين» المقدم أبو بكر، ويضم أيضًا «الزنكي»، و«جيش النصر» و«الجبهة الشامية» و«جيش العزة» و«لواء شهداء الإسلام»، وغيرها من الفصائل المعتدلة والمدعومة أميركيًا مثل «الفرقة 13».
وبحسب المخططات الأولى، فإن المعابر الحدودية مع تركيا «ستكون بعهدة الهيئة السورية الإسلامية؛ كون (أحرار الشام) التي تستلمها في هذا الوقت، ستكون ضمن الاندماج مع (النصرة) وآخرين»، بينما يتعاون الكيانان الجديدان في المعارك العسكرية ضمن غرفة عمليات مشتركة واحدة: «هي بمثابة تكرار لـ(جيش الفتح)».
وتنطلق الخطوة من أهمية «تفريق المعتدلين عن المتشددين»، بحسب ما تقول المصادر، لكن «رغم التفريق بين الكيانين، وانسحاب بعض الفصائل من خطوة الاندماج الكاملة مع المتشددين التي حكي عنها، فإن المعضلة لا تزال قائمة بالنظر إلى أنهما سيكونان جسمًا عسكريًا واحدًا في المعارك في المستقبل»، وبالتالي «فإن إمكانية فصل التنظيمات المتشددة عن المعتدلة صعبة أيضا».
ورأى عضو الائتلاف السوري المعارض أحمد رمضان، أن من أسباب فشل الاندماج «عدم قدرة الفصائل على التوافق على برنامج وطني قامت الثورة من أجله، ويستند إلى تحرير سوريا من الاستبداد وصيانة الحريات العامة والكرامة للإنسان السوري واحترام حقوق جميع المكونات». وقال رمضان لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تسلل إلى بعض تلك الفصائل أشخاص من خارج الحدود يحملون أفكارا غريبة عن المجتمع السوري وما يتسم به من اعتدال ووسطية، ودفعوا مسار تلك القوى نحو التشدد والمغالاة، وعدم فهم أولويات الصراع، وبخاصة ما عُرف في الداخل بـ«شرعيي الفصائل» الذين كانوا يُفتون بغير علم أو دراية بالواقع، وأوقعوا السوريين في خلافات مؤسفة، وربما مشاحنات واقتتال استنزف الكثير من الطاقات».
ورأى رمضان، أن أغلب الداعمين من أفراد وجماعات ودول «لعبوا دورًا سلبيًا في دفع عدد من الفصائل نحو التشدد، وعدم الرغبة في الوحدة تحت مظلة وطنية جامعة»، قائلا «لا أبالغ لو قلت إن هناك داعمين كانوا يشترطون على بعض الفصائل رفض التعاون مع المظلة السياسية، أو عدم الانخراط ضمن (الجيش السوري الحر)، شرطا لتقديم الدعم لهم. ذلك كان من أكثر السلبيات التي أضرت بالعمل العسكري للثورة السورية».
كما أشار إلى أن «إحجام المظلة السياسية، المجلس الوطني السوري في البداية، ثم الائتلاف الوطني، عن لعب الدور المنوط بهم في توحيد العمل العسكري والتصدي للتحديات مهما كانت طبيعتها، ساهم أيضا في هذا».
وشدد رمضان على «حاجة الثورة السورية إلى استراتيجية جديدة في ظل الظروف الراهنة»، موضحا أنه يجري الآن العمل على إنجاز هذه الاستراتيجية، ومنها الشق العسكري، الذي يتناول إنشاء جيش وطني سوري ينتشر في المناطق المحررة، وتكوين مقاومة شعبية تضم وحدات قتالية خاصة للعمل خلف خطوط العدو ولها قيادة واحدة، فرسالتنا للجميع تقول: لقد انتهى عهد الفُرقة والخلاف، وآن أوان الوحدة والعمل المنظم، فما بعد حلب ليس كما قبلها، وعلى الجميع من سياسيين وعسكريين ومنظمات مدنية أن يدركوا هذه الحقيقة».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».