الـ«جامبسوت» يفرض نفسه على الساحة رغم عدم عمليته

من قطعة وظيفية اشتهر بها العمال والمظليون إلى مناسبات السهرة

من عرض المصممة الأرجنتينية المقيمة في باريس فانيسا سيوورد - من عرض فانيسا سيوورد - من عرض  هولي فولتون - من عرض إيلي صعب - من عرض إيلي صعب
من عرض المصممة الأرجنتينية المقيمة في باريس فانيسا سيوورد - من عرض فانيسا سيوورد - من عرض هولي فولتون - من عرض إيلي صعب - من عرض إيلي صعب
TT

الـ«جامبسوت» يفرض نفسه على الساحة رغم عدم عمليته

من عرض المصممة الأرجنتينية المقيمة في باريس فانيسا سيوورد - من عرض فانيسا سيوورد - من عرض  هولي فولتون - من عرض إيلي صعب - من عرض إيلي صعب
من عرض المصممة الأرجنتينية المقيمة في باريس فانيسا سيوورد - من عرض فانيسا سيوورد - من عرض هولي فولتون - من عرض إيلي صعب - من عرض إيلي صعب

شئت أم أبيت فإن «الجامبسوت»، أو «العفريتة» كما يسميه المصريون، قطعة مهمة لمناسباتك الخاصة هذا الموسم، لا سيما في الحفلات المسائية. فهذه القطعة الواحدة المكونة من بنطلون وقميص أو «كورسيه» متصلان ببعض، فرضت نفسها على ساحة الموضة، وأصبحت تنافس التايور والفستان على حد سواء. ومما يُعزز قوتها أرقام المبيعات التي تؤكد أن الإقبال عليها في تزايد. وقد يعتقد البعض أن الفضل في هذا يعود إلى ميلانيا ترامب، كونها ظهرت بهذه القطعة ليلة فوز زوجها في الانتخابات الأميركية، لكن أوساط الموضة وصناعها يرفضون هذا الاعتقاد، ويشيرون إلى أن ميلانيا ليست سوى واحدة من نساء العالم اللواتي استهواهن هذا التصميم، وهن كثيرات، علمًا بأن هؤلاء (صناع الموضة) يرفضون أن يعيدوا إليها أي فضل. فبعد متابعتهم لها، أو بالأحرى لأسلوبها طوال الحملة الانتخابية، اكتشفوا أنها مستهلكة موضة أكثر منها مؤثرة عليها، وهو ما لا يتوقفون عن تكراره لينأوا بأنفسهم عنها.
المهم أن هذه القطعة التي أصبحت جزءًا من أزياء السهرة والمساء، ظهرت أول مرة كقطعة وظيفية يلبسها الطيارون والمظليون، كما سائقي سباقات السيارات لحمايتهم من قساوة الطقس وتقلباته. وفي التاريخ القريب، ظهرت في عام 2009، خلال حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية، حين ارتدتها كل من فيبي فيلو، مصممة دار «سيلين»، وستيلا ماكارتني. حينها أثار مظهرهما كثيرًا من الانتباه والجدل لأنها لم تكن من القطع التي تخطر على البال في مثل هذه المناسبات. وبالفعل، استغرقت عملية تقبل المرأة لها عدة سنوات لأنها لم تظهر مرة أخرى، وبالقوة نفسها، إلا في عام 2014، حين تبنتها مجموعة من النجمات الشابات.
اليوم تتبارى محلات «زارا» و«إتش أند إم» و«توب شوب»، إلى جانب فيكتوريا بيكام ورالف لورين وجيفنشي، وغيرها من بيوت الأزياء العالمية، في طرحها كقطعة أنثوية أنيقة، بألوان كلاسيكية لأنها الأضمن، وبخامات تتباين بين القطن والحرير والصوف والمخمل، وحتى البروكار. من جهتها، وبعد طول تمنع، بدأت المرأة العادية تركز على إيجابياتها عوض سلبياتها، وإن لا تزال بعض النساء يُشككن في عمليته، ولم ينجحن إلى الآن في تقبله بسهولة. ورغم أنهن على حق فيما يتعلق بعدم عمليته في النهار خصوصًا، فإن الأمر يختلف في المساء حيث يُستعمل لبضع ساعات فقط.
من إيجابياته:
- يُضفي الـ«جامبسوت» على الجسم رشاقة وطولاً لأنه قطعة متكاملة تأتي عادة بلون واحد.
- مثل الفستان، لا يحتاج إلى تنسيق مع قطع أخرى، وهو ما يسمح بإدخاله إلى كل المناسبات بإضافة الإكسسوارات والجواهر.
- يُغني عن القطع التي تحتاجها التنورة أو البنطلون مثلاً، وهو ما يخفف من عبء المناسبة والتحضير لها. ليس هذا فحسب، بل يجعل المظهر خفيفًا على العين، وأكثر رشاقة، كما سبق وقلنا، إذ يكفي أن تُضاف إليه جواهر أو حزام مُبتكر ليرقى إلى أي مناسبة مهمة.
- إذا استدعت الحاجة، يمكن أيضًا إضافة سترة «توكسيدو» فوقه لخلق مظهر يتراقص على نغمات الروك أند رول.
- في حال كنت تتخوفين منه لأنك قصيرة وناعمة والبنطلونات الواسعة ليست المفضلة لديك، يمكنك حل المشكلة بارتدائه مع حذاء عال «بلاتفورم». أما إذا كنت طويلة، فيمكنك ارتداؤه مع حذاء بتصميم رجالي لإضفاء المزيد من الديناميكية عليه.

محطات

ظهر هذا التصميم أول مرة قطعة موجهة للمرأة في فلورنسا الإيطالية في عام 1919، ضمن الحركة المستقبلية التي شهدتها تلك الفترة، وكحالة تمرد على البورجوازية أيضًا. وقد كان من القطن أو الكتان، بتصميم مستطيل وبنطلون واسع، قد يكون هو اللبنة التي شكلت ما يُعرف حاليا ببنطلون البالاتزو؛ حينها تميز أيضًا بسبعة أزرار وحزام.
- في عام 1923، ظهر مرة ثانية في روسيا على يد رودنشينكو وزوجته ستيفانوفا، وكان موجهًا للرجل بالأساس، قبل أن تؤنثه إلسا سكاباريللي في باريس.
- في الستينات، اكتسب أناقة تتعدى المستقبلي والوظيفي على يد إميليو بوتشي، مصمم النخبة آنذاك، وأيرين غاليتزين، وهي بالأصل أميرة تحولت إلى مصممة شملت لائحة زبوناتها صوفيا لورين، وإليزابيث تايلور، وجاكي كينيدي. وفي هذه الحقبة، بدأ يتسلل إلى الموضة، لكن أقبل عليه الرجل أكثر من المرأة. فقد كان القطعة المفضلة لدى مغنيي الروك أند رول والبوب، مثل ميك جاغر وألفيس بريسلي وديفيد بوي وفريدي ميركوري.
وما بعد الثمانينات، انتقل إلى مغنيات نذكر منهن مادونا، ثم بريتني سبيرز، وبيونسي أخيرًا. لكنه لم يبقَ حكرًا على منصات المسارح لأنه في الأخير وصل إلى خزانة المرأة الأنيقة، على يد «فالنتينو» و«تشيروتي»، ثم دونا كاران وستيلا ماكارتني و«برادا» و«جيفنشي»، وهلم جرا من الأسماء العالمية، إلى جانب المحلات الشعبية.



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.