عودة الحياة إلى طبيعتها في الكرك بعد انتهاء العملية الأمنية

الملك عبد الله الثاني: سنرد بقوة على كل من يعبث بأمن الوطن

أردنيون يشيعون رجل الأمن محمد جيزاوي الذي قتل في مواجهات مع إرهابيين بالكرك أمس (إ.ب.أ)
أردنيون يشيعون رجل الأمن محمد جيزاوي الذي قتل في مواجهات مع إرهابيين بالكرك أمس (إ.ب.أ)
TT

عودة الحياة إلى طبيعتها في الكرك بعد انتهاء العملية الأمنية

أردنيون يشيعون رجل الأمن محمد جيزاوي الذي قتل في مواجهات مع إرهابيين بالكرك أمس (إ.ب.أ)
أردنيون يشيعون رجل الأمن محمد جيزاوي الذي قتل في مواجهات مع إرهابيين بالكرك أمس (إ.ب.أ)

انتهت العملية الأمنية في محافظة الكرك، جنوب الأردن، في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء إلى الأربعاء (أمس)، باعتقال ممول هجوم الأحد الماضي الإرهابي على مركز أمني ودوريات للشرطة تبناها تنظيم داعش، وأوقعت عشرة قتلى بينهم سبعة من عناصر الأمن.
وعادت الحياة إلى طبيعتها في منطقة قريفلا شمال الكرك، التي تقع على بعد 140 كيلومترا جنوب عمان، والتي شهدت أول من أمس الثلاثاء مداهمة أمنية لمشبوهين، قتل على أثرها أربعة رجال من الأمن العام والدرك، وأصيب 12 آخرون من الأمن العام والدرك والدفاع المدني، وأحد المواطنين.
وأكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ضرورة دعم الأجهزة الأمنية لما يقومون به من جهد كبير يفخر به كل الأردنيين، مشددا على «أننا سنرد بقوة على كل من يعبث أو يحاول العبث بأمن الوطن».
كما شدد خلال ترؤسه، أمس، جانبا من جلسة لمجلس الوزراء في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، على مواصلة العمل بكل زخم وقوة، ومضاعفة الجهود على كل الأصعدة من أجل تحقيق ما فيه مصلحة الأردن، مؤكدا أهمية التعاون بين الحكومة ومجلس النواب. وأكد اعتزازه بالشجاعة المتميزة لمنتسبي قوات الدرك والأمن العام خلال الأيام الماضية، إذ عرضوا أنفسهم للخطر لحماية المواطنين، ومتابعة المجرمين، وملاحقة الذين يريدون الشر للأردن.
وقال الملك عبد الله الثاني، إن رجال الأجهزة الأمنية خاطروا بحياتهم لإنقاذ المواطنين وحمايتهم، معربا عن تعازيه لـ«شهداء» الوطن، وقال: «نعزي أنفسنا وأسر (الشهداء) من قوات الدرك والأمن العام الشجعان، والمواطنين الأبرياء».
كما أعرب عن تقديره لوعي المواطن، وما تحلى به من مسؤولية خلال الفترة الماضية، مشددا على التعاون بين المواطن والأجهزة الأمنية، لتمكينها من القيام بواجبها على الوجه الأكمل. وقال إن «شجاعة الأردنيين هي التي تميز بلدنا». كما شدد الملك عبد الله الثاني على التواصل مع الإعلام المهني والمسؤول وتزويده بالمعلومات بشكل مستمر، لقطع الطريق أمام الشائعات المضللة. وجرى، خلال الاجتماع، الذي تطرق إلى أحداث قلعة الكرك والكمين الذي تعرض له أفراد الأمن العام وقوات الدرك مساء أمس، بحث الإجراءات المطلوبة خلال الفترة المقبلة.
على صعيد متصل، قال مصدر أمني مسؤول إن «القوة الأمنية المشتركة من قوات الدرك والأمن العام والأجهزة الأمنية (الأخرى) أنهت عمليتها الأمنية في محافظة الكرك». وأضاف المصدر في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الرسمية (بترا)، أنه نتج عن العملية مقتل أربعة من القوات الأمنية، وإصابة 12 آخرين من الأجهزة الأمنية. وأكد: «قتل أحد الإرهابيين وضبط إرهابي آخر اعترف خلال التحقيق الأولي معه بعلاقته بالخلية الإرهابية التي استهدفت عددًا من أفراد الأجهزة الأمنية والمدنيين في منطقتي القطرانة وقلعة الكرك، (الأحد)، وأنه قام بشراء الأسلحة وتمويل تلك الخلية». وأشار إلى أن «التحقيق ما زال جاريا معه». وبحسب المصدر، فإن «القوة الأمنية ضبطت كمية من الأسلحة والذخائر بحوزة المجرمين».
وقال إن «قوة أمنية كافية بقيت هناك لمتابعة تمشيط المنطقة وتأمينها وضبط كل ما يخالف القانون».
إلى ذلك، أكّد المصدر أن «أجهزتنا الأمنية مستمرة (...) في ملاحقة كل من يحاول المساس بأمن الوطن وأبنائه وضيوفه، وستضرب بيد من حديد تلك الفئة الضالة من خوارج هذا العصر، حملة الفكر الضلالي أينما كانوا».
من جانبه، أكّد محافظ الكرك (الحاكم الإداري)، حجازي عساف، عودة الهدوء إلى محافظة الكرك بعد مواجهات مع مجموعة من الخارجين عن القانون. وأضاف عساف أن بعض المظاهر الأمنية ما زالت موجودة في المحافظة، وأن المسح الأمني ما زال جاريا في المنطقة حفاظا على سلامة المواطنين.
من جهتهم، قال مواطنون من أبناء المنطقة إنهم سمعوا إطلاق الرصاص في محيطهم وعند استكشافهم الأمر، تبين أنها من أحد المنازل المجاورة تجاه دورية شرطة. وأشاروا إلى أن سيارات الإسعاف بدأت بالوصول إلى المنطقة ونقل المصابين والجرحى من رجال الأمن العام إلى المستشفيات، لافتين إلى أن الشوارع المحيطة بالمنزل شهدت أيضا تجمهرا حاشدا للمواطنين لاستطلاع الأمر.
وقال سامر سالم، من سكان المنطقة، إنه يبدو أن المشتبه بهم، وبمجرد وصول الدورية إلى باب المنزل، بدأوا بإطلاق النار عليها، ما يؤكد أنها تعرضت لكمين من داخل المنزل، وأن رجال الأمن فوجئوا بوابل من الرصاص. من جهته، أكّد محمد أحمد، أن الحياة عادت إلى طبيعتها أمس الأربعاء إلى منطقة قريفلا ومحيطها، باستثناء بعض المظاهر الأمنية في محيط المنزل الذي تمت فيه عملية المداهمة.
على صعيد متصل، بحث ملك الأردن مع رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي في عمان، «التحديات التي تواجه المنطقة، خصوصا خطر التطرف والإرهاب»، بحسب بيان للديوان الملكي.
وأضاف البيان أن الجانبين بحثا كذلك «علاقات التعاون بين البلدين خصوصا في المجالات العسكرية».
وكان تنظيم داعش الإرهابي تبنى هجوم الأحد الماضي في الكرك الذي أوقع عشرة قتلى، بينهم سبعة رجال أمن وسائحة كندية، و34 جريحا هم: 11 من عناصر الأمن العام، وأربعة من قوات الدرك، و17 مدنيا، وشخصان أجنبيان.
وكان المسلحون الأربعة الذي شنوا هجوم الأحد الماضي تحصنوا في قلعة الكرك الأثرية، واشتبكوا مع الأجهزة الأمنية نحو سبع ساعات قبل أن تقتلهم قوات الأمن.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.