عجز السلطات عن التصدي للاعتداء بالدهس يثير المخاوف

«القاعدة» و«داعش» حرّضا الإرهابيين على استعماله لإسقاط أكبر عدد من الضحايا

مارة يضعون ورودًا وشموعًا بالقرب من مكان الاعتداء الإرهابي في برلين أمس (إ.ب.أ)
مارة يضعون ورودًا وشموعًا بالقرب من مكان الاعتداء الإرهابي في برلين أمس (إ.ب.أ)
TT

عجز السلطات عن التصدي للاعتداء بالدهس يثير المخاوف

مارة يضعون ورودًا وشموعًا بالقرب من مكان الاعتداء الإرهابي في برلين أمس (إ.ب.أ)
مارة يضعون ورودًا وشموعًا بالقرب من مكان الاعتداء الإرهابي في برلين أمس (إ.ب.أ)

الاعتداء بالدهس واقتحام حشود من الناس لإسقاط أكبر عدد من الضحايا أسلوب جديد اعتمده الإرهابيون أخيرًا، ويضع السلطات في وضع صعب لعجزهم عن اتخاذ تدابير وقائية فعالة.
ويرى خبراء تحدثوا لوكالة الصحافة الفرنسية أن عدد المواقع والتظاهرات والتجمعات العامة الواجب حمايتها مرتفع إلى حد أن خطر وقوع هجمات دهسًا بالسيارة أو الشاحنة سيستمر لسنوات كثيرة، وهو ما أوصى به تنظيم القاعدة منذ فترة طويلة. وقال مسؤول فرنسي كبير في مكافحة الإرهاب، طالبًا عدم ذكر اسمه، إن «الوسيلة الوحيدة لحماية أنفسنا هي عندما يكون الحدث مقررًا مسبقًا. هنا، يمكننا اتخاذ تدابير مضادة، قطع السير في بعض الشوارع، ووضع حواجز إسمنتية». وأوضح: «لنأخذ مثل أسواق عيد الميلاد في فرنسا. فبعد اعتداء نيس (جنوب شرق البلاد)، أخذت هذه الفرضية بالطبع في عين الاعتبار». وتابع: «لكن تصوروا الهجوم نفسه في يوم عادي من أيام الأسبوع في شهر فبراير (شباط)، ليس فيه أي مناسبة محددة، على جادة الشانزليزيه أو شارع آخر رئيسي. هنا، لا يسعكم القيام بأي شيء. يمكن أن يحصل ذلك في مكان آخر، في أي مكان في أي وقت. هنا تكمن الإشكالية الفعلية في هذه الاعتداءات: فهي هجمات مفاجئة ضد أهداف معينة، بوسائل يسهل استخدامها». لا شك أن تدابير الحماية الثابتة مثل الحواجز والسياجات لها مفعول رادع، لكنه يبقى من الممكن الالتفاف عليها. فقبل تنفيذ المجزرة في نيس في 14 يوليو (تموز)، قام محمد الحويج بوهلال باستطلاع الموقع خلال الأيام التي سبقت الاعتداء، لرصد الممر الذي سمح له باقتحام الكورنيش البحري بعد تسلق رصيف، ودهس الحشد المتجمع فيه بمناسبة العيد الوطني الفرنسي، موقعا 86 قتيلاً.
من جهته، قال الرئيس السابق للمديرية العامة للاستخبارات الخارجية الفرنسية، لودوفيك غيرينو، إنه «يجب الشروع في دراسات جدية للمخاطر، وهذا يتطلب رصد وسائل (الاعتداء الجديدة)»، موضحًا أنها «مواقع مفتوحة، في بيئات طبيعية، وسيتحتم القيام بتعديلات على هذا الضوء».
وتابع غيرينو، وهو اليوم مدير العمليات في شركة «أنتيسيب» الأمنية الخاصة: «للأسف سيترتب علينا أن نعتاد معايشة هذا الخطر، ونحن ندرك أن المهاجمين سيبدلون حتما طريقة عملهم وسيتكيفون»، مضيفًا: «إذا رأوا أن التدابير المتخذة للتصدي لهذا الخطر تغيّرت، فسوف يغيرون وسيلتهم». في سبتمبر (أيلول) 2014، وصف تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» في صفحات عدة من مجلته الإلكترونية الدعائية «إنسباير»، كيفية استخدام آليات لتنفيذ اعتداءات. وعرضت المجلة على غلافها صورة لشاحنة فورد ضخمة مع عنوان «آلة القتل القصوى»، موصية الإرهابيين الساعين لتنفيذ اعتداء بـ«استخدام آلية ضخمة. يمكنكم قيادة بيك آب، وهو الأضخم والأفضل. وللتسبب بأضرار قصوى، عليكم أن تقودوا بأقصى سرعة ممكنة مع البقاء مسيطرين على الآلية للحصول على أكبر نسبة من الثبات، حتى تتمكنوا من دهس أكبر عدد ممكن من الأشخاص».
وكان أبو محمد العدناني، الذي كان متحدثًا باسم تنظيم داعش وقُتل في ضربة جوية في أغسطس (آب) في سوريا، أوصى الإرهابيين الساعين لمهاجمة المدنيين، قائلاً: «اقتلوا الكفار في أميركا وأوروبا... اقتلوهم بأي طريقة... حطّموا رؤوسهم بالحجارة، أو اطعنوهم بالسكين، أو ادهسوهم بسياراتكم، أو ألقوهم من مكان عال».
وختم المسؤول الكبير في مكافحة الإرهاب: «في المستقبل، حين ننظم حدثا يجمع حشدا، يجب علينا أن نأخذ بهذا التهديد»، محذرًا: «لكن حين لا يكون الحدث مبرمجا، فلا وسيلة لدينا. لن يكون بوسعنا أبدًا حظر كل الشاحنات في كل أوساط المدن».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.