سباق مشتعل على سوق السيارات الكهربائية حول العالم

اندماجات واستثمارات بالمليارات لتخفيض تكلفة الإنتاج

سباق مشتعل على سوق السيارات الكهربائية حول العالم
TT

سباق مشتعل على سوق السيارات الكهربائية حول العالم

سباق مشتعل على سوق السيارات الكهربائية حول العالم

رغم أن استخدام السيارات الكهربائية بدأ منذ عقود طويلة، فإن اقتصار فكر الصناع على ابتكار «سيارات صغيرة قصيرة المدى عالية التكلفة»، كان حاجزًا أمام التوسع في إنتاج هذه السيارات، ولكن من الواضح أن هذا المفهوم سيتغير تمامًا خلال السنوات القليلة المقبلة، لتقود هذه النوعية من السيارات نمو المبيعات خلال الأعوام المقبلة.
وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، تشير الأنباء إلى تواصل قوي بين شركات التقنية من جانب مع عمالقة صناعة السيارات التقليدية من جانب آخر، من أجل التوصل إلى صيغة أكثر قبولاً ورواجًا من السيارات الكهربائية.. فيما تم نشر خطط اندماج منصات إنتاج السيارات الكهربائية لشركات «نيسان موتور» و«رينو» و«ميتسوبيشي موتورز»، في مسعى لخفض الأسعار إلى مستويات يمكن مقارنتها بالسيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين.
وتتبنى الشركات الثلاث هذه الاستراتيجية في وقت تسعى فيه شركتا «فولكس فاغن» و«تويوتا موتور» العملاقتان أيضًا لإنتاج سيارات كهربائية بكميات تجارية مع صدور قواعد لخفض الانبعاثات، والاقتصاد في استهلاك الوقود حول العالم.
و«نيسان» اليابانية وشريكتها الفرنسية «رينو» من أبرز داعمي التكنولوجيا الرامية للقضاء على الانبعاثات، ولكنهما تواجهان صعوبة في خفض التكلفة إلى مستوى مناسب، نظرًا لأن كلاً منهما يطور سيارة كهربائية بشكل منفصل عن الآخر.
وستستخدم «رينو» و«ميتسوبيشي» - والأخيرة خضعت لسيطرة «نيسان» في الآونة الأخيرة - نفس المنصة الخاصة بتصنيع سيارة «نيسان» الكهربائية (ليف) بعد تعديل تصميمها، التي من المقرر طرحها للبيع خلال عام 2018.
وستشترك الشركات الثلاث في نفس المكونات الرئيسية مثل المحرك ومحول القدرة والبطارية في خطوة ستخفض سعر السيارة (ليف) بنحو 20 في المائة. من ناحية أخرى، رفضت شركة «دايملر» الألمانية للسيارات أول من أمس الدعوات المطالبة بحظر محركات الاحتراق في السيارات في نهاية العقد المقبل، وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، قال توماس فيبر رئيس قسم التطوير في مجموعة «دايملر»: «من السابق لأوانه اعتبار محركات الاحتراق قديمة وسيئة»، لافتًا إلى إمكانية اجتياز مرحلة انتقالية قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة، من خلال سيارات الهجين التي تسير بمحركات احتراق ومحركات كهربائية، «ولذلك لا أفهم النقاش الدائر حول الحظر».
تجدر الإشارة إلى أن حزب الخضر الألماني، كان قد طرح للنقاش حظر محركات الاحتراق لسيارات الركاب الجديدة اعتبارًا من 2030، ومجرد طرح هذه الفكرة يُعتبر خطوة كبيرة للأمام في صناعة السيارات الكهربائية.
وأضاف فيبر أن مجموعة «دايملر» استثمرت للتو 3 مليارات يورو في تطوير محركات احتراق جديدة.
وقال رئيس إدارة الأبحاث والتطوير في شركة «دايملر» إن الشركة تعتزم استثمار ما يصل إلى 10 مليارات يورو (11 مليار دولار) في تطوير سيارات كهربائية.
محفزات على الاستثمار:
وتستثمر الشركات الألمانية بشكل كبير في السيارات الكهربائية، التي كانت تتجنبها في الماضي، بسبب ارتفاع تكاليفها ونطاق تشغيلها المحدود، ولكنها الآن تستفيد من التقدم الذي حدث في الآونة الأخيرة في تكنولوجيا البطاريات ورد الفعل العنيف ضد الأدخنة الناجمة عن الديزل.
وأدى الآن التقدم التكنولوجي لزيادة مدى سيارة كهربائية بما يصل إلى 50 في المائة إلى تحفيز شركتي «فولكس فاغن» و«دايملر»، وموردين مثل «بوش» و«كونتننتال» على القيام باستثمارات ضخمة.
وقال توماس فيبر، رئيس إدارة الأبحاث والتطوير: «بحلول 2025، نريد تطوير 10 سيارات كهربائية بناء على نفس التصميم، من أجل هذه الحملة نريد استثمار ما يصل إلى 10 مليارات يورو».
وأضاف أن 3 من النماذج ستكون سيارات ذكية، وذلك بفضل البطاريات الأكبر التي ستمكنها من زيادة مدى المسافة التي تقطعها إلى 700 كيلومتر.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال شخص مطلع على خطط «دايملر» إن الشركة تعتزم طرح ما لا يقل عن 6 طرز لسيارات كهربائية في إطار حملتها للمنافسة مع «تيسلا» و«أودي».
واعتادت شركات السيارات الفارهة الألمانية «أودي» و«بي إم دبليو» و«مرسيدس بنز» و«بورشه» على منافسة نفسها في سوق هذه السيارات على مستوى العالم، لكن يبدو أنها ستكون مضطرة لمواجهة منافسين جدد مثل شركة صناعة السيارات الكهربائية الأميركية «تيسلا».
يقول دايتر تسيتشه رئيس «دايملر»: «نعتقد أننا سنتفوق على (بي إم دبليو) و(أودي) قبل 2020»، وتستهدف «دايملر» التفوق على منافستيها من حيث المبيعات وإجمالي حجم الأعمال والربحية، وقد حققت إيرادات أعلى بدرجة كبيرة من إيرادات منافستها البافارية «بي إم دبليو» في العام الماضي.
وبحديث مفعم بالثقة، قال رئيس «دايملر»: «بحلول 2025 على الأقل، ننوي تحدي منافسينا بمجموعة من الأضواء الخلفية لسياراتنا الكهربائية».
تغيير قواعد اللعبة:
ولكن التهديدات التي تواجهها الشركة الألمانية تأتي من الولايات المتحدة ومن دول أوروبا الأخرى. وقد تحترم «دايملر» كلاً من «أودي» و«بي إم دبليو» فقط باعتبارهما منافستين تستحقان الاهتمام، لكن «تيسلا» استطاعت تقديم مجموعة من الابتكارات التقنية المميزة.
وقد يسأل مشترو السيارات أنفسهم عن السبب وراء تباطؤ الشركات الألمانية في اقتحام سوق السيارات الكهربائية التي تتجه لإحداث ثورة في عالم السيارات. وقد ظل تركيز شركات السيارات الفارهة الألمانية الثلاث طوال السنوات الماضية على تطوير سيارات أسرع مزودة بمحركات أكبر وأقوى، وما زالت الهيبة والشهرة العالمية مقدمة على الابتكار وكفاءة استهلاك الوقود، لكن المشكلة تكمن في أن قواعد اللعبة توشك أن تتغير في سوق السيارات.
ففي بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أظهر معرض باريس الدولي للسيارات أن القواعد الروتينية لصناعة السيارات لم تعد تعمل كما كان معتادًا. وقد أصبحت رؤية درة تاج مجموعة سيارات «تيسلا»، وهي السيارة «إس» الصالون على الطرق السريعة الألمانية أمرًا معتادًا، وهناك الآن شركات سيارات أخرى تسرق الأضواء من «مرسيدس بنز» بما في ذلك شركات لم تكن «دايملر» تنظر إليها، باعتبارها شركات منافسة لها. ففي المعرض المذكور، قدمت شركة «رينو» الفرنسية سياراتها الكهربائية المدمجة «زو»، حيث تستطيع قطع مسافة 400 كيلومتر قبل الحاجة إلى إعادة شحن بطاريتها، في حين عرضت شركة «أوبل» الألمانية التابعة لمجموعة «جنرال موتورز» الأميركية سيارتها الكهربائية «أمبيرا إي»، وهي النسخة الأوروبية للسيارة الكهربائية الأميركية «شيفورليه بولت».
وفي هذه المرحلة، لا تقدم «دايملر» محركًا كهربائيًا إلا في سيارتها الصغيرة «سمارت» والسيارة الصغيرة «مرسيدس» الفئة «بي»، مع وعد بتقديم نسخة كهربائية من كل طرز «مرسيدس»، لكن على العملاء الانتظار حتى 2019 لكي يتمكنوا من شراء سيارة كهربائية من «مرسيدس». في المقابل، فإن «بي إم دبليو» هي الشركة الوحيدة من شركات السيارات الفارهة الألمانية الثلاث التي حققت تقدمًا في مجال السيارات الكهربائية، رغم فشل سيارتها «آي3» المدمجة الكهربائية في مواجهة منافسة سيارات كهربائية أرخص سعرًا من الشركات الأخرى، وتستطيع السيارة «آي3» قطع مسافة 300 كيلومتر قبل الحاجة إلى إعادة شحن البطارية.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سجلت شركة «بي إم دبليو» خامس ارتفاع شهري على التوالي، حيث ارتفعت مبيعاتها بنسبة 5.9 في المائة لتصل إلى 177740 سيارة، وقالت الشركة إنه بذلك تصل مبيعاتها هذا العام إلى 1824490 سيارة، ويرجع ذلك إلى تزايد الطلب على السيارات الكهربائية.
من ناحيته، قال ستيفان براتسيل المحلل الاقتصادي لصناعة السيارات، إن «الوضع تغير، عندما يتعلق الأمر بتكنولوجيا المحركات، فإن هذا يمنح اللاعبين الجدد فرصة». وحتى الآن كان من المعتاد أن تظهر أحدث التكنولوجيا في البداية في السيارات الأغلى ثمنًا، ثم تنتقل بعد ذلك إلى الطرز الأرخص، والسبب في ذلك بسيط، وهو أن العملاء الأثرياء فقط هم المستعدون لدفع مقابل الابتكار.
يقول فيلي دايتس زميل براتسيل: «هذا يتغير بسبب تغيير حالة السوق. كان المعتاد أن نجد أحدث التكنولوجيا في مجموعة ضيقة من السيارات»، لكن الآن يتوقع العملاء العثور على أحد الابتكارات في السيارات الأصغر والأرخص أيضًا.

إلون ماسك الرئيس التنفيذي لـ«تيسلا» مقدمًا طراز «إس» في أحد المعارض (رويترز)



بكين تُحذر واشنطن من حرب تعريفات «مدمِّرة للطرفين»

مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
TT

بكين تُحذر واشنطن من حرب تعريفات «مدمِّرة للطرفين»

مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)
مشاة في حي تجاري بمدينة شينزين الصينية (رويترز)

حذَّرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أن تعهده بفرض تعريفات إضافية على السلع الصينية بسبب تدفقات الفنتانيل، قد يجرُّ أكبر اقتصادين في العالم إلى حرب تعريفات مدمِّرة للطرفين.

وقال ترمب، الذي سيتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، يوم الاثنين، إنه سيفرض «رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة، فوق أي رسوم جمركية إضافية» على الواردات من الصين، حتى تشن بكين حملة صارمة على الاتجار بالمواد الكيميائية الأولية المستخدمة في صنع العقار القاتل.

وتحدد القوتان العظميان مواقفهما قبل عودة الرئيس السابق إلى البيت الأبيض. وأسفرت فترة ولاية ترمب الأولى عن حرب تجارية أربكت سلاسل التوريد العالمية وألحقت الضرر بكل اقتصادات العالم مع ارتفاع التضخم وتكاليف الاقتراض.

وحذرت افتتاحيات صحف الحزب الشيوعي الصيني، «تشاينا ديلي» و«غلوبال تايمز»، في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، ترمب، من جعل الصين «كبش فداء» لأزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة أو «اعتبار حُسن نية الصين أمراً مفروغاً منه فيما يتعلق بالتعاون في مكافحة المخدرات».

وقالت «تشاينا ديلي»: «العذر الذي قدمه الرئيس المنتخب لتبرير تهديده بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات من الصين بعيد المنال. لا يوجد فائزون في حروب التعريفات الجمركية. إذا استمرت الولايات المتحدة في تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية من خلال سلاح التعريفات الجمركية، فلن تترك أي طرف دون أن يلحق به أذى».

وبدأ خبراء الاقتصاد في تخفيض رؤيتهم لأهداف النمو للاقتصاد الصيني -الذي تبلغ قيمته 19 تريليون دولار- لعامي 2025 و2026، تحسباً لمزيد من التعريفات الجمركية التي وعد بها ترمب خلال الحملة الانتخابية، ويُحذر الخبراء الأميركيون من الاستعداد لزيادة في تكلفة المعيشة.

وقال لويس كويغس، كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي في «ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية»، التي خفَّضت، يوم الأحد، توقعاتها لنمو الصين لعامي 2025 و2026 إلى 4.1 و3.8 في المائة على التوالي: «في الوقت الحالي، الشيء الوحيد الذي نعرفه على وجه اليقين هو أن المخاطر في هذا المجال عالية. ما افترضناه في خط الأساس لدينا هو زيادة شاملة (للتعريفات الجمركية) من نحو 14 في المائة الآن إلى 25 في المائة. وبالتالي، فإن ما افترضناه هو أكثر قليلاً من 10 في المائة على جميع الواردات من الصين».

ويهدد ترمب بكين برسوم جمركية أعلى بكثير من الرسوم الجمركية التي فُرضت على السلع الصينية خلال ولايته الأولى التي تراوحت بين 7.5 و25 في المائة.

ونقلت صحيفة «غلوبال تايمز» عن جاو لينغيون، المحلل في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية في بكين، قوله: «تمتلك الصين بالفعل نموذجاً للتعامل مع سياسة الرسوم الجمركية الأميركية السابقة». وأضاف أن «استخدام قضايا مكافحة المخدرات لزيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية أمر غير مقبول وغير مقنع».

وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ، لرئيس الوزراء السنغافوري السابق، لي هسين لونغ، إن اقتصاد الصين سيستمر في النمو والتطور على المدى الطويل، خلال اجتماع في بكين، يوم الثلاثاء، بعد تعليقات ترمب، حسبما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).

وذكرت التقارير أن لي قال لشي: «لا ينبغي لأحد أن يقلل من شأن تصميم الشعب الصيني على نجاح أمته والوقوف شامخة في العالم»، وهي الملاحظة التي قالت مقالة منفصلة في «غلوبال تايمز» إنها «مقصودة أيضاً لبعض الأشخاص في المجتمع الدولي».

وتوقع خبراء اقتصاديون في استطلاع أجرته «رويترز» الأسبوع الماضي فرض تعريفات جمركية أميركية إضافية تتراوح من 15 إلى 60 في المائة. وقال معظمهم إن بكين ستحتاج إلى ضخ مزيد من التحفيز لتعزيز النمو الاقتصادي وتعويض الضغوط على الصادرات.

وقال ترمب في وقت سابق إنه سيفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على السلع الصينية. ويهز التهديد المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة، ومئات المليارات الأخرى في مكونات المنتجات التي يشتريها الأميركيون من أماكن أخرى.

وعلى صعيد موازٍ، انخفضت أرباح الصناعة في الصين مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولكن بشكل أقل حدة من الشهر السابق مع استمرار ضغوط الانكماش، فيما ظل الطلب ضعيفاً في الاقتصاد الذي ضربته الأزمة بقيمة 19 تريليون دولار.

كما أن الرياح المعاكسة الجديدة الناجمة عن التعريفات الجمركية الأميركية الإضافية، التي تعهد ترمب بفرضها في يومه الأول في البيت الأبيض، قد تهدد القطاع الصناعي في الصين العام المقبل، مما يقلل من أرباح التصدير.

وواجه القطاع المترامي الأطراف، الذي يشمل شركات التعدين والمعالجة والتصنيع، صعوبة في البقاء مربحاً في مواجهة الطلب المحلي الضعيف الذي تضرر من أزمة العقارات المستمرة منذ سنوات، والبطالة وتوترات التجارة المتزايدة. وتعهَّد صنَّاع السياسات بالوفاء بهدف الحكومة لنمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5 في المائة هذا العام حتى مع تعهد ترمب بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على السلع المصنَّعة في الصين.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء، يوم الأربعاء، أن الأرباح الصناعية في أكتوبر انخفضت بنسبة 10 في المائة على أساس سنوي، وهو أفضل من انخفاض بنسبة 27.1 في المائة في سبتمبر (أيلول)، على الرغم من أن الأرباح انخفضت بنسبة 4.3 في المائة في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، مقابل انخفاض بنسبة 3.5 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر.

وقال يو وينينغ، من المكتب الوطني للإحصاء في بيان مصاحب، إن الأرباح في معظم الصناعات تحسنت مقارنةً بالشهر السابق، حيث لعبت محركات جديدة مثل المعدات والتصنيع عالي التقنية دوراً داعماً قوياً.

لكنَّ بعض خبراء الاقتصاد في القطاع الخاص عزوا التحسن في أكتوبر جزئياً إلى تأثير القاعدة المنخفضة من العام السابق. ونَمَت الأرباح الصناعية في أكتوبر 2023 بنسبة 2.7 في المائة، متراجعةً عن مكاسب مزدوجة الرقم في كل من أغسطس (آب) وسبتمبر من العام الماضي.

وقال لين سونغ، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في «آي إن جي»: «بالنسبة إلى بيانات شهر أكتوبر وحدها، فإن المستوى على أساس سنوي به الكثير من التشويش بسبب التأثيرات الأساسية، ويمكن أن يُعزى الاختلاف إلى حد كبير إلى هذا السبب. وبشكل عام، لا تزال الأرباح تحت بعض الضغوط هذا العام كما يظهر الانخفاض بنسبة 4.3 في المائة على أساس سنوي حتى الآن، على الرغم من وجود أمل في أنه مع بدء مزيد من تخفيف السياسات، ستصبح بيئة التشغيل أكثر ملاءمة العام المقبل».

وأشارت المؤشرات الاقتصادية المنفصلة في وقت سابق من هذا الشهر، إلى ضعف الطلب على نطاق واسع، حيث بلغت أسعار المستهلك أضعف مستوياتها في أربعة أشهر، فيما استمرَّ الناتج الصناعي في الاتجاه نحو الانخفاض، وانخفضت أسعار المساكن الجديدة بأسرع وتيرة لها في 9 سنوات.

وأظهرت البيانات في وقت سابق من هذا الشهر أن أسعار المنتجين انخفضت بنسبة 2.9 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر، وهو أعمق من الانخفاض بنسبة 2.8 في المائة في الشهر السابق، وأسوأ من الانخفاض المتوقع بنسبة 2.5 في المائة... ويعد ذلك أكبر انخفاض في 11 شهراً.

وتعمق الانكماش في المصانع في قطاعات استخراج البترول والغاز الطبيعي ومعالجة النفط والفحم وتصنيع المنتجات الكيماوية وتصنيع السيارات. وحذَّر ما هونغ، كبير المحللين في مؤسسة أبحاث «جي دي دي سي إي»، من أن «أرباح تصنيع المواد الخام وتصنيع السلع الاستهلاكية لا تزال تواجه ضغوطاً للانخفاض أكثر»، مضيفاً أنه «بالنظر إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وفي ضوء مؤشر أسعار المنتجين الذي لا يزال في النطاق السلبي، فإن سعر المواد الخام التي يمثلها الفحم لا تزال تحت الضغط، ولا تزال هوامش ربح الشركات الصناعية في اتجاه هبوطي بطيء».

وتغطي أرقام الأرباح الصناعية الشركات التي تبلغ إيراداتها السنوية 20 مليون يوان (2.8 مليون دولار) على الأقل من عملياتها الرئيسية.

وكانت حزمة الديون المحلية الصينية البالغة 1.4 تريليون دولار -والتي جرى الكشف عنها في وقت سابق من نوفمبر- أقل من التوقعات لتحفيز قوي لتعزيز الاستهلاك، مما يعني أن المستثمرين ما زالوا ينتظرون روافع مالية أكثر مباشرة.

كما ستتعرض عائدات التصدير الصينية للضغط بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، مما سيؤثر في الشركات المصنِّعة. وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين أن ترمب قد يفرض رسوماً جمركية بنسبة 40 في المائة على الواردات من الصين.

ووفق مينشنغ، فإنه إذا زادت الرسوم الجمركية تدريجياً إلى 40 في المائة وليست دفعة واحدة، فإن الشحنات السريعة قبل الرسوم الجمركية الجديدة قد تساعد على تعويض تأثير الرسوم الجمركية الأعلى لاحقاً، مما يؤدي إلى انخفاض الصادرات بنسبة 1.7 في المائة في عام 2025، فيما إذا فُرضت رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة فقط، فقد يأتي نمو صادرات الصين في عام 2025 بنسبة 0.2 في المائة.