وزير الخارجية التونسي: الأمن القومي العربي في خطر إذا استمرت المأساة السورية

«ترويكا عربية» للتواصل مع مجلس الأمن... والجبير حمّل مسؤولية ما يحدث في حلب لجيش الأسد

خميس الجهيناوي (إ.ب.أ)
خميس الجهيناوي (إ.ب.أ)
TT

وزير الخارجية التونسي: الأمن القومي العربي في خطر إذا استمرت المأساة السورية

خميس الجهيناوي (إ.ب.أ)
خميس الجهيناوي (إ.ب.أ)

حذر وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، من أن استمرار العمليات العسكرية في سوريا يفسح الطريق أمام تمدد التنظيمات الإرهابية، منتقدا ضعف الدور العربي، قائلا: «حان الوقت لأن تنكب المجموعة العربية لوضع حد للمأساة السورية»، وعد استمرار الوضع الحالي «خطرا على الأمن القومي العربي وعلى الاستقرار العالمي».
وقال الجهيناوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على هامش مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية العرب إن القرارات التي صدرت عن الاجتماع بشأن سوريا حظيت بالتوافق الكامل الذي يعكس رغبة الجميع في إنهاء الأزمة. وعقد وزراء الخارجية العرب، في القاهرة، مساء أول من أمس، اجتماعات سبقت اجتماعا مشتركا مع دول الاتحاد الأوروبي، حيث عبر أكثر من 15 وزير خارجية عربيا عن المخاطر التي تتعرض لها المنطقة بسبب العمليات الإرهابية، واستمرار الأزمة السورية والتدخلات الخارجية. واعترف وزير الخارجية التونسي بوجود ملاحظات أبدتها بعض الدول العربية، وأُخذت في الحسبان، لافتا إلى أن لبنان سجل ملاحظة بالابتعاد عن الصراعات الداخلية في الدول الشقيقة والدعوة إلى حلول توافقية بما يحفظ وحدة وسيادة واستقرار الدول ويلبي تطلعات شعوبها.
وأشار الجهيناوي إلى حرص وزراء الخارجية العرب على إصدار قرارات ذات طبيعة إجرائية، مثل تكليف «الترويكا العربية» بالقيام بما يلزم من اتصالات مع مختلف الأطراف المعنية، وفي مقدمتها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لإطلاعها على الموقف العربي من الأزمة السورية، وحثها على اتخاذ مواقف من شأنها تحقيق وقف كامل لإطلاق النار، والبدء في عملية تسوية سياسية تفضي إلى حل شامل للأزمة السورية.
وحول تشكيل اللجنة، قال الوزير التونسي إن الترويكا تتشكل من رئيس اللجنة السابقة والحالية والمقبلة لدعم استئناف المسار السياسي بما يحقن دماء الشعب السوري.
وحذر من استمرار الحل العسكري، الذي من شأنه أن يفسح المجال لمزيد من تمدد التنظيمات الإرهابية في سوريا، بحسب الوزير التونسي.
وانتقد جينهاوي ضعف الدور العربي، قائلا: «حان الوقت لأن تنكب المجموعة العربية لوضع حد للمأساة السورية»، معتبرا أن استمرار الوضع الحالي يشكل خطرا على الأمن القومي العربي وعلى الاستقرار العالمي.
وحول نتائج لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أوضح وزير الخارجية التونسي حرص بلاده على الاستمرار في التشاور والتنسيق مع مصر حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الوضع في ليبيا، وسبل دعم جهود استعادة الأمن والاستقرار هناك، وذلك في ضوء التأثيرات المباشرة للتطورات في ليبيا على مصر وتونس بوصفهما دولتي جوار مباشر.
وتابع قائلا إن دور دول الجوار أهم من أي جهود تقوم بها مجموعات أخرى، كما تحدث عن أهمية العمل على تطوير العلاقات مع مصر على الأصعدة كافة، ولا سيما من خلال الحفاظ على دورية انعقاد اللجنة المشتركة ومتابعة تنفيذ نتائجها الرئيسية. ولفت إلى الزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس التونسي إلى مصر العام الماضي، مؤكدًا أهمية تفعيل ما تم الاتفاق عليه لتعزيز أطر التعاون القائمة بين البلدين. كما أشار إلى التحديات المشتركة التي تواجهها الدولتان، وعلى رأسها خطر الإرهاب، مشيرا إلى ضرورة تكثيف التنسيق والتعاون بين الجانبين في هذا المجال.
وردا على سؤال حول استعداد لجنة رئاسية من الدول الأفريقية لزيارة ليبيا للوساطة، أوضح الوزير أن الحل الذي تفرضه القوى السياسية الليبية يحظى بدعم تونس ودول الجوار التي لا تتدخل في شؤونهم وإنما في دعم كل ما يضمن عودة الاستقرار وبناء دولة المؤسسات في ليبيا.
وعما إذا كان اتفاق الصخيرات في حاجة إلى تعديل، لفت إلى أن بلاده تقر كل ما يراه الليبيون، مشيرا إلى انعقاد لجنة التشاور السياسية بين وزيري خارجية مصر وتونس قريبا. وعن المتوقع من الاجتماع العربي الأوروبي الوزاري المشترك، أوضح أن اللقاء في حد ذاته فكرة جيدة لتنشيط التعاون، وبخاصة في مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة والتطورات التي تتم على المستوى الدولي.
وخلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، حمل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، النظام السوري مسؤولية ما يحدث في حلب، وقال خلال مداخلته في الجلسة الافتتاحية إن النظام وجه جيشه لقتل الشعب السوري ورفض الدخول في مفاوضات جادة، مضيفا أن نظام الأسد تسبب في إدخال كل التنظيمات الإرهابية بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني إلى سوريا. كما أدان الجبير، مع كل الدول التي شهدت أعمالا إرهابية مؤخرا، وبخاصة مصر وتونس الأردن والصومال، تلك الأعمال، مبديا تضامن بلاده مع تلك الدول.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط علق في ختام مداخلته في الاجتماع الوزاري على تصريحات من شخصيات إيرانية، حيث وصفها بالطائفية والبغيضة. وقال لا يصح أن نسمع مثل هذه التصريحات بعد ما حدث في حلب. وحمل أبو الغيط النظام السوري مسؤولية ما حدث وطالب باستئناف المساعي لحل شامل للأزمة كما حذر من إجلاء نازحي مدينة حلب دون تأمين حقهم في العودة بعد انتهاء الأزمة، كما انتقد ما يحدث على الساحة السورية التي أصبحت مسرحا لتجاذبات دولية، ومحلاً لطموحات وأطماع إقليمية، جاءت كلها على حساب الشعب السوري الذي دفع فاتورة هذه الصراعات والمنافسات والأطماع دمًا وتشريدًا وتدميرًا لمُقدراته، وتخريبًا لعُمرانه. بحسب تعبيرات الأمين العام.
من جانبه، حذر النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، من أن تداعيات الوضع في سوريا والانعكاسات السلبية للوضع الإنساني في حلب، ستستمر في إفرازاتها السلبية على المنطقة وستؤثر على السلم والأمن الدوليين. ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك فورا ممثلا في مجلس الأمن لوضع حل دائم للنزاع المدمر في سوريا.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.