ميلانو... سوق تتعافى في مواجهة المصاعب الإيطالية

مدينة تجمع ما بين الحداثة والعراقة ويهواها الأوروبيون

مسكن علوي مكون من 4 غرف نوم بالقرب من شارع كورسو سيمبيوني في مدينة ميلانو الإيطالية (نيويورك تايمز)
مسكن علوي مكون من 4 غرف نوم بالقرب من شارع كورسو سيمبيوني في مدينة ميلانو الإيطالية (نيويورك تايمز)
TT

ميلانو... سوق تتعافى في مواجهة المصاعب الإيطالية

مسكن علوي مكون من 4 غرف نوم بالقرب من شارع كورسو سيمبيوني في مدينة ميلانو الإيطالية (نيويورك تايمز)
مسكن علوي مكون من 4 غرف نوم بالقرب من شارع كورسو سيمبيوني في مدينة ميلانو الإيطالية (نيويورك تايمز)

إنه مسكن علوي مساحته 3.600 قدم مربع، ومكون من ثلاثة مستويات تم بناؤه عام 2008 داخل مبنى كان قد أسس بغرض صناعي في الماضي. إنه وحدة قائمة بذاتها لا تمثل جزءا من البناء وذلك بحسب روبرتو ماغاليو، الوكيل العقاري الذي أدرج المسكن للبيع بالاشتراك مع شركة «إنجيل أند فولكرز»، والشريك المصرح له في ميلانو. ويقع هذا المسكن على بعد 10 دقائق بالسيارة من وسط المدينة القديمة، ولا يبعد كثيرًا عن شارع كورسو سيمبيوني، الذي تصطف الأشجار على جانبيه، ومتنزه باركو سيمبيوني. أما مطار ميلانو فيقع على بعد 30 دقيقة بالسيارة من هذا المسكن.
يؤدي المدخل الرئيسي إلى المساحة المفتوحة المخصصة للمعيشة ذات النوافذ، التي تمتد إلى أعلى الحائط، والأرضية الرخام، والأسقف المقوسة التي يبلغ ارتفاعها 20 قدم. ويتم التحكم بالموقد، الذي يعمل بالغاز ويوجد في تجويف يشبه الرف داخل الجدار، بجهاز للتحكم عن بعد. ويفصل جدار زجاجي المطبخ عن المساحة المخصصة للمعيشة. ويوجد في المطبخ أجهزة مصنوعة من الصلب غير القابل للصدأ، وتعلو المناضد به طبقة سميكة من الخشب.
من مميزات المنزل، المعروض للبيع مقابل 2.44 مليون دولار (2.3 مليون يورو)، وجود موقد غاز ذي جودة عالية، ومبرد للمشروبات، إضافة إلى جهاز متطور لتقطيع اللحم إلى شرائح رقيقة. وتوجد في الطابق الرئيسي غرفتا نوم، ملحق بكل منهما حمام خاص بها، إضافة إلى غرفة للتزين. ويؤدي درج حجري إلى القبو، الذي يوجد به حوض سباحة ساخن، وساونا، وغرفة للتمرينات الرياضية، وحمام كامل.
ويؤدي الدرج نفسه من المساحة الرئيسية المخصصة للمعيشة إلى شرفة تطل عليها، وكذلك يوفر مدخل إلى الجناح الرئيسي، وغرفة نوم رابعة. ويوجد في غرفة النوم الرئيسية خزانة ملابس يمكن دخولها، أما الحمام الرئيسي، الذي تمت معالجة أرضيته بمادة الراتينغ، فيحتوي على حوض استحمام عادي به دوامة. وتحتوي غرفة النوم الرابعة على حمام خاص بها هي الأخرى.
وهناك نظام تدفئة وتبريد في المسكن. التكلفة الوحيدة، التي يتم دفعها مقابل الحصول على وقود، هي تكلفة الكهرباء اللازمة لضخّ الماء في النظام بحسب ما أوضح ماغاليو. ويعمل سخّان المياه بالطاقة الشمسية. كذلك هناك جهاز إنذار، وأنظمة إضاءة قابلة للبرمجة. وملحق بالمنزل مساحة لصفّ السيارة في الشارع، ويمكن التفاوض على الأثاث على حد قول ماغاليو.
وتعد مدينة ميلانو، التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.3 مليون نسمة، مركزًا عالميًا للأزياء والتصميم، وكذا يقع فيها سوق الأوراق المالية الإيطالية. وتقع هذه الوحدة على طريق مونفيسو في حي سكني توجد به متاجر، ومطاعم، وعلى مقربة من محطة لقطار الأنفاق. وقد استفاد الحي من قربه من منطقة «سيتي لايف» بحسب ما أوضح ماغاليو. ولا يزال المشروع، الذي يمتد على مساحة 90 فدان ومتعدد الاستخدامات، تحت الإنشاء، وبه حتى هذه اللحظة 530 شقة في مجمعين سكنيين قامت زها حديد بتصميمهما بمشاركة دانييل ليبيسكيند، بحسب ما قاله متحدث باسم شركة التنمية العقارية.
كذلك يقع المسكن بالقرب من حي فيا بييرو ديلا فرانشيسكا الذي يزخر بالمطاعم، والحانات ومنها مطعم «إيو» الياباني الذي حصل على نجمة ميشيلان، وحانة «إل غاتوباردو» التي كانت كنيسة في السابق، وحانة «55 ميلانو» الشهيرة التي يوجد بها ساعة يتم فيها تخفيض أسعار المشروبات. ويبدأ شارع كورسو سيمبيوني من ميدان بياتزا سيمبيوني المتقاطع مع أركو ديلا باتشي، أو قوس السلام، الذي يؤدي إلى متنزه باركو سيمبيوني، الذي يعود إلى العصر النابليوني. ويجذب التجمع الكبير للمطاعم، والحانات في تلك المنطقة الحشود بحثًا عن قضاء وقت السهرة.

نظرة عامة على السوق

تشهد سوق المساكن في ميلانو تعافيًا بطيئًا في أعقاب فترة الركود الطويلة التي مرت بها إيطاليا، وفي خضم المخاوف المستمرة بشأن استقرار النظام المصرفي المثقل بأعباء الديون. وتراجعت سوق المساكن خلال عامي 2012 و2013، بحسب آخر تقرير خاص بسوق الوحدات الفخمة الصادر عن شركة «تيريلي آند بارتنرز» العقارية. وفي الوقت الذي تحول فيه الطلب نحو الوحدات المعروضة للإيجار، أشار التقرير إلى زيادة المبيعات منذ عام 2014. وقال غابرييل توركياني، المدير التجاري والشريك في «تيريلي»: «كانت الأسعار مرتفعة جدًا، والثقة متراجعة في السوق على مدى السنوات الخمسة الماضية، لكن الوضع يتغير الآن». وبحسب ماغاليو، بلغ حجم المبيعات في مدينة ميلانو، في وقت ذروتها عام 2008، 18 ألف معاملة، وبحلول عام 2013، تراجع بحيث وصل إلى 10 آلاف، ويتوقع أن يبلغ 12 ألفا خلال العام الحالي. وأوضح أن الأسعار تنخفض عن أعلى مستوياتها بمقدار 25 في المائة.
تقع العقارات ذات الأسعار الباهظة في قلب المدينة القديمة ومن تلك المناطق حي كوادريلاتيرو ديلا مودا، وبريرا؛ حيث يتراوح متوسط سعر الشقة بهما بين 800 و900 دولار للقدم المربع، لكن في أفضل الأحوال يمكن طلب سعر أكبر من ضعف هذا السعر بحسب توركياني.
بوجه عام، تزخر سوق ميلانو بالشقق، لكن مع ذلك تظل الكثير منها باهظة الثمن، لكن يتزايد الطلب من المشترين المحليين والأجانب على حد سواء بحسب ما أوضح توركياني. كذلك أشار إلى أن ما عزز من مكانة المدينة كان إقامة معرض «إيكسبو ميلانو» الدولي خلال العام الماضي، حيث جذب الآلاف من الزائرين من خارج البلاد.
عبّر توركياني عن تفاؤله بشأن استمرار تحسن السوق، مع تزايد ثقة المستهلكين، وتخفيف القيود على منح القروض. وقال: «لقد توقفت المصارف تمامًا عن التمويل عقب الأزمة، لكنها تحاول الآن تقديم بعض الشروط الجيدة للمشترين». مع ذلك أضاف أن الطلب لا يزال «غير مستقر»، ويعتمد بشكل كبير على «مزاج الناس في إيطاليا».

من يشتري في ميلانو

يسيطر المشترون المحليون على ميلانو، حيث يمثل المشترون الأجانب نسبة قليلة، بحسب سيمون روسي، المدير التنفيذي في موقع «غيت ووي» الإلكتروني، الذي يروج للعقارات الإيطالية بين المشترين في الخارج. وأوضح روسي أن المشترين الأجانب، الذين يطرحون أسئلة عبر الموقع، أكثر اهتمامًا بالإقامة بالقرب من ميلانو لكن خارجها وتحديدًا في منطقة ليك كومو. يمثل الأوروبيون، خاصة الفرنسيين، والألمان، والسويسريين، النسبة الأكبر من بين المشترين الأجانب في ميلانو، على حد قول ماغاليو. واشترى بعض الروس، الذين يحبون حضور فعاليات الأزياء والتصميم، بعض الوحدات السكنية ليقيموا بها أثناء زياراتهم. كذلك يزداد عدد الصينيين الذين بدأوا في شراء الوحدات السكنية خلال الأعوام القليلة الماضية على حد قوله.
المبادئ الأساسية للشراء

لا توجد قيود على المشترين الأجانب، وعادة لا يشارك محامون في عمليات الشراء، حيث يتولى كاتبو عدل إتمام هذه العمليات، على حد قول ماغاليو. ويجب دفع مبلغ مقدم تتراوح نسبته بين 5 في المائة و20 في المائة عند قبول العرض. ويتم إتمام أكثر عمليات الشراء خلال فترة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أشهر.
وتتراوح عمولة الوكيل العقاري في ميلانو بين 4 في المائة و6 في المائة، ويتم اقتسامها بين المشتري والبائع بحسب ما أوضح ماغاليو. وتتسم ضريبة نقل ملكية العقارات بالتعقيد الشديد، حيث تتضمن الكثير من العوامل. بوجه عام تبلغ الضريبة على عملية البيع بين الأفراد في حالة المساكن الأساسية 2 في المائة من القيمة المقدرة، والتي تبلغ ثلث سعر البيع تقريبًا على حد قول ماغاليو. وبحسب ما يحدده القانون تبلغ الضريبة في حالة المنازل الثانية، والفاخرة، 9 في المائة. ولم يتم تصنيف العقار المذكور كمنزل فاخر على حد قول ماغاليو.

الضرائب والرسوم

لا يدفع المالكون الحاليون ضريبة عقارية على هذا المنزل طبقًا للتعديل الأخير للقانون، والذي يعفي أصحاب الوحدات السكنية، الذين يستخدمونها كمنزل أساسي لهم، من دفع أي ضريبة بحسب ما أوضح ماغاليو. وجاء التعديل ضمن مجموعة من إجراءات كثيرة خاصة بالضرائب استهدفت دعم سوق الوحدات السكنية الذي يشهد ركودًا.

> اللغات والعملة
اللغة الإيطالية، اليورو (1 يورو = 1.06)

* خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»