ابن كيران يتفادى إقحام الملك في خلافات تشكيل الحكومة

«العدالة والتنمية» لـ«الشرق الأوسط»: سنفوز بمقاعد أكثر إذا أعيدت الانتخابات

ابن كيران يتفادى إقحام الملك في خلافات تشكيل الحكومة
TT

ابن كيران يتفادى إقحام الملك في خلافات تشكيل الحكومة

ابن كيران يتفادى إقحام الملك في خلافات تشكيل الحكومة

أعلن عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المكلف والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عدم رغبته في اللجوء إلى التحكيم الملكي لإخراج مشاوراته بشأن تشكيل الحكومة بتنفيذها حالة الجمود التي تعرفها، جراء الخلاف الحاصل بينه وبين عدد من الأحزاب، وذلك بعد أكثر من شهرين على انتخابات السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وقال ابن كيران في اجتماع للمجلس الجهوي لحزبه، عقد مساء أول من أمس بالرباط، إن «الملك حكم بين المؤسسات وليس الأحزاب، ولن أقحم الملك في أمر بين الأحزاب السياسية، التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها».
من جهة أخرى، قال ابن كيران إنه «إذا قرر الملك إجراء انتخابات سابقة لأوانها، فسنخوضها رغم عدم تحمسنا لها». وقلّل رئيس الحكومة المكلف من شأن التأخير الحاصل في الإعلان عن تشكيلة الحكومة، وعده أمرا عاديا، نافيا أن يكون المغرب دخل مرحلة الأزمة السياسية كما يروج البعض.
وتعليقا على تصريحات ابن كيران، قال عبد العزيز أفتاتي القيادي في حزب العدالة والتنمية، والنائب البرلماني السابق لـ«الشرق الأوسط» إن عدم رغبة ابن كيران في إقحام المؤسسة الملكية في الخلاف المتعلق بتشكيل الحكومة «موقف صائب»؛ «لأن إقحام الملك في الخلافات بين الأحزاب السياسية ليس فيه أي لياقة، وينمّ عن عدم احترام للمؤسسات». وأردف أن «موقف ابن كيران سليم، وتؤيده فيه مجموعة من الأحزاب التي تحترم الدستور والمؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة الملكية».
وأوضح أفتاتي أنه كانت هناك من قبل محاولات من قبل بعض الأحزاب لإقحام المؤسسة الملكية في الخلافات السياسية لكنها لم تفلح، مشيرا إلى أن «المؤسسة الملكية حريصة دائما أن تبقى في منأى عن مثل هذه التدخلات لأن أدوارها أكبر وأعمق من هذه الأمور التي ينبغي تسويتها بالأساليب التفاوضية المعروفة».
وتعليقا أيضا على عدم حماس ابن كيران لإجراء انتخابات تشريعية جديدة كحل للخروج من أزمة عرقلة تشكيل الحكومة، قال أفتاتي إن «إجراء انتخابات جديدة لن يأتي بجديد وستبقى الأمور على ما هي عليه، لأنه إذا أجريت هذه الانتخابات سيفوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى وبعدد أكبر من المقاعد، وفي المقابل سيمنى حزب الأصالة والمعاصرة المعارض (الغريم السياسي لحزب العدالة والتنمية) بهزيمة كبيرة». كما أن الأحزاب التي ستدعى لتشكيل الحكومة المقبلة، يضيف أفتاتي، هي الأحزاب الحالية نفسها التي يجري التفاوض معها.
من جهة أخرى، وردا على سؤال حول ما إذا كان يتوقع أن تطول أزمة تشكيل الحكومة، قال القيادي الحزبي إنه يتوقع انفراجا قريبا في مشاورات تشكيل حكومة ابن كيران. وأضاف أفتاتي أن «المغرب ليس أمامه من خيار سوى المضي نحو الانتقال الديمقراطي، لذا فهامش المناورة لدى البعض من أجل النكوص والتراجع يضيق، بالنظر لما يجري حولنا». وتابع أفتاتي أنه «على الدولة العميقة أن تذهب إلى حال سبيلها وتتوارى وتفسح المجال لدولة المشروعية والمؤسسات، أما سعيها للهيمنة على دولة القانون والدستور فلم يعد ممكنا».
جدير بالذكر أن تعثر تشكيل الحكومة راجع إلى الخلاف بين ابن كيران وعزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا)، الذي يرفض مشاركة حزب الاستقلال (46 مقعدا) في الحكومة المقبلة، بينما يتشبث ابن كيران بهذا الحليف إلى جانب حزب التقدم والاشتراكية (12 مقعدا) وهما الحزبان اللذان حسما أمر مشاركتهما في الحكومة المقبلة. فيما يرجح انضمام حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض الذي يملك 20 مقعدا إلى التحالف المقبل.
ويحتاج ابن كيران إلى 198 مقعدا للحصول على أغلبية مريحة في البرلمان المكون من 395 مقعدا.
وفي هذا السياق، قال ابن كيران في الاجتماع ذاته إن المفاوضات مع أخنوش لم تتقدم، مشددا على أنه متشبث بوجود «التجمع» في حكومته المقبلة، مثلما هو متشبث بحزب الاستقلال أيضا.
وكشف ابن كيران أن كل الأحزاب المرجح انضمامها إلى التحالف الحكومي متشبثة بمواقفها ومطالبها بما فيها المتعلق بتوزيع الحقائب الوزارية، حيث يطالب التجمع بوزارة الاقتصاد والمالية.
في غضون ذلك، يستعد حزب العدالة والتنمية، لعقد مؤتمره العام العام المقبل، وانتخاب أمين عام جديد للحزب خلفا لابن كيران الذي انتخب لولايتين متتاليتين. ومن المقرر أن يعقد الحزب مجلسه الوطني منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل لتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر. ويعد سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني للحزب ووزير الخارجية السابق من أبرز المرشحين لخلافة ابن كيران.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم